كيف يؤثر تباين التعامل بين الجامعات الخاصة والحكومية على تجربة الطلبة ؟
الأنباط – شذى حتاملة
تشهد الجامعات في العديد من الدول تباينًا ملحوظًا ما بين الجامعات الخاصة والحكومية ويتبلور هذا التباين في طريقة التعامل التي يتلقاها الطلبة داخل الجامعات ، وهذا الاختلاف لا يقتصر فقط على الجانب الأكاديمي، بل يشمل الجوانب الاجتماعية والإدارية والثقافية .
وللحديث حول الموضوع تواصلت صحيفة "الأنباط " مع عدد من الأساتذة والطلبة لمعرفة هل يختلف التعامل مع الطلبة فعلاً في كل من هاتين الفئتين من الجامعات؟ وما هي العوامل التي تسهم في هذا الاختلاف؟ وكيف يؤثر ذلك على تجربتهم التعليمية والاجتماعية؟
وبدورها قالت أستاذة الصحافة والإعلام في جامعة البلقاء الدكتورة ربى زيدان ، أن هناك بعض الفروقات بين الجامعات الخاصة والحكومية ، إذ الجامعات الخاصة تولى اهتمامًا أكبر بتوفير المعدات والأجهزة الحديثة وغرف الأخبار مما يساهم دعم العملية التعليمية وتساعد الطلبة على تطبيق ما يتعلمونه بشكل عملي بأكثر حداثة وسرعة أكبر من الجامعات الحكومية ، مضيفة أن التخطيط الاستراتيجي في الجامعات الحكومية يعتبر أكثر تطورًا لكن تنفيذ هذه الخطط في الجامعات الخاصة بسرعة وكفاءة أعلى من الحكومة ، وهذا بدوره يساهم في تسريع تحديث المناهج وتطويرها في الجامعات الخاصة .
وأضافت أن كلا الجامعات الخاصة والحكومية تتبع معايير صارمة لاستقطاب أساتذة ذوي خبرة عملية وممارسين فعليين للمهن التي يدرسونها ، لافتةً إلى أن الجامعات الخاصة تتميز بذكاء أكبر في تسويق تخصصاتها مقارنة بالجامعات الحكومية ، داعية الجامعات الحكومية إلى بذل جهدٍ أكبر في هذا المجال لتحسين تسويق تخصصاتها .
و أوضحت الاستشارية النفسية والتربوية الدكتورة مرام بني مصطفى ، أن الأردن يعد من الدول المتقدمة في مجال التعليم على المستوى المحلي والعربي وعلى المستوى العالمي ، مشيرة إلى أن مكانة الجامعات الأردنية سواء الحكومية أو الخاصة وعلى رأسهم الجامعة الأردنية والتي تعتبر الجامعة الأم ، حيث نجحت الجامعة الأردنية في تحقيق إنجاز مهم من خلال تصنيفها في المرتبة 368 على مستوى العالم في تصنيف Qs.
وتابعت أن هذا التصنيف يعد دليلاً على الجهود المستمرة التي تبذلها الجامعات في تحقيق رؤيتها للارتقاء بمكانتها على المستوى المحلي والدولي وتحقيق الريادة في مجال التعليم والبحث العلمي ، إذ تسعى الجامعات الأردنية إلى توفير بيئة تعليمية محفزة تُسهم في تطوير القدرات العلمية والبحثية للطلاب، بما يواكب تطورات العصر ويُعدهم لمواجهة تحديات المستقبل ، مبينة أن ذلك يأتى نتيجة للعمل والجهد الدؤوب والمتواصل، والإرادة من الجامعات وإدارتهم، والطلبة الذين هم جيل المستقبل .
وعبر الطالب مهدي الشوابكة في جامعة البتراء عن رأيه حول أساليب التعليم في الجامعات حيث تعتمد هذه الأساليب على الإمكانيات المتوفرة لدى الجامعات ومدى مواكبتها لأساليب التعليم الحديثة ،واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والأجهزة الحديثة والمتطورة ، إضافة إلى التطوير من المناهج والخطة الدراسية لكل تخصص على حِدة بما يتناسب مع سوق العمل التي تطلب موارد مالية وبنية تحتية تتواجد أكثر في الجامعات الخاصة ، موضحًا أنه لهذا السبب تعتمد أساليب التعليم في الجامعات الخاصة على الجانب العملي أكثر منها في الجامعات الحكومية .
وأوضح أن الميزانية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد جودة التعليم ، حيث أن الفروقات الواضحة في التعليم تتجلى في جاهزية المرافق الدراسية والموارد المتاحة للوصول لأفضل جودة ممكنة من التعليم ، واستحداث المناهج الدراسية والهيئات التدريسية باستمرار، لافتًا إلى رغم تفوق الجامعات الخاصة في بعض معايير تصنيف التايمز 2024، فإن هذا لا يعني تفوقًا كليًا ،لذا يجب على جميع الجامعات النظر للتصنيفات كمحفز للتطوير المستمر، وليس كهدف نهائي ،إذ يجب أن يكون التركيز الحقيقي على جودة التعليم والبحث، وليس على المنافسة في التصنيفات .
وفيما يخص الفرق في الفرص المهنية بين خريجي الجامعات الخاصة والحكومية أكد الشوابكة أن قوة الجامعة تكمن في قدرة الجامعة على تشبيك خريجيها مع سوق العمل وبالمؤسسات سواء الخاصة أو العامة واستمرارية التواصل مع الخريجين وجلب فرص العمل مشيرًا إلى أن ذلك يتحقق من خلال إنشاء مكاتب خاصة داخل الجامعة لمتابعة الخريجين وهو ما يمكن أن يكون نموذجًا يحتذى به كما هو الحال مع جامعة الحسين التقنية التي حققت نجاحًا ملحوظًا في هذا المجال .
ولفت إلى أن السياسة التعليمية في الجامعات الحكومية والخاصة تؤثر بشكل مباشر على الخيارات الاكاديمية والمسار الوظيفي للطلاب وأما بالنسبة للجامعات الحكومية أو على الأقل بعضها فإنها تقدم تعليمًا ميسورًا وشاملاً غير متخصص، فيما تقدم الجامعات الخاصة تعليمًا متخصصًا وأكثر مرونة ، مضيفًا أن على جميع الجامعات التطوير الدائم بما يخص السياسة التعليمية بالتشاركية مع سياسة الدولة الأكاديمية لتصبح أكثر مرونة ومعيارية تعكس الواقع الاجتماعي .
وتحدث الشوابكة عن الدعم الأكاديمي في الجامعات الحكومية ، حيث عادةً ما يتمتع طلبة الجامعات الحكومية بإمكانية وصول أفضل إلى برامج الدعم الأكاديمي مقارنةً بطلاب الجامعات الخاصة ؛لأن هذا قد يعود إلى أن الجامعات الحكومية غالبًا ما تتلقى تمويلاً أكبر من الحكومة، مؤكدًا أن ذلك يتيح لهم توفير موارد أفضل مثل المراكز الأكاديمية، وورش العمل، والدروس الخصوصية ، إضافة إلى أن هذه البرامج قد تكون دعمًا مخصصًا للطلاب في الجامعات الحكومية تهدف إلى تحسين الأداء الأكاديمي وتعزيز فرص النجاح لكن هذا قد يختلف من جامعة لأخرى، مما يستدعي تقييم كل حالة بشكل منفصل .
فيما أكدت الطالبة نور أبو حماد في الجامعة الاردنية أن هناك العديد من الفروق في أساليب التعليم بين الجامعة الحكومية والجامعة الخاصة تتمحور في التكلفة حيث عادةً ما تكون الجامعات الحكومية أقل تكلفة من الجامعات الخاصة ، وغالبًا ما تكون الرسوم الدراسية في الجامعات الحكومية مدعومة من الحكومة، مما يجعلها أكثر اقتصادية للطلاب ، غير ذلك قد تكون شروط القبول في الجامعات الحكومية أكثر صرامة، إذ تعتمد على نتائج الثانوية العامة والمعدلات المطلوبة بينما قد تكون الجامعات الخاصة أكثر مرونة في شروط القبول.
وتابعت أبو حماد أن الجامعات الخاصة تقدم برامج أكاديمية متنوعة ومتخصصة أكثر من الجامعات الحكومية، التي قد تركز على التخصصات التقليدية ، إضافة إلى أن الفصول الدراسية في الجامعات الخاصة أصغر حجمًا، مما يتيح تفاعلاً أكبر بين الطلاب والأساتذة ، بينما في الجامعات الحكومية، قد تكون الفصول أكبر ، لافتة إلى أن بعض الجامعات الحكومية قد تتمتع بسمعة أوسع واعتراف أكبر في سوق العمل مقارنة ببعض الجامعات الخاصة، ولكن هذا يعتمد أيضًا على جودة التعليم والبرامج المقدمة ، لذا الاختيار بين الجامعة الحكومية والخاصة يعتمد على احتياجات الطالب وتفضيلاته الشخصية.
ولفتت إلى أن السياسة التعليمية تؤثر بشكل كبير على مسار الطالب الأكاديمي في كل من الجامعات الحكومية والخاصة ، إذ غالبًا ما تكون السياسات في الجامعات الحكومية مرتبطة بالمعايير الوطنية والمناهج المعتمدة، مما يضمن توافق التعليم مع احتياجات السوق المحلي ،و هذا قد يؤدي إلى تخريج طلاب يمتلكون المهارات المطلوبة في مجالات معينة ، مضيفًا فيما تكون السياسات في الجامعات الخاصة إذ تكون أكثر مرونة مما يسمح بتقديم برامج تعليمية مبتكرة ومتنوعة ، و هذا يمكن أن يوفر للطلاب فرصًا للتخصص في مجالات جديدة أو ناشئة، مما قد يعزز من فرصهم في سوق العمل ، إلا أن مع ذلك قد يؤدي هذا التنوع إلى تباين في جودة التعليم بين المؤسسات الخاصة.
وأوضحت أبو حماد أن في كثير من الأحيان توفر الجامعات الحكومية برامج دعم أكاديمي أفضل مقارنة بالجامعات الخاصة ، وذلك لأن الجامعات الحكومية غالبًا ما تكون مدعومة من قبل الحكومة، مما يتيح لها تخصيص موارد أكبر لتقديم خدمات الدعم الأكاديمي مثل الإرشاد الأكاديمي حيث توفر الجامعات الحكومية عادةً خدمات إرشاد أكاديمي تساعد الطلاب في اختيار المواد الدراسية وتوجيههم خلال مسيرتهم التعليمية ، إضافة إلى أن الجامعات الحكومية تمتلك مكتبات أكبر ومرافق تعليمية متقدمة، مما يسهل على الطلاب الوصول إلى المصادر التعليمية.
وأكملت حديثها أن الجامعات الحكومية تقدم برامج مثل الدروس الخصوصية، ورش العمل، والبرامج التوجيهية التي تساعد الطلاب على تحسين أدائهم الأكاديمي ، بينما قد توفر الجامعات الخاصة أيضًا بعض برامج الدعم، إلا أن نطاقها ومواردها قد تختلف بشكل كبير بين المؤسسات ، لذا يعتمد الأمر على الجامعة المحددة وما تقدمه من خدمات.
وقالت الطالبة شيرين العبادي الحاصلة على بكالوريوس من جامعة الزيتونة و ماجستير من جامعة الشرق الأوسط ، أن هناك اختلافات واضحة في طريقة التعامل مع الطلاب ما بين الجامعات الخاصة والحكومة ، ففي الجامعات الخاصة تكون هناك تسهيلات وتوجيهات خاصة تهدف إلى تحفيز الطلاب على الاستمرار، لأن هذه الجامعات تعتمد بشكل رئيسي على رأس المال الخاص ، بالمقابل الجامعات الحكومية تتلقى دعمًا ماليًا من الحكومة، مما يؤدي إلى إجراءات أكثر تشددًا في مجالات المحاضرات والحضور وجودة المواد الدراسية، بما في ذلك الأسئلة المقررة .
وذكرت أن الاولوية والفرصة الأعلى تكون للطالب الحكومي لكن لا يوجد فرق في الفرص الوظيفية ما بين خريجي الجامعات الحكومية والخاصة حيث بعض الجامعات الخاصة تسهل على الطلبة الدخول للحياة العملية وبعض الكليات تعمل على ترشيح أسماء الطلبة أصحاب الكفاءة لبعض الفرص الوظيفية ، مضيفة أن الجامعات الخاصة توفر لطلبتها دورات تساعدهم في الحياة العملية بينما الجامعات الحكومية من الصعب أن توفر لهم ويعود ذلك لأعدادهم الكبيرة ، لكن قد يكون هناك مشاريع ودعم خارجي سواء للجامعات الخاصة أو الحكومية .