"الحديقة التكنولوجية" مصطلح جديد يغزو العالم ٠٠٠ كيف نستفيد منه محلياً
عمر الكعابنة
"الحديقة التكنولوجية" هي مصطلح يشير إلى مجمع أو منطقة تكنولوجية تهدف إلى تعزيز الابتكار والتطوير التكنولوجي وتشجيع الشركات والمؤسسات الناشئة في مجال التكنولوجيا والعلوم المرتبطة بها،و تتميز الحدائق التكنولوجية بتوفير بيئة ملائمة ومناسبة للشركات الناشئة والمبتكرين لتطوير وتجربة تسويق أفكارهم ومنتجاتهم التكنولوجية.
وتعتبر أماكن مجهزة تحتضن الشركات الناشئة وتوفر لهم البنية التحتية والخدمات اللازمة مثل المكاتب والمختبرات والمساحات المشتركة والدعم الفني والمالي والتسويقي. كما توفر الحدائق التكنولوجية فرصًا للشركات الناشئة للتفاعل والتعاون مع بعضها البعض ومع الشركات الكبيرة والمستثمرين والأكاديميين.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحدائق التكنولوجية على توفير برامج تدريب وورش عمل وفعاليات تشجع على التعلم والتواصل وتبادل المعرفة والخبرات بين المهنيين والباحثين ورواد الأعمال. تهدف الحدائق التكنولوجية إلى تعزيز التواصل والتعاون في مجال التكنولوجيا وتسهيل نقل المعرفة والابتكار من الأبحاث الأكاديمية إلى التطبيقات التجارية.
للحديث أكثر مفهوم الحدائق التكنولوجية والفوائد المتوقع حدوثها في حال إنشائها بالأردن وهل الأسواق والبنى التحتية والجامعات مهيئة لإستقبال فكرة إنشاء الحديقة التكنولوجية تواصلت "الأنباط" مع عدد من الخبراء التكنولوجيين، حيث بين الباحث في الاتصالات بجامعة أكسفورد البريطانية الدكتور وائل البيايضة أن الحديقة التكنولوجية تعتبر (Tech Park) مفهومًا شائعًا في العديد من البلدان حول العالم. إنها منطقة تكنولوجية متخصصة تهدف إلى تعزيز الابتكار والبحث وتطوير التكنولوجيا في سياق بيئة تجارية متقدمة. ومع ذلك، فإن وجود الحدائق التكنولوجية يختلف من بلد لآخر وقد لا تكون متاحة في جميع البلدان.
وبالنسبة للأردن، أوضح البيايضة أنه لا يوجد حاليًا حديقة تكنولوجية رسمية بهذا الاسم. ومع ذلك، يوجد في المملكة العديد من المناطق والمبادرات التكنولوجية التي تهدف إلى تعزيز القطاع التكنولوجي وتشجيع الابتكار، على سبيل المثال، يوجد في الأردن "منطقة الملك الحسين للشركات التكنولوجية" (Hussein Business Park)، . تعد هذه المنطقة منطقة متخصصة لتشجيع وتعزيز الشركات التكنولوجية والابتكار في الأردن، بالإضافة لوجود العديد من المراكز التكنولوجية والمبادرات الابتكارية التي تعزز روح الريادة والتطوير التكنولوجي. توجد مثلًا "مؤسسة الملك عبدالله الثاني للابتكار (King Abdullah II Fund for Development)، وهذا جزء من الجهود التي يبذلها الأردن لدعم الابتكار والتكنولوجيا في البلاد.
وزاد، إن إنشاء حديقة تكنولوجية يتطلب العديد من العوامل والموارد أبرزها الرؤية والاستراتيجية أهمها؛ وضع رؤية واضحة واستراتيجية قوية للحديقة التكنولوجية، ويتعين تحديد الأهداف والمخرجات المرجوة من الحديقة، وتحديد القطاعات التكنولوجية المستهدفة، وتحديد الفرص والتحديات المحتملة، بالإضافة لوضع تشريعات وتنظيمات تدعم إنشاء وتشغيل الحديقة التكنولوجية. يجب أن يتم وضع إطار قانوني وضوابط تسهم في جذب الشركات التكنولوجية وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير، كما تحتاج الحديقة التكنولوجية إلى بنية تحتية قوية ومتطورة. يشمل ذلك وجود مرافق تكنولوجية مثل مختبرات وورش عمل ومساحات للاجتماعات والتعاون، كما أنه يجب توفير الاتصالات عالية السرعة والبنية التحتية التقنية اللازمة، ويتطلب إنشاء وتشغيل الحديقة التكنولوجية تمويلًا كافيًا يمكن أن يأتي التمويل من مصادر مختلفة، مثل الحكومة والمستثمرين الخاصين والشركات التكنولوجية المتعاونة، وتعزيز التعاون والشراكات مع الشركات التكنولوجية المحلية والدولية، والجامعات والمؤسسات الأكاديمية، والمؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة.
وتابع، إن إنشاء حديقة تكنولوجية يمكن أن يسهم في عملية استقطاب الاستثمارات التكنولوجية بعدة طرق، ومن بين الفوائد المرجوة أن تكون الحديقة التكنولوجية مركزًا جذبًا للشركات التكنولوجية والناشئة والمبتكرة. يعزز وجود البنية التحتية التكنولوجية والمرافق المتخصصة جذب الشركات المهتمة بالبحث والتطوير والابتكار في بيئة تجارية مشجعة، كما تعمل الحديقة التكنولوجية كمنصة للتعاون والتفاعل بين الشركات التكنولوجية المختلفة والمؤسسات الأكاديمية والباحثين. يمكن للشركات أن تستفيد من التبادل المعرفي والتعاون في تطوير المشاريع وحل المشاكل التكنولوجية، ولديها القدرة على جذب الاستثمارات التكنولوجية من القطاع الخاص والمستثمرين المهتمين بالتكنولوجيا وتوفير تمويل ودعم للشركات التكنولوجية الناشئة للمساعدة في تطوير وتنمية أعمالها، وخلق فرص عمل جديدة في قطاع التكنولوجيا والابتكار. يمكن للشركات المتواجدة في الحديقة توفير فرص تدريب وتطوير المهارات للعاملين في القطاع التكنولوجي المحلي، والعمل كمحفز للابتكار والبحث والتطوير في المنطقة، بالإضافة لدعم وموارد للباحثين والمبتكرين لتحويل أفكارهم إلى منتجات وخدمات تكنولوجية قابلة للتسويق.
ولفت، البيايضة إلى أن إنشاء حديقة تكنولوجية في الأردن يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد والتكنولوجيا في البلاد، أهمها؛ الإسهام في تطوير الاقتصاد المعرفي في الأردن من خلال دعم الابتكار والبحث والتطوير التكنولوجي.وتعزيز القدرة التنافسية للشركات التكنولوجية المحلية وتساعد في خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة في الاقتصاد، وجذب الشركات الوطنية والدولية المهتمة بالتكنولوجيا إلى الأردن، مما يسهم في جلب رؤوس الأموال والتكنولوجيا والخبرات إلى البلاد، والمساهمة في تطوير وتعزيز القطاع التكنولوجي في الأردن من خلال توفير الموارد والمساحات والفرص التعاونية، مما يساهم في نموها وتوسيع نطاق أنشطتها، بالإضافة لـ تطوير المهارات التكنولوجية للكوادر العاملة في الأردن. يمكن أن توفر فرص تدريب وتطوير للشباب والمهنيين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، مما يزيد من فرص التوظيف ويعزز القدرة التنافسية للعمالة المحلية ، وتطوير التحول الرقمي في الأردن وتشجيع الابتكار التكنولوجي، وتحفيز تطبيق التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والإنترنت من الأشياء في الصناعات والخدمات المختلفة.
ونوه، أن الحدائق التكنولوجية تحتاج إلى سوق مهيئة ومناسبة لتحقيق نجاحها وتأثيرها الإيجابي عبر عدة عوامل منها؛ أن يكون هناك اهتمام وطلب كافٍ على التكنولوجيا والابتكار في السوق المحلية، وأن تكون البنية التحتية التكنولوجية متاحة ومتقدمة في السوق المستهدفة، وتشمل البنية التحتية لـ الاتصالات السريعة والموثوقة والتكنولوجيا الرقمية المتقدمة التي تسهل تطبيق الابتكار وتنمية الشركات التكنولوجية، ووجود إطار قانوني وتنظيمي ملائم لدعم تأسيس وتشغيل الحديقة التكنولوجية يتضمن ذلك تسهيل الإجراءات الإدارية وتوفير الحوافز المالية والضريبية للشركات التكنولوجية والمستثمرين ، بالإضافة إلى أن الشراكات والتعاون بين القطاعين العام والخاص بإمكانها أن تعزز جاهزية السوق للحديقة التكنولوجية عبر توفير دعم وتعاون من الجهات الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية، والشركات التكنولوجية المحلية، كما يجب أن تكون الثقافة الريادية والابتكارية مشجعة في السوق المستهدفة، و يشترط توفر روح المبادرة والاستعداد للتغيير والتجريب في البيئة الأعمالية لتعزيز نجاح الحديقة التكنولوجية.
بدوره بين أ.د صالح الشرايعه عميد كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات في حديثه لـ"الأنباط" أن البحث العلمي التطبيقي يعد من أهم مقومات النهضة للدول، وافضل مثال على ذلك الهند فمن دولة فقيرة أصبحت مصدر رئيس لقطاعات عدة ومنها تكنولوجيا المعلومات، حيث تقدر صادرات تكنولوجيا المعلومات ما يزيد عن 70 مليار دولار بدأ ذلك بداية الخمسينات لدعم التعليم ، عبر إنشاء جيل متعلم قادر على ادامة عجلة البحث العلمي والتطوير ، مشيرا إلى أننا في في الأردن ببداية الثمانينات بدأت الفكرة وخاصة بجامعة اليرموك والعلوم والتكنولوجيا، لكن الفكرة لم تنفذ على أرض الواقع لغاية الأن موجودة في بركس ، مبينا أننا لا نجد عدم إستثمار بهذه الأفكار نتع عنه عدم التقدم في التعليم والبحث العلمي ، الأمر الذي نتج عنه زيادة في البطالة وغيرها.
وتابع ،أن الفكرة موجوده ولدينا طاقات هائلة سواء بالاردن او ممن هم خارج البلاد ، لكن يلزمنا قرار سياسي وله نفس طويل خالي من البيروقراطية والجهوية والمناطقية، خصوصاً أن كبرى شركات العالم تود أن تستثمر بالاردن لما يتوفر به من بيئة آمنة وفيه طاقات شبابية واعية ومتعلمة، مشيراً إلى أنه موجود حديقة أعمال ولكن على استحياء ، و جهود تبذل لزيادة جلب الشركات مما لها من فوائد عظيمة من حيث أن التصنيع والتطوير يكون داخل الأردن ، الأمر الذي يعزز الجانب التطبيقي وله دور من تقليل نسبة البطالة ،ويعطي الجيل فرصه اكبر ليكون مبتكر ويلي ذلك إنشاء شركات ذات طابع وطني مما يسهم بشكل مباشر برفد الاقتصاد الوطني.
وزاد، أن الأرقام الصادرة عن دخل قطاع تكنولوجيا الاعمال اعتقد ان هي اعادة بيع ، بمعنى أن شركات محلية تستورد منتج خارجي وتعيد بيعه بالسوق المحلي ، متسائلاً هل بعد ذلك نرجوا تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات، مبيناً أننا ما لم نغير هذه القوانين لتصبح عصريه من قانون المشتريات أوغيرها من تشجيع المجتهد وتحييد الكسول سنبقى كما نحن ، مشيرا إلى أنه ، "عمل فترة طويلة بالولايات المتحدة ومثلي كثير لكن مطلوب جهود اكبر لاستقطاب المواهب والاستثمار بها".
وأكد، الشرايعة أن السوق مهيأة لإنشاء حديقة تكنولوجية نظرراً لسمعة الأردن بفضل السياسة التي يتبعها الهاشميون في أعلى المستويات ، مبيناً أن السمعة الحسنة أكبر عامل استقطاب وتوجه الدولة إلى الرقمنة وكذلك بقية العالم وبفعل نهوض الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي الذي يتضور جوعا السوق المحلي للعقول النيرة، بالإضافة إلى أن الجامعات أيضاً مهيئه ونملك طلبه ذويي طاقات رائعه، ولكن يجب ان يوازي ذالك استقطاب اساتذه اكفاء لهذه المرحله ومن تجربته الشخصيه اكد عميد كلية الملك عبدالله الثاني لتكنولوجيا المعلومات أن أكبر معوق في سير العملية التدريسية الصحيحة إلى البيروقراطية والبطيء بالمعاملات ، لافتاً أن هناك توجه من بعض الشركات المحليه للاستثمار بالعمليه التعليميه من توفير المختبرات بكافة الأجهزة والتدريب دون مقابل وبالتالي الطلبة ستكون لديهم خبرة وبالتالي تستعين بهم كموظفين بدل الاعتماد على الهند او دول خارجيه اخرى، مطالباً بتوفير مختبرات تطبيقية للطلاب لاكتساب المهارات اللازمة لدخول سوق العمل وتوفير برنامج واضح لتدريب أعضاء الهيئة التدريسية ، ومن يدرس وماذا من قبل مركز الاعتماد لأنه المواد التدريسية يدرسها لضمان تدريسها من ذوي الاختصاص.
بدوره بين أ.د أحمد الحياصات الرئيس الأسبق لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات في حديث خاص لـ"الأنباط" أنه لا ينقصنا شيء لإنشاء الحديقة التكنولوجية، مشيراً إلى أن هذه الحديقة بمفهوم ( مجمع أو منطقة تكنولوجية تهدف إلى تعزيز الابتكار والتطوير التكنولوجي وتشجيع الشركات والمؤسسات الناشئة في مجال التكنولوجيا والعلوم المرتبطة به) هي بالفعل موجودة في الأردن منذ ما يزيد عن عشر سنوات، ومثال ذلك حاضنات الأعمال عدد من الجامعات الأردنية والجمعية العلمية الملكية وشركة أويسس 500 و لومينوس شمال ستارت وشركات الاتصالات.
وأكد، أن جميع هذه المؤسسات عملت على توفير حاضنات أعمال يقدم فيها الطلاب أفكارهم التكنولوجية الريادية، عبر توفير الدعم اللازم لتخفيف الكلفة عليهم ومساعدتهم في تنفيذ هذه الأفكار لتصبح منتجا تكنولوجيا جاهزاً للتسويق، كما يتم توفير البنية التحتية والاستشارات القانونية لتسجيل شركاتهم وتوثيق منتجاتهم للحفاظ على ملكيتهم الفكرية، والربط بينهم وبين رجال أعمال يمكن أن يساهموا في توفير الدعم المادي اللازم لتوسعهم في مراحل الإنتاج وما إلى ذلك من مساهمات تخفف عبء المغامرة على هؤلاء الرياديين.
وتابع، إن وجود أفكار ريادية سيغري أصحاب رؤوس الأموال بتخصيص جزء من امكانياتهم المادية لمثل هذه الأفكار والمنتجات الريادية، مبيناً أنه حال تحقيق هذه المنتجات الريادية لنجاحات ولو محدودة، فإن المستثمرين بالتأكيد سيكونون راغبين في دفع المزيد من رأس المال لنقل الأفكار والمنتجات لأسواق عالمية تساهم بالحصول على عوائد أكبر لهم وللرياديين، حيث يتم تقاسم أسهم أي شركة ناشئة ريادية بين الرياديين وبين موفري رأس المال لنقل المنتجات الريادية إلى مرحلة الإنتاج الكمي والتسويق العالمي.
وأضاف، أن لمثل المشاريع الريادية تأثير كبير على كل دولة ترعاها، ولا أدل على ذلك من الشركات التي تنتج برمجيات وتطبيقات مختلفة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والمنتجات الريادية غير المسبوقة لحل مشاكل حياتية مختلفة، منوهاً إن الرعاية لمثل هذه الأعمال الناشئة ذو أثر كبير على اقتصاديات الدولة من حيث حجم صادراتها وتوفير العملة الصعبة، والانتقال من مجتمع مستهلك إلى مجتمع ينتج منتجات تفتقدها دول أخرى أو لا تستطيع إنتاجها بنفس الجودة والتكلفة.
وختم حديثه لـ"الأنباط" قائلاً: إن دول العالم المختلفة قد سارت شوطا طويلا في هذا المضمار، وما علينا سوى اللحاق بمن سبقونا، لأن العالم ما زال بحاجة لمزيد من الابتكارات التي تساهم في رفاهية الناس والسوق دائما غير مشبع بأية تطورات وتقنيات جديدة.