banner
مقالات مختارة
banner

سلامة يكتب: الكيان الوطني .. عناصر الصعود والترنح

{clean_title}
جهينة نيوز -
أحمد سلامة

اسرائيل، سوريا، العراق نموذجا!

من يظن ان الشرق الاوسط هذا المكان القلق. الذي هو مفتاح الدنيا، ولعنة الابدية، وذاكرتها المشتهاة، سيكون بعد (السابع من اكتوبر) كما كان قبله، يكون اما ساذجا او أعمى البصيرة !

لقد اختلت طوبوغرافية الشرق الاوسط قبل اختلال المنطقة بسبب الابادة التي جرت تحت الكاميرات، وكان في ذلك سابقة ستنتج عدة لواحق.. الشرق الاوسط دوما على موعد مع الاهتزاز المدوي والعنيف

لقد كان القرن السادس اول هزة قلبت هذا المكان رأسا على عقب حين خرج كالمارد من اعماق الحجاز محمد النبي، وبيدي اتباعه المصحف الشريف بيد والسيف القصير بيد.. وركب الاتباع والمصحف والسيف صهوة الحصان العربي وآنى وصلت حوافر خيلهم رسمت حدود الشرق الاوسط.. لقد اهتز المكان من تحت الحوافر وطعنات المجاهدين واعيد رسمه

تم دحر ابمراطوريتين الى الابد من هذه الديار (بيزنطة الاستعمارية) و(فارس التوسعية)، ولم تقبل كلاهما الإذعان للهزيمة، وحاولت اوروبا الرجوع بعد ٤٠٠ سنة وحاولت استرداد الشرق الاوسط ولبثت فيه قرابة المائتي سنة واخرجت بمذلة نهائية وحسم الصراع لصالح العرب
اعني (الحروب الصليبية).. وها هي امبراطورية فارس تحاول الاياب للشرق الاوسط عن طريق (اسلمة ملتبسة تجمع بين مذهب اقلوي يتداخل مع دروشات دينية من مزدكية وزراديشتية ومانوية) فينتج الاسلام الشيعي ولقد تسربت فكرة الاياب الايراني ووصلت اعلى تجلياتها الان في دعم حماس السنية المتشيعة سياسيا، والزيدية الحوثية التي تحولت من مذهب شيعي حميم في محبته لال البيت
وتمذهبت ايرانيا تحت طرقات الوهابية الضارية كما ان جبل عامل الذي ضم في التاريخ ارقى صيغة فقهية للتشيع بعد النجف الاشرف
بات هو الاخر يحمل اسم (الله) ولكن بانزياح موال لـ طهران الفائرة

والعراق مادة وموضوع ساعود اليها بالتفصيل بعد المرور على المشروع اليهودي في فلسطين والتجربة البعثية الفئوية في سوريا..

إن خضة السابع من اكتوبر لها صفات لا تشبه اي صراع قبلها، فكل المتصارعين لا دخل لهم بالمكان، وهذه سابقة وكل أهل المكان
لاذوا بالصمت وتركوا المصطرعين على ارضهم بحريتهم كل يحاول ان ينتصر على الاخر، واعلنوا احتمال قدرتهم على الوساطة ومن ادعى منهم قيادة الامة (بالثراء) لم يحسم موقفه من اية جهة.

الصراع الذي ما زال يجري على تخوم اول التلاقي الافريقي الاسيوي العربي في شوارع غزة هو في تحليله النهائي مادته عنصرية وقبح الاستعلاء اليهودي المجنون وهو غير مبرر والزحف الايراني باستخدام نظرية المركز والاطراف واستعمال الحلفاء الصغار لحسم قضية كبيرة
وذلك امر جديد وحياد كل العرب العاربة والمستعربة والاستنكاف عن ايجاد دور لها، فانها تساوت في ذلك مع الصين المترددة وروسيا المبتعدة والامم المتحدة المحتلة امريكيا واوروبا التي ضحت بروحها من زمان لمصلحة مستعمرتها الكبرى امريكا.

هذا الضجيج الذي انتجته المواجهة الايرانية الاسرائيلية والقاضي لا اقول بنهاية الكيان الاسرائيلي بل اجزم انها خلخلته وقلبت قاعه فصار قمته

كان لا بد ان امر على هذا المدخل التاريخي الضروري لان الذي يجري ذات صلة حميمة مع الذي جرى في (نهاوند والقادسية واليرموك وفتح القدس)

الجديد في كل هذا الشرق الاوسط ان اليهود جاءوا باساطير وحجج كلها دين لاقامة دولة كلها علمانية على ارض فلسطين وتلك اول مصائب هذا المشروع الهجين في الشرق الاوسط..

