الاضطراب الخريفي.. حالة طبيعية وليس مقلقا
الرياضة والغذاء المتوازن والتعرض لاشعة الشمس علاج للاكتئاب
الانباط -جاد جاد الله
مع دخول فصل الخريف، بدأت أوراقه بالتساقط وحضر مرضه بالقوة، وهو ما يُعرف بمرض اكتئاب الخريف الأكثر شيوعًا في المناطق البعيدة عن خط الاستواء، سواء في أقصى الجنوب أو الشمال.
و يُعزى ذلك إلى انعدام أشعة الشمس في فصل الشتاء، وطول مدة النهار في فصل الصيف في تلك المناطق.
اما السبب الرئيسي لهذا الاكتئاب فيعود الى إفراز هرمونات معينة على مدار السنة، مما يؤدي إلى تغييرات نفسية مثل الشعور بالاكتئاب. وهناك نظرية أخرى تُشير إلى أن قلة التعرض لأشعة الشمس في فصلي الخريف والشتاء تؤدي إلى انخفاض إفراز هرمون السيروتونيون، وهو الهرمون المسؤول عن ربط المسارات العصبية التي تتحكم في المزاج. عند حدوث خلل في هذه المسارات، يظهر الاكتئاب.
وقالت الخبيرة النفسية والتربوية، الدكتورة مرام بني مصطفى، أن الاكتئاب الموسمي هو شكل من أشكال الاكتئاب، ويؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للفرد، بما في ذلك الشعور والتفكير. ومن أعراضه: الحزن شبه اليومي، تدني المزاج، والرغبة المفرطة في تناول الطعام.
أشارت بني مصطفى إلى أن أبرز أعراض هذا المرض الموسمي تشمل: الرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات، زيادة الوزن، التعب الشديد، نقص الطاقة، مشاعر اليأس المستمرة، مشاكل التركيز، والشعور الدائم بالانزعاج والانفعال.
وأضافت بني مصطفى أن الفرد يمكنه تجاوز هذا المرض الموسمي، أو ما يُعرف بالاضطراب النفسي، من خلال تناول العلاجات النفسية التي تُحسّن الحالة المزاجية، والابتعاد عن المهدئات.
كما أكدت أهمية ممارسة الأنشطة الرياضية والتمارين الصحية التي تساهم في تنشيط الجسم والخلايا الدماغية، مما يُساعد في إفراز الهرمونات التي ترفع مستوى السعادة.
وقال المواطن محمد الحنبلي أن الاكتئاب الموسمي أمر طبيعي يحدث بسبب تغير الفصول، مبينا انه من الأشخاص الذين يعشقون الصيف، لذا فمن الطبيعي أن يتأثر بقدوم الخريف. وأوضح أن ما يُعرف باكتئاب الخريف ينتهي بمجرد انتهاء الفصل ودخول الشتاء، حيث تعود الحالة النفسية إلى طبيعتها.
وأشار الحنبلي إلى أن نومه خلال هذه الفترة يكون مقلقًا وغير منتظم، ويحتاج دومًا إلى الراحة ولا يرغب في الابتعاد عن وسادته. كما يشعر برغبة كبيرة في الوحدة خلال هذا الوقت من العام، على عكس حالته النفسية المليئة بالحيوية والنشاط في فصل الصيف.
من الناحية الطبية، أشار مستشار الطب النفسي وعلاج الإدمان، الدكتور شرف الصالحي، إلى أن العلاج الضوئي يُعد من أهم مراحل علاج اكتئاب الخريف، حيث يُساعد في تنظيم الساعة البيولوجية للجسم. يلي ذلك في الأهمية الأدوية المضادة للاكتئاب، والتي تُستخدم في الحالات الشديدة. بالإضافة إلى العلاج النفسي أو ما يُعرف بالعلاج السلوكي المعرفي، الذي يُساعد الشخص على تغيير أنماط تفكيره وسلوكه.
الأهم من كل ذلك هو اتباع أسلوب حياة صحي، الذي يُعدّ جزءًا أساسيًا في العلاج، بل وقد يكون الخطوة الأقوى في عملية التعافي. يتمثل هذا الأسلوب في ممارسة الرياضة بانتظام، اتباع نظام غذائي متوازن، الحصول على نوم كافٍ، وتجنب الكحول والمخدرات.
واضاف الصالحي أنه للوقاية من هذا الاكتئاب، يجب الاستعداد مسبقًا من خلال قراءة المزيد عن المرض ومعرفة أسبابه. كما يُنصح بقضاء وقت أطول في النهار، حتى لو كان الجو غائمًا، واللجوء إلى أشعة الشمس قدر الإمكان. أيضًا، يُفضل ممارسة النشاط البدني، حتى التمارين الخفيفة، لتحسين المزاج. وأوصى الأطباء بممارسة الرياضة لمدة تتراوح بين 15 و30 دقيقة يوميًا للحصول على مزاج جيد ونوم أفضل.
واختتم حديثه بالقول إن علينا محاربة الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي، وفهم أن ما يمر به المريض ليس بإرادته. فكما يُقال، ليس هذا نتيجة "قلة دين"، بل هو نتيجة لتغيرات كيميائية، سواء كانت وراثية أو ناتجة عن ضغوط بيئية. هذه الحالة ليست مستعصية ولا مقلقة، بل يمكن التغلب عليها والاستمتاع بالحياة. وإذا شعر أحد الأفراد بأن حياته بدأت تتأثر، فمن الأفضل مراجعة المتخصصين في الطب النفسي.