banner
اقتصاد
banner

"البجعة السوداء"... تحديات نادرة وفرص محتملة ‏للحكومات

{clean_title}
جهينة نيوز -
مخامرة: قد تفتح فرصا اقتصادية غير متوقعة


عايش: التحوط للمخاطر يتطلب خطط طوارئ ‏واستراتيجيات


الأنباط – يارا بادوسي
يشكل مفهوم "البجعة السوداء" ‏تحديا وفرصا في آن واحد، والحكومات التي تدرك ‏هذه الحقيقة وتستعد للأحداث النادرة وغير المتوقعة تعتبر ‏الأكثر قدرة على الصمود والتكيف مع الأزمات.
ورغم أن هذه الأحداث قد تكون ذات تأثير ‏مدمر، إلا أنها قد تحمل أيضا فرصا إيجابية إذا ما تم ‏التعامل معها استراتيجيا ومهنيا، إذ تعتبر "البجعة السوداء" رمزًا للأحداث النادرة وغير ‏المتوقعة التي تحمل تأثيرات كبيرة وجذرية، ‏سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، أو استثمارية. ‏
الخبير الاقتصادي حسام عايش أكد على ضرورة التحلي ‏بالمرونة والاستعداد النفسي والعقلي لمواجهة هذه ‏الأحداث، وتطوير استراتيجيات شاملة تعزز من قدرة ‏الحكومات على التكيف مع المتغيرات المفاجئة.
من جهته أكد الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة على ‏أهمية إنشاء مراكز بحثية وتطوير سياسات فعالة تعتمد ‏على تحليل المخاطر بشكل مستمر، لمواجهة هذه ‏التحديات بشكل أكثر احترافية وفاعلية‎.‎
فيما بين عايش أن "البجعة السوداء" تستخدم كـ تشبيه للأحداث ‏غير المتوقعة التي تؤثر بشكل كبير على المجتمعات ‏والاقتصادات، مبينا أن الأحداث التي تصنف ك"بجعات سوداء" ‏عادة ما تكون خارج إطار التوقعات التقليدية ، مشيرا إلى ‏أن الهدف الأساسي في تصنيف الأحداث هو بناء وتعزيز ‏القوى النفسية والعقلية والإدارية لمواجهة السلبية منها ‏والاستفادة من الإيجابية‎. ‎
وقال أن الأردن مر بـ أزمات مالية خلال العقود ‏الماضية وهي أمثلة واضحة على البجعات السوداء، ‏حيث كانت أزمة انهيار الدينار في الأعوام ( ‏‏1988-1989 ) إحدى ابرز الأمثلة، حيث كان حدوث الأزمة مفاجئا ولم تكن ‏هناك خطط للإستعداد من أجل مواجهة تداعياتها ، ما ‏أدى إلى انهيار العملة وتدهور الأوضاع الاقتصادية ‏بشكل كبير حينها. ‏
وشدد على أن مثل هذه الأزمات تستدعي وضع ‏خطط طوارئ واستراتيجيات بديلة تكون جاهزة للتنفيذ ‏في حال وقوع أي كارثة ، موضحا أن الأحداث المفاجئة ‏قد تكون ذات طابع اقتصادي، كالأزمات المالية العالمية ‏التي أثرت على الاقتصادات الصغيرة ، أو طابع سياسي ‏كأحداث الحروب والصراعات الإقليمية التي قد تؤثر ‏على التدفقات التجارية أو على الأسواق المالية لذلك، ‏ينبغي على الحكومات أن تتبنى أنظمة تنبؤ معلوماتية ‏واقتصادية وسياسية واجتماعية وصحية شاملة تساعدها ‏على التصدي لـ الأزمات بفعالية أكبر‎.‎
وأضاف من بين الدروس الرئيسية التي يجب أن ‏تستخلصها الحكومات من مفهوم "البجعة السوداء" هو أن ‏تكون دائمًا في حالة استعداد للتعامل مع أي مفاجآت، مبينا أن الأمر يتطلب وضع خطط طوارئ شاملة ‏واستراتيجيات متكاملة للتعامل معها بشكل ‏منهجي. وتابع أنه يجب على الحكومات أن تمتلك "أدوات ‏استشعار" تمكنها من التحذير المبكر من المخاطر ‏المحتملة أو الأحداث النادرة، مثل الانقطاع في سلاسل ‏الإمداد العالمية أو الارتفاع المفاجئ في أسعار السلع ‏الأساسية، ومن الضروري وجود خطط جاهزة ‏لا تستخدم فقط كوسيلة للاستجابة عند حدوث الكوارث، ‏بل تكون موجهة لتقليل التأثير السلبي من الأزمة قدر ‏الإمكان، مقدما مثالا على ذلك بأن تقوم الحكومات بإعداد ‏خطط مسبقة لارتفاع مفاجئ في أسعار المواد الغذائية أو ‏الطاقة عبر التخزين الاستراتيجي لهذه السلع أو إيجاد ‏بدائل اقتصادية مستدامة‎.‎
وقال عايش أنه من ضمن الاستعدادات لحدوث " بجعة ‏سوداء" هوإنشاء مراكز بحثية متخصصة في تحليل ‏الأحداث المستقبلية ومراكز للتفكير الاستراتيجي التي ‏تعمل على دراسة السيناريوهات المحتملة يمكن التنبؤ من ‏خلالها بالمخاطر والاستفادة من الفرص التي قد تنجم عن ‏الأحداث غير المتوقعة، مضيفا أنه "لابد أن يكون ‏لدينا القدرة على توقع مكامن الخطر الكبيرة في الأحداث ‏السلبية وكيفية التحوط لنتائجها‎".‎
بالمقابل، أوضح عايش أن أحداث البجعة السوداء لا ‏تقتصر على الجوانب السلبية فقط، فهناك أيضا "الإيجابية"، والتي تمثل فرصا مفاجئة ‏غير متوقعة قد تكون لها تأثيرات إيجابية على ‏الاقتصادات والمجتمعات، مبينا أن اكتشاف مثل هذه ‏المفاجئات كـ اكتشاف كميات كبيرة من النفط أو الغاز أو ‏العثور على ثروات معدنية غير مستغلة قد تكون ‏صدمات إيجابية تفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي ويمكن ‏أن تتحول إلى مصادر ضخمة للدخل والتطور، شريطة ‏أن يتم التعامل معها بحكمة وعدالة‎.‎
وتابع أنه قد يؤدي اكتشاف معادن نادرة تستخدم في ‏صناعة بطاريات السيارات الكهربائية إلى تعزيز ‏الاقتصاد المحلي بشكل كبير، وهو ما يوفر فرص عمل ‏جديدة ويزيد من التدفقات الاستثمارية.‏
وأكد أن التعامل غير السليم مع "البجعات السوداء ‏الإيجابية" قد يؤدي إلى مشاكل اجتماعية وسياسية، في ‏حال تركز الثروات في أيدي فئة معينة أو تستغل ‏لمصلحة أهداف معينة دون الأخرى، وعليه يجب أن ‏تكون هناك شفافية في إدارة هذه الثروات والتأكد من أن ‏الجميع يستفيد منها حسب رأيه.‏
وقال مخامرة ‏أن الأحداث النادرة غير المتوقعة ليست مجرد تحديات ‏صعبة بل هي فرص للتطور والتكيف وبين أن جائحة ‏كورونا وما سبقها من أزمات عالمية مثل أحداث 11 ‏سبتمبر والأزمة المالية 2008 تعد أكثر الأمثلة التي ‏تجسد مفهوم "البجعات السوداء" التي كان لها تأثير عميق ‏على الاقتصاد العالمي‎. ‎
وبين مخامرة أن الأزمات ‏السياسية مثل العدوان " الإسرائيلي" على غزة أثرت ‏بشكل واضح على الاقتصاد الأردني، حيث أدت إلى ‏تراجع في قطاع السياحة وزيادة النفقات الأمنية، ‏بالإضافة إلى تقليص الدعم الأجنبي وارتفاع العجز في ‏الموازنة. ‏
ويعتقد أنه في ذات الوقت قد يكون للحكومات فرص ‏يمكن استغلالها لـ تقليل آثار هذه الأزمات، مثل الاستفادة ‏من إعادة إعمار غزة أو تعزيز التعاون الاقتصادي مع ‏دول الجوار‎.‎
وأشار إلى أهمية أن يكون لدى الحكومات دوائر تحليل ‏مخاطر متقدمة تعمل على توقع الأحداث النادرة وتحليل ‏تأثيراتها المحتملة، مشددا على ضرورة التنويع في ‏التحالفات السياسية وعدم الاعتماد على تحالف واحد فقط ‏لمواجهة التحديات المستقبلية خاصة تلك المتعلقة ‏بالأحداث العالمية.‏
وأضاف أن الحكومات التي تسعى لتجنب الآثار ‏الكارثية "للبجعات السوداء" تحتاج إلى تطوير سياسات ‏جديدة قائمة على تحليل المخاطر والتنبؤ بالأحداث ‏المحتملة ، وان السياسات التقليدية لم تعد تكفي في ظل ‏تسارع التغيرات العالمية والتعقيدات الجيوسياسية ، داعيا الحكومات أن تستثمر في بناء شبكات ‏تحليل مخاطر قادرة على تقديم تنبؤات دقيقة وصحيحة ‏تعتمد على البيانات والتحليل المستمر‎.‎
واكتسب مصطلح "البجعة السوداء" الذي صاغه المفكر ‏‏"نسيم نيكولاس طالب" شهرة واسعة في العقود ‏الأخيرة لوصف تلك الأحداث التي يصعب التنبؤ بها ‏ولكنها تغير مسارات الدول والمجتمعات بشكل ‏دراماتيكي. ‏
وهذا المفهوم يبرز أهمية الاستعداد للتعامل مع هذه ‏المفاجآت، ليس فقط للحد من آثارها السلبية، بل ايضا الاستفادة ‏من الفرص الإيجابية التي قد تنجم عنها‎.‎

  • {clean_title}
  • {clean_title}
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير