خلية الازمة الأردنية وتوبة الجولاني!
حاتم النعيمات
يحاول البعض الترويج لـ”توبة” الجولاني على أنها حقيقة يجب البناء عليها إيجابيًا فيما يخص علاقة الأردن مع سوريا. والجولاني، لمن لا يعرف، هو قائد القوة المسلحة التي تحارب النظام السوري حاليًا، والتي انطلقت من إدلب بدعم تركي لتجتاح المحافظات السورية واحدة تلو الأخرى.
الجولاني ذاته تربى في مدرسة داعش والقاعدة، وتنظيمه الذي حاول تبديل جلده عدة مرات مصنف دوليًا كتنظيم إرهابي. وتضم غرفة عمليات الجولاني المسماة "الفتح المبين”، بالإضافة لتنظيمه المسمى "هيئة تحرير الشام”، عدة فصائل كان معظمها تابعًا لما سُمِّي "الجيش الحر”، وهو الفصيل المحسوب على إخوان سوريا.
أما غرفة العمليات الثانية، فقد سميت "فجر الحرية”، وهي غرفة عمليات تُدار من تركيا وكان هجومها الابتدائي من شرق حلب وتضم تنظيمات ذات أيديولوجيا إخوانية أيضًا.
إذن، نحن أمام تشكيلات تابعة لتركيا، بعضها "سلفي جهادي” بتاريخ عدائي للأردن ظهر في عدة عمليات إرهابية، أولها تفجيرات عمان عام 2005 مروراً بأحداث إربد والكرك والسلط وغيرها، والجولاني بالمناسبة تتلمذ وعمل مع جميع قادة هذه التنظيمات التي هاجمت الأردن. الجزء الآخر من هذه التشكيلات التركية "إخواني” يحمل رواية تخوين للأردن، وسعى لتغيير الوضع في الأردن عبر "الربيع العربي” وخلال العدوان على غزة. لك أن تتخيل سيطرة هذه التنظيمات على جنوب سوريا وما سيشكله ذلك من عقدة أمنية وعسكرية بالنسبة للأردن.
المقلق أيضًا، أن هناك تجارب سابقة في اقتتال هذه المكونات فيما بينها خلال العقد الفائت. ففي سوريا ذاتها، احتربت القوى السلفية فيما بينها، واحتربت مع القوى الإخوانية من جانب آخر. وفي مصر، حدث الصراع المعروف بين الإخوان والسلفيين. وفي ليبيا، تكرر السيناريو نفسه. إذن، نحن أمام جماعات خلافية انقسامية بطبيعتها ستكون عامل فوضى في أي منطقة تسيطر عليها.
الحكومة الأردنية، وكإجراء وقائي، شكّلت خلية أزمة مكونة من جميع الجهات المعنية، وهذا يدل على عدم اطمئنان الدولة لما يحدث. كما يُعدّ ذلك ردًا واضحًا على أن الأمور ليست بهذه البساطة التي يفترضها البعض، ناهيك عن أن الموقف الأردني كان دائمًا مع سلامة ووحدة سوريا.
الصراعات ليست جميعها صراعات بين الخير والشر، فهناك صراعات قد تكون بين الشر والشر أيضًا، وهذا ما يحدث في سوريا اليوم. للأسف، فإن خيار التعامل الأردني قد ينتقل من المخدرات إلى المفخخات ببساطة، لأن الأردن ببساطة يحتاج إلى أن يكون ضمن تكتل عربي لإدارة الأزمات، تكتل يستطيع فرض المعادلة العربية والتصدي للخطط التركية والإيرانية والإسرائيلية التي تُنفذ في المنطقة دون رادع.