banner
أخبار محلية
banner

قمة المناخ وكيفية الاستفادة من التمويل الدولي لدعم استراتيجيات التكيف والتخفيف

{clean_title}
جهينة نيوز -
الأردن من أكثر الدول بتغيرات المناخ

الزعبي: تحفيز القطاع الخاص لمواجهة تحديات التغير المناخي

سعد: الهدف الجديد يسعى لضمان أن يلبي التمويل المناخي احتياجات الدول النامية

الأنباط – ميناس بني ياسين

يشهد العالم اليوم تحديات بيئية غير مسبوقة جراء تغير المناخ، الذي يترك آثارًا مدمرة على كافة الأصعدة فارتفاع درجات الحرارة، والجفاف، وتغير أنماط الأمطار، والظواهر المناخية المتطرفة أصبح لها تأثير مباشر على المجتمعات والحكومات في جميع أنحاء العالم.
في هذا السياق لا يعد الأردن استثناء بل هو من أكثر الدول تأثرًا بتغيرات المناخ، حيث يواجه تحديات كبيرة في إدارة الموارد المائية، ضمان الأمن الغذائي، وتحقيق الاستدامة في الطاقة، وإن تأثيرات التغير المناخي على الأردن، الذي يعد من الدول الفقيرة في الموارد الطبيعية وذات البيئة الجافة، تفرض تحديات ضخمة أمام قدرة الدولة على التكيف مع هذه التحولات؛ لذا يتطلع الأردن إلى تعزيز التعاون الدولي في مواجهة هذه التحديات، ويعتبر التمويل المناخي أداة أساسية لتمكين البلدان النامية من تنفيذ مشاريع التكيف والتخفيف.
في هذا الإطار، تأتي قمة المناخ القادمة (COP29) لتشكل نقطة تحول جديدة في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ حيث تركز على تعزيز الالتزامات الدولية بشأن تمويل المناخ، مع تسريع وتيرة التمويل الموجه إلى الدول النامية لمساعدتها في التكيف مع آثار المناخ وتحقيق أهداف اتفاق باريس.
هذه القمة تمثل فرصة ثمينة لتسليط الضوء على الحاجة الملحة لتوفير التمويل الذي يعزز قدرة الدول مثل الأردن على التصدي لتحديات التغير المناخي، وتحقيق التنمية المستدامة في مواجهة هذه الأزمة الكونية.
يستعرض هذا التقرير الجهود الأردنية والدولية، ويبحث في كيفية استفادة المملكة من التمويل المناخي الدولي لدعم استراتيجيات التكيف والتخفيف الخاصة بها، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل المياه والطاقة المتجددة والزراعة.

الاقتصاد الأخضر وازمة المناخ

وفي هذا الجانب تؤكد خبيرة المناخ ودبلومسية المياه في الأردن ميسون الزعبي أنه أدت ندرة الموارد الطبيعية والمالية والاعتماد على الواردات إلى تفاقم مخاطر تغير المناخ في الأردن، ويعد تسريع العمل المناخي أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية في المملكة وتحسين النتائج التي يسعى الشعب الأردني إلى تحقيقها من أجل تحقيق الرخاء المنشود، إضافة إلى أن الأردن لديه الكثير ليقدمه إقليميًا وعالميًا بفضل خبرته الواسعة في معالجة تحديات المناخ.
وتابعت، إن التحول إلى الاقتصاد الأخضر يشكل خطوة حاسمة في معالجة أزمة المناخ، ويشتمل جزء من هذه الخطوة على حماية الغابات والمناطق البحرية، التي تشكل أهمية أساسية للحد من انبعاثات الكربون وبناء قدرة الطبيعة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، وإن الاستثمارات في التكيف مع تغير المناخ يمكن أن تكون محورية في حماية الناس والاقتصادات، ودفع الفرص والازدهار، والحد من الخسائر البشرية والاقتصادية، ولتحقيق عالم قادر على الصمود في مواجهة تغير المناخ لا بد من تكثيف الاستثمارات والتخطيط والتعاون.
وأشارت الزعبي أن الدول التي ستنجح في تسريع جهودها المناخية هي تلك التي تتبنى خططًا تشمل كافة القطاعات الاقتصادية، وتجذب الاستثمارات المحلية والدولية، وتفتح آفاقًا جديدة للابتكار والتطوير في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، ومن المهم أن يتعاون صناع القرار من مختلف المجالات مثل الطاقة والبنية الأساسية والزراعة والتكنولوجيا والتعليم لتحقيق هذا الهدف، مضيفةً إن الدور المهم الذي تلعبه الابتكارات التكنولوجية في إيجاد الحلول للتكيف مع تغير المناخ، فـ باستخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، يمكن تحسين استراتيجيات التكيف ومراقبة التأثيرات المناخية، مما يعزز قدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات السريعة ومع ذلك، لا بد من إدارة هذه التقنيات بعناية لضمان توافقها مع الأهداف البيئية والمناخية العالمية، وخاصة فيما يتعلق باستهلاك الطاقة والموارد.

