بين التنقل والانتقال في بيت القرار ؛
د.حازم قشوع
بإنتهاء فترة الأعياد، ودخول الدنيا بدورة شمسية جديدة، وانتقال النجوم من منزله تاثير إلى أخرى، تجرى التحضيرات للانتقال فى بيت القرار البيت الابيض من سياسية استراتيجية الى اخرى تستند لارضيه الصفقات التى يقوم عليها برامج ترامب للمرحلة الجديدة، وستكون المنطقة كما هو متوقع أمام فوضى فى سوريا التى خرج نظامها السياسي لتدخل دوامة الفوضى مكانه فى مناطق النفوذ الامريكي والتركي والاسرائيلي، وهذا ما سقط على الحالة الإسرائيلية بشكل معمق مع خروج نتنياهو لدواعى صحية وبيان إقامة الصلوات التوراتية فى المعسكر الأكثر تشددا والذي يعرف بمنارة نتسا يهودا، وهو ما يحدث في المجتمع الاسرائيلي الذي يعيش حالة صدمة شبيه بالصدمة التى تعرض لها حزب الله بحربه مع اسرائيل قبل التوافق على وقف إطلاق النار بالخاصرة اللبنانية.
ولعل الحالة فى إسرائيل التى تبدوا شبيه بصدمه حزب الله بعدما تعرضت قيادته العسكرية من تصفية لقيادته المركزية، أصبح يعيش ذات الحالة التي عاشها الحزب نتيجة اشتداد معارك شمال قطاع غزة وذلك بعد الانكسارات التى تعرض لها الجيش الإسرائيلي بالمعارك الدائره فى بيت حانون واخذت المقاومة الفلسطينية تطلق صواريخ على الداخل الإسرائيلي، من هذه المناطق الحدودية التي كان المفترض أن تكون آمنة ومحصنة عسكريا وامنيا وهذا ما يستدعى من الجيش الاسرائيلي بتغيير قيادته فى هذه المناطق للمرة الثالثة على التوالي، وقيامه باستدعاء قوات الاحتياط لإعادة السيطرة على المناطق الآمنة، لكنه ذات المؤشر الذي سيحمل اسرائيل على إبرام صفقة لوقف القتال في غزة.
ولعل الحال فى سورية التى تقف على فوضى نفوذ كما فى قطاع غزة وسط المعارك الدائره هناك، لن يختلف بالجوهر كما عن الحال فى العراق ولبنان بعدما أعاد حزب الله ترميم جراحة في دوائره القيادية، واخذت الاستعدادات تجرى لإعادة ترسيم قوام جديد لوحده الساحات لدى تيارات المحور، الذى يسعى لاعادة نشاط مراكز قواها، لاسيما وان اليمن الذى مازالت تشتبك وتضرب العمق الاستراتيجي في تل أبيب وتجمد حركة مطارها الجوى وموانئها البحرية.
واستنادا لهذه التداعيات وحالة الكر والفر الدائرة في ربوع المنطقة، يكون بيت القرار في البيت الابيض امام جملة من التداعيات تستدعي البيان لقرارات حاسمة، هذا اذا ما اراد تنفيذ أجندة الصفقات التى يحملها فى كل من أوكرانيا التي راح يدعمها بواقع 6 مليارات دولار جو بايدن تاركا بذلك إرث متفجر أمام الإدارة الجديدة فى اماكن الاشتباكات المركزية لحلف الناتو في منطقة شرق المتوسط كما في الخاصره الأوروبية حيث أوكرانيا، الأمر الذي سيصعب عليه مرحلة إعادة صياغة جملة البيان بهذه المناطق كما سيكون في مواجهة الغرفه البريطانيه والفرنسيه في المنطقة في حال أراد تغيير محددات الجغرافيا السياسية للمحددات السائدة التي تم شرعنتها أمميا بالقانون الدولي، وهذا ما سيجعل من اسرائيل كما روسيا غير قادرة على تغيير جغرافية محددات سياسية بينتها دول المركز منذ 1945 بواقع النظام الدولي ومنظومته التي تقوم على مجلس الأمن والجمعية العمومية وصندوق النقد والبنك الدولي، اضافة للهيئات الدولية التي انبثق عنها الناتو بجملة توافق عسكري.
وعلى الرغم من كون هذه المحصلة تبدو شديدة الانحدار، الا ان انها تحمل مؤشر إيجابي في مضمونها العام من حيث التوافقات العربية لدول المشرق ودول الناتو، التي ستكون أمام استحقاق الدفاع عن دورها ومكانتها الدولية والإقليمية، وهذا ما يعني رفض اية مصوغات للتمدد الروسي أو التغلغل الاسرائيلي في الضم، وستكون الأمم المتحدة كما الناتو والمشرق العربي مؤيدة للشرعية الدولية في مواجهة أية صفقات من شأنها إحداث ضرر جسيم فى السلم الإقليمي والسلام الدولي، أو تلامس أية تغييرات جوهريه يراد منها إعادة خلط الأوراق في نسيج المنظومه الامنيه وقواعدها المركزية، وهذا ما يجب على الاداره الجمهوريه أخذه بعين الاعتبار سيما وأن شرعية القرار بحاجة لمشروعية قبول من المنظومة الأممية.
ان الأردن وهو من يمتلك مركز بيت القرار في المنطقة، وهو من يقوم بنسج خطوط بياناته الأمنية والدبلوماسية باعتباره مركز الناتو فيها، فإنه ومن وحى تقديره للموقف العام السائد يجد ان عوده الجميع لطاولة المفاوضات امرا واجبا تقتضيه مصلحة الجميع، كما أن استخدام سياسة التصعيد وفرض الحلول العسكرية أثبتت فشلها بعد كل هذه المحاولات التي سعت لانهاء الأزمات بالطرق العسكرية، ذلك لان استخدام معول التدمير سيدخل المنطقة بحالة من الفوضى التي ستقود للتطرف وليس للاستقرار، وهذا ما تنادي فيه المنظومة الدولية كما تبينه جمله بيان مركز الناتو في منطقه.
ولعل المجتمع الأردني وهو يدخل للعام الجديد وكله أمل أن تنعم المنطقة بالأمن والسلام، وأن تنعم شعوب الدنيا بالخير والامان، وكله أمل أن تقف المعارك الدائرة وأن يبتعد الجميع الغلواء الذي بات ينذر بتوسيع مجالات المعارك ومستوياتها من تقليدية إلى استراتيجية التى من شأنها تحويل نقاط الاشتباك من خصومه الى عداء، وهذا ما يترتب عليه تداعيات من الصعوبة استدراكها، لذا فإنه يجد من إدارة الرئيس دونالد ترامب بما تحمله من حكمه وواسع دراية قادرة على بيان جملة التوافق أن تنهى هذه الأزمات وتناصر قرارات الشرعية الدولية، وتقوم باحترام قوانينها الأمنية والسياسية والإنسانية، وهو ما نأمله ليكون مع بداية مرحلة جديدة وانتقال منازل النجوم وإسقاطاتها على المنظومة الشمسية كما على بيت القرار في البيت الابيض من الناحيه السياسيه.