banner
كتّاب جهينة
banner

الشرفات يكتب: خيارات الدولة في مواجهة سياسة الإحتلال

{clean_title}
جهينة نيوز -
د.طلال طلب الشرفات


لقد كشفت حرب غزة عن حجم المخاطر التي تواجه الدولة الأردنية في كيانها وكينونتها وأدوارها الإقليمية والدولية بما في ذلك الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، ولعل المخاطر التي يصعب الحديث عنها أو الخوض فيها أكثر صعوبة من تلك التي نقولها على رؤوس الأشهاد.

لا أتفق البتة مع أولئك الذين يطالبون بإلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية؛ حتى وأن لعنّاها وأوسعناها شتماً ليلاً نهاراً، وبقيت أحكامها مجرد حبرٍ على ورق؛ والسبب أن تلك المعاهدة درأت مخاطر الخيار الأردني كأحد وسائل التهجير، وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الوطن.

رغم حجم الغضب والألم من جرائم الإبادة والحصار والعدوان التي يتعرض لها الأشقاء في فلسطين؛ إلا أنني لا أرى أن هناك حصافة في مناقشة مجلس النواب للإتفاقيات مع الاحتلال الغاصب لسببين: الأول أن هذه المسائل من صلب عمل الحكومة وهي الأقدر والأجدر باتخاذ قرارات تعبر عن موقف الدولة من جرائم الاحتلال وفق ضوابط مصالح الدولة العليا التي تخضع بالطبع لرقابة ومساءلة البرلمان، والسبب الثاني أن القرار السياسي لا يجوز أن يخضع لعوامل الغضب وردّ الفعل وإنما لمعايير النضج، وتقدير فوائد ومخاطر تلك القرارات بالتشاور مع البرلمان وليس العكس.

من الواجب على كل الدول اتخاذ إجراءات قاسية ضد الإحتلال دون أن يؤثر ذلك على رصانة الدولة وحوكمة قراراتها بما لا يضر جوهراً بمصالح الدولة العليا مع دول أخرى أساسية ومهمة بحكم الضرورة أو أن تتأثر صورتها أمام المجتمع الدولي.

نتفق جميعاً على عدم جواز أي تعاون يخدم الاحتلال المتغطرس، ولكن علينا أن نتفق قسراً على إدراك مخاطر القفز في الهواء، وتقويض أمننا الوطني وتعريضه للخطر لأننا بذلك نكون قد قدمنا خدمة مجانية للاحتلال، تؤثر سلباً على أشقائنا الصابرين المرابطين، ونعطي الفرصة لحلفاء الاحتلال بالإضرار بوطننا ضرراً ليس هناك من بدائل لجبره أو حتى التخفيف منه.

الدولة الأردنية تملك خيارات واسعة وقاسية لمعاقبة الاحتلال ليس من بينها إلغاء معاهدة السلام إلا إذا وصل الأمر إلى مرحلة التهجير الممنهج والتي عندها من صنع رحى الريح لتتحدث عنه الركبان.

الموقف الأردني قيادة وجيشاً وشعباً تقدم في إسناد الأشقاء الفلسطينيين على كل المواقف الأخرى في الإسناد السياسي والدبلوماسي والإغاثي والطبي، ويبقى السؤال الأهم كيف نساند الأشقاء بكل ما أوتينا من جهد دون أن ننحر الوطن أو نفوّت على الأشقاء وسائل النصرة في داخل فلسطين وخارجها.


تابعو جهينة نيوز على google news