المطلوب هدف عالمي جديد

أوضحت الزعبي مفهوم ماذا الهدف الجماعي الجديد، بأنه الهدف الكمي الجماعي الجديد وهو هدف التمويل المناخي السنوي الجديد الذي من المفترض أن يبدأ العمل به عندما ينتهي التعهد الحالي البالغ 100 مليار دولار في نهاية هذا العام، والذي لم يتم الوفاء به بالكامل يتعين على جميع الحكومات أن تتفق على هدف عالمي جديد لتمويل المناخ لدعم البلدان النامية وضمان تقاسم الفوائد الرئيسية للعمل المناخي بشكل عادل بين الدول والشعوب.
وتابعت، إن الهدف الجديد الطموح يصب في مصلحة كل دولة وكل اقتصاد، لأننا لا نستطيع منع أزمة المناخ من تدمير جميع الاقتصادات - بما في ذلك أكبر وأغنى الاقتصادات - إلا إذا كان لدى كل دولة الوسائل اللازمة لاتخاذ إجراءات مناخية أقوى بكثير وبناء مجتمعات وسلاسل توريد مرنة.
وأشارت أنه من مصلحة كل دولة في العالم أن تضمن أن يكون مؤتمر باكو مؤتمرًا تمكينيًا يساعد في ترجمة التقدم المحرز في اتفاقية الإمارات العربية المتحدة بشأن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار إلى نتائج اقتصادية حقيقية على أرض الواقع، وهذا يشمل بالتأكيد النتائج المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ لحماية الأرواح وسبل العيش.
وقالت الزعبي، "نأمل أن يسفر مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون عن مجموعة طموحة من النتائج بشأن المادة 6 المتعلقة بأسواق الكربون، وهي أنظمة تجارية يتم بموجبها شراء وبيع أرصدة الكربون للحد من انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، وينص اتفاق باريس على استخدام مثل هذه الآليات السوقية من خلال المادة 6، ويمكن أن توفر وسائل إضافية مهمة لتنفيذ الخطط المناخية الوطنية، واستكمال الإجراءات الوطنية للحد من الانبعاثات عند المصدر، موضحة أنه يمكن لأسواق الكربون أن تساعد في دفع وتمويل التحول اللازم لمعالجة أزمة المناخ بالسرعة والحجم المطلوبين، كما سيتم إيلاء اهتمام خاص لما إذا كانت خطط المناخ الوطنية الجديدة - المعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيا (NDCs) - التي يجب على البلدان تقديمها في عام 2025 على المستوى المطلوب للحد من الانحباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية هذا هو العام الحاسم الذي يمكننا فيه أن نظهر للعالم أننا مستعدون أخيرًا لاغتنام الفرص أمامنا".
وبينت إن تغير المناخ يشكل في الأساس قضية تنموية، فهو يهدد بتفاقم الفقر والإضرار بالنمو الاقتصادي وفي الوقت نفسه، فإن الكيفية التي تنمو بها البلدان وما تستثمره لتلبية احتياجات مواطنيها من الطاقة والغذاء والمياه إما أن تغذي تغير المناخ وتزيد من المخاطر في جميع أنحاء العالم أو تساعد في خلق الحلول، ولابد أن يستمر الاقتصاد في النمو فالنمو أمر لا مفر منه، ولكن ما يتعين علينا القيام به هو فصل النمو عن انبعاثات الكربون.
