المنتدى العالمي لثقافة السلام العادل يختتم أعماله بالقاهرة
انتخاب سعود البابطين رئيساً لمجلس أمناء مؤسسة البابطين ومحمد البابطين نائبا له
الراحل عبد العزيز البابطين يطلّ على المنتدى العالمي لثقافة السلام مذّكراً بحقوق الفلسطينيين واعلاء صوت العقل والحكمة في العالم
باحثون عرب ناقشوا السلام والتنمية الثقافية واثره على التنمية الاحتماعية
القاهرة – عبدالله محمد القاق – الانباط
اختتم المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام الذي أقامته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية في العاصمة المصرية القاهرة أعماله الاول من امس وعقد برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال الفترة من 20 إلى 22 الجاري. وانتهى المؤتمر بصدور حزمة من التوصيات تضمنت تثمين أعمال المرحوم عبدالعزيز البابطين «الذي نذر نفسه ووقته وماله للدفاع عن القضايا العربية من خلال ثقافة مستنيرة جامعة وغير مفرّقة، وتثمين جهود أبنائه البررة في الاستمرار لخدمة المشروع الحضاري الذي بدأه والدهم الراحل». وأكدت التوصيات التي تلاها الاستاذ سمير الحباشنة وزير الداخلية الاردني الاسبق أن السلام العادل يحتاج إلى تنمية سياسية حقيقية وإرادة معاصرة وتسخير التقنية الحديثة في خدمة الجمهور العام، وأن رأس الحربة في السلام العادل هو التعليم النوعي المستنير الذي يجب أن يكون مسايرًا للعصر، ولذلك فإن الاهتمام بالأجيال وتقديم تعليم نوعي بمنهج منفتح هو بمنزلة «فرض عين». وأشارت التوصيات إلى أن الاقتصاد قائد للتنمية، ودور القطاع الخاص في النهوض به حيوي، لذلك تجب العناية بالتشريعات الاقتصادية المحفزة لهذا التنوع وضبطها من خلال تعزيز ثقافة الادخار والاستثمار وتسخيرها لخدمة الجمهور العام. وشددت التوصيات على أن للثقافة دورا محوريا في ظلّ الأجواء السائدة اليوم، والتي يتغشاها تضليل للرأي العام والزجّ به في صراعات تفتت المجتمع وتحرّض على التعصب والكراهية ووليدهما التطرف والعنف، لذلك ينبغي الحضّ على ثقافة منفتحة ومتسامحة تتقبل الآخر وتؤمن بالحوار. واعتبرت التوصيات ان القضية الفلسطينية المسألة المحورية في وعي الأمة العربية ونصرتها من الواجبات الوطنية من خلال الدفع باتجاه توحيد البيت الفلسطيني وتحرير الخطاب الفلسطيني من التأثيرات الإقليمية التي تضر بالقضية مع تشديد إدانتنا لحرب الإبادة بحق الشعب العربي الفلسطيني التي تجري في الأشهر الأخيرة أمام العالم بقطاع غزة. ووجّه المنتدى ضمن توصياته التحية للجهد الذي تبذله مصر بموقفها العربي متضامنين معها فيما تعانيه من ضيق اقتصادي وأعباء سياسية ودولية جراء الوضع العربي والإقليمي الشائك. وقُبيل صدور التوصيات، ألقى رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، سعود عبدالعزيز البابطين، كلمة أكدّ فيها أنه على قادة العالم في كل مكان أن يبذلوا كل ما في وسعهم لنشر السلام العادل الذي يُعد حق للبشرية جمعاء، بل هو الحق الجامع لكل حقوق الإنسان. وأكد البابطين أن «جهودنا من أجل تحقيق تلك الأهداف إنما هي جهود جماعية مشتركة تفاعلية، تختص بها مؤسسات حكومية ودولية ومدنية مختلفة، لذلك لا بُد من إيقاظ الضمائر، لأن التاريخ لن يتسامح مع كل من أخطأ في حق الإنسانية.. ولا تزال الفرصة متاحة أمام الجميع لاتخاذ خطوات جادة باتجاه المسار الصحيح».
