كتب محمود الدباس.. إفشال مؤسساتنا ذاتيا..
توقفت كثيرا وانا احاول ايجاد تفسير لما يحدث في وطني.. واصبح الامر على مرأى ومسمع الجميع.. ولا يحتاج الى كثير من التحديق والتمحيص والبحث.. فالامور تتسارع بشكل كبير نحو السلبية والانحدار.. وما يقلقني هو نهج الكثير من المتنفذين واصحاب القرار المخالف لتوجيهات ورؤى جلالة الملك.. والتي يطالب بها في كل مناسبة للتطوير والتحسين والوصول الى مصاف الدول المتقدمة..
كل المواطنين يتشبثون ويثقون بما يقوله جلالة الملك.. ويتطلعون الى تحقيقه من قبل المعنيين.. فالاوراق النقاشية وخطط تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية والتعليمية والاعلامية والتعليمية.. كلها تنبئ بمستقبل واعد للاردن..
ولكن للاسف نجد ان ما يتم على ارض الواقع في بعض المؤسسات.. إن لم يكن في الاتجاه المعاكس فهو مراوح لمكانه.. ولان الامور تسير متسارعة.. نجد ان مَن يسير ببطء للامام.. يبدو متراجعا للخلف بالنسبة للذي يسير بسرعة.. او لمن يرنو الى المستقبل الافضل مقارنا ما يراه بما يحدث في دول مجاورة..
ما يجعلني اتحدث بهذا الصدد هو علمي اليقيني بان لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة هامش تتحرك فيه دون اي تأثير او تدخل خارجي.. والمصيبة ان القائمين على مؤسساتنا لا يستغلون ذلك الهامش الاداري الممنوح لهم.. فتجدهم يتخبطون ولا يعملون على رفعة مؤسساتهم وتقدمها وتطورها.. وانما يتعاملون بمبدأ تسيير الامور لحين ساعة المغادرة..
فعلى سبيل المثال لا الحصر.. ولان المقال سيصبح مملا.. فسأتناول مؤسستين عزيزتين علينا جميعا.. ولهما تماس يومي ومباشر مع المواطن..
فوزارة الصحة.. والتي يجب ان تكون في طليعة الاهتمامات.. فهي الدرع الحصين للنفس البشرية.. نجد ان مستوى الخدمات اصبح متراجعا بشكل يثير الريبة.. وان موضوع الادوية الذي في كثير من الاحيان غير متوفر.. ويتم شراؤه من خارج المستشفيات الحكومية.. والمواعيد البعيدة لاجراء العمليات او الصور الدقيقة.. وموضوع الاعتداءات على الكوادر الطبية.. ولا ننسى الاخطاء الطبية.. كل هذا بعد ان كنا مقصدا ومحجا للاستطباب والعلاج..
وليست مؤسسة الاذاعة والتلفزبون افضل حال.. وهي التي تدخل بيوتنا دون استئذان.. فالمثل الشعبي القائل "يا مسترخص اللحم.. عند المرق تندم" اجده شبه واضح في الاداء بشكل عام لها.. والذي ظهر جليا في الاونة الاخيرة.. وعند التدقيق في اوضاع المؤسسة تجد ان من هم غير اصحاب اختصاص ولا يمتلكون ادنى ادوات الاعلام المرئي او المسموع.. هم من يخرجون علينا كمذيعين ومقدمين للبرامج.. الا من رحم ربي.. ويحق لي ولغيري ان يتساءل.. الا يوجد من يراقب ويقيم اداء ولغة ومخارج حروف ورزانة ومهنية مَن يخرجون علينا من خلال الشاشة او السوشيال ميديا الخاصة بالمؤسسة؟!.. ولا ننسى المحتوى واهميته وقوته وموضوعيته ومناسبته لامكانات وثقافة المذيع.. وكذلك ما يتم بثه من برامج؟!.. ام ان ذوق المستمع والمشاهد -وهو الاساس- ليس مهما لكم.. الامر الذي يجعلني اشك في ان الاهم عندكم هو تعبئة هواء؟!.. ونتساءل دوما لماذا يعزف المشاهد والمستمع الاردني عن متابعة هذه المؤسسة الوطنية.. ويلجأ لغيرها من القنوات الاذاعية والمحطات التلفزيونية؟!.. بعد ان كانت احد اهم بيوت ومؤسسات الاعلام والانتاج في وطننا العربي..
اقول في الختام.. ان إفشال ودمار المؤسسات -خاصها وعامها- ذاتيا هو الاخطر.. وهذا ناجم عن عدم وجود رؤية واضحة للمؤسسة.. والذي يؤدي إلى قلة التركيز وعدم القدرة على تحديد الأهداف والأولويات الصحيحة..
وان ضعف وسوء الإدارة غير الفاعلة للموارد والموظفين.. وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.. وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في الوقت المناسب.. فقد يتسبب ذلك في تدهور أدائها وفشلها في تحقيق الأهداف المحددة.. وبمرور الوقت.. سيؤدي ذلك إلى فقدان الثقة من قبل الموظفين الماهرين ومتلقي الخدمة على حد سواء..
وإذا لم تستجب المؤسسة لاحتياجات السوق والمواطنين.. وتتبنى أساليب جديدة للانتاج والتسويق والإعلان والترويج لمنتجاتها وخدماتها.. فقد يؤدي ذلك إلى تراجع حصتها لصالح اقرانها.. والعزوف عند متلقي الخدمة..
فالحذر الحذر من الافشال والدمار الذاتي لأي مؤسسة..
أبو الليث..