حسين الجغبير يكتب : من أجل المصلحة العليا.. فهو أمر لا بد منه
ينتظر قانون الجرائم الإلكترونية الأرادة الملكية للمصادقة عليه بعد ما أقره مجلسي النواب والأعيان، وقد أدخلا عليه تعديلات خففت من العقوبات الواردة عليه بحق المخالفين.
في أي لحظة قد تصدر الإرادة الملكية، في وقت تعلو بعض الأصوات مطالبة جلالة الملك في التدخل ورد القانون الذي أعدته الحكومة وحولته وفق الدستور لمجلس الأمة كمشروع قانون، وهذه الأصوات تواصل الضغط بهذا الاتجاه.
السؤال الذي يطرح هو: هل ستنجح هذه الاصوات في مسعاها، وهل هي تمثل الأغلبية أم أقلية، وربما السؤال الأكبر الذي لا بد وأن نفكر فيه جليا، ويتمثل في هل لدينا كدولة مصلحة في عدم مصادقة الملك على القانون؟
اعتقد أن ذلك غير منطقي، واقول اعتقادي هذا بعيدا عن العاطفة، وبعيدا عن موقفي من القانون وملاحظاتي على بعض بنوده، وأرجع ذلك لأسباب عديدة أهمها:
أولا: لا بد وأن نتمسك بمعادلة احترام الدستور، فالقانون أقرته أغلبية مجلسي الأعيان والنواب، رغم اعتراض بعض الأعيان والنواب، إلا أنه بات الآن مقرا من مجلس الأمة، وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في سن التشريعات التنظيمية أو العقابية، وليس من مصلحة أحد أن يذهب جلالة الملك لكسر إرادة هذا المجلس.
ثانيا: المشروع قدمته الحكومة، وهي السلطة التنفيذية المطالب منها وضع حدا للفوضى على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المؤسسات التي تعتبر نفسها إعلامية، لذا من حق الحكومة أن تستخدم الأدوات التي تراها مناسبة للحفاظ على حقوق الناس وحمايتهم من الذم والتحقير واغتيال الشخصية.
ثالثا: بما أنه مشروع حكومي، وأقره مجلس الأمة، فلا يعقل أن يذهب الملك إلى رفض مثل هذا المشروع، الذي لا تضارب مصالح فيه كما حدث في مشروع قانون تقاعد النواب الذي رده الملك حينها.
رابعا: هذا القانون ليس اختراعا أردنيا، ومعظم دول العالم تحتضن قوانين أكثر تشددا ف سبيل ضبط ما يجري على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعتقد أنه مصلحة أردنية لمن يؤمن اليوم بالمهنية، والموضوعية، عند تعامله مع ما يكتبه أو ينشره، فأي قانون لا يمكن أن يمس الأشخاص الملتزمين فيه. فهناك فرق بين حرية التعبير القائمة على الانتقاد الموضوعي لأداء مسؤول ما، وتقييمه، وبين من يحاول أن يضغط باتجاه العودة عن هذا القانون لأنه يريد أن يكتب ما يريد حتى لو كان فيه ذم وقدح واغتيال شخصية للآخر.
من أجل كل ذلك، لا بد وأن يصادق على القانون احتراما للأغلبية، وللدستور، ولإرادة مجلس النواب الذي هو منتخب من الشارع. وبعدها نستطيع مناقشة أي أمر مع الجهات المعنية والضغط باتجاه الحصول على المزيد من المكاسب بهذا الاتجاه.