الأردن: خطوات ثابتة نحو الاستقرار الاقتصادي
الأنباط-عمرالكعابنة
يواجه الاقتصاد الأردني تحديات اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الأحداث في سوريا، والاضطرابات السياسية في المنطقة، والعدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة ، والانكماش الاقتصادي العالمي، وقد أدت هذه التحديات إلى ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض النمو الاقتصادي، وتفاقم الفقر.
في خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي ودعم النمو، توصلت الحكومة وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن برنامج جديد بقيمة 1.2 مليار دولار مدته 4 سنوات في إطار "تسهيل الصندوق الممدد".
يأتي هذا الاتفاق تتويجاً للجهود التي بذلتها الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، والتي ساهمت في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي في مواجهة الصدمات الخارجية المتعاقب، على الصعيدين المحلي والدولي .
ويركز البرنامج الجديد على مواصلة سياسات الضبط المالي لوضع الدين العام على منحنى منخفض مستمر إلى أقل من 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028، والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لدعم النمو وتعزيز خلق فرص العمل.
ومن أهم الأهداف التي يسعى البرنامج إلى تحقيقها ما يلي؛ تعزيز الاستقرار المالي والنقدي من خلال خفض عجز الميزانية العامة، وتعزيز إيرادات الدولة، وخفض التضخم، وتعزيز الثقة في الاقتصاد الأردني.
ودعم النمو الاقتصادي عبر تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة لـ تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال تحسين منظومة الحماية الاجتماعية، وتوفير فرص العمل للشرائح الأكثر احتياجاً.
كما ستستمرسياسات البنك المركزي باستهداف المحافظة على الاستقرار النقدي والمصرفي، عبر التزام البنك المركزي الثابت بالحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت مع الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى الاستمرار بما حققه الأردن مؤخراً في الخروج من القائمة الرمادية لفرقة العمل للإجراءات المالية المعنية بغسل الأموال (FATF).
ويتضمن البرنامج مجموعة من الإصلاحات المالية،أبرزها؛ خفض عجز الميزانية العامة من خلال خفض الإنفاق الحكومي غير الضروري، وإعادة توجيهه نحو قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة، وتعزيز كفاءة الإنفاق، وأيضاً تعزيز إيرادات الدولة، من خلال إصلاح منظومة الضرائب، ومكافحة التهرب الضريبي، وزيادة الرسوم الجمركية.
ويركز البرنامج أيضًا على مجموعة من الإصلاحات الهيكلية، أهمها؛ إصلاح سوق العمل عبر تعزيز مهارات العمال، وتوفير فرص التدريب المهني، وخفض تشريعات العمل التي تعيق التشغيل، وتطوير القطاع الخاص عبر تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة القطاع العام، وتحسين بيئة الأعمال، وتوفير الدعم المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية من خلال الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الأساسية، مثل الطرق والمواصلات والطاقة.
على الرغم من أهمية البرنامج وأهدافه الطموحة، إلا أنه يواجه عدداً من التحديات، تتمثل بـ الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة والتي تتمثل في الحرب في أوكرانيا، والعدوان الصهيوني على غزة، ومشاكل سلاسل التوريد، وأثار التغير المناخي على الاقتصاد العالمي، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، والتي تؤثر سلباً على الاقتصاد الأردني، وتكمن التحديات المحلية بـ ارتفاع معدلات البطالة والفقر، والفساد الإداري في بعض القطاعات ، وضعف الحوكمة، والتي تتطلب جهودًا كبيرة لمعالجتها.
من أجل تحقيق أهداف البرنامج بنجاح، من المهم أن تبذل الحكومة جهودًا مكثفة ، من خلال تنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية بكفاءة وسرعة، وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية المختلف، وتعزيز التعاون مع صندوق النقد الدولي والشركاء الدوليين الآخرين، وتوفير الدعم المالي والفني اللازم.
ويمثل البرنامج الجديد خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي ودعم النمو في الأردن، لذا من المهم أن تبذل الحكومة جهودًا مكثفة لتنفيذ البرنامج بنجاح، بما يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة منه.