وتابعت، إن مسار الأردن نحو تحقيق أهدافه المناخية والتنموية سوف يتحدد إلى حد كبير من خلال الخيارات السياسية والاستثمارات في خمسة قطاعات رئيسية المياه، والطاقة، والزراعة، والنقل، والتنمية الحضرية، ولابد من تنسيق عملية انتقال هذه القطاعات إلى مسار منخفض الكربون وقادر على الصمود، نظرًا لترابطها الوثيق مع الأبعاد المالية، على سبيل المثال فيما يتصل بقطاعات المياه والطاقة والأمن الغذائي؛ سيتحدد مسار الأردن نحو تحقيق أهدافه المناخية والإنمائية إلى حد كبير من خلال الخيارات الخاصة بالسياسات والاستثمارات في 5 قطاعات أساسية هي المياه والطاقة والزراعة والنقل والتنمية الحضرية.
وأضافت، ينبغي تنسيق عملية تحويل هذه القطاعات إلى مسار منخفض الانبعاثات الكربونية وقادر على الصمود، نظرًا للترابط فيما بينها ولارتباطها الوثيق بالأبعاد المالية، على سبيل المثال فيما يتعلق بالعلاقة بين قطاعات المياه والطاقة والأمن الغذائي، ومن خلال التخطيط الدقيق للنقل واستخدام الأراضي، وتحديد معايير كفاءة الطاقة، يمكن بناء المدن على نحو يتجنب الأنماط غير المستدامة، كما يمكنها توفير فرص العمل للفقراء والحد من تلوث الهواء.
وفي الوقت نفسه، تستمر تكلفة الطاقة المتجددة في الانخفاض. ففي العديد من البلدان، أصبحت تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة على نطاق المرافق أقل من تكلفة إنتاج الوقود الأحفوري أو تعادلها.
عندما نتحدث عن الطاقة، يتعين علينا أن نتحدث عن إمكانية الوصول إليها، فنحو 1.2 مليار شخص في مختلف أنحاء العالم لا يحصلون على الكهرباء، ويعتمد 2.8 مليار شخص آخرين على الوقود الصلب مثل الخشب والفحم والفحم الحجري للطهي، وهو ما يسبب أضرارًا جسيمة بتلويث الهواء داخل المنازل حسب قولها.
وبينت أن تطبيق ممارسات الزراعة المراعية للمناخ والتوسع في الغابات، خطوة تهدف إلى التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، وتساعد ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا المزارعين على زيادة إنتاجية مزارعهم وقدرتهم على الصمود في مواجهة تأثيرات تغير المناخ مثل الجفاف، كما تعمل كمصارف للكربون تساعد في الحد من الانبعاثات، كما تعد الغابات بمثابة أحواض مفيدة لالتقاط الكربون وتخزينه في التربة والأشجار والأوراق.
هل يمكنك توضيح كيفية استعداد الأردن للوفاء بالتزاماته ضمن الهدف الجماعي الجديد، مثل تقديم المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs) والتقارير الشفافية البيئية الدورية؟

