أزمة اللجوء السوري تتفاقم ٠٠ ازدياد الضغط على الموارد مقابل انخفاض الدعم الدولي
المعايطة: خياراتنا صعبة ولكن لا نملك إلا الاستمرار بدعم اللاجئين السوريين
عايش: الغرب يعطي الاولوية للأزمة الأوكرانية وتراجع اهتمامه ب"السورية" انعكس على الدعم واللاجئين
عايش: عودة اللاجئين تستوجب إعادة الإعمار و"قيصر" يحول دون ذلك
التمويل لخطة الاستجابة ينخفض ل9٪.. والأزمة تنعكس على المواطنين والخدمات المقدمة
الأنباط- سبأ السكر
تشكل أزمة اللجوء السورية تحديًا كبيرًا أمام البلاد في ظل الأوضاع الاقتصادية الأقليمية والدولية الصعبة، إذ يرى مسؤولون أنها تشكل ضغطًا مهولًا على أمكانيات الدولة ومواردها في ضوء انخفاض حجم الدعم المقدم من دول العالم للخطة الوطنية للاستجابة لازمة اللجوء السوري.
وفي لقاء وزير الداخلية مازن الفراية، المدير الإقليمي لدى منظمة الأمم المتحدة للهجرة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا عثمان البلبيسي وممثله بالمملكة تيما كورت مؤخرا، أشار إلى أن ازمة اللجوء السوري أنهكت الموارد الاقتصادية والصحية والتعليمية والبنى التحتية ومصادر المياه والطاقة المحدودة في المملكة، بينما أوضحت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان في حديث سابق أن نسبة التمويل الموجه لخطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية بشقيها المساعدات النقدية والتنموية لا يتجاوز 9 بالمئة من الاحتياجات التي وضعتها المملكة، للاستمرار بتقديم الاحتياجات الأساسية للاجئين السوريين، مبينةً أن الأزمة تشكل ضغوطات مهولة على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
بدوره، قال الوزير الاسبق سميح المعايطة إن الخيارات صعبة لكن لا يملك الاردن، الا الاستمرار في السعي مع العالم لتخفيف العبء عنه وتوفير تمويل لمنظمات دولية تدعم اللاجئين، مضيفًا أنه على البلاد بذل محاولات لفتح أبواب للحل السياسي رغم السلبية التي يتعامل بها النظام السوري وتشدد المجتمع الدولي نحوهُ، بينما حرص الأردن على انجاز مبادرة لتسريع الحل السياسي للازمة السورية ومنها ملف اللاجئين التي للان استجابة النظام السوري لها ضعيفة، مشيرًا إلى أنه توافق هذا مع تراجع اهتمام العالم بالازمة السورية ودعم اللاجئين، ولهذا يحاول الاردن مع دول العالم للحفاظ على مستوى معقول من المساعدات للاجئين السوريين، لكن الأمور ليست كما يجب، وبالتالي فإن العبء يزداد على الدولة الأردنية.
وتابع، تزامن تأثير الازمة السورية على المملكة بوجود عدة مشاكل اقتصادية؛ نتيجة عوامل أخرى، مبينًا أنه عندما تتأثر الدولة وتدفع ثمن في مجالات الطاقة والمياه والتعليم والصحة والبنية التحتية فإن ينعكس مباشرة على الأفراد والخدمات المقدمة، إضافة إلى تأثيرها على الموازنة وعجزها وارتفاع الدين العام المستمر.
وأشارالمعايطة إلى أنه قد تكون الحلول ليست سهلة؛ مشيرًا إلى أن الحل الاهم عودة اللاجئين السوريين أو معظمهم إلى بلادهم وهو الامر غير متحقق؛ فارقام العائدين متواضعة جدا ذلك لان معظمها تكون هجرة لبلد ثالث ،بسبب الاوضاع السورية الأمنية والاقتصادية والسياسية، مبينًا أن الأوضاع السورية تعتبر طاردة للاجئين السوريين، سواءً بوضعها العام سياسيا وامنيا واقتصاديا، أو الاوضاع الشخصية لكل لاجئ بفقدانهم بيوتهم، والخدمات ومن جهة أخرى المطلوبين أمنياً، موضحًا أن الدولة السورية ليست معنية بعودة اللاجئين، فهي لا تستطيع توفير متطلبات الحياة لمن هم بداخلها.
