بلدية الرصيفة.. إنجازات كبيرة وتحديات عظيمة
بلدية الرصيفة.. إنجازات كبيرة وتحديات عظيمة
الزيناتي: قانون البلديات الحالي لا يحقق الاستقلال المالي والإداري المعلن عنه
نصف كادر البلدية فائض عن الحاجة
البلدية أنشأت بازارا مجانيًا للسيدات منذ 3 سنوات
الأنباط - رزان السيد
بموقعٍ متميز، تتألق بلدية الرصيفة بين عمان والزرقاء، بمنجزاتٍ كبيرة رغم التحديات، حيث لم تترِك البلدية قطاعًا إلا وأوجدت بصمتها عليه.
وتقع بلدية الرصيفة على مساحة تقارب الـ34 كم مربع، ويقطنها أكثر من 800 ألف مواطن، وبناء على ذلك تُعتبر الرصيفة هي البقعة الأكثر كثافة سكانية في الأردن، قياسًا بين عدد السكان والمساحة، وهذا الأمر يشكل صعوبة وضغطًا كبيرًا وتحديات على البلدية.
البلدية تتبع إداريًا لمحافظة الزرقاء، لكنها تقع في منطقة وسطية بين مدينة الزرقاء والعاصمة عمان، أي تُعتبر ممرًا للطرفين، كما تقع على شوارع رئيسية تربط شارع الملك عبدالله – ياجوز، وشارع الملك حسين – عمان – الرصيفة – الزرقاء، وبالتالي تكتسب أهمية بهذا الموقع الجغرافي، كما تضُم البلدية خمس مناطق رئيسية تتبع لها إداريًا وخدماتيًا، وهم حطين، العامرية، اليرموك، القادسية، والرشيد.
ولإلقاء ضوء أكبر على هذه البلدية، أجرت "الأنباط" مقابلة مصورة مع رئيسها شادي الزيناتي، والذي أكد خلالها أن إنجازات البلدية لا تتوقف، حيث أنه الدور الأساسي للبلديات هو تقديم الخدمات، مثل البنية التحتية وتأهيل الطرق والأرصفة وإنارة كافة الشوارع والمحافظة على نظافة الشوارع.
وقال الزيناتي: "الخدمات اليوم عمل أصيل وواجب بالنسبة للبلديات، لكننا لم نتقوقع في هذا المجال وفقط"، مضيفًا بأن البلدية تطمح لتطوير التنمية المجتمعية المحلية كما يوجه دائمًا جلالة الملك عبدالله الثاني في لقاءاته.
وأشار الزيناتي إلى أن بلدية الرصيفة اليوم أصبحت المظلة الجامعة لكافة مؤسسات المجتمع المدني، حيث أن البلدية تركت بصمتها في كافة المجالات، مثل الرياضة، الثقافة، حيث استطاعت الرصيفة أن تصبح مدينة الثقافة في عام 2023، من خلال ملف تكاد الهيئات الثقافية لا تستطيع تحمله، لكن استطاعت البلدية أن تحمل الملف على عاتقها.
وأضاف "تم تنظيم البنية التحتية والعشوائية التي كانت بين البلدية وشركات الكهرباء والمياه والاتصالات، إذ أصبح العمل يسير اليوم عن طريق دائرة تنسيقات، أي لا يتم أي عمل في المدينة بدون إشراف البلدية، كما عملت البلدية على تمكين المرأة والشباب، من خلالِ إنشاء مركز الخدمة المجتمعي، والذي يقدم في السنة أكثر من 600 – 700 دورة مجانية، ومنها دورات لتأهيل المجتمع، ودورات لتقوية مهارات الشباب لحصولهم على فرص عمل أفضل، مثل صيانة أجهزة الحاسوب، والخلويات، كما يتم تقديم دوراتICDL مجانًا.
وبين أن البلدية أنشأت بازارًا مجانيًا للسيدات منذ 3 سنوات، ويقدم خدماته مجانا، كما تقوم البلدية بعمل يوم وظيفي في أوقات محددة خلال السنة، ومن خلاله تم توظيف أكثر من 1500 شاب من أبناء المنطقة في القطاع الخاص.
