"المقاطعة" متانة لـ الاقتصاد الوطني ورفض لـ التطبيع
عايش: فرصة استثنائية أمام السوق الأردنية صنعتها المقاطعة
زيادة الطلب على المنتج المحلي يعني التوسع اقتصاديا
الأنباط – يارا بادوسي
كشفت تقارير محلية عديدة عن إرتفاعات شهدها السوق المحلي والإقتصاد الأردني بشكل عام في نسب مبيعات المنتجات المحلية بشكل لافت نتيجة لـ الدعوات الشعبية المتصاعدة الرامية لـ مقاطعة المنتجات الأجنبية العالمية الداعمة للإحتلال "الإسرائيلي"، الأمر الذي شكل حالة من التحول نحو المنتج الوطني البديل وتحقق ما يسمى بـ "السير نحو مبدأ الإعتماد على الذات" لـ الوصول إلى أعلى مستويات المرونة والمتانة الإقتصادية، خاصة أن الصناعات الأردنية باتت تثبت محوريتها ومساهمتها الفاعلة بـ الأمن الاقتصادي والغذائي وفقا لـ خبراء ومحللين إقتصاديين.
ركان عيد وهو أحد أصحاب المحال التجارية في العاصمة عمان يقول : أن هناك ازدياد بشكل ملحوظ ولافت في الطلب على المنتجات المحلية عوضا عن المنتجات الأجنبية، مشيرا إلى أنه أصبح الإعتماد عليها بشكل شبة كامل، وتفوق حجم السحب والطلب على المنتجات المحلية على حجم الطلب على المنتجات الأخرى نتيجة حملات المقاطعة ضد منتاجت الشركات الداعمة لـ العدوان على غزة، أو تلك الشركات التي يملكها مستثمرون صهاينة.
وتوضح (رباب) وهي إحدى ربات البيوت : أن ما قبل حملات المقاطعة كانت تقوم بإختيار المنتجات الأجنبية عند شراء احتياجاتها المنزلية كونها تصنف بالأعلى جودة، لافتة أن الأمر أصبح مختلف الآن مع حملات المقاطعة التي أجبرتها على الإبتعاد عن شراء المنتجات الأجنبية بشكل كامل، وشراء المنتجات المحلية البديلة.
وأضافت، أنها واجهت صعوبة في البداية بـ محاولة الحصول على منتجات بديلة بجودة عالية وبنفس التي اعتادت عليها، ومحاولة إقناع أولادها بـ التخلي عن المنتجات التي تعود لشركات تدعم الكيان الصهيوني، وتغيير ثقافتهم في إختيار السلع والمنتجات وتعزيز مفهوم المقاطعة لديهم.
في السياق ذاته، أكد المحلل الإقتصادي حسام عايش أن الفترة الحالية تعتبر فرصة استثنائية أمام القطاع الصناعي والمنتجين والمستثمرين المحليين خاصة المنتجات الغذائية المصنعة محليا التي تشكل حصتها نحو (60%) في السوق المحلي، نظرا لـ إنخفاض الطلب على منتجات الشركات العالمية الداعمة لـ الكيان الصهيوني، الأمر الذي يجب إستثماره بهدف زيادة إقبال المواطنين على المنتجات المحلية، ما سيعمل على توسعة الإستثمار وفتح فرص عمل إضافية وإحلال السلع المحلية على السلع المستوردة من الخارج.
وأضاف، أن ثقافة المقاطعة محليا أوجدت مساحة لـ المستهلك المحلي التعرف على السلع والخدمات والمنتجات في السوق الأردني، ومكنته من تصنيف السلع المحلية والمفاضلة بينها وبين المستوردة من جهة، والبحث عن بدائل لـ تلك التي تنتجها دول مشاركة وداعمة لـ العدوان على غزة ، مشيرا إلى أن هذه المفاضلة دفعت بـ المواطنين إلى إختيار المنتجات المحلية بالدرجة الأولى بدلا من منتجات السلع الأجنبية، وقدمت الدعم لها بـ الرغم من أنها لم تكن خيارهم الأول في السابق.
وتابع عايش، أنه نتيجة لما سلف ذكره سيطرأ أثرا إيجابيا لاحقا يتمثل بـ إنخفاض حجم أو "قيمة" المستوردات وكلفتها التي بلغت 19.24 مليار دينار في نهاية عام 2022، وتقليل العجز في الميزان التجاري وتقنين خروج العملة الأجنبية من الأردن، وبالتالي دعم المزيد من الإستقرار للدينار الأردني، موضحا أنه في حال كانت المنتجات المحلية ذات جودة عالية وتباع بـ أسعار مناسبة سيحول جزء منها لـ التصدير وتزداد حينها نسب الصادرات الأردنية، وهذا بحد ذاته مدخلات إضافية تصب في النمو الاقتصادي ، والذي سيرفع آفاق الاستثمارات ، وتنصب سقف مرتفع للأداء الاقتصادي الوطني من التجارة الداخلية وهي أحد محركات النمو الاقتصادي.
ومن جهة أخرى، كشف مصدر مطلع لـ "الأنباط" أن شراء المنتج الوطني ودعمه بدلا من المنتج المستورد ترفع من أداء الإقتصاد الوطني، وأن كل دينار يتم انفاقه لشراء منتج من الصناعات الوطنية يعود على الإقتصاد الوطني بـ أكثر من 80 قرش ، في حين لا يتجاوز العائد على الإقتصاد الأردني 30 قرش لكل عملية شراء بقيمة دينار من المنتج الأجنبي، مضيفا أن الزيادة في الطلب على المنتج المحلي يعني بالضرورة زيادة الحاجة للتوسع أو لإقائمة المزيد من الإستثمارات لتلبية هذا الطلب وبالتالي زيادة فرص العمل ورفع القدرات التشغيلية.
الجدير ذكره هنا ؛ أن القطاع الصناعي ينتج ما يقارب(1500) سلعة مختلفة بناء على نسبة تغطية الصناعات الوطنية الغذائية لأكثر من (60%) من حجم السوق المحلي، خاصة أن إنتاج بعض السلع وصل لحد الإكتفاء في العديد من المنتجات كـ (الألبان والأجبان واللحوم والدواجن وبيض المائدة، وصناعة المياه والمشروبات والمواد الغذائية والمعلبات، والورق الصحي، والأدوية البشرية والبيطرية و المعقمات والمطهرات والمنظفات والأسمدة والمبيدات) بحسب ما تشير إليه بيانات غرفة الصناعة.