أرانب في صحراء الأحزاب
عمر كلاب
في خبر لا يخلو من طرافة، رغم علميته من خلال التجربة، نشره الزملاء في "عمون"، دعا الخبير في مجال الطاقة والنفط هاشم عقل، إلى إطلاق الأرانب في الصحراء لنشر الغطاء النباتي، وتساءل عقل في إدراج له عبر الفيسبوك: "هل نستفيد من التجربة الصينية لمحاربة التصحر؟"، مشيرًا إلى أن الصين أطلقت 1.2 مليون أرنب لمحاربة التصحر، بعد تحول 30% إلى أراضٍ صحراوية وبعد عمليات التشجير المحدودة.
وقال إن الصين لجأت إلى نشر الأرانب التي تتحمل الحرارة وتبحث عن جذور الأعشاب وتترك بذور النباتات في فضلاتها مما يساهم في نشر الغطاء النباتي في الصحراء، وبيّن أن إطلاق الأرانب يؤدي إلى تحسين جودة التربة وزيادة الغطاء النباتي، حيث ارتفعت نسبة الأراضي التي تحتوي على نباتات في الصين من 3% إلى 84% خلال أقل من 10 سنوات.
ولأن الحياة الحزبية متصحرة، حسب محاضرات وآراء كثيرة، ليس آخرها محاضرة رئيس لجنة التحديث السياسي، سمير الرفاعي، فاقترح على الأحزاب أن تستعين بالأرانب لمكافحة التصحر، طبعًا ليس الأرانب البرية، بل ثمة مصطلح في سباقات الجري، يفيد في المقاربة، فهناك في كل سباق، أرنب السباق، الذي يقود قاطرة السباق، لضبط سرعة رفيقه المنشود للفوز، وإرهاق الخصوم الآخرين، فهو يتصدر السباق ويركض بسرعة، قبل أن يترك المجال لرفيقه للتقدم بعد أن ينهك الآخرين.
هذا تكتيك وتكنيك في الرياضة، للمسافات الطويلة والمتوسطة، وأظن أن الأحزاب الوليدة بحاجة إلى التعرف على تكنيك وتكتيك المسافات المتوسطة والطويلة، بعد أن خسرت في سباق المسافات القصيرة، فنتائجها الأخيرة في الانتخابات، تتطلب منها مراجعة واقعها، وزيادة فعاليتها، وتناسل أعضائها ومؤيديها بقوة تفوق قوة تناسل الأرانب، إذا أرادت قوة البقاء والحفاظ على نقاء سلالتها الحزبية.
فمعظم الأحزاب الوليدة، لم تنجح في الحفاظ على نقاء السلالة، فهي متشابهة بطريقة مريبة وعجيبة، وكأن اليد الصانعة هي واحدة، فلا المحافظ محافظ، ولا الديمقراطي الاجتماعي له من اسمه نصيب، ولا المدني جريء في مدنيته، وحتى الشيوعي واليساري، لم ينجح في نقاء السلالة من الأثر الإسلاموي، فبات أسيرًا لحركات دينية.
التجربة الصينية في مكافحة التصحر، جديرة بالقراءة والمراجعة، سواء من وزارة الزراعة أو من الهيئة المستقلة للانتخابات، المعنية بمنح التراخيص للأحزاب، التي باتت مثل التاسع والعشرين من شباط، نراها كل أربع سنوات مرة واحدة، والله من وراء القصد.
omarkallab@yahoo.com