أردنة سوق العمل
جهينة نيوز -مليون عامل وافد في الأردن من بينهم 320 فقط يحملون تصاريح عمل، يقابلهم 300 ألف أردني عاطل عن العمل. هذه المعلومات أدلى بها وزير العمل سمير مراد في لقاء مع الصناعيين بإربد.
وعرض الوزير مراد ما يعتقد أنها الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة غير المنطقية، وهي في الواقع أسباب وجيهة، منها تراجع الطلب الخارجي على الأيدي العاملة الأردنية، ومزاحمة العمال الوافدين على فرص العمل المتاحة، خاصة تلك التي يحجم شبابنا عن العمل فيها.
والحقيقة أن الفجوة في معادلة الأردنيين والوافدين في سوق العمل قائمة منذ قرابة أربعة عقود، فمع توجه آلاف الأردنيين صوب أسواق الخليج الصاعدة نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات، وتطور اقتصاد الزراعة والخدمات، ملأ العمال الوافدون خاصة من الشقيقة مصر الفراغ الحاصل، ليس في قطاعات الزراعة والإنشاءات فحسب، بل في مؤسسات ووزارات رسمية، فما زلت أذكر أن استاذا مصريا هو من درسني مادة الرياضيات مطلع الثمانينيات بمدرسة الربة الشاملة بمحافظة الكرك، بينما المئات من الأساتذة الأردنيين كانوا يعملون في مدارس دول الخليج العربي.
مع مرور السنوات استوطنت العمالة الوافدة بشكل جذري في قطاعات محددة، وشهدنا ما يمكن وصفه بتقاسم الوظائف بين الأردنيين والعمالة الوافدة، بحيث أصبحت بعض القطاعات مغلقة بالكامل للوافدين، تحكمها تقاليد وشروط عمل خاصة لا تناسب الأردنيين في أغلب الأحوال.
وكان للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت في الأردن أثر بالغ على تبدل ثقافة العمل لدى الأردنيين، ففي زمن مضى كان الأردني يقبل على العمل في الفلاحة في المناطق المجاروة لمنطقة سكنه، لكنه اليوم غير مستعد للعمل في قطف المحاصيل بالمزارع، والحال نفسه ينطبق على قطاعات الإنشاءات.
لقد حلت ثقافة الوظيفة الحكومية محل تقاليد المجتمع الزراعي، وبشكل أوسع تراجعت قيمة العمل لصالح الوظيفة، فاستولت العمالة الوافدة على مجمل الوظائف في تلك القطاعات، وسط قبول اجتماعي واسع.
صحيح أن ثقافة العيب ساهمت إلى حد كبير في ترسيخ الواقع المشوه، لكننا ومنذ سنوات نشهد تحولا ملموسا في أوساط الشباب الأردنيين، لكنه ليس كافيا لتجسير الفجوة في سوق العمل.
ثمة حاجة لمقاربات خلاقة، وبرامج محدثة لاستعادة آلاف الوظائف ومنحها للأردنيين. لن يكون هذا أمرا سهلا بالطبع، ففي القطاع الخاص عموما ما يزال متوسط الرواتب أقل منه في القطاع العام، ناهيك عن التأمينات الصحية والاجتماعية التي تتأرجح بشكل واضح لدى القطاع الخاص.
رئيس الوزراء الحالي الدكتور عمر الرزاز كان رائدا في مجال التصدي لمشكلة البطالة في الأردن وأشرف على إعداد استراتيجية وطنية للتشغيل، عدها الخبراء من أفضل الخطط، ويمكنه الآن إخراجها من الأدراج وتحديث بعض جوانبها، والعمل على تطبيقها، لأننا وفي ضوء الأرقام التي أعلنها وزير العمل لا نواجه مهمة مستحيلة، ويمكن خلال سنوات فقط أردنة آلاف الوظائف وخفض معدلات البطالة بنسبة كبيرة.
الغد