اعود للتأكيد على ان قضايا اربع كانت مطروحة على مؤتمر فرساي عقب الحرب العالمية الاولى وتم ترحيلها إلى معاهدات منفصلة في
(سيفر) احدى ضواحي باريس

القضية العربية ومن صاغها وحماها وصنع لها جيوشا وامراء وحكام هم الهاشميون من سلالة القومي العنيد الشريف الهاشمي حاكم الححاز واميرها (الشريف الحسين بن علي ال عون) رضوان الله عليه

القضية الثانية:

القضية الكردية وقد اخفق الأكراد في صناعة لوبي يحمل قضيتهم فتم تمزيق حلمهم جغرافيا بين العراق وتركيا وايران وسوريا والحق ان اشرف من تعامل مع القضية الكردية واكثر عدلا وانصافا كان (الملكية الهاشمية في العراق وكذلك الانصاف التاريخي الذي منحهم اياه المرحوم صدام حسين، لقد كان نوري السعيد الكردي المميز في قسوته وادارته البيرق الكردي الذي رفرف على بغداد طوال فترة العهد الملكي الهاشمي من ١٩٢١- ١٩٥٨م

المسألة الثالثة كان اسمها في فرساي (مسألة يهودية)، والرابعة كانت مذبحة الارمن.

في المسألة اليهودية:

ما يهمنا في تاريخها انها ولدت بتبعية مطلقة للغرب البريطاني فالفرنسي فالامريكي والله اعلم ان كان لديهم الوقت الكافي للتوكوء على حليف جديد ام ان المسألة اليهودية الان موضع سؤال كلها؟!

لم اكن متفائلا في حياتي ان جيلنا سيشهد سقوط وانتهاء المشروع اليهودي لكنني اؤكد باليقين التحليلي ان السامر اليهودي بطبعته الصهيونية التي كانت قائمة قبل العاشر من اكتوبر قد فض الى غير رجعة ذلك للاسباب التالية:

١- إن كانت ميليشيا تعتصم في انفاق بنيت تحت سمع وبصر وحصار الكيان الصهيوني وهي تحارب باسلحة اكثر من تقليدية لكن اجتمع لها امران الاحساس المفعم بالاضطهاد الوطني والفقدان الكلي من ابناء اللاجئين في غزة الذين طردوا من ديارهم في حوض القطاع وبني على انقاض قراهم من عسقلان فاسدود فمستوطنات الحزام القبيحة مدن وقرى يهودية بغير وجه حق وتمت ملاحقتهم في حياتهم كلاجئين ومطرودين طوال اجيال ثلاثة وبغطرسة صهيوتية رديئة وغير مبررة ولم يفطن هذا اليهودي الصلف المتعجرف بدون اي سبب يدعوه لذلك على الفلسطيني ان يقدم اي شيء تدل على صحوة من ضمير تنقذه هو قبل ان تنقذ من خسر كل شيء

السؤال إن كانت ميليشيا فلسطينية او مجموعة لمن لا يروق له تسمية المليشيا لاذت بالله سبحانه وتسلحت بالمصحف دون خيل ومعزولة عن محيطها العربي بسبب محيطها وليس بسببها نظمت نفسها واستباحت كل ما حشدته دولة الكيان المغتصب للحياة والانسانية ومرغت كبريائها في رمل غزة وصغرتها من دولة تتمرجل على ايران وتهدد بفتكها وتدميرها الى ان وقعت ضحية تخطيط ايراني اسمي (تناغم الجبهات)

إذن المشروع في ورطة.. كل المشروع الصهيوني في ورطة

لنعد الى البدايات !! والقدس الغربية

كانت الطبقة الوسطى اليهودية قد باشرت مهمة البناء في فلسطين قبل مجزرة الهولوكوست الذين اتقن الاحفاد الصهاينة محاكاتها الف مرة بحق الفلسطينيين والعرب ولقد كانت المدن المختلطة مثل (حيفا وعكا ويافا واللد والناصرة والقدس) معاقل حزب الليكود/ والتحاه اليميني بحكم احتكاكهم بالفلسطينيين يوميا وايضا كانت الكنس والصلاواة المتعددة في المدن تترك للتابعين فرصة التدين واليمين السياسي معا

وقامت اسرائيل على جهد الطبقة الوسطى في المستوطنات الاولى التي اسميت الكيبوتس.