ما هي استعدادات الأردن للوفاء بالتزاماته ضمن الهدف الجماعي؟

تلخصت إجابة الزعبي بأنه زادت المخاطر المناخية في الأردن على مدى العقد الماضي، حيث تسببت الفيضانات في خسائر في الأرواح البشرية، وتدمير الأراضي الزراعية، وإلحاق الضرر بالبنية الأساسية، كما حدثت انهيارات أرضية ومشاكل تآكل، تركزت على المنحدرات الشديدة للجبال والوديان، ولعل من أهم التحديات التي تواجه الأردن هي استدامة وكفاءة إدارة الموارد المائية الحالية، وصيانة خدمات المياه وتوسيع الوصول إليها، بالإضافة إلى التدابير المتخذة لمعالجتها وإعادة استخدامها.
لذا فإن الأولوية هي التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة واتخاذ التدابير السريعة للمساعدة في التكيف معها، وأهمها إدارة الموارد المائية والاعتماد على مصادر المياه غير التقليدية، وخاصة تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
وأكدت أن الأردن من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي اتخذت إجراءات بشأن تغير المناخ، وتعهدت بالتزامات طموحة، ويتحرك الأردن بثقة وثبات نحو الاستدامة والاقتصاد الأخضر ومعالجة تغير المناخ، ويشكل احتلال الأردن المرتبة الأولى في المنطقة في أداء المناخ دليلاً على التزام الحكومة بسياسات فعّالة لمعالجة تغير المناخ، ويعكس هذا الجهود الكبيرة التي يبذلها الأردن لتحسين الأداء البيئي، وخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة المياه والطاقة.
وأوضحت أنه أصدرت الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة البيئة تحديثًا يتعلق بالسياسة الوطنية الجديدة للتغير المناخي للأعوام 2022-2050، تتضمن تطوير الخطط والسياسات الداخلية في مختلف القطاعات المتعلقة بالتغير المناخي ضمن أطر زمنية متعددة، لبناء مجتمع أردني أكثر قدرة على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية، وخفض الانبعاثات الكربونية، والمساهمة بشكل فعال في الجهود الدولية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف هذا القرن.
وأضافت أنه تهدف وثيقة المساهمات المحددة وطنيًا، التي أطلقت في عام 2015، إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 14% وتم تحديثها في عام 2021 لرفع سقف الطموح وخفض الانبعاثات إلى 31% بحلول عام 2030. وتسعى الحكومة الأردنية إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال تعزيز الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة وتطبيق التقنيات المتقدمة مثل التقاط الكربون وتخزينه، إضافة إلى صدور الخطة الوطنية للتكيف في عام 2022 بهدف تعزيز قدرة الدولة على التعامل مع آثار تغير المناخ وتعزيز المرونة والتنمية المستدامة، وتتضمن الخطة مجموعة من التدابير والإجراءات التي تغطي قطاعات مختلفة مثل المياه والزراعة والصحة والتنوع البيولوجي، بهدف دمج اعتبارات التكيف مع تغير المناخ في جميع السياسات والاستراتيجيات الوطنية.


وفيما يتعلق بتمويل المناخ، أكدت أنه تم إعداد دليل السندات الخضراء في عام 2021، ويجري العمل حاليًا بالتعاون مع وزارة المالية والبنك المركزي على إقراره وتفعيله، وتهدف هذه السندات إلى تمويل المشاريع الصديقة للبيئة والمستدامة التي تساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية، ومن أجل الحصول على السندات الخضراء، يجري العمل على إعداد التصنيف الأخضر بالتعاون مع البنك المركزي، ويشكل هذا التصنيف أداة مهمة لتحديد وتصنيف الأنشطة الاقتصادية الصديقة للبيئة، وتعزيز الاستثمارات المستدامة، وتقييم المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، وهو ما يعكس التزام الأردن بتعزيز التمويل المستدام وتحقيق التنمية الاقتصادية بما يتوافق مع الأهداف البيئية العالمية.
واستعرضت أنشطة وزارة البيئة حاليًا حيث تنفذ مشاريع مستجيبة للمناخ مثل صندوق المناخ الأخضر، حيث يتم حاليًا تمويل مشروعين، "بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ في الأردن من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه في القطاع الزراعي" و"الإدارة المتكاملة للأنظمة الطبيعية في الأردن وزيادة قدرة المجتمعات الفقيرة والأكثر احتياجًا على التكيف مع آثار تغير المناخ في الأردن" بالإضافة إلى المشاريع التي تشرف عليها وزارة البيئة بالتعاون مع الجمعيات البيئية، مما يعزز دور المجتمع المدني في تحقيق الأهداف البيئية والمناخية.

ما هي العقبات التي تواجهها الأردن بجذب تمويل المناخ الدولي؟

وتابعت، شاركت الأردن في العديد من الاتفاقيات الدولية بهدف التكيف مع تغير المناخ والحد من آثاره في المملكة والعالم، حيث تعتبر الأردن من أكثر الدول عرضة للجفاف بسبب تغير المناخ، بحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة لعام 2021، ورغم أن جهود الأردن في مكافحة تغير المناخ طموحة، إلا أنها محدودة في العمل، بسبب الحاجة إلى استجابة طويلة الأمد بالإضافة إلى محدودية الموارد في نفس الوقت، ولا تقتصر الموارد المحدودة على الموارد المالية فقط، بل تشمل أيضًا الموارد البشرية المحدودة.

