لبنان.. هل اقترب الحل النهائي؟
القزح: لن نكون كبش محرقة لأي مخططات اجنبية
صليبا: المحادثات السرية غير واضحة لتكوين رؤية واضحة
الأنباط - الاف تيسير
وسط أجواء متوترة وتواصل القصف والمعركة المحتدمة تتصاعد الآمال في إنفراجة قريبة حيثُ تشهد الساحة السياسية والإقليمية تطورات متسارعة حول اتفاقية وقف إطلاق النار بين حزب الله و"إسرائيل" وفي ظل استمرار القصف المكثف الذي ألحق دمارًا واسعًا في مناطق مختلفة من لبنان، ومع احتدام النقاش حول شروط الاتفاقية المتوقعة والجهات المؤثرة عليها، تظهر مواقف متباينة من الأطراف اللبنانية، وسط قلق دولي من تداعيات استمرار الصراع على أمن واستقرار المنطقة.
أوضح العميد الركن المتقاعد سعيد القزح، حتى الآن لا يمكن الحديث عن اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار أو وقف العمليات العسكرية بين حزب الله و"إسرائيل" في الجنوب اللبناني، الجهود الحالية تركز على دبلوماسية أمريكية متجددة بقيادة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، الذي يعمل على إعادة تعويم القرار 1701 وإلزام الأطراف المعنية بتطبيق بنوده.
تشير المصادر إلى أن واشنطن تحاول تضمين تعديلات ضمن ملحق خاص بالاتفاقية، تكون موقعة بين "إسرائيل " والولايات المتحدة دون توقيع لبنان أو حزب الله رسميًا على هذه البنود، مشيرًا إلى أن قرار 1701، الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006، ينص على انسحاب جميع الوسائل القتالية والمسلحين غير الشرعيين من جنوب نهر الليطاني إلى شماله، إضافة إلى تفكيك البنية العسكرية غير الشرعية المنتشرة جنوب النهر .
وتابع ينص القرار على انتشار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) للإشراف على تطبيق الاتفاق، في خطوة تهدف إلى تقليص النفوذ العسكري لحزب الله، ويتضمن القرار 1701 الإشارة إلى تطبيق القرارين 1559 و1680، اللذان يدعوان إلى تعزيز السيادة اللبنانية ومنع وجود أي سلاح خارج إطار الدولة.
رغم الجهود المبذولة، يبقى مصير هذه التحركات معلقًا في ظل تعقيدات الصراع الإقليمي وغياب توافق شامل بين الأطراف المتنازعة.
وفي حديث القزح لـ "الأنباط" قال "لا تزال المفاوضات الجارية حول وقف إطلاق النار، تواجه تعقيدات كبيرة مع غياب أي أفق قريب للوصول إلى اتفاق شامل، مشددًا على أن "إسرائيل" تطالب بحرية الحركة العسكرية في جميع الأراضي اللبنانية بعد الاتفاق، بهدف منع حزب الله من إعادة تسليح نفسه أو إعادة بناء بنيته العسكرية، التي تضررت خلال العمليات الأخيرة.
وتابع، أن إحدى النقاط المثيرة للجدل في هذه المفاوضات هي تشكيل لجنة لمراقبة تنفيذ الاتفاق ورغم قبول حزب الله بمبدأ اللجنة، إلا أنه أبدى اعتراضًا على مشاركة البريطانيين والألمان في عضويتها، بـ المقابل وافق الحزب على أن يكون رئيس اللجنة ضابطًا أمريكيًا، وهو ما أثار تساؤلات حول تناقض موقف الحزب في قبول ما يُطلق عليه "الشيطان الأكبر” . على الجانب الآخر، رفض "نتنياهو" أي دور فرنسي في اللجنة، ما يوضح استمرار الخلافات بين الأطراف حول تشكيلة اللجنة وآليات عملها، ومن المتوقع أن تستغرق هذه المسألة وقتًا أطول لحسمها، خاصة أن كل طرف يسعى إلى ضمان مصالحه الإستراتيجية قبل المضي قدمًا في الاتفاق، مشددًا على أنه رغم الإختلاف وعدم وجود رؤية واضحة من هذه المفاوضات إلى الآن "لن نكون كبش محرقة ووقودًا لأي مخططات أجنبية".
وجه القزح رسالة صريحة إلى حزب الله، دعاه فيها إلى الانخراط في مشروع الدولة اللبنانية، وقطع ارتباطه بأي محاور خارجية، واقترح أن يتحول الحزب إلى قوة سياسية، مع التخلي عن دوره العسكري بالكامل، و أشار إلى أن "إسرائيل " تركز على منع الحزب من إعادة بناء قدراته، وتطالب بـ "حرية الحركة" ما يعني إن رأت "إسرائيل" أي تحرك لـ الحزب، تقوم بإبلاغ الأمم المتحدة والجيش اللبناني، وعندما لا ترى أن لا أحد يعالج هذا الخرق تقدم على معالجته واستهداف أي منطقة في لبنان .
وانتقد تقصير الإعلام في تغطية وتسليط الضوء على الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال، من مجازر مروعة في مناطق البقاع وبعلبك وعلى استهداف "العدو" لمنازلهم ومعاقبة أهاليهم وذويهم وملاحقتهم من قبل "العدو الصهيوني" وذلك لـ محاولة إخضاع الحزب لـ الشروط الصهيونية وهو ما يظهر في الضربات المكثفة على مناطق مثل بعلبك، النبطية، وصور، إضافة إلى تدمير الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأكد على أن أي اتفاق يتم التوصل إليه سيعكس قبول حزب الله بشروط كانت مرفوضة قبل شهرين، نتيجة الضغوط العسكرية والتقدم الميداني للعدو الإسرائيلي مؤكدًا عل أن الحل النهائي للأزمة في لبنان يجب أن يكون من خلال بناء دولة قوية وموحدة، ترتكز على تطبيق الدستور اللبناني واتفاق الطائف، وأضاف أن احتكار السلاح يجب أن يكون بيد الجيش وأن تكون قرارات الحرب والسلم حكرًا على الدولة.
بدورها اوضحت عضو البرلمان اللبناني نجاة صليبا أن التسريبات الإعلامية والمحادثات السرية الجارية حول وقف إطلاق النار تعكس تفاؤلاً حذرًا، إذ ترفع من التوقعات الإيجابية مقارنة بالسلبية، مبينة أن هناك رغبة واضحة للوصول إلى وقف لإطلاق النار في أسرع وقت، إلا أنها حذرت من الإفراط في التفاؤل، مستشهدة بتجربة غزة التي شهدت اتفاقيات مماثلة لم تسفر إلا عن استمرار المجازر وتدمير المنطقة بالكامل.
وأضافت أن آليات الإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار لم تتضح معالمها بعد، مشيرة أن التسريبات الإعلامية الحالية غير كافية لتشكيل رؤية واضحة حول الاتفاق المرتقب ، مشيرة إلى أن الدولة اللبنانية تتحمل جزءً من المسؤولية لما آل إليه الوضع، بسبب تغاضيها عن انتهاكات حزب الله على مدى الأعوام الماضية.
وأكدت أن "العدو الصهيوني” لا يمكن الوثوق به، إذ يستخدم ومن الممكن أن يتخذ وسائل متعددة لعرقلة المفاوضات، ما يستدعي قراءة حذرة للمشهد السياسي، ورغم ذلك دعت إلى التعامل مع الوضع بتفاؤل مدروس، مع التركيز على حماية السيادة اللبنانية وضمان التزام جميع الأطراف بالشروط التي تخدم مصلحة الدولة والشعب اللبناني إذ تعكس التصريحات قلقًا متزايدًا من احتمالية تكرار سيناريوهات سابقة، وسط استمرار الغموض حول مستقبل المفاوضات.