banner
كتّاب جهينة
banner

إبراهيم أبو حويله يكتب : كيف نحقق نحن ...

{clean_title}
جهينة نيوز -

في تلك اللحظة التي تصبح هناك مجموعة من الأهداف يجب تحقيقها ولو على حساب العلاقات والتعاقدات والمصالح والسلطة ، هل السياسة هي فن إدراة القوة لتحقيق السلطة ، أم هي فن الإدارة لما بين يديك لتحقيق أهدافك الشخصية ، أم هي فن إدارة ما بين يديك لتحقيق مصلحة الشركة أو المؤسسة أو الوزارة أو الوطن أو الأمة التي تريد ...

متى تتقاطع المصالح ومتى تتقاطع الشخصيات ، متى يصبح العدو صديقا ويصبح الصديق عدوا ، هل هناك عدو دائم في السياسة أم هل هناك صديق دائم في السياسة ؟

بالأمس كان بوتين يضرب سوريا طولا وعرضا ، وهو اليوم يصطف مع القضية الفلسطينية ، وبالأمس كان الشيعة يقتلون السنة في سوريا والعراق واليمن ، واليوم هم يناكفون العدو وكلبه الصغير في المنطقة ، هل هناك إتفاق ضمني كما يشير الكثيرون بين الشيعة والولايات المتحدة وكلبها المدلل في المنطقة .

وقفت مع علاقة الشيعة مع الأمريكيين كثيرا وإستمعت إلى الصديق والعدو وإلى من هو منهم ومن هو عليهم ، ووصلت إلى أن هناك أمر واضح عند الشيعة كما هي إيران وكما هم الفرس من قبل ، ويبدو أن هذا إرث هذه الحضارة الفارسية يدركون معنى السياسة .

أنهم عندما يلتقون مع أي جهة في المصالح فإنهم يتحالفون مع هذه الجهة لتحقيق أهدافهم ، ولكنه تحالف قائم على مصالحهم ، وسعي منهم لتحقيق هذه المصالح ، وعندما تختلف مصالحهم يتبعون مصالحهم ، ولا يلتفتون إلى ما كان بينهم وبين هذا أو ذاك ، وهكذا تجدهم اليوم يتفقون مع الولايات المتحدة ، وغدا قد يقفون مع الكيان وبعدها قد يقاتلون السنة ، وبعدها قد يلتقون مع السنة ، ولكن لقائهم مع الولايات المتحدة هو لقاء مصالح يخدم أهدافهم وسياستهم وأجندتهم ، ولا يضعون أي إعتبارات أخرى ، في ضوء هذا تستطيع أن تستوعب تماما كيف يتصرفون وكيف يتفقون وكيف يختلفون ، وكيف يضربون هذا أحيانا ويضربون معه في أحيان أخرى .

أما نحن فيبدو أن العقلية التي تديرنا هي عقلية شيخ القبيلة مع الإحترام ، وهذه العقلية تصلح مع شيخ مماثل ، ولا تصلح مع سياسي ولا دول غربية ولا الكيان ولا روسيا ولا الصين ، ولن تفلح هذه السياسة في إخراج الأمة من هذا الوضع الذي نعيش فيه .

ويحضرني هنا قول كيسنجر عن السادات عندما أراد الأخير إنشاء علاق قوية مع الولايات المتحدة ، فما كان منه إلا أن قام بطرد الخبراء الروس مع أجهزتهم ، وإنتظر متوقعا أن تتصل به الولايات المتحدة في اليوم التالي ولكنها لم تتصل .

وبعد فترة أتصل بهم هو ليقول له كيسنجر بأنه كان يجب أن تتصل بنا قبل أن تقوم بهذا العمل وتفاوضنا على ما تريد عندها من الممكن أن نصل إلى أمر ما ، ولكن ما أن قمت بالفعل فهو مجرد هدية من قبلك لنا ، ولا تتوقع منّا شيئا .

هكذا نرى الصورة واضحة ، ونفهم ما يحدث على الأرض العربية نفهم تماما ما يجري ، فنحن نتعامل مع عدو أو صديق من مبدأ مختلف ووجهة نظر مختلفة ، وهو يتعامل معنا من وجهة نظر سياسية ووفق مصالحه وأهدافه ، ولن يتنازل لنا عن شيء إلا في مقابل شيء .

ومع ذلك ما يظهر من الساسة والسياسة هو فقط قمة الجبل الجليدي ، والباقي لن تراه ، قد تستطيع أن تدرك جزء منه أو بعضه بناء على تحليل وربط وإستنتاج ، ولكن لن تسمعه ولن تراه ، وربما في هذا الزمن الذي أصبح لدى الغرب تلك العادة في كتابة مذكراتهم بعد التقاعد ، عندها من الممكن أن ترى بعض هذه المعلومات وتسمع بعض هذه الحقائق ، ثم تسعى بعد ذلك للوصول إلى الباقي ، وسيبقى هذا الباقي مجرد إستنتاج .

ما يعنني هنا هو نحن في هذا الجزء المضطرب من العالم ، والذي لم يعرف الهدوء منذ بدء الخليقة ، لا أدري حقا هل هي لعنة الأرض الطيبة التي تعطي كل شيء من الموقع إلى الطقس إلى الثروات والكنوز واللبن والعسل ، فكل من في هذه المعمورة يسعى خلفها ويريدها لنفسه ، وتتنازعها قوى الخير والشر ، فتارة تراها هنا وتارة تراها هناك .

كيف لنا أن نصل إلى فهم يرتبط بمصالحنا نحن وبما نريد نحن ، وقبل كل ذلك كيف نحقق نحن ، فلا نكون تبعا لسياسة هذا أو ذاك ، ولا جندي يخدم هذا وعندما ينتهي منه يضحي به على مذبح السياسة كما فعلوا بشاه إيران والقذافي وصالح وغيرهم .

قد تلتقي مصالح البعض معهم في بعض الأوقات ، ولكن هل يجب أن يكون تبعا لهم وحتى وهو يدرك تماما بأن ما يسعون له هو القضاء على هذه الأمة ونهب خياراتها ، وإبقائها مجرد خادم وتابع لهم ، ولا يستفيد حتى مما يساهم هو في إعطائه لهم .

وعندما تنتهي صلاحيته يضحون به على مذبح السياسة التي لم يدرك أو أدرك خطورة ما يقوم به ، ولكنه لم يستطع ان ينفك من رباطه ، ولكن أليس الأفضل هنا أن تختار مصلحة أمتك حتى لو إختلفت مع مصالحك .

لأن تحقيق المصالح الفردية على حساب الأمة ، حتما هو خسارة فردية له قبل غيره ، وكم رأينا هؤلاء يدفعون الثمن كبيرا ، ولو أنهم إنحازوا لمصالح أمتهم لكان خيرا لهم ولأمتهم ، رغم تلك الخسارة التي كانت مجرد خسارة صغيرة في مقابل ما خسرته الأمة لاحقا وخسروه هم أيضا .

ونعود إلى شاه إيران مرة أخرى فهو خير مثال على هذا .

إبراهيم أبو حويله ...
تابعو جهينة نيوز على google news