سعود البابطين رئيساً لمجلس أمناء مؤسسة البابطين ومحمد البابطين نائبا له
وعلى هامش المنتدى، عقد مجلس أمناء المؤسسة اجتماعه الخامس والأربعين للنظر في جدول الأعمال، واستهل الاجتماع بالوقوف حداداً وتلاوة الفاتحة على روح الفقيد عبدالعزيز البابطين، واستذكر أعضاء المجلس مآثر الراحل ودوره الريادي في الحفاظ على اللغة العربية ونشر مفاهيم ثقافة السلام محلياً وعربياً وعالمياً، ودوره الإنساني، وعطاءه اللامحدود في خدمة البشرية. وقرر المجلس، بالإجماع، تزكية سعود عبدالعزيز البابطين رئيساً لمجلس الأمناء، واختيار محمد عبدالعزيز البابطين نائباً له. وقال رئيس مجلس الأمناء إن المؤسسة مستمرة في مواصلة العمل واستكمال المسيرة التي بدأها والده، في الاعتناء بالشعر والشعراء، وخدمة اللغة العربية، ودعم مراكز الترجمة والتدريب وتحقيق المخطوطات، وترسيخ مبادئ حوار الحضارات، ونشر ثقافة السلام العادل بما يخدم الدول والشعوب، متعهداً بتسخير وقته وجهده وكل ما تعلّمه منه للمحافظة على إرثه العظيم، وإيماناً منه بكل ما كان يقوم به، فقد سخّر ماله ووقته وفكره الدؤوب في خدمة البشرية، وهذه رسالة من رسائله العظيمة التي تعلّمناها منذ الصغر، وسنستمر بمشيئة الله في تنفيذ رسالته وتحقيق حلمه الذي تحمل تفاصيله كافة مفردات الثقافة والخير والسلام، داعياً المولى عز وجلّ أن يوفقه في تنفيذ تلك المهمة الكبيرة التي تقع على عاتقه. وشكر البابطين أعضاء المجلس على ثقتهم الغالية، مشيداً بما يقدمونه للمؤسسة وبأنهم لم يدخروا جهداً في سبيل تحقيق الأهداف الفكرية السامية، التي كان لهم الدور الأمثل في رسمها وتحقيقها على أرض الواقع.
عالم مضطرب
وشهد حفل الافتتاح احتفاءً خاصاً بمؤسس هذا المنتدى رجل الأعمال والشاعر الكويتي عبد العزيز سعود البابطين، الذي رحل منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقدّ أطلّ البابطين على المنتدى بكلمة مسجلة جرى إعدادها من فعاليات الدورات السابقة، أكّد من خلالها البابطين الحاجة لتعزيز ثقافة السلام وسط عالم مضطرب، «حيث الحروب المدمرة والأوضاع الهشة في عدد من دول العالم والمجتمعات، وبسبب ذلك صار السلم الاجتماعي في خطر متفاقم، وتعرض التراث الثقافي الإنساني إلى تدمير متعمد ومقصود، وتدهورت العلاقات الاجتماعية، وصارت المواطنة المحلية والإنسانية تعيش أزمة حقيقية.
البابطين ناشد الجميع العمل جميعاً «من أجل المحافظة على إنسانية الإنسان، وعلى قيم الإنسانية الرفيعة وتراثها الأصيل، وليس هذا ممكناً إلا إذا جعلنا السلام العادل ثقافة حياة يومية... وأن يتجه فكرنا لجعل السلام العادل أصلاً فيه، وأن تتعطر لغتنا اليومية بالسلام».وقال: «إن ثقافة السلام العادل تجعل منا كائنات للسلام... وهذا ما تحتاج إليه الإنسانية وهو السلام العادل والوئام».
وكان قد افتتح المنتدى وزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني ووزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري، بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات ورؤساء البرلمانات والوزراء، وبمشاركة كبيرة من السياسيين والمفكرين والمثقفين والإعلاميين من مختلف دول العالم.
واعتبر وزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري أن «هذا المنتدى الذي يتناول دور السلام في تعزيز التنمية يُعّد فرصة لنا جميعاً للتواصل ولتبادل الخبرات لتقوم الثقافة بدورها الريادي المأمول، فلا تنمية دون سلام، متطلعين لما سينتهي إليه من توصيات».
كما ألقى الرئيس التركي السابق عبد الله غول، كلمة أكد فيها أهمية حلّ الصراعات الدولية عبر الحوار، وألقى رئيس تيار الحكمة العراقي عمار الحكيم، كلمة أشار فيها إلى أن ثقافة السلام تتطلب استحضار أركانها الأساسية بما يشمل الحق في الحياة، والحرية، والسعي نحو السعادة والعيش الكريم. وأضاف: «السلام العادل يتضمن حماية حقوق الإنسان، وضمان الحريات الأساسية للجميع، ويشمل الحق في الحياة، والحرية، والسعي نحو السعادة والعيش الكريم».
حق الشعب الفلسطيني
كما ألقى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى كلمة أكدّ فيها حقّ الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة، مشيراً إلى أن الحرب في غزة تكشف عن الحاجة لموقف عربي ودولي متضامن للعمل نحو قيام الدولة الفلسطينية.
وقال موسى: «إن عمليات التهجير في فلسطين وتدمير منازلهم هو تدمير لثقافتهم وحياتهم العلمية والثقافية، محذراً من أن صراع الحضارات قائم وينتقل من خطر إلى أخطر».