إن تمويل المناخ لا يزال ضعيفا وغير كاف، وهناك حاجة إلى المزيد وغالبا ما تكون عملية التمويل بطيئة وبيروقراطية، مع إجراءات الموافقة والموافقة الطويلة والشاقة، ولكن لا تتوفر في الأردن أيضًا كوادر بشرية مؤهلة بشكل كافٍ وأعداد كافية لمواجهة تغير المناخ، حيث تعتمد العديد من هذه الكوادر على جهودها الشخصية ولا تخضع للتدريب اللازم لمواجهة مثل هذا التحدي، الأمر الذي يتطلب تدريبًا نوعيًا للكوادر لتطوير كفاءاتها وقدرتها على وضع خطط مستقبلية وفورية قابلة للتنفيذ ويكون لها أثر، لأن الاستجابة لمواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ من خلال تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي تم وضعها بهذا الخصوص هي السبيل للتخفيف من آثاره على القطاعات الحيوية مثل الزراعة والمياه وغيرها.
"إن الحاجة إلى توحيد الجهود بين صناع السياسات في كافة المؤسسات على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، حيث أدركت الحكومات أن خطط التخفيف من آثار تغير المناخ يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومات، بالإضافة إلى تطوير استجابات متسقة ومتآزرة للأزمة، وإلا فإن بلدانها ستواجه مشاكل حقيقية تؤثر على بنية المجتمع وكيفية تعامله مع القضايا العامة في البلاد".

كيف يمكن أن تسهم جهود تمويل المناخ في الأردن في دعم الجهود الإقليمية الأوسع لمكافحة تغير المناخ؟

ان أزمة المناخ العالمية تضرب الآن كل الاقتصادات، بما في ذلك كل اقتصادات مجموعة العشرين، وتؤثر على حياة وسبل العيش في كل بلد. وفي غياب العمل المستدام والتعاون الدولي، فإن هذه التأثيرات سوف تستمر في التفاقم بسرعة في كل بلد.
وأكدت أن التعاون الدولي أمر ضروري لجعل جميع الاقتصادات والناس أكثر قدرة على الصمود في مواجهة هذه الآثار المناخية المتفاقمة ومعالجة أسبابها بطريقة سريعة وعادلة ومنظمة، ولا يمكن لأي دولة أن تواجه هذه التحديات بمفردها؛ ولهذا السبب نعقد مفاوضات دولية بشأن المناخ، حيث تلعب المملكة الأردنية الهاشمية دورًا حيويًا كمشارك فيها، و بدون التعاون العالمي بقيادة الأمم المتحدة من خلال عملية مؤتمر الأطراف التي تقودها الحكومات، فإننا نتجه نحو مستويات كارثية من الاحتباس الحراري العالمي، ومن المرجح أن معظم البشرية لن تتمكن من النجاة من ذلك.
ما هو الدعم الإضافي الذي تحتاجه الأردن من الجهات المانحة الدولية أو المنظمات لتعزيز مشاريعها في مجالات التكيف مع المناخ والاستدامة
أوضحت الزعبي أنه لا زال نقص التمويل يشكل تحديًا كبيرًا لتنفيذ مشاريع التكيف مع تغير المناخ مثل إعادة التشجير واستعادة المراعي ومشاريع المياه وغيرها، وتقدر تكلفة مشاريع وتدخلات التخفيف المقترحة في الأردن بنحو 7.5 مليار دولار، وتقع على عاتق الأردن مسؤولية تأمين التمويل اللازم لتغطية 5% من إجمالي هدف المملكة المتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 31%، في حين أن النسبة المتبقية البالغة 26% مشروطة بالتمويل والدعم الدولي.
أهمية انعكاس دور التمويل العام في الهدف الجديد، وخاصة التمويل القائم على المنح في سياق التكيف، مع الاعتراف بأن مصادر التمويل العامة وحدها لا تستطيع تلبية احتياجات وأولويات البلدان النامية، التي يُشار إليها بأنها تقدر بتريليونات الدولارات، مع التأكيد على دور التمويل العام في حشد التمويل الخاص، بما في ذلك من المصادر الدولية والمحلية.
إن إدارة الموارد المائية تعاني حاليًا من نقص التمويل وتحتاج إلى مزيد من الاهتمام من جانب الحكومات، ويهدد تغير المناخ إدارة الموارد المائية، ويزيد من مخاطر الأحداث المرتبطة بالطقس، ويؤثر على توافر وجودة خدمات المياه والصرف الصحي ومع ذلك، فإنه يسمح أيضًا باستخدام آليات تمويل المناخ لتوفير تمويل إضافي لتحسين إدارة المياه وبالتالي تحسين الوصول إلى المياه الآمنة والصرف الصحي من خلال إجراءات تخفف أيضًا من آثار تغير المناخ أو تزيد من القدرة على الصمود في مواجهة آثاره، وكثيرًا ما توفر فوائد أخرى في نفس الوقت.
إن القلق العالمي المتزايد بشأن تغير المناخ يوفر فرصة غير مسبوقة لكي تصبح المياه أكثر بروزًا في جهود تمويل التنمية المستدامة. إن ربط المياه بتغير المناخ من شأنه أن يسمح للمجتمع الدولي بتعبئة موارد إضافية لمعالجة التداخل الواسع بين تحديات المناخ والمياه، وبالتالي تحسين آفاق تحقيق أهداف إدارة المياه الشاملة المنصوص عليها في الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة حسب قولها.


