تعديل "التقاعد المدني" يعود للأضواء!!!
الدكتور خليف احمد الخوالدة
طالعتنا وكالة الأنباء الأردنية (بترا) مساء هذا اليوم "أن اللجنة القانونية في مجلس الأعيان قد شرعت بمناقشة مشروع قانون معدل لقانون التقاعد المدني لسنة 2019. ويأتي مشروع القانون المعدل، بحسب أسبابه الموجبة، نظرا لإنه قد ترتب على نفاذ أحكام القانون المعدل لقانون التقاعد المدني رقم (34) لسنة 2018 عدم سريان قانون التقاعد المدني، وعدم خضوع كل من يعين أو يعاد تعيينه بعد هذا التاريخ لأحكام القانون في الحالتين التاليتين: الأولى تعيين أي شخص برتبة وراتب وزير ومن ضمنهم شاغلو وظائف المجموعة الأولى من الفئة العليا ما لم يكن وزيراً سابقاً، والثانية إعادة تعيين أي شخص في وظيفة من وظائف الفئة العليا/ المجموعة الثانية وان كانت لديه خدمات سابقة مقبولة للتقاعد المدني او العسكري. وجاء مشروع القانون لإخضاع من تم تعيينه في إحدى وظائف المجموعة الأولى أو الثانية من الفئة العليا لإحكام قانون التقاعد المدني، ولشمول الرئيس او العضو المتفرغ لمجلس اي هيئة او سلطة او المدير التنفيذي لأي مؤسسة رسمية عامة بأحكام هذا القانون إذا كان لأي منهم خدمات سابقة مقبولة لغايات التقاعد المدني او العسكري".
دعوني بداية أوضح خلفية هذا الموضوع:
القانون المعدل لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 2018 صدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 1/ 10/ 2018 في عهد الحكومة السابقة ضمن توجه الدولة نحو التحول من الشمول بالتقاعد المدني إلى الضمان الاجتماعي. ولكن ما لبثت أن أقرت الحكومة السابقة ذاتها - للأسف - بصمت تام مشروع قانون معدل جديد لقانون التقاعد المدني يتضمن تراجعا عما أقرته من أحكام في القانون المعدل لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 2018 وأحالته بصمت أيضا إلى مجلس النواب.
وهذا يعني أن الحكومة السابقة قد تراجعت عن وقف الشمول بالتقاعد المدني والتحول للضمان الاجتماعي، أو أن هناك حالات محددة عينتها وترغب بشمول هذه الحالات بالتقاعد المدني بأثر رجعي. إذ تعذر عليها ذكر تلك الحالات في مشروع التعديل وبالتالي جاءت بهذا النص العام.
والسؤال حينها كان لماذا الفئات العليا دون غيرها؟ ولماذا لم يضع مشروع القانون المعدل الجديد حدا أدنى للخدمات المقبولة لغايات التقاعد المدني؟
أما بخصوص الحالات التي ارادت الحكومة السابقة شمولها بالتقاعد المدني فقد تعينوا وهم يعلمون حينها أنهم غير مشمولين بالتقاعد المدني.
وما يثير الكثير من التساؤلات لدى الناس أن الحكومة السابقة اقرت مشروع ذلك التعديل الجديد وأحالته إلى مجلس النواب بأجواء من السرية وعدم الإعلان حيث جرت العادة ان تعلن الحكومة عن قرارات مجلس الوزراء.
وغادرت الحكومة السابقة رغم محاولاتها المكثفة دون أن تفلح بإقناع مجلس الأعيان السابق في إقرار مشروع ذلك التعديل لأن ثمة حراكا شعبيا كان مناهضا ومقاوما بشدة لذلك التعديل لذا بقي المشروع في ادراج مجلس الأعيان منذ 2019.
ولا أدري إذا كانت الحكومة الحالية قد صدر عنها خلال الفترة الماضية قرارات بتعيين أشخاص تود هي الأخرى شمولهم بالتقاعد المدني.
واليوم نسمع عن تحريك المشروع بعد مرور كل هذه السنوات، أي أكثر من 4 سنوات، وفي هذا التوقيت بالتحديد في أُواخر الدورة الأخيرة من عمر مجلس الأعيان الحالي.
لا انصح مجلس الأعيان بإقرار مشروع القانون المعدل أبدا. أما إذا أُقر مشروع القانون المعدل، فالأصل أن تسري أحكامه على من يتعين بعد نفاذه ومن غير الجائز قانونيًا شمول الحالات السابقة بأثر رجعي يغطي الفترة الممتدة من تاريخ مباشرة العمل لكل حالة من الحالات المقصودة إلى تاريخ نفاذ هذا التعديل على القانون.
النصوص لا تسري بأثر رجعي بل تُقرأ وتُفسر بمفهومها وسياقها المستقبلي العام. ولا أرى من الصحة أن ينص "من تعين" بل "من يتعين" لأن المراكز القانونية قد اكتملت ولأن ذلك لا ينسجم مع أصول التشريع وأهل القانون يعرفون ذلك تماما. والخيار الوحيد ولكنه غير لائق هو قبول استقالتهم وإعادة تعيينهم من جديد.
والسؤال أيضا لماذا محاولة إدخال هذه السابقة التشريعية "التطبيق بأثر رجعي" التي سيقاس عليها مستقبلا؟ وألا يفتح ذلك بابا للمطالبة بالمثل من قبل بقية الشرائح والفئات والحالات؟
أقول، وقد لا يرضي قولي هذا البعض، إذا أردتم الإصلاح الحقيقي فعليكم اصدار قانون معدل لقانون التقاعد المدني اليوم قبل غدا ومن مادة واحدة، وهي:
"لا تخضع أي خدمات للتقاعد المدني اعتبارا من نفاذ احكام هذا القانون المعدل"
بمعنى لا يخضع أي تعيين جديد للتقاعد المدني بما في ذلك الوزير. خلاف ذلك، ستبقى فاتورة التقاعد المدني في توسع وارتفاع رغم وجود البديل "الضمان الاجتماعي".
وإذا تمت الموافقة على مشروع هذا التعديل سيما وأن المحركات تدفع بالموضوع ليلا ونهارا، فأنني أُناشد جلالة الملك عبدالله الثاني حينها رد مشروع هذا التعديل.