أوروبا السوداء ...
كان الشرق غنيا زاخرا بالثقافة والعلوم والتقدم في الصناعات وفي الإنسان، مقارنة بهذا الغرب المتوحش ، فصلاح الدين عفا عن الآلاف والقادة وكذا فعل المنتصر بالله في الأندلس عفا عن ثلاثين ألف مقاتل فيهم ألامراء والملوك والقادة ، ولكنه عفوا وسماح وقع في غير أهله ، فما أن تمكن هؤلاء حتى مارسوا ما هم معتادون عليه من السرقة والوحشية ونصب محاكم التفتيش...
في نهاية القرن الحادي عشر كانت أوروبا غارقة في الظلام وكانت الحروب بين هذه الدول الممزقة، بل حتى في الدولة الواحدة وفي المنطقة الواحدة...
عصابات مسلحة تسرق بعضها وتقتل بعضها وتحتل وتغتصب وتمارس العبودية تجاه بعضها بكل تلك الوسائل المتاحة...
لم تكن الأخلاق ولا الحضارة ولا الإنسان تعني لهم شيئا ، وما فعلوه في القدس بعد إحتلالها يوازي ما فعله هولاكوا وجانكيز خان، قتل للرجال والنساء والأطفال ، سبي وسرقة ووحشية فاقت كل تصور ، هذا العقل الذي ابدع محاكم التفتيش ، ومارس الوحشية في مناطقه وقبائل الغال والفايكنج وغيرها مارست عادتها في القتل والتوحش...
عاد الفاتحون إلى أوروبا وقد مستهم روح الحضارة والتقدم في الشرق ، فمع ما سرقوه من أموال وكنوز حملوا الكتب والثقافة والصناعة والتقدم ، حتى الكثير من الأسلحة، فهذه المدافع والبارود وحتى البنادق والقنابل المحمولة بالطائرات الورقية ، كل هذا كان اساس للنهضة التي تلت ذلك الاحتكاك الحضاري مع المسلمين تحديدا والشرق عموما...
ثم يخرج علينا من يظن بأن الحضارة والتاريخ والعلوم والثقافة ولدت هناك في أوروبا، يا هذا اقرأ التاريخ مرة وستعلم الحقيقة، وإذا قرأته مرة تلو مرة قد تفهم التاريخ لتعرف دور ابن خلدون وابن رشد وابن الهيثم ، ولنعلم أن هذه البشرية ما كانت يوما مناطق معزولة ولا جزر مفصولة بل كانت حضارة إنسانية ممتدة، أخذ هذا وأضاف وأخذ ذلك وأضاف، ومن تخلى تخلت عنه ورحلت وتركته فارغ هامل لا فائدة فائدة ترتجى منه...
ومن أراد الحضارة وبحث وجد وتعلم وثابر وصبر عادت له صاغرة ...
إبراهيم أبو حويله...