الأردن يحقق قفزة نوعية في الأمن السيبراني ويحتل المرتبة 27 عالميًا
وأضاف المحارمة خلال جلسة حوارية عقدها المنتدى الاقتصادي الأردني لمناقشة حالة الأمن السيبراني بمشاركة اعضاء المنتدى أن مناقشة الأمن السيبراني تكتسب أهمية بالغة في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، خاصة مع تنامي الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف القطاعات.
ووفقا لبيان صحفي صدر عن المركز اليوم أكد المحارمة أن الأمن السيبراني يمثل بالنسبة للقطاع الخاص الأردني حجر الزاوية في حماية البيانات الحساسة، وضمان استمرارية الأعمال، وتعزيز الثقة بين الشركات وعملائها.
واطلق المنتدى خلال الجلسة ورقة حقائق تبين حالة الأردن على مؤشر الأمن السيبراني العالمي (GCI)، حيث استطاع الأردن وللمرة الأولى أن يتصدر ضمن الفئة الأولى (T1- Role-modelling) عالميًا (مجموع نقطي 95-100) في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024، حيث حققت قفزة نوعية بتقدمه 44 مركزاً لتحصل على المرتبة الـ(27) عالميًا بمجموع نقطي (98.6%) مقارنة مع المركز (71) عالميًا عام 2020 وبمجموع نقطي (71%).
ويرى المنتدى أن هذا التقدم الملحوظ يعود إلى صدور قانون الأمن السيبراني رقم 16 لعام 2019، وإنشاء المركز الوطني للأمن السيبراني، مما دفع العديد من المؤسسات إلى تعزيز تركيزها على الأمن السيبراني، وأسهم في تحقيق هذا التطور النوعي الكبير.
وأكد المنتدى ضرورة تحسين التدابير التنظيمية والتقنية لتعزيز البنية التحتية السيبرانية وتطوير الأطر والسياسات التي تدعم حوكمة الأمن السيبراني بفعالية، بالإضافة إلى ذلك، يجب الاستثمار في التقنيات الحديثة لزيادة كفاءة البنية التحتية السيبرانية.
وأوصى المنتدى بضرورة الإسراع في إعداد الاستراتيجية الوطنية الشاملة للأمن السيبراني على أن تكون متوافقة مع المعايير الدولية، كخطوة حاسمة لرفع تصنيف الأردن في محور التدابير التنظيمية.
وأكد رئيس المنتدى مازن الحمود أن الاهتمام في هذا المجال يأتي من باب أن الأمن السيبراني يعزز من مكانة الأردن كمقصد للاستثمار، كما يعزز ثقة القطاع الخاص في بيئة الأعمال.
ونوه إلى تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2023 الذي أشار إلى أن القطاع المالي في العالم قد تعرض لأكثر من 20 ألف هجمة سيبرانية خلال العقدين الماضيين، مما أدى إلى خسائر مباشرة تجاوزت 12 مليار دولار، لافتًا إلى أن الخسائر الكبيرة الناتجة عن الحوادث السيبرانية قد تضاعفت أربع مرات منذ عام 2017، مع وصول الأنشطة السيبرانية الخبيثة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2023.
ويرى أن التهديدات السيبرانية لا تستهدف فقط البنية التحتية للدولة، بل تمتد لتشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على حد سواء، مما يجعل الاستثمار في هذا المجال ضرورة استراتيجية وليس خيارًا. علاوة على ذلك، فإن تعزيز الأمن السيبراني يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإقليمي والدولي، ويعزز من تنافسية الشركات الأردنية في الأسواق العالمية من خلال التزامها بأعلى معايير الأمان الرقمي.
وخلال النقاش، أشار المحارمة إلى أن تقدم الأردن في التصنيف العالمي للأمن السيبراني يعود إلى العمل المتكامل في عدة مجالات أساسية، استجابة لتوجيهات القيادة وجهود المؤسسات المختلفة، موضحًا أن التقدم الأردني جاء نتيجةً للتركيز على خمسة محاور رئيسية، والتي تشمل التدابير القانونية، والتدريب التقني، والتنظيم، وتطوير الموارد البشرية، والتعاون الدولي.
وتابع: في إطار التدابير القانونية، أطلق المركز الوطني للأمن السيبراني المعايير الوطنية الأردنية للأمن السيبراني التي تطبق على المؤسسات كافة، لضمان استمرارية الحماية وضبط المخاطر الإلكترونية.
وأكد الدكتور المحارمة أن المركز حقق نقلة نوعية في تعزيز وتطوير الأمن السيبراني بالأردن، مشددًا على أهمية دوره الرقابي والتنظيمي، حيث يعمل المركز على وضع التشريعات والسياسات الاستراتيجية، إلى جانب المعايير والأطر التنظيمية التي يجب أن تلتزم بها جميع المؤسسات، سواء الحكومية أو الخاصة أو الأهلية.
وأشار إلى أن القانون منح المركز سلطة "الضابطة العدلية"، مما يتيح له الحق في التفتيش والرقابة على كافة المؤسسات، بالإضافة إلى القدرة على ضبط الأجهزة والأنظمة المتورطة في أي تهديد سيبراني قد يؤثر على الأمن الوطني.
وأوضح أن المركز الوطني أصدر حديثًا "نظام ترخيص لخدمات الأمن السيبراني"، وهو خطوة تهدف إلى تنظيم السوق المحلية وتوفير بيئة تنافسية تخدم الاقتصاد الوطني.
وبحسب المحارمة، يجب على جميع الشركات التي تقدم خدمات الأمن السيبراني في الأردن الحصول على ترخيص رسمي من المركز، لضمان الجودة والكفاءة وتقديم خدمات آمنة.
وأكد أن هذا النظام لا يحمي فقط مقدمي الخدمات، بل أيضًا يحمي المستخدمين والعملاء، ويعزز ثقتهم بالخدمات المقدمة، مشددًا على أن هذا الإجراء يضع الأردن في مصاف الدول التي تنظم سوق الأمن السيبراني، ما يساهم في تعزيز القدرة التنافسية للأردن في هذا القطاع عالميًا.
وأشار المحارمة إلى أن المركز الوطني للأمن السيبراني لا يقتصر على الدور الرقابي، بل يمتلك أيضًا أكبر مركز عمليات سيبراني في المملكة، والذي يعمل على مدار الساعة لمراقبة وتحليل حركة البيانات في مختلف الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة.
وبين أن عمل المركز يشمل رصد النشاطات الإلكترونية والتصدي للتهديدات السيبرانية المحتملة، حيث يتابع الفريق أي حركة غير اعتيادية تظهر في أنظمة المؤسسات الحكومية، ويوجه التحذيرات الفورية إذا استدعت الحاجة.
وأكد المحارمة أن لدى المركز فريق استجابة مختص، مهمته التدخل السريع في حالات الطوارئ السيبرانية، من خلال تقديم الدعم الفني للمؤسسات المعرضة للهجمات ومساعدتها على استعادة بياناتها واستعادة السيطرة على أنظمتها.
وقال إن المركز يقدم خدمات متطورة تشمل "اختبارات الاختراق"، حيث يعمل فريق مختص في المركز على اكتشاف الثغرات الأمنية في أنظمة وشبكات المؤسسات الأردنية وتحليلها، بهدف الوقاية من التهديدات المحتملة.
وتطرق المحارمة إلى التعاون الإقليمي والدولي، مشيرًا إلى أن الأردن يسعى لتعزيز شبكة علاقاته مع المؤسسات العالمية المعنية بالأمن السيبراني، من خلال الانضمام إلى مبادرات ومنظمات دولية متخصصة، مما يسهم في تبادل الخبرات والمعلومات حول أفضل ممارسات الأمن السيبراني، ويزيد قدرة الأردن على مواجهة التهديدات الإلكترونية على المستوى الدولي.
وأكد المحارمة أن المركز الوطني يبذل جهودًا حثيثة لتطوير الموارد البشرية، حيث ينظم المركز معسكرات تدريبية للشباب الأردني لتأهيلهم للعمل في مجال الأمن السيبراني، فضلًا عن مسابقات سيبرانية على مستوى المدارس والجامعات تهدف إلى رفع مستوى الوعي السيبراني وتنمية المهارات لدى الطلاب.
وأوضح أن المركز يتعاون مع القطاعين العام والخاص، من خلال مجلس يمثل مختلف القطاعات، وعقد اتفاقيات مع الجامعات وشركات القطاع الخاص من أجل تعزيز الأمن السيبراني.
وفيما يتعلق بحماية الأسرة والأطفال، أكد المحارمة أن المركز يعمل على تطوير برامج توعوية تستهدف حماية المجتمع من مخاطر الإنترنت، حيث يسعى المركز إلى رفع مستوى الوعي السيبراني لدى الأسر، لحمايتهم من التهديدات التي قد تواجههم على الإنترنت، وتقديم الدعم اللازم لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن هذا التقدم لا يعود فقط لجهود المركز الوطني، بل هو نتاج تعاون وطني مشترك بين العديد من المؤسسات، مثل وزارة التربية والتعليم، والجامعات، والبنك المركزي الأردني، ومديرية الأمن العام، حيث شكلوا جميعًا فريقًا وطنيًا لرفع مؤشر الأمن السيبراني في الأردن، وعملوا خلال السنوات الماضية على تلبية المتطلبات اللازمة للوصول إلى هذا المستوى المتقدم.
وفي ذات السياق، وخلال الجلسة التي أدارها عضو المنتدى الاقتصادي الأردني، شادي المجالي، قال إن مصطلح "الأمن السيبراني" لم يكن متداولًا بشكل واسع حتى منتصف الألفية الجديدة، متطرقًا إلى التحولات العالمية التي ساهمت في تقدم الرقمنة والخدمات الإلكترونية.
ونوه المجالي إلى أن حجم البيانات المتداولة عالميًا وصل إلى مستويات غير مسبوقة، مما يعكس التطور المتسارع للتكنولوجيا الرقمية، ويزيد أهمية وعي الأفراد والمجتمعات بأهمية الأمن السيبراني لضمان سلامة هذه البيانات.
وشدد على أن الأردن شهد تطورًا ملحوظًا في الأمن السيبراني بفضل توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني.