التطورات السورية: نحو استجابة أردنية واقعية
مع التحاق المدن السورية الجنوبية وقوى المعارضة المنتشرة فيها بالمعركة ضد النظام السوري، ضمن ما سمّته عملية "كسر القيود" التي تقودها "غرفة عمليات الجنوب"، وبعد سيطرة فصائل معارضة على معبر نصيب الحدودي، أعلنت الأردن إغلاقها معبر جابر المقابل له من جانبها، وتشكيل خلية أزمة، تضم ممثلين عن الجيش العربي، وزارة الخارجية، دائرة المخابرات العامة، مديرية الأمن العام، مركز إدارة الأزمات، وهو ما يعني ضمناً، أن الأردن نقلت إدارة الأزمة للمستوى الأمني والعسكري بشكل مباشر، وذلك في إطار الاستجابة للتطورات السورية المتسارعة
وفي ظل تصاعد احتمالية انهيار النظام السوري، أو تضاؤل سلطته على أقل تقدير، تبرز الحاجة لإيجاد حلول فعالة تضمن الأمن الوطني الأردني، وتقلّل المخاطر الأمنية على الحدود الشمالية، خصوصاً أن المسار العسكري الجاري قد يؤدي لمرحلة انتقالية في سورية، والتي من المتوقع أن يتصارع خلالها اللاعبون الصغار على اقتسام السلطة والنفوذ، وبالتالي، يتعين على الأردن أن تكون له مساهمة مباشرة في تهيئة البيئة الأمنية المستقرة في الجنوب السوري، وصوغها، بالشكل الذي يلبي متطلباته الأمنية، على غرار ما تفعله تركيا في الشمال السوري، وهذا يكون من خلال فتح خطوط وقنوات الاتصال مع القوى الفاعلة المعتدلة التي بادرت لتهدئة مخاوف الأردن بشأن تحرّكاتها العسكرية الأخيرة في درعا، من خلال بيان أصدرته "غرفة عمليات الجنوب" قبل يومين، وهذا التحرك الاستباقي، من شأنه ضمان عدم استبدال الخطر القائم بآخر مستجد، فلا نريد أن يكون بديل الميليشيات الإيرانية وعصابات التهريب والتسلل، جماعات التطرف والإرهاب ويمكن للأردن أن يستفيد من تجاربه السابقة في التعامل مع الفصائل المسلحة في المدن السورية الجنوبية
يُشجّع الوضع في سورية على الأخذ بزمام المبادرة بعد الاستعداد الكافي لها، لخفض الكلفة الأمنية على حدودنا الشمالية، وهذا الهدف يستحق المبادرة. ومن المهم التذكير، بأن السياسة الواقعية في جوهرها تعني المرونة والقدرة على التكيف مع المستجدات بشكل مستمر. وعندما تفرض الحقائق والظروف نفسها، فإن السياسات والإجراءات التي تتخذها الدول يجب أن تكون موائمة لها، ومن دون ذلك، فإنها ستفشل في تحقيق أهدافها وتواجه تحديات أكبر