وقال موسى: «مستقبل القضية الفلسطينية يتطلب تضامناً عربياً قوياً، والوصول للحق العادل يتطلب منا تضامناً عربياً قوياً يصيغ رؤية متماسكة وذات محددات تفاوضية لا تقبل التنازل، وهو الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة».
كما ألقى رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة كلمة أشاد فيها بمناقب الراحل عبد العزيز البابطين، وعمله الدؤوب لبناء موسوعة الشعر العربي، كما تحدث السنيورة عن الحاجة للتنمية للحفاظ على السلام واستدامته.
وألقى الرئيس الألباني السابق إلير ميتا، كلمة تحدث فيها عن علاقته الوثيقة بالراحل عبد العزيز البابطين، وضرورة إكمال رسالته في تعزيز ثقافة الحوار والسلام بين الشعوب.
مرزوق الغانم
كما شهد حفل الافتتاح إلقاء كلمة مؤثرة لرئيس مجلس الأمة الكويتي السابق مرزوق الغانم،الذي اشاد بالرجل الخالد عبالعزيز البابطين وكلمة لوزيرة الثقافة المصرية نيفين الكيلاني.
وعلى مدى ثلاثة أيام، شهد المنتدى عقد عدد من جلسات العمل، من بينها جلسة بعنوان: «السلام والتنمية السياسية» ادارهاالدكتور علي الدين هلال (مصر)، وعقّب عليها الدكتور كونستانتينوس آداميديس (قبرص)، حيث ناقشت هذه الجلسة كفاءة الإدارة الحكومية والتنمية، وشارك كذلك: توني بالدري (بريطانيا)، والدكتور محمد الرميحي (الكويت).
وفي المحور الثاني لهذه الجلسة الذي يحمل عنوان: «المشاركة الشعبية والتنمية»، تحدث الدكتور آربين سي سي (ألبانيا)، والدكتور معتز سلامة (مصر).
كما عقدت جلسة ثانية، بعنوان: «السلام والتنمية المؤسسية»، ترأستها الدكتورة ميزسكا جوسكاوسكا (بريطانيا)، وعقّب عليها الدكتور سعيد المصري، حيث ناقشت هذه لجلسة «بناء المؤسسات ودورها في ترسيخ التنمية»، وتحدث خلالها جان كريستوف باس (فرنسا)، والدكتورة نهلة محمود (مصر). كما ناقشت موضوع: «تفعيل دور المؤسسات غير الحكومية في التنمية»، وشارك فيها السفير جيمس وات من (المملكة المتحدة)، والدكتورة منى المالكي (السعودية). واحملت الجلسة الثالثة التي اقيمت الأربعاء) عنوان: «السلام والتنمية الاجتماعية»، وترأس الجلسة الدكتور رشيد الحمد (الكويت)، وعقّبت فيها الدكتورة منى الحديدي (مصر)، وتحدث فيها كل من الدكتورة جيلدا هوزا (ألبانيا)، والدكتورة نيفين مسعد (مصر) عن موضوع «تأمين الإدماج والمشاركة للمرأة والشباب»، بينما تحدث كل من الدكتور جوردون ساموث (مالطا)، والدكتور أنس بوهلال (فنلندا) عن «توجيه برامج التنمية - الصحة والتعليم والعمران».
أما الجلسة الرابعة فعقدت تحت عنوان «السلام والتنمية الثقافية» ويرأسها الدكتور أحمد زايد (مصر)، عقب فيها الدكتور باري تومالين (بريطانيا)، وتحدث فيها الدكتور كارستين شويرب (مالطا)، والدكتور زهير توفيق (الأردن) حول «جدلية التراث والتحديث»، بينما تحدث الدكتور خوان بيدرو (إسبانيا)، وعبد الإله بلقزيز (المغرب) عن «إشكالية مفهوم الدولة الوطنية».
وشهد اليوم الثالث عقد الجلسة الخامسة (الأخيرة) بالمنتدى، تحت عنوان «السلام والتنمية الاقتصادية }
وترأس الجلسة الدكتور أحمد عتيقة (ليبيا)، وعقبت فيها الدكتورة عادلة رجب (مصر)، وتحدث الدكتور جوليوس سين (إنجلترا)، وعامر التميمي (الكويت) عن «اقتصاد السوق الحر»،خيث لقيت محاضته كل ترحيب من الاقتصاديين لكون الاستاذ عامر باحثا اقتصاديا عربيا عرفته الميادين والساحات الاقتصادية بينما تحدث الدكتور أناستاس أنجيلي (ألبانيا) ومواطنته الدكتورة نيفيلا راما عن «اقتصاد السوق الاشتراكية».
وقد اتفق المشاركون ان المرحوم عبدالعزيز البابطين صاحب رسالة وكانت رسالته وهاجسه نشر السلام والتقارب بين الشعوب من خلال نشر اللغات وتعلمها وكذلك الثقافة والفنون واهمها الشعر والآداب (اي الكلمة الطيبة العذبة).