وأوضح الخبير الاقتصادي حسام عايش، من جهته ، أنه لا شك أن وجود السوري في الأردن خارج سياق الطبيعي، خاصة عند الحديث عن زيادة سكانية كبيرة مرة واحدة، التي تشكل نحو 20% من حجم سكان البلاد، وبالتالي فهذه الكتلة السكانية الضخمة تؤثر على مواردها وعلى الاقتصاد، الصحة، التعليم، والأمن، مضيفًا أنه لا يمكن انكار أن كتلة سكانية كبيرة تأتي إلى دولة أخرى يكون تأثيرها بسيطا وفق هذا المعيار.
وتابع، أن الأردن يتحمل وجود اللاجئ السوري، لكن وجودهُ ليس وجوداً مكثفاً فقط بمنطقة محددة في شمال الأردن، انما أصبح السوريين موجودين في المدن الأخرى في العاصمة عمان وغيرها، مبينًا أنه بحكم الاستقرار والعمل بوجود السوري في المشهد السكان، الإقتصادي، الإجتماعي، الثقافي والمعيشي الأردني كاد يكون طبيعياً مع توالي السنوات بالنسبة للأردن والمجتمع الأردني، وأصبح جزءا من المشهد العام.
وأشار عايش إلى أن الأردن يضع تقديرات لكلفة وجود السوري، اي ما يسميه بخطة الاستجابة الأردنية للوجود السوري، ويقدرها سنوياً نحو ما يقارب 2.3 مليار، مضيفًا أن الاستجابة الدولية لخطة الإستجابة الأردنية للأزمة تتراجع باستمرار من 60% إلى 50% إلى 30% ، وبالتالي فإن هذه التكاليف المقدرة من قبل المملكة كأعباء يتحملها، لذا فأن المجتمع الدولي يتراجع في التزامات اتجاهها، "ربما لأسباب تتعلق المجتمع الدولي نفسه الذي قد لا يأخذ بالبيانات والأرقام الأردنية لعدد اللاجئين داخله، والتي تشير إليه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بـ 670 ألف سوري في البلاد، بينما يتحدث الأردن عن 1.3 مليون، وبالتالي هناك تفاوت كبير بنسبة 100% تقريباً وقد يكون هذا سبب من أسباب أن الاستجابة الدولية أقل.
وتابع، "هناك تحول نحو الاهتمام بالأزمة الأوكرانية التي تأخذ بكل قدرات وإمكانيات المجتمع الدولي، مثلاً أوروبا والولايات المتحدة نحو أوكرانيا واللاجئين الأوكرانيين، مبينًا أن الإهتمام بدرجة أولى للأوكرانيين فيما قد لا يكون الإهتمام بدرجة ثانية لغيرهم وإنما رابعة ... والسوريين بالنسبة للأوروبيين هم لاجئين بالمعنى التقليدي وبالمعنى العنصري حتى لهذا المصطلح، فيما الأوكرانيين هم أوروبيين وبالتالي لهم الأولوية بالرعاية والاهتمام والعناية".
وأوضح عايش أن الأوضاع الاقتصادية في المملكة لم تتقدم كثيرا إلى الأمام، بينما الإلتزامات الدولية تتراجع باستمرار، ولذلك فأنه يحاول أن يقول إن الوجود السوري عبء عليه وأن الأردن لم يعد قادرًا على تحمله، وأن عودة السوريين إلى بلادهم تصبح ضرورة ، مبينًا أن هذه الحالة قضية وطنية بالنسبة للكثيرين في الأردن بالنظر إلى أن من يقف عائقاً فعلياً أمام عودة السوريين هي ما يسمى بالمجتمع الدولي (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) من باب أن هذه العودة ربما تؤشر إلى تطبيع مع النظام السوري من جهة، وأن هذه العودة تحتاج إلى اعادة التعمير؛ لأنه لا يمكن أن تكون هناك عودة للسوريين من الأردن دون عودتهم من البلاد الأخرى، اي أنه بالضرورة أن سورية تحتاج إلى بنية تحتية لاستقبال هؤلاء العائدين وتوطينهم من جديد.
وأضاف، "وهذا ما لا يسمح به قانون قيصر ولا العقوبات الأوروبية على سوريا، وما ظهر جليًا بهذا الاستنكاف العربي من عودة سوريا إليه، اي انه تراجع سياسياً لكنها لم تعد اقتصادياً أو اعمارياً أو تجارياً بل العكس كان التمهيد للعودة السورية يعطي آمالاً كبيرة بتجاوز المنظومة العربية لقانون قيصر، والحقيقة أنها بعد عودة سوريا لجامعة الدول العربية نرى العلاقات العربية السورية وكأنها جمدت، لأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يوافق على هذه العودة أو إن وافق عليها فاعتبرها عودة بالشكل وليس بالمضمون الذي يفترض أن ينتج عنه بنية تحتية وإعمار وبالتالي اعادة اللاجئين السوريين".
وبين عايش أن الأردن اوضح للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنه لم يعد يحتمل الوجود السوري، اي الكُلف التي يتحملها الاقتصاد، "وبالتالي فإن التلويح بإعادتهم من قبل السياسيين أو غيرهم تعبير عن رأي الجهات الرسمية التي المحت بشكل مباشر او غير مباشر بأن الأردن لم يعد راغباً بإبقاء الأمور كما هي وعليه التحرك لإثارة هذا الموضوع أوروبياً وأمريكياً"، مضيفًا لعل قضية المواجهة مع المخدرات وحربها هي شكل من أشكال القول أو المواجهة بالصوت العالي لما يحدث، وأن الأردن يريد إظهاره وانعكاسه الخطير عليه.
وتابع،" أنه ربما بدأ الأردن يخشى من انفلات الأمور في سوريا مرة أخرى، ومن لاجئين جدد ربما يعبرون الحدود إلى الأردن وبالتالي فإن ما يجري هي رسائل واضحة بانه لن يسمح بلجوء سوري جديد، كما انه أيضا يوجه رسالة للنظام السوري الذي لا يحارب بالشكل الكافي تجارة المخدرات، وربما للفت نظر الولايات المتحدة والغرب إلى أنه يتحمل أعباءً كان يُفترض أن تشاركهُ فيها أو تتحمل الجزء أكبر منها، وهم لم يعودوا ملتزمين بما كان يجب ان يلتزموا به، فلماذا يبقى الأردن ملتزماً بتداعيات الوجود السوري".
وختم عايش، بالنتيجة أن الأردن يحاول أن يدفع المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته من جهة، أو أن يغض النظر عن محاولات إعادة سوريين إلى بلادهم؛ لكن مع ذلك فأن الأردن لن يعيد السوريين بالقوة، وانما يريد أن يلفت الانتباه بشكل أكبر ما تم حتى الآن إلى مخاطر هذا الوجود على اقتصادهُ وعلى برامجهُ كبرنامج الاصلاح الاقتصادي، مع صندوق النبك الدولي، وحتى على البرامج المتفق عليها مع البنك الدولي على أن الهبات والمساعدات والقروض لم تعد تكفي الاحتياجات الأردنية، فكيف باللاجئين وبالتالي فإن نتائج أي عملية اقتصادية متفق عليها مع صندوق الدولي، وعدم تحقيقها لنتائجها المرجوة لا يعود للأردن، وإنما يعود للجهة الراعية لصندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أنه يفترض على المجتمع الدولي أن يتفهم أكثر احتياجات الأردن وأن يقدم المساعدات كما يرى الأردن أنه بحاجة إليها، وبعكس ذلك فأن الأردن مضطر لتصعيد اللهجة فيما يتعلق بالوجود السوري في الأردن.