الخبير الاقتصادي عايش يكشف كيف يؤثر ارتفاع السيولة المحلية والنقد المتداول على الاقتصاد
الأنباط – يارا بادوسي
تعتبر مفاهيم النقد المتداول والسيولة المحلية من الأدوات الأساسية في تحليل الأداء الاقتصادي لأي دولة، وتأتي أهمية التفرقة بين هذين المفهومين من الدور في تمويل الأنشطة الاقتصادية وتوجيه السياسة النقدية في هذا السياق.
وحول ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي حسام عايش أن النقد المتداول يشير إلى الأموال الفعلية المتداولة بين الأفراد والشركات خارج النظام المصرفي و يشمل العملات الورقية والمعدنية التي تُستخدم مباشرة في المعاملات اليومية، موضحا أن النقد المتداول هو العملات النقدية التي يحتفظ بها الأفراد والشركات خارج البنوك، وبالتالي يكون متاحًا للاستخدام الفوري في الاقتصاد
أما السيولة المحلية، تشمل ما يسمى بعرض النقد في الاقتصاد، والذي لا يقتصر على المتداول بل يمتد ليشمل أصولًا أخرى يمكن تحويلها بسهولة إلى نقد، وتُعرف هذه الأصول في المصطلحات المصرفية بمصطلحات مثل M1 وM2، حيث يشمل M1 النقد المتداول والودائع تحت الطلب، أي ودائع الحسابات الجارية، بينما يشمل M2 الودائع لأجل وحسابات التوفير وبعض الأدوات المالية الأخرى في القطاع المصرفي التي يمكن تحويلها بسهولة إلى نقد.
وتابع، أن بعض الدول تضيف M3 التي تشمل أدوات أخرى طويلة الأجل، مؤكدًا أن هذه الفئات تعكس مدى شمولية السيولة المحلية مقارنة بالنقد المتداول، مبينا أن المتداول يمثل جزءًا صغيرًا من السيولة المحلية، بينما تتضمن السيولة المحلية بالإضافة إلى المتداول الأصول الأخرى التي يمكن تحويلها إلى نقد، مما يجعلها تعكس قدرة الاقتصاد بشكل أوسع على تمويل الأنشطة المختلفة من خلال موارد شبه نقدية.
وفيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي، أوضح أن ارتفاع النقد المتداول في السوق يشير عادة إلى زيادة النشاط الاقتصادي اليومي وتحسن العمليات الاقتصادية، بينما يعكس ارتفاع السيولة المحلية توسعًا اقتصاديًا أوسع ومرونة أكبر في توفير التمويل، وأن السيولة المحلية بمفهومها الواسع، بما في ذلك M1 وM2 وM3، قد بلغت نهاية عام 2023 حوالي 42.7 مليار دينار، مقارنة بـ 41.7 مليار في نهاية 2022، مما يشير إلى زيادة في الودائع المصرفية بمختلف أنواعها وأثر ذلك على إجمالي السيولة المحلية.
وأوضح، أن إدارة السيولة المحلية في الأردن تتأثر بشكل مباشر بأسعار الفائدة وحجم التسهيلات المقدمة من القطاع المصرفي، مشيرًا إلى أن السيولة تشكل حوالي 79% من إجمالي الودائع، وهي نسبة تُعتبر جيدة، موضحا أن الاقتراض الحكومي من القطاع المصرفي يُعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على إدارة هذه السيولة، ما يؤثر بدوره على الطريقة التي يتم بها توجيه وتوزيع السيولة في السوق.
وأضاف، هناك عوامل أخرى تتعلق بمعدلات دخل الأسر والقطاعات التي تستهلك هذا الدخل، ما يؤثر على عرض السيولة المتاحة في السوق، مشيرا الى أن ارتفاع أسعار الفائدة كان له تأثير واضح على معدلات الإنفاق في السوق، إذ أدى ذلك إلى توجيه جزء إضافي من دخل الأفراد والأسر نحو سداد الفوائد المستحقة على القروض، بالإضافة إلى سداد القروض نفسها، ما قلل من السيولة المتاحة في السوق وتجلى هذا التأثير في الشكاوى المستمرة من قطاعات اقتصادية رئيسية وفرعية فيما يتعلق بتراجع الحراك والطلب على منتجاتها أو خدماتها، مما أثر سلبًا على الأداء الاقتصادي العام.
وتابع عايش أن تراجع الاستهلاك، والذي يُعبّر عنه بانخفاض ضخ السيولة من قبل المستهلكين، انعكس على معدل النمو الاقتصادي، الذي بلغ 2% في الربع الأول من العام الحالي ،مبينا أن الأداء الاقتصادي الضعيف يعكس تراجع الإنفاق الاستهلاكي للأفراد والأسر، ما قلل من السيولة المتاحة لهم للإنفاق في السوق، لافتا الى أن هناك عوامل أخرى تؤثر على السيولة، مثل تراجع الإيرادات من القطاع السياحي والصادرات، نتيجة للأحداث المختلفة ومع ذلك، أشار إلى أن ارتفاع حجم حوالات المغتربين قد ساهم في دعم السيولة في السوق، وهي تُعتبر من الأدوات المهمة لتعزيز السيولة المتاحة ، مؤكدا على أن زيادة السيولة المتاحة لدى المواطنين لا تعني بالضرورة زيادة الإنفاق في السوق، ما يُبرز أهمية متابعة العوامل المؤثرة على السيولة وأثرها على الأداء الاقتصادي العام.
واختتم عايش بالتأكيد على أهمية التمييز بين النقد المتداول والسيولة المحلية، مشيرًا إلى أن المتداول يستخدم مباشرة في العمليات الاقتصادية اليومية، بينما تعكس السيولة المحلية القدرة الاقتصادية على تمويل الأنشطة من خلال موارد شبه نقدية، مما يعزز من مرونة الاقتصاد.