حسين الجغبير يكتب : قرار يعيد الأمل للقطاع الطبي
حسين الجغبير
منذ مدة طويلة والقطاعات العاملة بالسياحة العلاجية تئن جراء تراجع هذا النوع من السياحة، إثر قرارات سيادية من جانب، ومعيقات محلية وخارجية من جانب آخر، فيما كانت تدر على الأردن ملايين الدنانير سنويًا، وترفد خزينة الدولة بمبالغ طائلة، حيث كان الأردن الملاذ الأبرز للراغبين بتلقي علاج آمن من كافة دول المنطقة.
ومع الأصوات المتواصلة لضرورة إعادة بث الروح في هذا الملف، الذي بات عالقًا جراء عدم قدرة بعض الحكومات على اتخاذ قرار مثالي يتضمن زيادة عدد السياح الراغبين بتلقي العلاج في الأردن، وتحديدًا من بعض الدول جراء دواعي أمنية، استجابت الحكومة الحالية أخيرًا، واتخذت وزارة الداخلية بالأمس قرارًا يسمح للرعايا الليبيين بدخول المملكة دون موافقات مسبقة، فيما استأنفت الملكية الأردنية رحلاتها إلى طرابلس بعد انقطاع دام أكثر من عشر سنوات. يسجل اتخاذ هذا القرار للرئيس جعفر حسان إذ يأتي بعقد اجتماعات منفصلة تمت موخرًا مع رؤساء النقابات الصحية، تبعه اجتماع آخر مع المعنيين بالسياحة العلاجية من القطاعين العام والخاص.
كنا نقول في كثير من الأحيان أن الأردن يخسر كثيرًا في عدة جوانب جراء الإجراءات المتبعة، وأنه لا بد من اتخاذ خطوات لتبسيطها، سواء تلك المتعلقة بالسياحة العلاجية، أو في ملف الاستثمار، الصناعة، التجارة، والاستيراد والتصدير، لما في ذلك من أهمية في سيرورة النمو الاقتصادي.
هذا جزء من كل يجب على الحكومة إعادة النظر فيه، حتى تنجح في جذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين ورجال الأعمال، وكذلك الأمر بالنسبة للزوار والسياح القادمين لغايات العلاج والاستشفاء في أراضي المملكة.
الأردن مليئة بالميزات الجاذبة صحيًا، وتاريخيًا، وثقافيًا، وسياحيًا، وعلى الحكومة أن تبدأ في إعادة ترتيب البيت الداخلي لضمان الاستفادة من كافة هذه الميزات، التي لم نفهم لماذا لم تكن الحكومات السابقة قادرة على استغلالها، والاستفادة منها، بل واستسلمت للبيروقراطية، التي للأسف طالما حرمتنا من فرص استثمار يحتاجها الوطن، وهرب أصحابها إلى الدول المجاورة.
بالتأكيد المسألة ليست مرتبطة في تحديث التشريعات، وسن القوانين، وإنما لإرادة حقيقية باتخاذ قرارات تعود بالنفع على المملكة، وعليه لا بد أيضًا من إعادة النظر للأشقاء في اليمن، الراغبين في تلقي العلاج في الأردن، وهم أيضًا بحاجة إلى تسهيل الإجراءات، حيث لم يعد يأتي هؤلاء إلى الأردن مقارنة بالأعداد السابقة، الأمر الذي أثر سلبًا على المؤسسات الصحية والطبية العاملة في الأردن.
أفهم أن هناك تخوفات أمنية لاتخاذ قرارات بهذا الإطار، لكن الأردن قادر على التعامل مع آلية قدوم أي كان للأردن وضمان مغادرته بعد تلقيه العلاج وهو من يرافقه، فضمان صيرورة عمل المؤسسات الطبية في الأردن يحتاج إلى إعادة النظر في قرارات متخذة بهذا الشأن.