2024-05-15 - الأربعاء
banner
مقالات مختارة
banner

ابراهيم ابو حويله يكتب:من وحي الفسيلة ...

{clean_title}
جهينة نيوز -
من وحي الفسيلة ...

من الصور المشرقة عند بعض الشعوب أنه حتى وهو متقاعد ، ينخرط في عمل اجتماعي أو ثقافي بهدف المساعدة بفضل وقت وجهد ، حتى أنه من الممكن أن يقف على شارع خطر ليساهم في حماية أطفال المدارس في قطع الشارع ، ولكنه لا يقف مكتوف اليدين بل يقدم ...

تغيير إنسان للافضل هو هدف ...
نشر ثقافة الإيجابية والعمل هو هدف ...
تقدير من يعمل هو هدف...
محاسبة الفاسد والمتكاسل هو هدف..
الخروج من هذه الحالة هو هدف ...

ودائما ما أعيد تلك المقولة الخالدة التي قالها رسولنا صل الله عليه وسلم اذا قامت القيامة وفي أحدكم فسيلة فليغرسها ...

انت لن تأكل من ثمرها ولن يأكل احد ثمرها ، ولكنها تلك الروح التي تحيي ما حولها حتى لو كان كل شيء سينتهي أو انتهى ...

في كل مرة يقع فيها المواطن ضحية لعملية نصب ، أشعر بأننا جميعا نتحمل المسؤولية ...

الحكومة لم توجد بيئة آمنة للإستثمار في البلد ولم تضع الشروط والضوابط والتشريعات والقوانين التي تحفظ الطرفين ...

وفي وقت يبحث فيه المواطن عن فرصة استثمار أمنة تحفظ ماله وتعود عليه بالفائدة ، يقع جزء منهم ضحية هذه البورصات والتجارة الإلكترونية التي لم يطلع على محتواها ، ولم يسبر اغوارها ومن السهل أن يقع ضحية لهؤلاء المجرمون...

أو أننا نقع ضحية نصب لبعضنا بعضا ، ونسينا ماضينا .

عفوا يا سادة فقد كان تجارنا هم البنوك ، فقد كانت توضع عندهم الاموال ، وهم من يتاجر ويسد حاجة هذا وضيقة ذلك ويوزع الأرباح ويساهم في نهضة وطن ، وهم هيئات الإستثمار والمحاكم وهم الرجال الذين نشد بهم ازرنا ونهض بهم الوطن ، نعم هذا لا يخلو من بعض السلبيات والتجاوزات ، ولكن هناك الكثير الكثير منها مشرق وكان لهم دورهم في نهضة الوطن ...

أو يهاجر جزء أخر إلى أصقاع الأرض بحثا عن مردود مجز أو بيئة آمنة ، فأموال الأردنيين تساهم في إقتصاديات العديد من الدول المجاورة بل والبعيدة، ومساهمات التجار والصناعيين أصبحت ملاحظة ومشهود لهم من القريب والبعيد ...

هل أصاب العجز جميع مفاصلنا من حكومة إلى تجار إلى صناعيين إلى شعوب ، وما عدنا قادرين على إيجاد توليفة تخرج الإستثمار في البلد من هذا المأزق ، ولا أفشي سرا اذا قلت بأن لهذا الوضع تبعات خطيرة على الجميع وأننا جميعا سندفع ثمن هذا الأخفاق حكومة وشعبا ...

القواعد بسيطة ولا تحتاج إلى إعادة إختراع ...

فمن غش فليس منّا ، والغش بمفهومة المطلق من التاجر والصانع والمهني والمسؤول...

وإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ، نحن نفتقد هذه في كثير من مجالات حياتنا...

و فليؤد الذي أؤتمن آمانته، إذا رفعت الأمانة من العامل وصاحب العمل والتاجر والصانع ، فهذا مؤشر على إنحدار الأمة إلى مستويات غير مسبوقة، ولا أذهب بعيدا اذا قلت أقرب لقيام الساعة ...

وإذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها .

قدسية العمل هي قدسية ذاتية ، فالعمل مقدس وعليه أجر وهو يساهم في نهضة الأمة ورفعتها وإنتشالها من مستنقعات الهوان والحاجة ، إلى العزة والرفعة وعلو اليد ...

نحن حصرنا الدين في دور العبادة ، ونبذنا عوامل البناء والحضارة ونسعى للنهوض عبر إحلام وأماني...

فلا وربك لن يتغير حالنا حتى نعيد الدين إلى حياتنا ونساهم بفعالية وحضارة في البناء والعمل ونتصف بكل الصفات التي يسعى الدين إلى غرسها، وتسعى الحضارة إلى ايجادها لتحريك عجلة الأمة...

وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ...

..يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ١٣ الحجرات

الناس وقفت كثيرا عند هذه الكلمة ...

الناس شعوبا وقبائل ملل ونحل لغات وأديان ...

الناس مادة الحرب وأداتها ...

الناس فئة تقتل فئة أخرى وتنهي وجودها...

لا وألف لا ما خلق الله الناس إلا مادة للتعارف مادة للتنافس الشريف الذي يرفع من حياة الإنسان ويحسّنها ...

ألم يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قامت القيامة وفي يد أحدنا فسيلة أن نغرسها ...

أليس هذا هو الأمر الأعلى في القيام بكل ما هو مفيد للدنيا قبل الأخرة ...

امر الرسول صلى الله عليه وسلم غاية في الوضوح بوجوب الإحسان في كل أمر صغير كان او كبير ...

الدنيا هي الطريق للأخرة ...

لذلك كان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم هو في جعلها جنة في سبيل الوصول إلى الجنة ...

ديننا ليس دين أماكن مغلقة ولا رجال دين ، ديننا دين مزارع يزرع فسيلة ليحيي أمة.

دين معلم ينشئ عالما ينشئ صانعا ينشئ جيلا يؤمن بأن السير في الأرض عبادة .

بأن إحياء الإنسان عبادة بأن بناء الأرض عبادة بأن التفكر في الأرض وخلقها وكيفية صنعها عبادة .

بأن محاكاة كل ذلك واختراع كل مفيد عبادة .

ديننا يخبرنا بأن الخلق عيال الله وأن أحبهم إلى الله هو أنفعهم لعيال الله .

يؤمن بأن محاربة الظالم عبادة بأن الأخذ على يد الفاسد عبادة ، بأن المحافظة على الأمة ووحدتها عبادة .

التفت الى من يغرسون الأمل...
من ينيرون شمعة تبدد ظلام الطريق...
الى أولئك الذين يبعثون فيمن حولهم معنى الحياة ...
من يبعث في الحياة معنى البطولة ، معنى الإختلاف، معنى رفض الذل والخنوع ، يقف وحيدا هناك ولكنه يحيي أمة ...
من يغرس فسيلة تحتاج إلى عقود من الزمن ، ولكنه يعلمنا معنى صناعة الحياة...
الموت حق كما الحياة حق لا مفر ...
وفرق بين من مات وهو يسرق الحياة ...
وبين من مات وهو يهب الحياة ...الكلمة ...

لو قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها...

لن تحدث فسيلتك في تلك الأحداث العظام شيئا إلا في نفسك أنت...

لقد قمت بدورك وما هو مطلوب منك ، وهل تلك الفراشة التي تضرب بأجنحتها في طرف العالم تدرك أن أثرها سيكون في الطرف الأخر منه ...

عندما نظر لويس السادس عشر من نافذة سجنه والثوار ينقلون جسد فولتير إلى مقبرة العظماء ...

قال كل ما أنا فيه من المصائب جاءني من هذا الرجل ...

هذا الرجل الذي مات قبل الثورة بأحد عشر عاماً ، نعم هو السبب مع أنه لم يكن يملك إلا الكلمة ...

وكان هو وأمثاله سبب في هز عروش الظلم وسقوطها ...

وهل كان يملك رسولنا صل الله عليه وسلم إلا الكلمة ...

ابراهيم ابو حويله ...
تابعو جهينة نيوز على google news