banner
عربي دولي
banner

تأخر الرد الايراني يثير التساؤلات .. فلسفة "التنويم السياسي" لطهران لا ترضي جمهور المقاومة

{clean_title}
جهينة نيوز -
تعقيدات سياسية وجيوسياسية تلقي بظلالها على قرارات القيادة الإيرانية

الأنباط – الاف تيسير
أثار تأخر الرد الإيراني على الهجمات الصهيونية التي استهدفت قيادات المقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان وحتى داخل ايران نفسها تساؤلات عدة حول موقف طهران من التصعيد الأخير الذي نفذه جيش العدو الصهيوني على لبنان ومن مواصلة عدوانه ومجازره على قطاع عزة التي قاربت العام.
وبالرغم ان هناك فارق كبير بين ما يريده ويتمناه غالبية محبي المقاومة من الامتين العربية والاسلامية وبالتحديد في فلسطين ولبنان وبين حسابات طهران السياسية والعسكرية والميدانية الا ان ذلك لا يمنع تدفق شلال الاسئلة حول تاخر الرد الايراني وتهديدات المسؤولين الايرانيين التي باتت تقليدية ومملة بنظر خبراء ومحللين سياسيين.
وفي الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل عملياتها العسكرية المكثفة في فلسطين ولبنان، بما في ذلك اغتيال عدة قادة بارزين في حركة المقاومة الاسلامية حماس وحزب الله كـ استشهاد إسماعيل هنية واستهداف مواقع حزب الله، والعملية الموسادية الإخيرة بـ تفجير البيجرات التي يحملها عناصر حزب الله ومسألة "تاك ووكي" وتفجير الضاحية الجنوبية واستشهاد عدد من قادة حزب الله، فضلت طهران التريث وتجنب أي رد فعل مباشر، ما يوحي بتعقيدات سياسية وجيوسياسية تلقي بظلالها على قرارات الموقف الإيراني.
إيران، التي تعتبر نفسها الداعم الأساسي لمحور المقاومة في المنطقة، تواجه اليوم معضلة استراتيجية، في الوقت الذي يُنتظر منها تقديم دعم قوي وواضح لحزب الله، في مواجهة "إسرائيل" التي تصعد من قصفها كل دقيقة وتوسع من المناطق اللبنانية المشمولة بقصف طيرانها.
لكن من جهة أخرى، يبدو أن طهران تدرك أن أي تصعيد عسكري مباشر قد يؤدي إلى حرب إقليمية واسعة لن تكون مستعدة لتحمل تكاليفها الاقتصادية والعسكرية في ظل الظروف الحالية، خاصة أن وأي تدخل مباشر قد يجر المنطقة إلى مواجهة مفتوحة.
في المقابل، فـ التوتر بين إيران و"إسرائيل" ليس جديداً، إلا أنه ازداد تعقيداً في مؤخرا مع تصاعد المواجهات في سوريا ولبنان وفلسطين، ورغم ذلك، ما زالت طهران تحافظ على ضبط النفس وتتفادى الانجرار إلى معركة واسعة النطاق.
في السياق ذاته وعلى الصعيد الدولي، تعمل إيران على تعزيز علاقاتها مع بعض القوى الإقليمية والدولية، إذ شهدت العلاقات الإيرانية مع دول مثل السعودية وتركيا تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، بعد أن كانت تشهد توترات حادة، كما أنها عززت تعاونها مع روسيا والصين، اللتين تلعبان دوراً حيوياً في التوازنات الجيوسياسية في المنطقة، وأن أي رد عسكري مباشر ضد "إسرائيل" قد يهدد الجهود الدبلوماسية الايرانية، خاصة في وقت تعمل فيه إيران على تحسين موقفها في المفاوضات النووية مع القوى الكبرى.
إضافة إلى ذلك، تعتمد إيران بشكل كبير على الحرب غير المباشرة عبر وكلائها في المنطقة العربية، فهي تدرك أن المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني قد تكون محفوفة بالمخاطر بسبب التفوق التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي المدعوم امريكيا وغربيا بلا حدود، وتفضل طهران دعم حلفائها عبر تزويدهم بالأسلحة والتدريب، وتمويلهم لضمان استمرار الضغط على الكيان الصهيوني، دون أن تتورط وتقحم نفسها بشكل مباشر في الصراع، وهذا الأسلوب يتيح لإيران الحفاظ على نفوذها في المنطقة مع تجنب تحمل المسؤولية المباشرة عن أي تصعيد.
ويبدو أن سياسة إيران تقوم على "التنويم السياسي"، حيث تعتمد على تأخير ردها العسكري مع الحفاظ على قدرتها على الرد في الوقت المناسب، والتأخير في الرد على الهجمات الصهيونية المستعرة في لبنان، سياسة تعكس حسابات معقدة، فـ القيادة الإيرانية تفضل استغلال الظروف الدولية الحالية لتحسين وضعها الاقتصادي والسياسي، مع ترك الباب مفتوحاً أمام أي رد مستقبلي.
ومما يعزز ذلك، الوجود الإيراني حاليا في الأمم المتحدة وتصريحات المسؤولين الإيرانيين التي تشير إلى رغبة طهران في استثمار هذه المرحلة في تحسين علاقاتها الدولية، خوفا من التورط في تصعيد قد يُفسد هذه الجهود فالمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ توفر لإيران فرصة للدفاع عن مواقفها أمام المجتمع الدولي، كما تعزز رغبتها في تجنب التصعيد مع الكيان الصهيوني في هذه المرحلة.
في النهاية، يبدو أن إيران تفضل التعامل مع الوضع الراهن بحذر وحسابات دقيقة فالرد المباشر على الهجمات الصهيونية قد يأتي في وقت لاحق، ولكن ليس قبل أن تتمكن طهران من تأمين مصالحها الحيوية وتجنب أي تصعيد غير ضروري، وهذه الاستراتيجية تعكس موقف إيران الحالي " بالتنويم الساسي المفرط "، والتريث للحفاظ على المصالح مع الاستعداد للرد إذا ما دعت الضرورة.
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير