الشراكة الصناعية بين الأردن والإمارات والبحرين ومصر قيمة مضافة للاقتصاد الوطني
– زينة البربور
توالت الاجتماعات العربية بين كلا من الأردن والإمارات والبحرين ومصر حتى تم توقيع العديد من الاتفاقيات بمختلف القطاعات حرصا على تنفيذ بنود الشراكة الصناعية التكاملية التي بدأت تحاك منذ عام تقريبا، وذلك سعيا لتحقيق الأمن الغذائي والدوائي لدى الدول الأربعة من خلال تكريس الجهود الحثيثة لدعم مشاريع متكاملة وزيادة الصادرات وتوفير آلاف فرص العمل للارتقاء بالاقتصاد الوطني لكل منهم.
و استكمالا لتنفيذ آلية التعاون استضافت غرفتي صناعة عمان والأردن وفداً اماراتياً يوم الخميس الماضي للتعريف بمشروع الشراكة الصناعية التكاملية وما يوفره من فرص إقامة شراكات ومقترحات للمشاريع وللتعريف بالخدمات التمويلية المتوفرة لدى كل من الأردن والإمارات.
وفي لقاء حصري لـ " الأنباط " مع الوكيل المساعد لقطاع التنمية الصناعية في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات العربية عبدالله الشامسي للحديث عن أبرز نقاط القوة التي تملكها كلا من الأردن والدول الثلاث أكد أن الأردن تملك مقومات عديدة أولها المواد الخام والمعادن فهي متوفرة بكثرة كالفوسفات والبوتاس، لافتا انها موارد يمكن استغلالها للبناء عليها صناعات متقدمة ومنتجات وآلات ومعدات.
وبين ان الأردن قوية في مجال صناعة الادوية حيث يوجد فيها خبراء وأكاديميين وتملك ابتكار في الصناعة الدوائية مشيرا إلى أنها ميزة يمكن استغلالها لزيادة إنتاج الأدوية بكل أنواعها في الأردن، وأضاف أن الأردن تملك مقومات تجعل من الأغذية مصدر هاما يمكن استغلاله لتوسيع دائرة الصادرات على نطاق كبير، لافتا أن الطقس المعتدل فيها تعد صفة تميزه عن الخليج ما يوفر بدوره فرص كبيرة وواسعة للزراعة ويفتح أبواب كبيرة للصناعات الغذائية بأنواعها ( الألبان واللحوم الدجاج والبيض ) مؤكدا انها منتجات مطلوبة في الأردن وكافة الدول العربية.
وذكر أنه كل دولة عربية ستقدم بصمة نوعية في الشراكة الرباعية من خلال المقومات التي تملكها مثلاً الإمارات لديها مواد خام وبتروكيماويات وبنية تحتية وخدمات لوجستية متقدمة جدا ويمكن أن تخدم في مجال التجارة، كما أن مصر تمتلك سوق ضخم يمكن أن يوفر عقود شراء للمشاريع الصناعية التي يخطط لها كما تملك مواد خام وعمالة ماهرة.
وأضاف أن دولة البحرين تمتلك خدمات لوجستية متقدمة ومنتجات يمكن استخدامها في الصناعة كالالمنيوم لافتا أنها تعد من أكبر مصنعين الألمنيوم في المنطقة العربية.
وأوضح الشامسي أن دور الجهات الحكومية يتركز على دعم المشاريع الصناعية خصوصا المشاريع التي يوجد فيها تكامل بين الدول الأربعة، مبينا أنه من أهم ممكنات المشاريع الصناعية هي وجود التمويل والشراكة سواء من ناحية التكنولوجيا للإنتاج أو شراكة لعقود الشراء أي لشراء المنتج النهائي، لافتا أنه إذا حصل المصنع على عقد الشراء أصبح المشروع ناجح، لافتا أن جهد الجهات الحكومية يتمحور حول مدى نجاح الجدوى الاقتصادية للمشاريع وفيما إن تم تنفيذ دراسات للجدوى، وهل التقييم في مرحلة نضجه مشيرا إلى أنه يتحول التركيز بعد ذلك إلى التمويل.
وحول الفترة الزمنية التي يستغرقها تنفيذ المشاريع أوضح أن كل مشروع يختلف عن غيره فهناك مشاريع ما زالت في مراحل مبكرة على عكس مشاريع أخرى، مبينا وجود مشاريع يمكن أن تنفذ بشكل سريع بعد أن حققت شراكة قوية بين شركات اردنية اماراتية في مجال الادوية حيث سعت الأولى إلى نقل المعرفة في الادوية والثانية كان هدفها من الشراكة انتاج ادوية بشكل واسع.
وتابع وجود مشاريع ضخمة بتكلفة تجاوزت 100 مليون دينار كمشاريع إنتاج الأسمدة قد تحتاج فترة زمنية أطول للحصول على موافقات وتصاريح، وبالتالي كل قطاع يحتاج وقت مختلف عن غيره.
وفي حديث لـ " الأنباط " مع رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن فتحي الجغبير أكد أن الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة تعد فرصة هامة لبناء صناعات تكاملية قائمة على أساس الميزة التنافسية في كل بلد، حيث تمتلك الدول الأربع مجموعة من الموارد والمزايا التنافسية الفريدة التي تشمل توفر المواد الأولية والخام، مثل موارد الطاقة في كل من الإمارات والبحرين والأراضي الزراعية الخصبة في مصر والمعادن في كل من مصر والأردن، لما لذلك من أثر كبير في خفض كلف الإنتاج وتعزيز تنافسية هذه الصناعات بالإضافة إلى تحقيق الأمن الاقتصادي والغذائي لها.
وبين أن الشراكة الصناعية تقوم على 5 أهداف استراتيجية وهي؛ تأمين سلسلة التوريد والاكتفاء الذاتي، والتوطين وتكامل سلاسل القيمة، والصناعات المتكاملة ذات القيمة المضافة، والتنمية الاقتصادية والتنويع وخلق فرص العمل، إضافةً إلى السعي لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة للدول الأربع.
وعلى صعيد القيمة النوعية التي ستضيفها هذه الشراكة للأردن، أوضح أنها تكمن في بناء شراكات واستثمارات كبرى خاصة بعد توقيع العديد من الاتفاقيات التي أُعلن عنها مؤخراً، إضافةً إلى تقوية سلاسل التوريد وتحقيق الإكتفاء الذاتي وتكامل سلاسل القيمة وتعزيز مستويات الأمن الغذائي والصحي في الأردن، ذلك على غرار تعزيز تنافسية المنتجات الوطنية في الأسواق المحلية والعالمية، مضيفا أنها ستسهم بشكلٍ فاعل في بناء صناعات متقدمة وتنافسية، وخلق قيمة مضافة ستنعكس على الاقتصاد الوطني، وخلق المزيد فرص عمل لأبنائنا من الشباب الأردني.
وذكر الجغبير أن أهمية هذه الشراكة تكمن في إقامة قاعدة صناعية صلبة لدعم العلاقات الاقتصادية بين هذه الدول وصولا إلى إنشاء صناعات منافسة وعابرة للحدود، ذات جودة وتقنيات عالية، لافتا أنها تتركز في 5 قطاعات حيوية هي؛ الزراعة والأغذية والأسمدة والأدوية والمنسوجات والمعادن والبتروكيماويات.
وأضاف أنه خلال اجتماع اللجنة العليا للشراكة بين الدول الأربع في الأردن خلال شهر شباط من العام الحالي تم توقيع العديد من الاتفاقيات بموجب هذه الشراكة منها 12 اتفاقية في 9 مشاريع صناعية نوعية تكاملية بقيمة استثمارية تتجاوز 2 مليار دولار في العديد من القطاعات على رأسها؛ (قطاعات الزراعة والأدوية والمعادن والكيماويات والسيارات الكهربائية)، لافتا ان ذلك يعد بمثابة خطوة جادة وعملية للبدء في رسم ملامح الشراكة وتشبيك الإمكانيات المتاحة ووضع حجر أساس رئيسي للتكامل العربي، بالإضافة إلى النقلة النوعية بتوقيع هذه الاتفاقيات والتي تعتبر انجازاً وخطوة للبناء على تنافسية كل دولة وتحقيق التكامل الصناعي.
وتابع أنه تم تحديد 27 فرصة إجمالية سيتم تنفيذها على ثلاثة مراحل مع إعطاء الأولوية ل 10 فرص ليتم تنفيذها خلال المرحلة الأولى؛ منها ما يتم تنفيذه حالياً (كإنتاج الحبوب، والإنتاج الحيواني، وإنتاج الأسمدة، وإنتاج الأدوية البديلة، لإنتاج السيليكا للزجاج، وصهر الألمنيوم) وغيرها من المشاريع الأخرى خلال المرحلتين الثانية والثالثة.
