الاستعراض ولا غير الاستعراض
حاتم النعيمات
يعطي النظام الداخلي لمجلس النواب الحرية للنواب بالحديث "دون عنوان” خلال مناقشات الثقة تحت القبة. وكما يعلم الجميع، فإن نقاش بيان الحكومة يمنح النواب مساحة لفرد العضلات على الطاقم الوزاري، بحكم أن الحكومة هي التي تطلب الثقة وفقاً للدستور، وهذا المشهد طبيعي جداً ويحدث في معظم البرلمانات حول العالم.
الغريب أن بيان الحكومة، على ما يبدو، استفز القوى الشعبوية في المجلس، لأنه ببساطة ركز على الأردن ومصالحه حصراً، ولم يكن مهادناً. فقد قرأ المنطقة وتغيراتها بذكاء. وهذا يُفترض أن يرضي الجميع، لأن من الطبيعي أن تكون مهمة مجلس النواب "الأردني” هي خدمة مصالح الأردن فقط.
الغريب أن بعض المطالب والاقتراحات كانت ببساطة ودون تجنّي تخدم أطرافاً خارجية ومصالح محاور في المنطقة. لدرجة أن أحد النواب لام رئيس الحكومة على عدم تعبيره عن الامتنان لحركة حماس، وكأن رئيس حكومة المملكة الأردنية الهاشمية مطلوب منه أن يخاطب فصيلاً هنا أو هناك. الغريب أن الجميع يعلم أن حماس ذاتها اليوم تُعد قضية خلافية داخل غزة وفلسطين، وأن الدولة الأردنية تتخذ موقف الحياد وتقف على مسافة واحدة من جميع الفصائل الفلسطينية. وهذه سياسة حكيمة تهدف إلى مناهضة الانقسام هناك بدلاً من تعزيزه. باختصار، كان البعض تحت القبة يريد محاسبة الحكومة على ما لم تقل، وليس على ما قالت!
إحدى الكلمات انتقدت تصريحاً لدولة فيصل الفايز قال فيه: "الأردن لن ينتحر لأجل أحد”. وركزت وجهة نظر النائب المهاجم على أن الأردن، وفقاً له، لا يحق له أن يحافظ على نفسه ومصالحه، وأن الأمل معقود على أن يكون الأردن ضحية لأجل مشروع هنا أو هناك. وهذا الموقف، بالطبع، يتماشى مع أيديولوجيا هذا النائب، التي لا ترى الأردن إلا غرفة صغيرة في مشروع كبير. ولو صدر كلام دولة فيصل الفايز في أي دولة أخرى، لقوبل بالفخر والاعتزاز، ولكن هذا هو واقع التشكيلة السياسية في بلدنا للأسف.
عدد كبير من كلمات النواب، وخصوصاً كتلة الإصلاح (كتلة الإخوان المسلمين)، استهدفت جمع الشعبية من تحت القبة. وظهرت بعض المواقف الغريبة، مثل رفض أحد نوابهم مغادرة المنصة، بهدف خلق عنصر التظلُّم الذي يتقنون استغلاله. هذا السلوك مفهوم في سياق عقليتهم التي لا تتقن سوى التحشيد والشحن والتظلُّم. فقد خرج أحد أهم نوابهم ليشتكي من إنشاء تكتل ضده، وكأنه لا يعلم أن العمل البرلماني قائم على التكتلات، وأن هذه هي قواعد الديمقراطية. في الواقع، هذه السلوكيات لا تخدم فكرة النقد بالبدائل ولا تقدم أي حلول.
كنت أتمنى من الحزب السياسي صاحب الشعبية الأكبر في البلاد أن يستغل شعبيته ومنابره ضد مشاريع اليمين الإسرائيلي الداعية للتهجير والتوطين. وكنت أتمنى أن يرفع نوابه لاءات الملك كشعار لعملهم بدلاً من تقديم مطالب غير بريئة تتماهى مع التهجير وتحاول تلطيف تبعات التوطين وتسعى لخلق بيئة للتنازل عن الحقوق التي اغتصبها المحتل.