لتحفيز الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية.. مطالبات بمشاريع سكنية حكومية لتخفيف الأعباء عن الأسر
عايش: مفتاح لتحفيز الاقتصاد وتخفيف الاعباء عن المواطن
الأنباط - يارا بادوسي
تحديات اقتصادية مركبة ومتلاحقة يُعانيها المواطن، ما يفتح الباب لتساؤلات حول الدور الحكومي المتعلق بأحدِ هذه التحديات والمتمثل بامتلاك شقة.
فمع التحديات الاقتصادية المتزايدة وارتفاع تكاليفِ المعيشة، أصبحت الحاجة مُلحة لإقامة مشاريع سكنية حكومية توفر حلولاً فعالة ومستدامة لأزمةِ ارتفاع تكاليف الإسكانات، خاصة لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط.
وأدى تمركز قطاع الإسكان في أيدي القطاع الخاص إلى ارتفاعِ أسعار العقارات والإيجارات، ما جعل امتلاك منزل من الأمور الصعبة على المواطن.
وتظهر تجارب عالميَّة ناجحة أنَّ المشاريع السكنية الحكومية يمكن أن تساهمَ بشكلٍ كبير في تحفيز النمو الاقتصادي، من خلال خلق فُرص عمل وتحريك عجلة القطاعات المرتبطة بالبناء والتطوير العقاري، علاوة على ذلك فإن تدخل الحكومة في توفيرِ الإسكان يضمن توجيه هذه المشاريع نحو تحقيق العدالة الاجتماعية عبر تصميم وحدات سكنية بأسعار مناسبة، وخدمات متكاملة، وبنية تحتية حديثة تسهل الوصول إليها.
وإعادة إحياء المشاريع السكنية الحكومية وتطويرها بالشراكة مع القطاع الخاص مع التركيز على الجودة والكفاءة، يمكن أن يسهم في تخفيفِ الأعباء المالية عن الأسر الأردنية، ويقلل من نسب العزوف عن الزواج، ما يعزز الاستقرار الاجتماعي ويعكس رؤية الحكومة في تحقيقِ التحديث الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وكانت الحكومة في عام 2008 أطلقت بمبادرة ملكيَّة مثل هذه المشاريع السكنية باسم "سكن كريم لعيش كريم"، بهدف توفير مساكن ميسورة للمواطنين بالتعاونِ مع البنوك لتسهيل امتلاكها.
لكن المشروع واجه تحديات كبيرة أبرزها ارتفاع التكلفة النهائيَّة للشقق ما جعل أسعارها خارج مُتناول المستفيدين، وعانت بعض الشقق من مشكلاتٍ متعلقة بالتشطيبات والصيانة، وأُحيل القائمون على المشروع في عام 2011 إلى هيئةِ مكافحة الفساد، إضافة إلى أنَّ ضعف التسويق للشقق في البداية من الأسباب التي جعلت المشروع محدود النجاح.
وبناء على هذهِ التجربة، أشار اقتصاديون إلى ضرورة تطوير استراتيجيات مُستدامة وشراكات حكومية خاصة لاستحداث مشاريع سكنية تتوافق أسعارها مع قدرات المواطنين المالية.
وأشار الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أهميةِ المشاريع السكنية الحكومية في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق استقرار اجتماعي للمواطنين، خاصة لأصحاب الدخل المحدود.
وأوضح أنَّ المؤسسات مثل مؤسسة الإسكان ومؤسسة التطوير الحضري، قد نجحت في بداية تأسيسها ولكن سرعان ما تراجعت في أدائها بسببِ عدة عوامل أبرزها ارتفاع التكاليف وجودة البناء الأقل من المطلوب.
وبيَّن أنَّ الأسباب الرئيسية لتراجع هذه المشاريع تكمُن في التكاليفِ المرتفعة للبناء، والمواصفات غير المناسبة التي لا تتماشى مع احتياجاتِ المواطنين، ما أدى إلى صعوبة تسويق هذه المشاريع.
وأكَّد أهمية أن تعنى أي مبادرة حكومية قادمة بتوفير إسكانات بأسعار معقولة وتكاليف مُنخفضة يمكن للمواطنين تحملها، على أن تكونَ هذه المشاريع عمليَّة في تصميمها ومواصفاتها، إضافة إلى أن تكون متوافقة مع الاحتياجات الحديثة مثل توفير الطاقة الشمسيَّة والطاقة المتجددة.
وأكَّد عايش على أهميةِ توفير الحكومة للأراضي اللازمة لإقامة المشاريع السكنية، وتوفير البنية التحتية المتكاملة بما في ذلك خدمات النقل والمرافق العامة، لضمان وصول المواطنين إلى هذه المشاريع بسهولة.
وشدد على أهمية أن تكون هذه المشاريع السكنية مدعومة بشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يُساهم كل طرف بتوفير الموارد والخبرات اللازمة لتنفيذ المشاريع بجودة عالية وبأسعار معقولة.
وأضاف أن القطاع العقاري يلعب دورًا محوريًا في تحريكِ عجلة الاقتصاد الوطني ويسهم في تنشيطِ قطاعات متعددة أخرى، مضيفًا أنَّ توفير مسكن ميسر للأسر الشابة يمكن أن يسهمَ بشكلٍ كبير في تحسين القدرة الاقتصادية للمواطنين، ما يقلل من الأعباء المالية عليهم ويشجعهم على تكوين أسر جديدة.