رقابة "المركزي" على شركات التمويل.. تعزيز لدور القطاع وتمكين للمقترضين
عايش: إخضاع شركات التمويل للرقابة يسهم بتنظيم أسعار الفائدة
مخامرة: إشراف "المركزي" يقلل المخاطر على المقترضين
الانباط- يارا بادوسي
ضمن منظومة ساعية لتنمية الاقتصاد وتحقيق النمو الشامل والمستدام، ومساهمة في تنفيذ مضامين رؤية التحديث الاقتصادي، جاءت خطوة الحكومة بمنح البنك المركزي دور الإشراف على شركات التمويل.
ومن المتوقع أن تنعكس الخطوة بشكل إيجابي مستوى معيشة ورفاه الأفراد، وعلى تعزيز دور قطاع التمويل الأصغر بشكل عام، بحسب خبراء.
وأشار الخبراء إلى أن قرار الحكومة يمثل خطوة مهمة لضبط عمليات التمويل وضمان حقوق المقترضين، متوقعين أن يسهم في الحد من الاستغلال والتلاعب الذي تعرضت له المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ولتعظيم الفائدة من القرار الحكومي، أكد الخبراء ضرورة أن يكون الإشراف من البنك المركزي شاملاً ومستدامًا ليمكن المقترض في حال وقوع نزاعات.
وكان مجلس الوزراء قرر في جلسة عقدها السبت الماضي، الموافقة على نظام معدل لنظام شركات التمويل لسنة 2024 وإعطاء البنك المركزي الأردني رقابة عليها انسجامًا مع التَّعديلات الواردة في رؤية التحديث الاقتصادي فيما يتعلَّق بتمويل المشاريع وتوفير الفرص التَّشغيليَّة.
وتهدف إلى حوكمة عمل شركات التَّمويل، وتعزيز المنظومة التَّشريعيَّة النَّاظمة لها، وتوفير إطار مؤسَّسي يتضمَّن معايير واضحة وموضوعيَّة لترخيصها وإخضاعها للقوانين والتَّشريعات ورقابة المركزي عليها بما يلبِّي احتياجات المستهلكين وحمايتهم من الممارسات غير السليمة في الإقراض والحفاظ على حقوقهم وبما يعزز التَّمويل المسؤول وفق أفضل المعايير للممارسات المهنيَّة.
ويهدف النظام إلى توفير إطارً تنظيميَّ يتميَّز بالشُّمول والمرونة بما يسهم في تحسين تنافسيَّة القطاع ودعم استقراره، كما يوفر قدرًا أوسع من المرونة في تطبيق أحكامه على شركات التَّمويل، مع الأخذ بالاعتبار طبيعة أعمال هذه الشَّركات وحجمها وبما يمكِّنها من استمرارية العمل والنمو، وبما يدعم الابتكار وريادة الأعمال.
يشار إلى أن الرقابة بدأت على قطاع التمويل الأصغر في 2015 بصدور نظام شركات التمويل الأصغر باعتباره مرجعية قانونية لتنظيم القطاع.
وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن قرار منح المركزي دور الإشراف على شركات التمويل يمثل خطوة مهمة لضبط عمليات التمويل وضمان حقوق المقترضين، متوقعًا أن يحد القرار من الاستغلال والتلاعب الذي تعرضت له مشاريع صغيرة ومتوسطة في السنوات الماضية.
وأكد أن إخضاع شركات التمويل للرقابة سيؤدي إلى تنظيم أسعار الفائدة، خاصة وأنها لعبت دورًا بارزًا في تمويل المشاريع الصغيرة التي تواجه صعوبات في الحصول على قروض من البنوك، مضيفًا أن هذه المشاريع غالبًا ما يفرض عليها أسعار فائدة مرتفعة تصل أحيانًا إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف الأسعار المعمول بها في القطاع المصرفي، ما يضع عبئًا كبيرًا عليها ويهدد استمراريتها.
وأضاف "لا يمكن لأي مشروع صغير أن يحقق عائدًا يتجاوز 20% أو 30% لتغطية الفوائد والالتزامات، وهو ما يجعل من الرقابة على شركات التمويل ضرورة اقتصادية. وأضاف أن هذا الإشراف من شأنه أن يضمن إخضاع الشركات للمعايير والالتزامات التي تنطبق على البنوك، ما يعزز الاحترافية في الإقراض ويشجع المشاريع الصغيرة على الحصول على قروض بشروط معقولة تمكنها من النمو.
وتابع عايش أن الرقابة الفاعلة ل المركزي يجب أن تشمل سقوف الفوائد، وحجم الضمانات ونوعيتها، وأمد القروض، بما يضمن قدرة المشاريع الصغيرة على الوفاء بالتزاماتها، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستساهم في تحسين نوعية القروض المقدمة، وتعزيز الاستثمار في المشاريع الصغيرة التي تمثل نحو 98% من المنشآت في الأردن، وحوالي 90% منها تعد مشاريع صغرى.
وأكد أن هذه المشاريع هي أحد المفاتيح الرئيسية لمعالجة البطالة، حيث تلعب دورًا أساسيًا في خلق فرص عمل جديدة في ظل محدودية الوظائف المتاحة في القطاعين العام والخاص، وأن المسؤولية الكبرى في التوظيف تقع على عاتق المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ودعى إلى ضرورة أن يكون الإشراف من البنك المركزي شاملاً ومستدامًا، بحيث يمكن للمقترضين اللجوء إليه في حال وقوع نزاعات أو مشكلات مع شركات التمويل، ولفت إلى أهمية تحديد سقف للفوائد بما يتماشى مع المعدلات السوقية المعمول بها في القطاع المصرفي، مشددًا على أن "الرقابة الفعالة على الشركات ستعزز من جدوى التمويل، وستساهم في إيجاد حلول اقتصادية أكثر انسجامًا مع الحاجات الوطنية".
الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة اتفق مع سابقه بما يتعلق بأهمية القرار، مؤكدًا أنه يعتبر خطوة أساسية لحماية المواطنين من ممارسات استغلالية سابقة لشركات كانت تفرض نسب فوائد مرتفعة. وأكد أن إدخال شركات التمويل تحت مظلة المركزي سيضفي شفافية أكبر على عملها.
وأوضح مخامرة أن القرار يعزز من الرقابة على قواعد الامتثال والمصداقية، ويضمن توجيه مبالغ التمويل المخصصة للمشاريع الصغيرة نحو غاياتها الحقيقية، بعيدًا عن أي انحراف يؤدي إلى تحميل المقترضين أعباء مالية إضافية طويلة الأمد، مؤكدًا أن مثل هذه القرارات تأتي ضمن توجه الحكومة نحو حماية المواطنين من استغلال حاجتهم لزيادة مصادر دخلهم، لا سيما أن بعض الشركات كانت ترفع نسب الفائدة إلى مستويات كبيرة تفوق قدرة المقترضين على السداد مستقبلاً.
وأضاف أن هذا النوع من الإشراف من شأنه أن يقلل من المخاطر المالية على المقترضين، ويعزز من فرص المشاريع الصغيرة في الاستمرار والنمو، ما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتقليل معدلات البطالة.
وتوقع أن يتبنى البنك المركزي سياسة التوجيه لشركات التمويل فيما يخص نسب الفائدة، بدلاً من الرقابة المباشرة عليها، مشيرًا إلى أن تحديد الفائدة يعتمد بشكل كبير على آليات العرض والطلب في السوق على مدار العام.
ولفت إلى أن الخطوة تعد جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز بيئة التمويل في الأردن، بما يخدم حاجات المواطنين والمشاريع الصغيرة، ويسهم في تحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة.