مجزرة أكاديمية في جامعة الزرقاء الأهلية.
د. خليل ابوسليم
يبدو أن المصائب تتوالى تباعا على قطاع التعليم الجامعي في الأردن، فهذه تشكيلات مجالس الأمناء للجامعات الرسمية والتي اعتراها الغموض والمحسوبية إضافة إلى عدم الكفاءة، وكان قد سبقها قبل ذلك تشكيلات مجالس الأمناء للجامعات الخاصة وفيها من العوار ما فيها.
لن أتحدث اليوم عن تلك التشكيلات، فقد قيل فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، إلا أنني سأتطرق اليوم إلى مجزرة أكاديمية قامت بها جامعة الزرقاء الأهلية، عندما أطاحت بعدد كبير من أعضاء هيئة التدريس لديها وعددهم يفوق (40) الأربعين عضوا ممن يحملون درجة الدكتوراه في كافة التخصصات ومن مختلف الرتب الأكاديمية، وكانت تلك بمثابة عيديه من إدارة الجامعة لأساتذتها قبل عيد الفطر السعيد.
ما يؤسف له أن قطاع التعليم الجامعي يعاني من خلل واضح، يبدأ من وزارة التعليم العالي التي تكتفي بدور المراقب، وفي كثير من الأحيان المبارك لما يجري في أروقة جامعاتنا الرسمية منها والخاصة، وفي أفضل الأحوال تتنصل من مسئولياتها بإلقاء اللوم على موظفين صغار عند اكتشاف خطأ ما وهذا ما حصل عندما تم تعيين ثلاث من أعضاء مجالس الأمناء لا يحملون الحد الأدنى من التعليم، ناهيك عن المحسوبية والشللية والتنفيعات الحاصلة في تشكيلة تلك المجالس.
الحال في الجامعات الخاصة ليس أفضل منه في جامعاتنا الرسمية التي خرجت وما زالت الكفاءات التي أثبتت علو كعبها خارج الوطن، حيث أن العديد من الجامعات العربية وبعض الأجنبية قائمة على كفاءات أردنية.
فهل يعلم معالي وزير التعليم العالي عن الاجتماع الذي عقده مالك جامعة الزرقاء الأهلية مع نظرائه من ملاك الجامعات الخاصة الأخرى واتخذوا فيه قرارا بالاستغناء عن أعداد كبيرة من أعضاء هيئة التدريس بحجة تخفيض النفقات، علما بان تلك الجامعة وغيرها من الجامعات تحقق ولا زالت أرباحا لا باس بها في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها المواطن الأردني.
وهل يعلم معالي الوزير أن رئيس تلك الجامعة يحمل درجة الدكتوراه الفخرية، وحسب المعلومات المؤكدة فهو بالكاد يحمل درجة السادس الابتدائي، في الوقت الذي يتخذ فيه قرارات بإقالة أساتذة أفنوا أعمارهم لتحصيل الدكتوراه.
وهل يعلم معالي الوزير أن مجالس الأمناء في الجامعات الخاصة يسيطر عليها الملاك بطريقة مباشرة من خلال أبنائهم وانسبائهم وغير مباشرة من خلال المحسوبين عليهم.
وهل يقرأ معالي الوزير التقارير السنوية لتلك الجامعات ومنها هذه الجامعة ليرى مقدار الأرباح المحققة فعليا وعدم توزيع أي شيء منها على المساهمين البالغ عددهم حوالي 1200 مساهم يمثلون عددا كبيرا من العوائل الأردنية التي تنتظر تحقيق عوائد على استثماراتها.
وهل دقق معالي الوزير على كيفية تعيين مدقق الحسابات الذي يقف دائما إلى جانب مجلس الإدارة مدافعا عن النفقات المبالغ بها لصالح المتنفذين بمقابل إعادة تعيينه لسنة قادمة يغض خلالها الطرف على مخالفات قادمة.
ما يدور في أروقة الجامعات الخاصة أمر معيب بحق التعليم العالي في الأردن وقبل ذلك هو انتقاص من هيبة الوزارة ومنظري التخطيط للتعليم العالي، فما هي فائدة وجود مجالس أمناء في الجامعات الخاصة إذا كان المسيطر الأول والأخير على كل القرارات هم رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والذين في الغالب يشكلون لوبي عائلي للسيطرة على الجامعات بحجة استثماراتهم التي يديرونها بطريقتهم الخاصة دون أي اعتبار للمجتمعات التي تعمل بها والقائمة على أكتافها.
بقي أن أشير إلى نقطتين غاية في الأهمية، الأولى أن هناك العديد من قوائم الاستغناء عن أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الخاصة سوف تصدر قريبا – إن لم يكن صدر بعضا منها - بناء على قرار مسبق وبالاتفاق بين الملاك، وهذا يتطلب من الوزارة التدخل الفوري لإيقاف تلك المهازل.
أما الثانية، فهي ضرورة أن تقوم الوزارة بنبش ملفات تلك الجامعات وكشف كافة المخالفات المالية والإدارية التي تدور في أروقتها، ولتكن البداية من هذه الجامعة والتي سوف اعمل على كشف المزيد من تلك المخالفات في المقالات القادمة..... البقية تأتي.
kalilabosaleem@yahoo.com