كيف يختلف "الهدف الجماعي الجديد" (NCQG) عن أهداف تمويل المناخ السابقة، ولماذا هو ضروري الآن؟

وما فكرة 100 مليار دولار سنويا بالتحديد

أكد خبير الاستدامة والتغير المناخي، رئيس شبكة بيئة ابوظبي عماد سعد أن الهدف الجماعي الجديد (NCQG) يختلف عن أهداف تمويل المناخ السابقة من حيث طبيعته وأهدافه الزمنية والكمية، من حيث النطاق والأهداف هناك بعض الاختلاف فالهدف السابق (100 مليار دولار سنويًا) هذا الهدف تم اعتماده خلال مؤتمر كوبنهاغن في 2009 وكان يركز على حشد 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020 لمساعدة الدول النامية في التكيف مع تغير المناخ والحد من انبعاثاته، أما الهدف الجماعي الجديد (NCQG) يستهدف فترة ما بعد 2025 ويُتوقع أن يكون أكبر وأكثر شمولية، حيث يشمل تمويل أكبر لتحقيق الأهداف المناخية وتعزيز التكيف والصمود في مواجهة تغير المناخ.
وتابع، من حيث الكمية نجد أن هدف جمع (100 مليار دولار) سنويًا كانت تمثل تعهدًا محددًا سنويًا، ولكنه لم يُحقق بالكامل وواجه انتقادات لعدم كفايته لتغطية الاحتياجات الفعلية للدول النامية. في حين الهدف الجماعي الجديد (NCQG) يُتوقع أن يكون هدفًا أكثر طموحًا يتجاوز 100 مليار دولار سنويًا، استجابة للاحتياجات المتزايدة المرتبطة بالتغير المناخي.
في حين من ناحية المرونة والشمولية نجد أن الهدف السابق جمع (100 مليار دولار) كان الهدف مُحددًا للدول المتقدمة لتقديم الدعم للدول النامية، بينما الهدف الجماعي الجديد (NCQG) يفقد صمم ليكون أكثر مرونة وشمولية في مشاركة مختلف الأطراف من القطاعين العام والخاص، ويشمل تمويل المشاريع المتعلقة بالتكيف والتخفيف من تغير المناخ، إن الهدف الجماعي الجديد هو محاولة لتجاوز هذه التحديات وتقديم إطار أكثر طموحًا وشمولية للتمويل المناخي.
ما هي الطرق التي من المتوقع أن تساهم بها الدول المتقدمة والمنظمات الدولية في هذا الهدف المالي الجديد؟
أوضح سعد أنه لتحقيق الهدف الجماعي الجديد (NCQG) في تمويل المناخ، من المتوقع أن تساهم الدول المتقدمة والمنظمات الدولية عبر مجموعة من الطرق المتكاملة التي تركز على زيادة التمويل، تحفيز القطاع الخاص، تقديم المساعدات الفنية، وتعزيز التعاون الدولي كـ زيادة التمويل المباشر، فالدول المتقدمة ستزيد من التزاماتها المالية عبر تقديم منح وقروض ميسرة لدعم مشاريع المناخ في الدول النامية، وستركز هذه التمويلات على التخفيف من آثار التغير المناخي والتكيف معها، مثل تحسين البنية التحتية المقاومة للمناخ وتطوير مصادر الطاقة المتجددة. وتحفيز القطاع الخاص من خلال توفير ضمانات مالية وحوافز، سيتم تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في التقنيات الخضراء والمشاريع المستدامة في الدول النامية.
وأضاف، الشراكات بين القطاعين العام والخاص ستعزز هذا الجهد، مما يساهم في نقل التكنولوجيا وخلق فرص استثمارية مستدامة، والتمويل المبتكر حيث سوف يساهم استخدام أدوات مالية مبتكرة، مثل السندات الخضراء وآليات السوق (كأنظمة تداول الانبعاثات)، في تعبئة موارد إضافية لمشاريع المناخ. كما يمكن أن توفر آليات التأمين ضد المخاطر المناخية دعماً إضافياً.

