لماذا نلجأ إلى تناول الطعام عند الشعور بالحزن والإحباط؟ هكذا تخدعنا أدمغتنا
عندما تشعر بالإحباط أو الحزن أو التوتر، هل تتجه مباشرة إلى الثلاجة لتناول بعض الأطعمة التي قد تُشعرك بالتحسن؟ إذا كنت كذلك فاعلم أنك لست وحدك، إذ يساعد تناول الطعام كثيراً من الناس على الإحساس بالراحة نوعاً ما، كما يساعدهم في تخفيف مشاعر الحزن والإحباط.. لكن لماذا يمتلك الطعام هذه القدرات الخارقة؟
لماذا نتناول الطعام عند الشعور بالحزن والإحباط؟
في الواقع يتعلق الأمر بكيفية تعامل أدمغتنا مع الذكريات، فغالباً ما يرتبط الطعام بذكريات خالية من الهموم، ويمكن أن يوفر إلى حد ما إحساساً بالدفء والطمأنينة.
يعتقد تشارلز سبينس، عالم النفس التجريبي في جامعة أكسفورد، أن الناس يربطون الطعام بالذكريات الإيجابية والسعيدة، سواء بوعيهم أو بعقلهم اللاواعي.
ووفقاً لما قاله سبنس لموقع Live Science الأمريكي، فإن الأطعمة التي يميل الناس إلى تناولها في حالات الحزن والإحباط هي في الغالب أطعمة سهلة الصنع وغالباً ما تكون غنية بالسكريات أو الكربوهيدرات، مما يعني أنها غنية أيضاً بالسعرات الحرارية.
ونختار هذا النوع من الأطعمة على وجه التحديد، لأنها في الغالب كانت الأطعمة التي تقدم إلينا في طفولتنا بغرض إضفاء البهجة على وجوهنا، لذلك عندما نكبر ونغدو بالغين نميل إلى الاعتناء بأنفسنا بأسلوب العناية نفسه الذي اتبعه آباؤنا، فنلجأ إلى هذه الأطعمة في كل مرة نشعر فيها بالتهديد العاطفي.
مكافأة من أدمغتنا
علاوة على ذلك، وجدت الأبحاث أن الدماغ "يكافئ" صاحبه عندما يستهلك أطعمةً معينة. ووفقاً لورقة بحثية نُشرت عام 2020 في دورية Physiology & Behavior، فإن الدماغ لديه "نقاط تنشط عند الإحساس بالمتعة" وعند نشاطها يزيد الشعور بالمكافأة أو "الإعجاب" بمذاق الأطعمة السكرية والدهنية والمالحة. ويمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة الدوبامين، الذي تشعرنا إفرازاته بالسعادة.
لذلك، قد تحفز الأدمغة أصحابها على البحث عن أطعمة معينة واستهلاكها.
ولكن لماذا نشتهي الأطعمة غير الصحية أكثر؟ ولماذا من غير المألوف أن تشتهي سَلطة أو قطعة من الكرفس عندما تحاول تحسين مزاجك؟
الدوبامين مادة كيميائية أساسية في الدماغ تلعب دوراً رئيسياً في تكوين الحالة المزاجية للفرد، وقد وجدت دراسات مختلفة أن بعض الأطعمة -التي يشار إليها أحياناً بالأطعمة "شديدة الاستساغة"- تحفز مشاعر السعادة الشديدة. نتيجة لذلك، يشجعنا الدماغ على السعي وراء هذه العناصر بشكل متكرر.
ووفقاً لكلية هارفارد للصحة العامة، فإن الأطعمة التي يفرط الناس في تناولها سهلة الهضم بشكل عام، وهي حلوة أو مالحة. ومن المعروف أن الأطعمة شديدة الاستساغة تحفز إفراز هرمونات مختلفة غير الدوبامين، من ضمنها الأنسولين والكورتيزول (التوتر) واللبتين (الجوع). ويمكن أن تؤدي الزيادة في هذه الهرمونات إلى الرغبة الشديدة في تناول طعام أو تناول طعام معين. لكن لسوء الحظ لا يحدث ذلك عند تناول الأطعمة الصحية فالخضراوات الورقية، على سبيل المثال، غنية بالفيتامينات والمعادن والألياف، ولكنها منخفضة السكر والملح، ولذلك يميل الدماغ إلى عدم الرغبة في تناولها بالطريقة نفسها التي يتوق بها إلى الدونات أو شرائح البيتزا.
هل الطعام فعال حقاً في تخفيف التوتر؟
يعتبر تناول الأطعمة اللذيذة إحدى الوسائل التي يتبعها كثيرون لتخفيف التوتر، ولكن يبدو أن الدراسات تشير إلى أنها ليست فعالة دائماً في تحقيق هذا الهدف.
ففي استطلاع للرأي أُجرِيَ عام 2022 على ألفي شخص بالغ في المملكة المتحدة، أقرَّ واحد من كل أربعة أشخاص بتناول الطعام بهدف الشعور بالراحة خمس مرات على الأقل في الأسبوع، رغم أن أكثر من نصفهم (56%) قالوا إن هذه الوجبات جعلتهم يشعرون شعوراً أسوأ. ووجد التقرير نفسه أن 57% من المشاركين اعترفوا بالندم على تناول الأطعمة التي يفضلونها بغرض التخفيف من التوتر. وتُظهر الدراسات أن الطعام فعال في توفير جرعة قصيرة من الدوبامين، ولكنها غالباً ما تؤدي إلى الشعور بالندم على المدى الطويل، ربما لأن الناس يدركون أن هذه الأطعمة ليست مفيدة لهم من الناحية الصحية.
أطعمة تساهم في القضاء على التوتر
غالباً ما نشتهي أطعمة غير صحية عندما نشعر بالإحباط أو التوتر، وكما سبق أن ذكرنا تمدنا هذه الأطعمة بجرعة من الدوبامين لكنها لا تقضي فعلياً على التوتر، مع ذلك هناك بعض الأطعمة القادرة على القيام بتلك المهمة، مثل:
البطاطا الحلوة: على الرغم من أن مستويات الكورتيزول (هرمون الإجهاد) منظمة بإحكام، فإن القلق والتوتر المزمن يمكن أن يؤديا إلى اختلال وظيفي في الكورتيزول، مما قد يسبب الالتهاب والألم والآثار الضارة الأخرى، ولكن من حسن الحظ أنّ تناول مصادر الكربوهيدرات الكاملة الغنية بالمغذيات مثل البطاطا الحلوة، قد يساعد على خفض مستويات الكورتيزول.
الخرشوف: يعتبر الخرشوف مصدراً يحوي كميات مركزة من الألياف وغنياً بشكل خاص بالبريبايوتكس، وهو نوع من الألياف يغذي البكتيريا الصديقة في الأمعاء.
تشير الدراسات التي أُجريت على الحيوانات إلى أن البريبايوتكس مثل (FOSs)، والتي تتركز في الخرشوف، قد تساعد في تقليل مستويات التوتر.
اللحوم العضوية: تعتبر اللحوم العضوية، التي تشمل قلب وكبد وكلى الحيوانات مثل الأبقار والدجاج، مصدراً ممتازاً لفيتامينات ب، خاصة ب 12، ب 6، وريبوفلافين، وحمض الفوليك، وجميعها ضرورية للسيطرة على الإجهاد.
البيض: البيض مليء بالفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية ومضادات الأكسدة اللازمة للتخفيف من أعراض للتوتر.
الأسماك الدهنية: الأسماك الدهنية مثل الماكريل والرنجة والسلمون والسردين غنية بشكل لا يصدَّق، بدهون أوميغا 3 وفيتامين د، وهي عناصر مغذية ثبت أنها تساعد في تقليل مستويات التوتر وتحسين الحالة المزاجية.
البروكلي: قد يقلل اتباع نظام غذائي غني بالخضراوات الصليبية من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان وأمراض القلب واضطرابات الصحة العقلية مثل الاكتئاب، وفقاً لما ورد في موقعHealthline.