" ورقة مساومة "
مهند أبو فلاح
وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوغل العسكري الأوكراني في مقاطعة كورسك الحدودية الروسية المتاخمة للاراضي الأوكرانية بأنه محاولة لتحسين موقف نظام الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي قبل الشروع في محادثات سلام مستقبلية محتملة لإنهاء الصراع المسلح الجاري بين البلدين منذ عامين و نصف تقريبا .
التوغل العسكري الأوكراني الذي شمل قطاعا محدودا من الأراضي الروسية في إقليم كورسك و الذي أسفر حتى الآن بحسب مصادر النظام الحاكم في كييف العاصمة الأوكرانية عن الاستيلاء على ثمانية و عشرين بلدة روسية تقدر مساحتها بألف كيلومتر مربع لم يمنع القوات الروسية من مواصلة تقدمها الحثيث المضطرد في شرق أوكرانيا لكنه احدث نوعا من الارتباك في الجبهة الداخلية الروسية و أجبر الكرملين على إخلاء بعض المناطق الحدودية من سكانها خشية من تعرضهم لنيران القوات الأوكرانية المتقدمة في أقصى جنوب روسيا الاتحادية .
العملية العسكرية الأوكرانية في أقصى الجنوب الروسي أعادت إلى الأذهان هنا في الوطن العربي الكبير مشهدا من مشاهد الجولة الرابعة من الصراع العربي الصهيوني و تحديدا حرب تشرين اول / اكتوبر من العام 1973 حينما نجحت وحدات عسكرية صهيونية من عبور قناة السويس إلى الضفة الغربية منها و ايجاد موطيء قدم لها هناك فيما عُرِفَ بثغرة الدفرسوار و حصار الجيش المصري الثالث في مدينة السويس في أعقاب نجاح الجيش المصري من عبور قناة السويس إلى الضفة الشرقية منها في بداية تلك الحرب و تحطيم خط بارليف المشهور ما عبد الطريق أمام مفاوضات الكيلو 101 التي شكلت الخطوة الأولى على طريق معاهدة كامب دايفيد بين نظام الرئيس محمد انور السادات و الكيان الصهيوني لاحقا .
أيا كان وجه الشبه بين ثغرة الدفرسوار و اجتياح مقاطعة كورسك الروسية من قبل القوات الأوكرانية و بغض النظر عن النتيجة التي ستؤول إليها هذه العملية العسكرية الأوكرانية المحدودة حتى هذه اللحظة الراهنة فإنه من السابق لأوانه التكهن أو التنبؤ بعواقب و تبعات هذا الاجتياح الأوكراني للأراضي الروسية فقيصر الكرملين في موسكو الرئيس بوتين قد يرد ردا قاسيا و عنيفا جدا على تجاوز و تخطي نظام زيلنسكي الحاكم في كييف للخطوط الحمراء المتعلقة بالأمن القومي الروسي .