كيف يمكن تحميل شركات القطاع الخاص، خاصة في مجال الوقود الأحفوري، المسؤولية عن انبعاثاتها من خلال مساهماتها في صناديق المناخ مثل صندوق العمل المناخي؟

بين سعد أن تحميل شركات القطاع الخاص، وخاصة في مجال الوقود الأحفوري، مسؤولية انبعاثاتها يمكن تحقيقه من خلال عدة استراتيجيات وآليات متكاملة، تشمل مساهماتها في صناديق المناخ مثل صندوق العمل المناخي؛ من خلال فرض التزامات مالية عبر التشريعات مثل رسوم الكربون حيث يمكن للحكومات فرض رسوم على انبعاثات الكربون، بحيث تُستخدم العائدات لتمويل صناديق المناخ، الشركات ذات الانبعاثات العالية، خاصة في قطاع الوقود الأحفوري، ستتحمل تكلفةأعلى بناءً على مستوى انبعاثاتها، وأنظمة تداول الانبعاثات عبر فرض أنظمة تداول تسمح للشركات بشراء وبيع حقوق الانبعاثات.
وأوضح أن جزء من العائدات من هذه الأنظمة يمكن أن يذهب مباشرة إلى صناديق المناخ، وتعزيز التزامات المساهمات الطوعية، والإفصاح والشفافية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والالتزام بمبادرات دولية، واستخدام الأموال في مشاريع محلية وعالمية و بهذه الآليات، يمكن تحميل شركات الوقود الأحفوري مسؤولية أكبر عن انبعاثاتها وضمان مشاركتها في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.

ما هي الآليات التي سيتم اعتمادها لضمان الشفافية والمساءلة في كيفية تخصيص واستخدام تمويل المناخ؟

وبين أنه لضمان الشفافية والمساءلة في تخصيص واستخدام تمويل المناخ، سيتم اعتماد مجموعة من الآليات المهمة التي تهدف إلى تحسين الحوكمة وضمان أن الأموال تُستخدم بكفاءة لتحقيق الأهداف المناخية. وفيما يلي أبرز هذه الآليات: أنظمة التقارير والإفصاح مثل تقارير دورية وشفافة، وتقارير الافصاح العلني، والرقابة المستقلة والمراجعة، وتقييم الأثر والأداء عبر إشراك المجتمع المدني، واستخدام التكنولوجيا والأنظمة الرقمية، والتعاون الدولي والتنسيق واتباع إجراءات مساءلة قانونية. مثال ذلك صندوق المناخ الأخضر (GCF) يعتمد الصندوق آليات متقدمة للشفافية والمساءلة، بما في ذلك تقارير مفصلة عن التمويل ومراجعات أداء المشاريع، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) يقدم تقارير شفافة حول مشاريعه الممولة من تمويل المناخ، مع إشراك المجتمعات المحلية في متابعة التنفيذ.

كيف سيضمن "الهدف الجماعي الجديد" تلبية احتياجات وأولويات الدول النامية، خاصة الأكثر عرضة لتأثيرات المناخ؟

وأشار أن الهدف الجماعي الجديد (NCQG) يسعى لضمان أن التمويل المناخي يلبي احتياجات وأولويات الدول النامية، خاصة تلك الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، من خلال عدة آليات وتوجهات نذكر منها زيادة التمويل الموجه للدول النامية عبر تخصيص أكبر للتمويل حيث سيركز "الهدف الجماعي الجديد" على زيادة حجم التمويل المخصص للدول النامية، مقارنة بالأهداف السابقة بهدف تلبية الاحتياجات المتزايدة لهذه الدول في التخفيف والتكيف مع التغير المناخي، ومراعاة الاحتياجات الخاصة حيث سيتم تخصيص جزء كبير من التمويل للدول الأكثر تعرضًا لتأثيرات المناخ مثل الدول الجزرية الصغيرة والبلدان الأقل نمواً.
واستعرض جانب التوازن بين التخفيف والتكيف، وآليات تمويل ومنح ميسرة مع الدعم التقني والفني، وإشراك الدول النامية في صنع القرار، وتعزيز بناء القدرات المحلية بالدول النامية، على سبيل المثال صندوق المناخ الأخضر (GCF) يدعم المشاريع التي تركز على التكيف والتخفيف في الدول النامية، مع تخصيص نصف التمويل لمشاريع التكيف في الدول الأقل نموًا، إضافة إلى مبادرة التمويل المبتكر هذه الاستراتيجيات تضمن أن "الهدف الجماعي الجديد" لا يقتصر على جمع الأموال فقط، بل يتم توجيهها بشكل عادل وفعال لتحقيق التنمية المستدامة وحماية الدول الأكثر عرضة لتغير المناخ.


ما الدور الذي تعتقد أن تمويل المناخ يجب أن يلعبه في تعزيز التنمية المستدامة وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا؟

وأكد أن تمويل المناخ يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز التنمية المستدامة وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة عالميًا، وذلك من خلال عدة أبعاد رئيسية هي تحفيز التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة وتمويل مشاريع الطاقة الشمسية، الرياح، والمصادر المتجددة الأخرى يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يقلل انبعاثات الكربون، الى جانب دعم الابتكار التكنولوجي وتمويل الأبحاث والتطوير في تقنيات جديدة مثل الهيدروجين الأخضر والبطاريات المتقدمة يسهم في تقليل الانبعاثات.
وتابع، تعزيز البنية التحتية المقاومة للمناخ، وتقوية الاقتصادات المحلية وتعزيز العدالة الاجتماعية، ودعم الدول النامية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، وتعزيز الشراكات العالمية، وتقليل المخاطر وتعزيز الاستقرار، مثال على ذلك مشروع الطاقة الشمسية في الأردن، حيث ساهم تمويل المناخ في تطوير مشاريع طاقة شمسية تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتدعم الاستدامة الاقتصادية، وبرنامج الزراعة المستدامة في أفريقيا يهدف إلى تحسين الإنتاجية الزراعية بطرق تحافظ على البيئة وتقلل من انبعاثات الكربون.
وقال، "إن تمويل المناخ ليس مجرد أداة مالية، بل هو محفز رئيسي لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مما يسهم في بناء مستقبل مستدام وأقل تأثرًا بتغير المناخ".

الفرق في هذا الهدف الجديد بين دور الدول المتقدمة والمنتجة والدول النامية بالتحديد؟

وأشار إلى أن الفرق بين دور الدول المتقدمة والدول النامية في "الهدف الجماعي الجديد" (NCQG) يتمحور حول المسؤوليات والالتزامات المتعلقة بتوفير واستخدام تمويل المناخ، استنادًا إلى مبادئ العدالة المناخية والقدرات المختلفة لكل مجموعة من الدول، فالدول المتقدمة والمنتجة لها دور ثابت ألا وهو المسؤولية التاريخية فالدول المتقدمة تتحمل مسؤولية تاريخية أكبر عن الانبعاثات الكربونية، مما يجعلها ملزمة بتوفير حصة أكبر من تمويل المناخ.
وتابع، الى جانب تمويل التعهدات ودعم التخفيف والتكيف ونقل التكنولوجيا وتعزيز الشفافية والمساءلة، من خلال التقارير المراجعة الدورية فالدول المتقدمة مطالبة بتقديم تقارير شفافة حول التزاماتها المالية والتقدم في توفير التمويل المناخي، أما الدول النامية فلها أدوار مختلف نذكر منها تحديد الاحتياجات والأولويات، فالدول النامية تعمل على تحديد أولوياتها واحتياجاتها المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من الانبعاثات وتطوير المشاريع، فالدول النامية مطالبة بتطوير مشاريع مستدامة يمكن تمويلها من خلال الموارد المتاحة. والاستخدام الفعال للتمويل لتطوير البنية التحتية المقاومة للمناخ، وتعزيز الأمن الغذائي، وتقليل الفقر.

  • {clean_title}
  • {clean_title}
  • {clean_title}
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير