الطفلة الأسيرة المحررة نفوذ جاد حماد...
أصغر السجينات في العالم التي تبلغ من العمر 16 عاماً.
- حُكم عليّ 12 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
- والدة الأسيرة: لم نكن نتوقّع قرار المحكمة بسجن طفلة بهذه المدّة.
- السّجان الإسرائيلي يشتمني بأبشع الألفاظ النابية.
- يماطلون في إحضار وجبات الطعام.
- اقتادوني إلى زنزانة قريبة من قسم السجناء الجنائيين.
- لا وسادة جيّدة، ورائحتها كريهة.
المقدمة:
قد تبدو هذه الكلمات لتلك المقدّمة التي بين أيدينا والتي يراها البعض من ضرب الخيال لكن هذا ليس خيالاً إنّه واقع ينفتح على سؤال:
هل من حقّ الفلسطيني أنْ يحلم؟ أو يتمنّى جعل الحياة أجمل وأرحب، ويتمنّى أنْ تحمل إنسانيته في طياتها رقيّ الزمن الذي يتمنّاه في فلسطين، أم هذا الحلم في عُرف الرواية الإسرائيلية نوع من الشعوذة والهرطقة. ألا يحقّ للفلسطيني رثاء هذا الزمن بشجن مرهف، رغم أنّه تنتهك آدميته ليلاً نهارًا من قبل الاحتلال الصهيوني.
أم سيأتي يوم القول إنّه في سالف الزمان اعتقلت طفلة لم يتجاوز عمرها 16 عامًا تدعى نفوذ جاد، في سجون الاحتلال، لا لشيء إلاّ لكون هذه الطفلة حلمت بوطن جميل، وبذلك تكون أصغر سجينة في العالم، الذي يمارس هواية المشاهدة على الجرائم التي تُرتكب بحقّ الفلسطيني، وكأنّ هذا العالم يشاهد مسرحية سمجة تُثير الاشمئزاز، لكنّه يفضل الصراخ والاكتفاء برسم نبرة حزن على شفتيه، أو القول إنّه لا ريب أنّ رواية الأسيرة الطفلة التي تحرّرت بعد 7 أكتوبر، طفلة غير ضرورية الحياة على هذه البسيطة لكونها فلسطينية، وبالتالي وفي عرف الرواية الإسرائيلية التي يجري فيها السّرد بلا انقطاع أو استراحة، أي دون فصول أو أبواب، تفيض بالمعلومات الكاذبة والملفّقة التي تحثّ على قتل الفلسطينيين أينما كانوا.
هكذا يكتشف القارئ الإنسان أنّ الرواية الإسرائيلية مخبؤها السّري، الذي عنوانه الرئيس إذلال كلّ إنسان فلسطيني، لدرجة أنْ تُعتقل طفلة.
تستعيد الأسيرة المحرّرة نفوذ جاد حمّاد ذكرياتها في المعتقل الإسرائيلي، والتي تكشف عنها في حوارها معنا:
حاورها سليم النجار - غصون غانم.
الطفلة المحررة نفوذ جاد حماد من سكان حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة بفلسطين تبلغ من العمر 16 عاما تُعدّ أصغر السجينات في سجون الاحتلال الإسرائيلي حُكم عليها بالسجن لمدّة 12 عاما، كانت تذهب إلى مدرسة بنات الروضة الحديثة الثانوية معتقَلة من مدرستها منذ عام 2021م كانت في الصفّ التاسع حين تمّ اعتقالها.
الطفلة الأسيرة الفلسطينية المحرّرة من السجون الإسرائيلية..
والد الأسيرة المحرّرة جاد حماد: العائلة لم تكن تتوقعّ قرار المحكمة بسجن ابنته 12 عاماً نفوذ المعتقلة عمرها الآن 16 عاماً، وعندما تتحرّر من السجن سيصبح عمرها 26 عاماً، عندما اعتقلت نفوذ وهي في الصفّ التاسع، وهي فتاة مجتهدة واجتماعية تحبّ الأطفال، وتشارك في دور المهرج خلال فعاليات المدرسة؛ آخر مرّة التقينا بنفوذ كان قبل نحو 40 يوماً في سجن الدامون، شاهدت نفوذ في جلسة المحكمة الأخيرة عبر زووم، فقد رُفض إحضارُها للجلسة تجنباً لتعرّضها للاعتداء خلال نقلها بالبوسطة، وتعرّضت للتنكيل واعتداء وحشي ومعاملة مهينة، خلال اقتيادها من مدرستها واستجوابها في داخل أقبية التحقيق الإسرائيلية.
أصدرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين تقرير إنّه في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2021، نحو الساعة التاسعة صباحاً كنت في المدرسة في الحصّة الأولى، دخلت القوات الإسرائيلية المدرسة (مدرسة بنات الروضة الحديثة الثانوية) وبدأت بتفتيش التلميذات.
نفوذ تلميذة مجتهدة داخل سجون الاحتلال، طفلة بكل القوانين الدولية:
أدخلوني إلى إحدى غرف المدرسة مع مجندتين قامتا بتفتيشي ثمّ صادروا هاتفي وأعادوا تقييدي بالأصفاد الحديدية إلى الخلف، وعصبوا عيني وأنزلوني عبر درج المدرسة طلبتُ حينها مرّة أخرى مرافقة أختي أو معلّمتي، فرفضوا ذلك وصرخوا في وجهي مرّة أخرى وأمروني بالسكوت، اقتادوني وقاموا بزجّي في داخل سيارة عادية، وكنت محاطة بجنود الاحتلال من كلّ الجهات وأنا مقيّدة اليدَين إلى الخلف ومعصوبة العينَين وتمّ اقتيادي فيما بعد إلى مركز تحقيق المسكوبية، واستجوابي من قِبل 6 أو 7 محقّقين، أحدهم كان يصرخ في وجهي ويشتمني بألفاظ نابية وثمّة محقّق آخر ضربني على وجهي بعنف، ومن شدّة اللكمة اصطدم رأسي بالحائط. كذلك ركلني على خاصرتي وشدّ شعري، ولم يتوقّف عن الصراخ في وجهي وتهديدي باحتجازي في داخل الزنزانة لفترة طويلة وحرماني من رؤية أهلي بعد ذلك، نقلوني إلى زنزانة أخرى، حيث رمى محقّق آخر كرسيّاً صوبي، وهدّدني بهدم بيتي واعتقال والدي.
نقلوني إلى قسم المعبار في سجن الشارون، أنا وصديقتي إسراء ومنعونا من الكلام كان ذلك بعد منتصف الليل تقريباً وأخذونا إلى مركز تحقيق المسكوبية مرّة أخرى. وبقينا على هذه الحال نحو 10 أيام متتالية لم نكن ننام إلا ساعتَين، عدا عن ظروف النقل القاسية فيما يسمّى عربة البوسطة، فكراسيها حديدية وباردة جداً ظروف الزنازين في معبار الشارون صعبة جداً، فالنافذة كبيرة ومفتوحة بشكل دائم، وقد طلبنا من السجانين إغلاقها مرّات عدّة فرفضوا وفي أوّل يومين، لم يحضروا لنا طعاماً. وطلبنا ماءً فأحضروا لنا ثلجاً، وكانوا يماطلون جدّاً بإحضار وجبات الطعام، أمّا الغطاء فكان بطانيه توفّرها إدارة السجن هي شرشف (غطاء) خفيف، فيما الفراش جلدي، ولا وسادة جيّدة ورائحتها كريهة. أمّا الزنزانة فقذرة جدّاً، وعلى جدرانها صراصير وحشرات (أخرى). أُطلق سراح صديقتي إسراء وبقيتُ لوحدي في الغرفة لمدّة يوم طلبتُ من السجّانين إحضار شامبو وفرشاة أسنان، فدخلت إليّ سجّانة تُدعى نعمة وبدأت تضربني وتصرخ في وجهي قلت لها إنّني لا أفهم العبرية، فانهالت عليّ بالضرب سألتها عن سبب ضربها لي، إذ إنّني لم أطلب إلا شامبو وفرشاة أسنان، لكنّها استمرّت بالضرب من دون توقّف وكان ثمّة سجّانون آخرون راحوا يصرخون في وجهي ويشتمونني بألفاظ بذيئة بعدها قيّدوني ونقلوني إلى زنزانة انفرادية، حيث بقيتُ لمدّة 4 ساعات. وفيما بعد، اقتادوني إلى زنزانة أخرى قريبة من قسم السجناء الجنائيين، قبل استجوابي مرّة أخرى؛ وبعد مكوثي أياماً عدّة في سجن الشارون، نُقلت إلى قسم الأسيرات في سجن الدامون حيث كنت أقبع آنذاك. لم تتوفّر مياه ساخنة.. وبعد نحو 5 أيام، استطاع أهلي إدخال ملابس لي، لكنّ السجّانين تعمّدوا احتجاز الأغراض لأيام أخرى قبل إدخالها لنا وكنّا ننام ونستيقظ بالملابس نفسها، وأنا كنت بالزيّ الرسمي للمدرسة. وبعد نحو 6 أيام، استطعنا تبديل ملابسنا.