وأشار إلى أن المشروع الرئيسي بالنسبة للبلدية هو الأتمتة، لافتًا إلى أن الأردن اليوم في مئويته الثانية، والأهم من موضوع الإصلاح الإداري والمالي، هو موضوع الأتمتة، إذ أن التحول الإلكتروني والرقمي يساعد في تقليل المشاكل البيروقراطية التي لا بد من أن تتعرض لها البلدية من خلالِ فقدان المعاملات، كما يُساعد بالكشف عن الفساد بسهولة.
وأضاف أن الرصيفة كانت أول بلدية تُطلق خدمة رخص المهن، وتم العمل على تقديم حوالي 24 خدمة إلكترونية، ويجري العمل لتصل الأتمتة إلى 41 خدمة إلكترونية، كما أن النظام المالي في البلدية سيصبح إلكترونيًا بشكلٍ كامل، على مستوى الدوائر الحكومية كافة وليس على مستوى البلديات فقط، وسيتم إطلاق هذا النظام بداية العام الجديد 2025.
وأشارَ الزيناتي إلى أن معظم المواطنين يطالبون بالتعيين في القطاع الحكومي، وقال: "للأسف البلديات صارت عبارة عن وزارة تنمية اجتماعية كل واحد بده يتوظف بروح على البلديات، فصار عندنا عبء وجيش من الموظفين"، مؤكدًا أن هذا ما تعاني منه كافة البلديات في المملكة.
وتعاني بلدية الرصيفة من مشكلة البطالة المقنعة، حيث يعمل في البلدية حوالي 1500 موظف، بحسب الزيناتي، الذي أكد أن نصفهم فائض عن الحاجة.
وأضاف، أن آخر يوم وظيفي أقامته البلدية منذ أسبوعين، شهد استقبال طلبات لـ250 وظيفة، وتقدّم لها حوالي 180 شخصًا، وتم قبول حوالي 50% من المتقدمين، وهذه المشكلة تحدث في مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 800 ألف نسمة.
وأشار الزيناتي إلى أن الكثير من أبناء الأردن يرغبون بأن يكونوا في مناصب إدارية حكومية أو في وظائف حكومية فقط، ويهربون من العمل في القطاع الخاص أو الوظائف التي تتطلب مجهودًا إضافيًا. وهذا التوجه يُشكل مشكلة حقيقية، حيث يُفضل البعض التعيين في السلكِ الحكومي دون أن يكون لديهم الرغبة في العمل الجاد أو بناء مسار مهني حقيقي، وهذا هو الواقع في المجتمع، حيث نجد أن هناك عزوفًا عن العمل في القطاعات التي تتطلب الجهد والتعب، مع تفضيل الحصول على وظيفة حكومية.
أما فيما يتعلق بالطُرق في بلدية الرصيفة، فبين الزيناتي أنها تُعد من أبرز التحديات التي تواجهها البلدية، فمنذ تولي رئاسة مجلس البلدية في عام 2022، بعد جائحة كورونا، التي أدت إلى توقف كافة مؤسسات الدولة، كان هناك عبء ثقيل على البلدية لم يتحمله أي من المجالس السابقة على مدى 20 عامًا، فقد كانت الأموال المخصصة للبلديات، سواء في بنك التنمية أو في موازنتها، تُوجه بالكامل إلى القطاع الصحي، نتيجة لذلك، توقفت البلديات عن تنفيذ مشاريعها المعتادة، فلم يكن هناك اهتمام بتعبيد الطرق أو صيانة البنية التحتية، بينما كانت الأولوية لقِطاع النظافة فقط، واستمر هذا الوضع لمدة عامين كاملين.
وأضاف "في تلك الفترة، تمَّ حل المجالس البلدية وتعيين لجان للإدارة، حيث استمرت هذه اللجان لأكثر من عام، وفي بلدية الرصيفة، تعاقبت لجنتان، كل لجنة كانت تحت إدارة متصرف، إلا أن اللجان المعينة لم تتمكن من أداء عمل المجلس المنتخب بالشكل المطلوب، وذلك بسبب عدم تفرغ أعضائها.
كما واجهت البلدية تحديات كبيرة تتعلق بإعادة هيكلة الإدارة وتسوية الديون وسد العجز المالي، وهي من المشاكل الشائعة في العديد من البلديات، بحسب الزيناتي، الذي أكدَّ أن البلدية كانت تُعاني من مديونية كبيرة عند استلامه لها، حيث بدأ من نقطة الصفر، إلا أنه في أقل من ثلاثِسنوات، تمكّن من تنفيذ مشاريع بنية تحتية بقيمة تقارب 5 ملايين دينار، كما تم تنفيذ مشروع إنارة الطرق باستخدام تقنية "LED" بتكلفة 95 الف دينار، مما ساعد في تقليص فاتورة الكهرباء بنسبة 40%
وفيما يتعلق بشبكة الطرق، أوضح أنه تم تنفيذ مشاريع رئيسية وفقًا للأولويات المتاحة، حيث تم البدء بتأهيل الشارع الرئيسي "شارع الملك حسين"، الذي كان يُعاني من دمار مستمر لمدة 20 إلى 30 عامًا، كما تم إصلاح شارع ياجوز بالتنسيق مع الأشغال ومجلس المحافظة، وشارع المقبرة، بالإضافة إلى توسيع شارع الخميرة أو ما يسمى بشارع البساتين، الذي كان يُعدّ توسيعه حلمًا للمواطنين.
وأكد الزيناتي بأنه تم تغطية حوالي 90% من شبكة الطرق الرئيسية، وتعمل البلدية اليوم على مشروعين لشقِ طرق جديدة ترابية، قائلاً: "من المعيب أن دولة عمرها فوق المئة عام، ولسا في عنا ناس مش قادرة توصل على بيوتها"، وتساءل الزيناتي خلال حديثه، أين كانت المجالس السابقة؟
وأكد ضرورة أن يتم العمل الاستراتيجي بناء على خطة، وأن لا يتم التمييز بالعمل، إذ يجب أن يكون هناك عدالة في توزيع الخدمات، مبينًا أن الخمس مناطق التي تتبع بلدية الرصيفة تقسم عليها الخدمات ذاتها، بنفس القدر من المستوى وحسب أولوياتها.
وبين الزيناتي أن البلدية بحاجة إلى 33 مليون دينار لكي تصل إلى 60% من الطرق الداخلية، من فتح طرق وتأهيل وتعبيد الشوارع الترابية، موضحًا أنه رقم ضخم، ولكن عند توزيعه على خطة شاملة سيتم تنفيذه بسلاسة، وأشار إلى أن المشكلة الأساسية تكمن بأن المسؤول عندما يتسلم مسؤولياته يقوم بترك الملفات السابقة، باعتبار أن كل مسؤول له سياساته، ولا توجد خطة طويلة المدى ولا متوسطة ولا قصيرة.
وفيما يخص مشكلة النظافة، قال الزيناتي: "خليني أكون واضح الأردني لا يعمل عامل وطن"، مؤكدًا بأن العامل الوافد هو من يعمل، واليوم بعد قرار مجلس الوزراء بإلغاء العمالة الوافدة من البلديات والتي حذر منها الزيناتي سابقًا بأن العمالة الوافدة عمالة رئيسية، وإذا ذهبت هذه العمالة من البلديات، سيكون هناك كارثة بيئية، وتحدث فيما يخص هذا الموضوع مع وزير العمل السابق والحالي.
وأشار إلى أنه إذا قصر أحد موظفي عُمال الوطن الأردنيين في عمله، لا تستطيع فصله من العمل، لأنه تم تعيينه من التنمية الإجتماعية، وبواسطة شيوخ ومخاتير، ونواب ووزراء، وقال الزيناتي: "بكرا إذا بدك تفصل واحد بحرق كوشوك عباب البلدية"، وليس فقط بالرصيفة، بل على مستوى البلديات كافة.
وتابع بأن بعض بلديات الفئة الأولى تواجه مشكلة في موضوع عمال النظافة، حيث أشار إلى أنه خلال عام 2021، كانت البلدية تملك الف عامل نظافة من العمالة الوافدة، واليوم على مشارف عام 2025 تمتلك البلدية 420 عامل نظافة فقط، أي بنسبة 60% من العمال فقدوا عملهم بسبب قرار مجلس الوزراء، بالتالي 420 عامل يعملون لـ800 الف مواطن، أي أن ما يقارب الـ20 الف مواطن لهم عامل واحد، وهذا يعتبر عبء كبير.
وفيما يخص الآليات، بين الزيناتي أن البلدية قامت بشراء 3 ضاغطات جديدة، و4 قلابات، لودرات، كما تكرم الديوان الملكي بسيارة دفن موتى، وهي متاحة لجميع أبناء المنطقة، مشيرًا إلى أنه في بعض الأحيان تضطر البلدية إلى استئجارِ آلياتٍ من القطاع الخاص، نظرًا لأن الآليات في البلدية تجاوز عمرها الـ15 عامًا.
وإضافة إلى التحدي المجتمعي المتمثل في ثقافة المواطن، أعرب الزيناتي عن استيائه من بعض المواطنين على مستوى النظافة، إذ أن البعض يتعاجز عن رمي كيس النفايات داخل الحاوية، كما اعتاد البعض على ترك النفايات على أبواب المنازل، منتظرين عامل الوطن أخذها للنفايات.
أما فيما يخص سيل الزرقاء، فقال الزيناتي إن السيل في فترة من الفترات أصبح مكرهة صحية بسبب تراكم الأنقاض، مشيرًا إلى أن السيل يقع تحت مسؤولية أربع جهات، وهم البلديات، الأشغال، مياهنا، والبيئة، ودائمًا ما تحمل البلدية عبء هذا الموقع، وأوضح أن السيل خلال فترة من الفترات تعرض للطم من الأنقاضِ والأوساخ، وعملت البلدية جاهدة لفتح مجرى السيل وتنظيفه.
وأكد صعوبة وضع حراسة أو حماية على السيل، نظرًا لطوله الذي يبلغ حوالي 3-4 كم ضمن حدود البلدية، ولوجود مداخل متعددة له بين البساتين المجاورة، وأشار إلى أنه وخلال زيارة رئيس الوزراء للمنطقة، أخبره بأن هذا التحدي لن يتم حله إلا من خلال إنشاء سقف لجزء من السيل أو استثمار جزء منه كمناطق ترفيهية وتنموية، كما اقترح زراعة السيل وتشجيره كمناطق طبيعية لإعادة إحيائه.
وتابع قائلاً: "مشكلتنا وحكوماتنا المتعاقبة أنها دائمًا ترمي على الحلقة الأضعف ودائمًا البلديات هي الحلقة الأضعف".
وبين الزيناتي أنه عندما تطلب البلدية الدعم، فإن الجميع يتنصل من المسؤولية، لافتًا إلى أن البلديات ليست جهة قاصرة، والأصل أن لا تكون كذلك، إذ يجب أن تكون هي المؤسسة الأولى التي تدعمها الدولة، موضحًا أن الدعم الحكومي للبلديات أمر ضروري حتى تتمكن من تقديم خدماتها بشكل جيد وتحسين صورتها أمام المواطنين، في حين أن فقدان هذا الدعم يعني خسارة كبيرة للدولة والحكومة على حد سواء.
وبتعلق بمشاريع بلدية الرصيفة المستقبلية، أكد رئيس البلدية شادي الزيناتي أن البلدية تواصل العمل على تطوير الطرق والبنية التحتية، وأشار إلى أن هناك تعاونًا كبيرًا مع شركتي الكهرباء ومياهنا في مجالات الخدمات والصرف الصحي وتمديد المياه، وأن هذه الأعمال تتم بالتنسيق مع الجهات المعنية، حيث أن تلك الخدمات تقع ضمن صلاحيات البلدية قانونًا.
وبين أن البلدية تعمل على تنفيذ مشاريع جديدة في مجال البنية التحتية، حيث يجري حاليًا شق طرق جديدة، بالإضافة إلى مشروعِ تعبيد الطرق الذي يتم العمل عليه حاليًا، كما أشار إلى أن البلدية بدأت أيضًا بتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الإنارة، مؤكدًا أن الإصلاح الإداري مستمر، حيث يشغل اليوم حوالي 70% من مديري وقادة البلديات من فئة الشباب، وهو إنجاز إداري كبير.
وأشار الزيناتي إلى أن موازنة البلدية في عام 2023 بلغت 15 مليون دينار، مع عجز قدر بـ3 ملايين دينار، وأكد أنه تم تقليص المديونية بشكل كبير، ما يساهم في الإصلاح الإداري وترشيد النفقات، وأضاف أن دخل البلديات يأتي من المواطنين وليس من الحكومة، حيث تقوم الحكومة بتخصيص نسبة من عائداتِ المحروقات لصالح البلديات، بالإضافة إلى تخصيص جزء منها للخزينة، فضلاً عن المخالفات المرورية.
وأضاف الزيناتي أن عدم ترخيص المحلات والمنازل يُعد من المشاكل الرئيسية، وكذلك عدم دفع المسقفات يشكل تحديًا كبيرًا، وأشار إلى أن البلدية تريد من المواطنين 30 مليون دينار من المسقفات، مما اضطرها في النهاية إلى اتخاذ إجراءات حجز على المواطنين، وذلك لتحصيل جزء من المبالغ المترتبة عليهم، وأوضح أنه في بعض الحالات، إذا كان على المواطن مبلغ 10 آلاف دينار، يطلب منه دفع ألفين فقط وتقسيط الباقي، وأكد أن هذه المبالغ تمثل مشكلة كبيرة، حيث أنه إذا لم يتم تحصيل الأموال من المواطنين أو من ترخيص المحلات، فإن البلدية لن تتمكن من تقديم خدماتها بشكل فعال.
وفيما يتعلق بالأراضي الأميرية والحجج، أشار الزيناتي إلى قرار رئيس الوزراء الأسبق، عمر الرزاز، الذي نص على أنه يحق للمباني التي تم بناؤها قبل سبتمبر 2018 الحصول على تفويض للحصول على إيصال خدمات بناء، اعتمادًا على معاملة محددة، وأضاف أن المواطنين يريدون الحصول على الخدمات مقابل 50 دينارًا فقط، مما يتيح لهم الحصول على الكهرباء والمياه، وهو ما يعتبر مشكلة قانونية، وأكد أنه، مهما تمَّ طرحه من مقترحات من قبل البلدية أو النواب على مجلس الوزراء، فإنه من المرجح ألا يكون هناك حل لهذه المشكلة، نظرًا لوجود قوانين وأنظمة أيضًا.
وبين الزيناتي أن مطالب البلدية تركز بشكل رئيسي على المشكلة التشريعية، حيث أن البلديات تتعرض للتغول من جميع الجهات، وأوضح أن قانون البلديات ينص على أن البلديات هي مؤسسات أهلية مستقلة ماليًا وإداريًا، ولكن الحقيقة أنه لا يوجد أي نوع من الاستقلال المالي والإداري، معربًا عن أمله بأن يتم تعديل قانون الإدارة المحلية، وطالب الحكومة ومجلس النواب بإلغاء هذه المادة واستبدالها بمفهوم "وحدات إدارية تتبع لجيش من الموظفين في وزارة الإدارة المحلية".
وأشار إلى أن المعاملات في الوزارة قد تستغرق شهرين أو ثلاثة أو حتى أكثر، مما يطرح تساؤلاً مفاده، أين هي الاستقلالية التي ينص عليها القانون؟ وأضاف أن البلديات تمتلك مجلسًا بلديًا منتخبًا، ومديرًا تنفيذيًا معينًا، وديوان محاسبة، وهيئة نزاهة ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى وجود كافة الجهات الرقابية، لكن في النهاية، تبقى كل قرارات البلديات مرتبطة بموافقة الوزير.
وتساءل الزيناتي: "هل من المعقول أن يتمكن الوزير من إدارة 104 بلديات واتخاذ قراراتهم؟" وأكد أنه من غير الممكن أن يقوم الوزير بذلك، ما يجعل الأمور تُحال إلى الموظفين، الذين قد لا يمتلكون الكفاءة والدراية الكافية بالمواضيع المتعلقة بالبلديات.
وأوضح أن كل بلدية تتمتع بخصوصية في عملها ومشاريعها، فالمشاريع والسياسات التي تطبق في بلدية الرصيفة قد لا تكون قابلة للتطبيق في أماكن أخرى مثل إربد أو الكرك، لأن كل منطقة جغرافية لها خصائصها وظروفها الخاصة، وأضاف أن هذا هو السبب في وجود الانتخابات المحلية، لأن الهدف هو أن تُدار كل بلدية بشكل مستقل.
وأكد أن القانون يجب أن يمنح البلديات صلاحيات أكبر، مع وجود رقابة فعّالة على أدائها، وقال: "إذا أخطأت بلدية ما، فليكن العقاب وفقًا للقانون، ولا أحد سيغضب إذا تم محاسبة المقصرين". وأوضح أن الجهات الرقابية قادرة على اكتشاف المشاكل، لكن هذا لا ينفي أن هذه المعضلة تبقى كبيرة وتتطلب حلاً جذريًا.
وأكد أن المال ليس المشكلة الأساسية بالنسبة له، بل الأهم هو ما يتم منحه له من موارد، أو ما يتوجب عليه دفعه، وقال: "إذا أعطيتني حصتي من المخالفات وحصتي من المحروقات، أنا مشكلتي بدبرها".
أما فيما يخص المجتمع، فهناك ضغوطات كبيرة على البلديات من المجتمع، إذ أن البلدية تضطر إلى تغيير بعض القرارات أحيانًا من أجل الضغط والسلم المجتمعي، وتتضطر إلى اتخاذ قرارات من أجل الإنتخابات، إذ اعتبر الزيناتي أن هذه الضغوطات تؤثر على رؤساء البلديات في بعض الأحيان وتعيقهم عن إكمالِ أعمالهم بالشكل المطلوب.
وأوضح أن الشفافية التي عملت البلدية على تحقيقها تمثل سابقة في جميع المؤسسات الحكومية، وقال: "من اليوم الأول، بدأنا ببث جلسات المجلس البلدي بشكل مباشر، وكانت أول بلدية تقوم بذلك"، وأضاف أنه بالرغم من استمرارية البلدية في بث جلسات المجلس البلدي بشكل علني، جاء تعميم من وزير الإدارة المحلية بإلغاء هذا البث المباشر، مشيرًا إلى أن البلدية تنشر جميع القرارات والعطاءات على صفحتها الإلكترونية، بما في ذلك كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، بحيث يمكن للمواطنين متابعة الجلسات والقرارات واتخاذ موقف منها، تمامًا كما يحدث في مجلس النواب.
وقال إن هذه هي الثقة التي كان المواطن يبحث عنها، حيث سعى إلى بناء جسور من الثقة بين البلدية والمواطن ليشرح له التحديات التي تواجهها، وأوضح أنه حاول أن يُفهم المواطن أن هناك تحديات متعددة، وأضاف على سبيل المثال، موضوع إشارة مستشفى الأمير فيصل هو من اختصاص وزارة الأشغال العامة، وليس اختصاص البلدية، لكن البلدية، رغم ذلك، تعاملت مع المشكلة لأنها تعرف تمامًا أن هناك أزمة مرورية خانقة استمرت على مدار السنوات.
كما أوضح أن المواطن في الأردن يسير على مبدأ "كن فيكون"، لكن في الواقع هناك العديد من الإجراءات التي تعرقل العمل وتبطئه، وأشار إلى أنه في نظام العطاءات، يجب حجز قيمة العطاء مقدمًا في بنك تنمية المدن والقرى الخاوي على عروشه –وفقًا للزيناتي -، على سبيل المثال، إذا كان العطاء يتطلب نصف مليون دينار، يجب أن يكون هذا المبلغ موجودًا في البنك قبل طرح العطاء، وأضاف أن الموافقات تستغرق وقتًا طويلاً، قد يصل إلى ثلاثة أو أربعة أشهر، وهذا يبطئ تنفيذ المشاريع.
والعمل البلدي هو عمل تراكمي، بحسب الزيناتي، الذي بين أن أول سنة قد لا تشهد الكثير من الإنجازات، لكن مع مرور الوقت، يصبح هناك تقدم ملحوظ. وأوضح أن في آخر سنتين كان هناك الكثير من العمل على الأرض، حيث تم تنفيذ العديد من المشاريع في مجالات الإنارة والبنية التحتية، بالإضافة إلى تحسين الأتمتة، وأكد أن الناس قد لا يرون هذه الإنجازات بشكل فوري، لكن هناك تحولات كبيرة تحدث وراء الكواليس، متمنيًا أن يستمر التقدم في المستقبل.