تقرير المجلس الاقتصادي الاجتماعي:1 أغلوطة التعميم
جهينة نيوز -تقرير المجلس الاقتصادي الاجتماعي:1
أغلوطة التعميم
د. أيّوب أبو ديّة
هذه ملاحظات أولية حول تقرير المجلس الاقتصادي الاجتماعي حول الطاقة هدفها بيان أن المجلس ليس مركزاً محايداً بل يعمل بوحي من الآيدلوجيا التي تصاغ عند صانعي القرار. وسوف تأتي في أجزاء وفقا للموضوع أولها: أغلوطة التعميم.
يرفع التقرير في فاتحة صفحاته شعار "تنويع مصادر الطاقة" بعمومية علماً بأن الأدق هو مبدأ "تنويع مصادر الطاقة الوطنية"، فما الفائدة من تنويع مصادر طاقة لا سلطة لنا عليها؟ وهل الشعار المرفوع هدفه تبرير استيراد الغاز من الكيان، أم تبرير استيراد التكنولوجيا النووية، أم كليهما؟
وهناك تركيز بالفنط الأسود في صفحة (4) على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال تحييد أي من مصادر الطاقة خلال العقد القادم". وهذا أيضاً تعميم غير دقيق لأنه في موقع آخر من التقرير نجد حديثاً عن تحديث سنوي للخطط وكذلك لأن الطاقة النووية لن تنتج أي طاقة في العقد القادم بتصريح القائمين عليها، لذلك فهي بطبيعة الحال محيدة. وقد قام التقرير بتوضيح هذه النقطة مشكوراً في منتصف صفحة (5) عندما قال "أن المشروع النووي السلمي الأردني ما زال يراوح مكانه".
وهناك تعميم آخر في الصفحة عينها مفاده "أن مصادر الأردن المحلية من النفط والغاز الطبيعي محدودة جداً". وهذا أيضاً تعميم لا لزوم له حيث أننا لا نعرف حقيقة الأمر بعد، لحاجته إلى دراسات معمقة، وبالتالي فإنه ينبغي أن نترك الأمر مفتوحاً لما سوف يستجد في المستقبل، علماً بأن شركة بريتيش بتروليوم أعلنت عن اكتشافات كبيرة من الغاز عام 2013 واحتفلت الشركة في مقرها بعمّان وأعلن وزير الطاقة آنذاك أن الأردن سوف يسد احتياجاته من الغاز ويبدأ بالتصدير بحلول عام 2020. ثم فجأة اجتمع دولة رئيس الوزراء مع الشركة بتاريخ 8 كانون ثاني 2014 وأعلن عن انسحاب الشركة.
بعيد ذلك بوقت قصير وفي شهر شباط من العام نفسه أعلنت شركتا البوتاس والبروين عن اتفاقية بمبلغ 771 مليون دولار لاستيراد الغاز من شركة نوبل إنرجي وما لبثت الحكومة، بعد أن اطمأنت أن الشارع ومجلسه النيابي في طور السبات، عن مذكرة التفاهم في نهاية صيف عام 2014. والحمد لله الذي تأخر توقيع الاتفاقية حتى عام 2016 بسبب خلافات بين الشركة والمحكمة العليا الإسرائيلية حول الامتياز وحق التصدير والضرائب وما إلى ذلك. وبانتهاء الخلاف وقعت الحكومة الأردنية على سعر جديد أفضل مقداره 10 مليار دولار بدلاً من 15 مليار دولار، حيث انخفض سعر الغاز الذي ستتزود به المملكة خلال 15 عاماً نتيجة اكتشافات الغاز الكبيرة في العالم؛ ولغاية الآن لم يتسن لأعضاء مجلس النواب الاطلاع على الاتفاقية.
ومن الجدير بالذكر أن مصر وقعت أيضاً على عقد استيراد بمبلغ 20 مليار دولار علماً بأن لديها آبار "زهر" للغاز وهي أضخم من آبار ليفاياثان. وهكذا سمحت الاتفاقيتان المصرية والأردنية للشركة بتأمين الحد الأدنى من الزبائن لبدء الاستثمار في بئر الغاز. ونعتقد أن هذا الاعتماد على الغاز المستورد من مصدر محدد بعينه خارج الأردن هو خطر على استقلالية القرار الأردني وتكرار لخطأ تجربة الغاز المصري التي لم يتمكن الأردن من المطالبة بتعويضات عما لحق به من أذى لانقطاع الغاز المصري عام 2011 بينما ربحت إسرائيل دعوة وكسبت ما يقارب ملياري دولار كتعويض.
يقـول التقرير في صفحة (12) "أن اتفاقـيـة استيراد الـغـاز مـن شركة Noble Energy قد واجهت معارضة قوية في الشارع الأردني". هذا صحيح والأسباب كثيرة منها طبيعة عمل الشركة وتسجيلها وارتباطاتها بمشاريع تشجيع التجارة الأمريكية الإسرائيلية وكذلك تسجيل شركة نوبل انيرجي-الأردن في جزر الكيمان بمالكين مجهولي الهوية حيث يصعب مقاضاتهم فيما بعد, وأيضاً طبيعة دخولها الخرافي إلى الأردن عبر إغلاق باب اكتشافات الغاز الأردني.//