وأوضح أنه لا زال القطاع الخاص في هذه الدول مطالب اليوم بتقديم مشاريع ذات قيمة مضافة عالية مبنية على أساس التكامل وليس التنافس وتحقق أهداف وغايات إقامة الشراكة الصناعية التكاملية، مبينا أن الجهود الأخيرة التي بذلت من أجل مشروع هذه الشراكة؛ وآخرها الاجتماع الذي عقد في غرفة صناعة الأردن، حيث استضافت الغرفة وفداً إماراتياً للتعريف بمشروع الشراكة وما يوفره من فرص لإقامة شراكات ومقترحات للمشاريع، هي خطى حثيثة من أجل الوصول إلى فرص جديدة في مختلف القطاعات الصناعية كما أنها تفتح المجال أمام وجود العديد من الشراكات بين مختلف الأطراف في الدول الأربع.
وذكر أن القطاع الصناعي الأردني يملك من الإمكانيات والمقومات ما يجعله يتبوأ مكانة هامة؛ وفقاً لاتفاقيات التجارة الحرة التي تجعله قادراً على الدخول إلى العديد من الأسواق الكبرى حول العالم (كالولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي) بالإضافة إلى الفرص العديدة ضمن المجالات الصناعية الواعدة وفقاً للقدرات التي يمتلكها في مختلف الصناعات الوطنية؛ كصناعة الأغذية والصناعات الدوائية والصناعات الكيماوية والأسمدة وصناعة الألبسة وغيرها من الصناعات الأخرى التي أثبت فيها الأردن قدراته الإنتاجية والتنوع والكفاءة والجودة العالية لمنتجاته.
وأضاف أنالأردن سابع أكبر منتج للبوتاس وخامس أكبر منتج للفوسفات، كما يمتلك منتجات فريدة كمنتجات البحر الميت، في حين يعد الاستثمار في رمال السيليكا في الأردن فرصة جاذبة نظراً لجودته ونقاوته وكميته الوفيرة وجدوى استغلاله، والتي تدخل في عدد من الصناعات كالزجاج والخلايا الشمسية والمنتجات التكنولوجية، ذلك على غرار الموارد البشرية الكفؤة ذات الإنتاجية والمهارات العالية.
وأكد أن هذه الشراكة الرباعية بين الأردن ومصر والإمارات والبحرين تعد بمثابة خطوة إستراتيجية تنموية للنهوض بالصناعة العربية بشكل عام والصناعة الاردنية على وجه الخصوص، مشيرا إلى ضرورة التأكيد والاشارة إلى أن هذا التكامل ما يزال أمامه الكثير من العمل وتوحيد الجهود، ولعل الحجر الأساس لتطبيق التكامل يكمن في إزالة معوقات التجارة البينية التي تحدها معيقات كثيرة أخرى، فضلاً عن تسهيل حركة انتقال الأيدي العاملة وعمليات الشحن والنقل، بالإضافة إلى التطبيق الفعلي للخطوات العملية التي حددها التكامل المشترك، وتعزيز تكامل سلاسل القيمة و التشابكية والذي بدوره سينعكس بشكل مباشر على خلق قيمة مضافة أعلى داخل الاقتصاد العربي بأكمله مستقبلاً.
ودعا الجغبير إلى الحاجة الماسة لازالة العديد من التحديات التي تواجه الصناعة الوطنية على المستوى المحلي والتي تتعلق أبرزها في كلف الإنتاج وخاصة كلف الطاقة، بالإضافة إلى الحاجة لإزالة البيروقراطية وغيرها من التحديات.
من الجدير ذكره أنه على خلفية التعاون الرباعي العربي شهدنا سابقا رعاية رئيس الوزراء لأعمال الاجتماع الثالث للجنة العليا للشراكة الصناعية المتكاملة التي تم في شهر شباط الماضي بتوقيع 12 اتفاقية في قطاعات الزراعة والأدوية والمعادن والكيماويات والسيارات الكهربائية ، بقيمة تتجاوز 2 مليار دولار وتوفر قرابة 13 ألف فرصة عمل في الدول الأربع.