الكويت عملاق اقتصادي.. يستيقظ
محمود عيسى
قالت محطة «سي إن بي سي» العالمية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية انه لطالما أطلق على الكويت اسم «عملاق الخليج النائم»، حيث انها كانت تمثل واحدة من أقل الاقتصادات الإقليمية اثارة للاهتمام في الشرق الأوسط ولم تفعل سوى القليل لجذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن هذه السمعة قد تكون عرضة للتغيير.
وذلك وفقا لتقرير حديث تناول التغيرات الايجابية التي يشهدها الاقتصاد الكويتي
وقال التقرير انه يجري النظر في ترقية سوق الكويت للأوراق المالية إلى وضع الأسواق الناشئة من قبل المؤشرات الرئيسية، وسيكون ذلك بمنزلة إعادة تصنيف مهمة في عالم المستثمرين.
وتعمل 30 صندوقا عالميا وفقا للأسواق التي تتضمنها تلك المؤشرات الخاصة بالأسواق الناشئة لشركتي فوتسي راسل وmsci وتدير هذه الصناديق من الأصول ما يوازي 135 مليار دولار.
وقال مؤشر MSCI العالمي للأسواق الناشئة في يونيو الماضي انه سيضع بورصة الكويت قيد المراجعة لإعادة تصنيف محتملة والترقية من الأسواق الحدودية إلى الأسواق الناشئة في مايو المقبل. اضافة الى تصنيفها ضمن مؤشر فوتسي راسل اعتبارا من سبتمبر المقبل.
تدفق الاستثمارات
وقالت التقرير ان الترقية تعني ضخ مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية لأول مرة في الاقتصاد الكويتي، حيث يضطر المستثمرون في الأسواق الناشئة والصناديق التي تتعقب الانكشاف للمؤشر، أو اولئك الذين يقيسون أداءهم على مؤشر الأسواق الناشئة، إلى شراء الأسهم الكويتية. ويوضح تاريخ السوق أنه على المدى القصير على الأقل، يمكن أن تعني عملية مراجعة المؤشر زخما للأسهم في السوق لإعادة تصنيفها. وأشار التقرير الى نماذج لأسواق مالية مشابهة شهدت الترقية قريبا كالأرجنتين والسعودية.
وانعكس ذلك على السوق السعودي لتصبح واحدة من أسواق الأسهم عالية الأداء في جميع أنحاء العالم خلال فترة الترقية بالتزامن مع ارتفاع النفط والإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها المملكة وهو ما تشهده الكويت في الوقت الحالي ايضا.
كذلك البورصة الأرجنتينية، السوق الاولى في العالم من حيث الأداء العام الماضي.
ونسبت المحطة الى زميل قسم الشرق الأوسط في معهد بيكر التابع لجامعة رايس كريستيان كوتس أولريشسين قوله «ان الكويت لديها أقدم بورصة في الخليج، كما ان العديد من الشركات المتداولة فيها متعددة الجنسيات وذات نطاق واسع وتضع نصب عينيها الاستفادة إلى حد كبير من الترقية الى وضع السوق الناشئة».
تنويع الاقتصاد النفطي
يعتمد الاقتصاد الكويتي بشكل كبير، شأنه شأن العديد من اقتصادات الشرق الأوسط، على الصادرات النفطية. وتتربع الكويت على ما يوازي 6% من الاحتياطيات النفطية العالمية او أكثر من 100 مليار برميل.
وبين دول أوپيك فإن لدى الكويت أعلى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي اعتمادا على النفط بنسبة تصل لـ 92% من عائدات الصادرات و90% من الدخل الحكومي.
ومن المتوقع أن ينمو القطاع الخاص بنسبة تتراوح بين 3.5% و4% بين عامي 2018 و2021.
ولكن غياب التنويع الاقتصادي يجعل من الصعب على الشركات العثور على الموظفين وردم الفجوة الواسعة بين موظفي القطاع الخاص البالغة نسبتهم 36%، وبين نظرائهم في القطاع العام الذين يشكلون ضعفي هذه النسبة وبواقع 74% من القوى العاملة.
ويتمتع المواطنون الكويتيون بضمان التوظيف في القطاع العام باعتباره احد وجوه توزيع الثروة النفطية، بينما تشكل العمالة الوافدة السواد الأعظم من موظفي القطاع الخاص.
رؤية 2035
وقد أطلقت الحكومة الكويتية خطة واسعة للتنمية الاقتصادية تتجاوز النفط تحت مسمى «رؤية الكويت 2035»، تستهدف زيـادة الاستثمــار الأجنبـــي المباشر وتبسيط المعاملات امام الشركات الأجنبية الساعية للاستثمار في البلاد.
وتقول «سي ان بي سي» انه كان من الصعوبة بمكان على المستثمر الأجنبي الحصول على ترخيص تجاري، وكان عليه الانتظار لمدة 60 يوما في المتوسط قبل الحصول عليه، وقد تم تقليص هذه المدة إلى 3 أيام.
كما انخفضت تكاليف استصدار التراخيص. وبات المستثمرون الأجانب الآن قادرين على تملك 100% من أسهم الشركات التي يؤسسونها في الكويت، والاعفاء من ضرائب الدخل لمدة تصل إلى 10 سنوات. وقد دفعت هذه التغييرات القطاع الخاص للنهوض والتعافي.
ونسبت المحطة الى مسؤولة الأبحاث في مركز الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد صوفي أولفير-إليس قولها «ان رؤية الكويت 2035 واعدة، وأن القطاع الخاص هو الذي يقود عملية التحول إلى اقتصاد غير نفطي، علما بأن القطاع العام يضطلع بما يوازي 90% من المشاريع التنموية، وتبذل الدولة محاولات لتقليص هذا الدور الذي تقوم به في الاقتصاد بنسبة تتراوح بين 30 و40%».
عائق سياسي فريد
ويقول كوتس أولريتشسين ان مجلس الأمة الكويتي النشط يمثل عائقا سياسيا فريدا مقارنة بدول الخليج الأخرى في غمرة الجهود التي تبذلها الكويت للتنويع الاقتصادي. حيث يتصدى للحكومة ليحاسبها بشأن عملية صنع القرار الاقتصادي.
وقد حال المجلس في الماضي دون تنفيذ مبادرات تتعلق بمشاريع البنية التحتية والطاقة الرئيسية التي كان من شأنها تحديث وتوسيع القاعدة الاقتصادية الحالية في البلاد.
وأضاف ان هذه العقبة السياسية امام الإصلاح الاقتصادي غير موجودة في دول الخليج الأخرى، مشيرا الى أن الكويت لا تزال تتعافى من حالة الشلل السياسي التي كبلتها خلال الفترة بين عامي 2006 و2012، والتي شهدت اجراء 6 انتخابات نيابية، وتشكيل أكثر من 12 حكومة.
وقد اضر هذا الأمر بسمعة الكويت وصورتها امام المستثمرين الدوليين، وما زالت مسألة استعادة الثقة المفقودة في اوساط هؤلاء المستثمرين بشأن الضغوط البرلمانية تمثل قضية شائكة.
علينا الانتظار لنرى النتائج
وقالت المحطة ان توجه الكويت نحو اقتصاد أكثر توازنا قد يحد من تقلبات السوق. خاصة ان تغيرات أسعار النفط الدراماتيكية تحدث تقلبات هائلة في الاقتصاد الكويتي.
وقال كوتس أولريتشسين «ان الإنفاق الحكومي مرتبط بشدة بعائدات النفط ولذلك فإن الأوضاع المالية القطاع العام تتبع مسار وتطورات أسعار النفط ارتفاعا وهبوطا».
وختمت «سي ان بي سي» بما نسبته الى أوليفر-إيليس التي قالت «ما زال علينا الانتظار لنرى مدى نجاح الحكومة، لأن اجراءات التنويع ما زالت في مهدها».