2- لهذا حكم حزب العمل الذي يمثل الطبقة الوسطى من ١٩٤٨ حتى ١٩٨٢ باستثناء مشاركات خجولة لحظات اعلان الحروب كان يدخل مناحيم بيغن الى الحكومة عدة اسابيع

لقد كان بن غورين ابن الكيبوتس وكان مناحيم بيغن ابن المدينة الان وقع انقلاب تاريخي في هذا الكيان اذ اصبحت المدن مثل تل ابيب وحيفا وعكا والقدس مدنا حاضنة للعقلانية والاعتدال وانتقل ممثلو حزب العمل وبقايا اليسار المرعوب الفاشل الى المدن واحتفظ التيار الديني المحنون المتغصب الى المستوطنات في الضفة الغربية واضحت هي من يحسم عضوية الكنيست وفقدت بذلك اسرائيل روحها

3- إن الولايات المتخدة الداعم المقدس لاسرائيل لم يعد اللوبي الصهيوني المهيمن تاريخيا على النواب والشيوخ هو الاكفأ في التأثير الانتخابي ثمة ما يربو عن ٥ ملايين مسلم وعربي هناك يحسون بضيق الاقلية المضطهدة وهم في طريقهم الى بلورة لوبي انتخابي ضاغط له قيمته النوعية وبذلك فالدعم المطلق قد يتزحزح وقريبا جدا إلى زوايا اخرى

4- ثمة بعبعة وجعجعة محزنة في اوساط النخب الاسرائيلية التي فضحتهم الشاشات مؤخرا لا يرون من العلم شيء

الافتراض القريب على الكيان انهم يضغطون على الاردن بفكرة التهجير القسري، ماذا لو في لحظة واحدة عملت السياسة الاردنية والسياسة المصرية استدارة حقيقية باتجاه ايران من وحي المصالح المشتركة ويتم التجاوز للمعاهدات السلمية المبرمة وضغط المساعدات العربية من الاشقاء الاثرياء.. هل تتخيل النخب الاسرائيلية هذا السيناريو وكم ستحتمل او تتحمل اسرائيل من ثقل المواجهة إن لم يكن ذلك بوابة لانهاء المشروع كله

ولا يقول لي احد ان ذلك من مستحيلات الشرق الاوسط فالشرق الاوسط منطقة محنونة بمفاجآتها !!

5- ما لم ينقذ اليهود انفسهم من انفسهم فان اسرائيل قد تدرك السقوط في اقل من عشرين سنة وهذه العنطزة الكاذبة بالانتقام
غير المتكافئ من اطفال غزة ونسائها الحوامل هو عار وخزي سيدفع اليهود ثمنه..

غزة ليست كل فلسطين، فلسطين تمتد الان من (سدني حتى تورينتو) ومن (اريزونا) حتى (هانغ زو) ولا قبل لكم باستئصالهم فاما ان تنظفوا جرحكم بدماء غزة واما تجرفكم غزة بلعنتها الى الزوال

اليهود يحتاجون الى ثلاثة قرارات فورية.. الاطاحة بقيادتهم الملطخة اياديها بدامئهم ودمائنا، وتنحية اليمين، وايجاد شريك فلسطيني قادر على لملمة الشعث.

أوليس ابو خليل جهاد خليل الوزير يمتلك شرعية ابن الشهيد ومعه شهادة الاعتدال الامريكية؟!

أوليس مروان البرغوثي يملك شرعية السجن

أوليس الدكتور مصطفى البرغوثي معه شرعية النخبة وشرعية الشارع!

أوليس ابو جهاد محمود العالول لديه شرعية ابو الشهيد وشرعية فتح؟!

وهذا واجب قيادة الكيان وواجب الامريكان وواجب الاوروبيين

نعم إن الدكتور سلام فياض تكنوقراط نزيه لكنه من دون برنامج سياسي.. وفلسطين والحل بحاجة الى سياسة وسياسيين ايها اليهود اما ان تعتدلوا، واما ان تعتزلوا هذه المنطقة وتعودوا إلى حيث كنتم فالمجازر ليس لها هوية واحدة وما فعلتموه في غزة يحتم عليكم التفكير

بأي مصير تفكرون وأي مستقبل بانتظاركم!
تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير