banner
أخبار محلية
banner

الجدل بين الكاتب والناشر يتواصل.. أزمة الكاتب الأردني بين السمعة والدعم المادي

{clean_title}
جهينة نيوز -

البراري: دعم نشر مؤلفات الكتاب الأردنيين يتم بعد تقييمها من لجنة مختصة

 

أبو فارس: قطاع النشر يواجه مشكلة عدم توافر أرض معارض دولي

الرنتيسي: سقف الحريات ما زال منخفضاً رغم الإجراءات الشكلية

 

الأنباط- ميناس بني ياسين

منذ عقود والكاتب الأردني يعاني من أزمة تربط قلمه ويده عن إنتاج مؤلفاته بشكل متقن وتسويقها ووصولها لـ أكبر شريحة وقاعدة جماهيرية، بيد أن حتى أزمته تكمن أيضاً في صناعة اسم له بين القراء على مستوى دولي، باتفاق المختصين على أن الأردن يملك ادباء وكتاب حلقت مؤلفاتهم عالياً وصدح اسمهم كـ واجهة ثقافية للبلد في فترة معينة، ولكن مقارنة بـ كتاب الدول المجاورة ومؤلفاتهم التي تصل الى القراء في مختلف البلاد يظل الكاتب الأردني بعيداً عن الواجهة اليوم.

وخلال البحث في أصل المشكلة لا سيما أن العديد من الدول تسعى إلى رفع مستوى ثقافة شعوبها والرقي بـ مستوى الفكر والعلم من خلال القراءة والاطلاع وإنتاج الكتب والمؤلفات التي تزخر بحضارة الأمم وثقافتها، تبين أن الناشر والكاتب الاردني ما زالوا في صراع على إلقاء اللوم على الآخر، بين الدعم المادي، أدوات التسويق، والشهرة في عصر الرقمنة.

"الأنباط" التقت مع عدد من المسؤولين والكتاب لـ البحث في أزمة الكاتب والناشر في ظل تكدس المجلدات والكتب الورقية بـ سبب الظروف الاقتصادية وتغير أدوات التسويق والنشر وبناء منصة تواصل مع الجماهير القارئة.

بدوره قال أمين عام وزارة الثقافة هزاع البراري ان دور الوزارة في دعم الكاتب الأردني يكون في نشر مؤلفات الكتاب الأردنيين سواء الأدبية أو الدراسات بعد أن يتم تقييمها من لجنة مختصة ويتم نشرها بـ التعاون مع دور نشر أردنية إضافة للنشر المباشر في الوزارة والمشاركة بـ المعارض الخارجية وتقديم الكتب بشكل مجاني للمراكز والهيئات الثقافية والمدارس والجامعات وبـ أسعار رمزية للمشتري، مشيراً إلى أن مشروع مكتبة الأسرة يقدم الكتب بـ أسعار مغرية حتى يساهم بتسويق الكتاب والكاتب الأردني وإشراك الكتّاب بالمؤتمرات والندوات المحلية والخارجية ومنح الجوائز التقديرية لـ الأدباء وإقامة بعض المسابقات في مختلف المناسبات.

وأضاف حول كتّاب المسرح والسيناريو، إلى أن الوزارة تقيم عدداً من المسرحيات والأفلام كـ نوع من دعم الكاتب إضافة إلى عدد من المجلات التي تتبناها الوزارة كـ مجلة "افكار" الخاصة بـ الدراسات الأدبية و "صوت الجيل" التي تعنى بـ الشباب و"فنون" الخاصة بالمسرح والفن التشكيلي و"وسام" الخاصة بالطفل.

وحول دعم الكاتب مادياً، بين أن الوزارة تدعم الفعل الثقافي تحديداً، ولا تقدم مساعدات مالية، أو مخططات مالية مباشرة للكاتب، قائلاً أن الوزارة ليست تنمية اجتماعية، ودعمها يكون للكتّاب والمنتج الفني والأدبي نفسه.

وعن أسباب تذبذب شهرة الكاتب الأردني إقليمياً قال البراري لدينا عدد كبير من الكتاب المشهورين على مستوى دولي ولهم حضورهم، ولكن أدوات الشهرة وآليات تسويق الكاتب تغيرت، فـ أصبحت منصات التواصل الاجتماعي تعطي الكاتب مساحة مفتوحة ومنصة مباشرة ليكون تواصله مع جمهوره مباشرة، لتسويق نفسه ومؤلفاته، وعلى الكاتب أن يطور مهاراته في استثمار هذه الوسائل ليسوق انتاجه.

وأكمل أن بعض الكتاب يكون انتاجهم ليس بالمستوى الادبي الكبير والجودة العالية، ولكن لديهم مهارات في التواصل مع الجمهور وبناء قاعدة من المتابعين، إضافة إلى أن دور النشر لها دور أساسي في إشهار الكاتب من خلال حفل إشهار الكتاب.

وفي سؤال "الأنباط" مع رئيس اتحاد الناشرين "جبرأبو فارس" حول دور الاتحاد والناشر مع الكتّاب، قال إذا اقتنع الناشر بالمنتج الفكري يقوم بنشره ودعمه وتوزيعه في الدول العربية والمؤسسات التعليمية والهيئات الثقافية، أما فيما يتعلق بالدعم المادي فهذا يعود إلى مدى شهرة الكاتب، "يعني إذا كان معروفا يكون هناك اتفاق بين الناشر والكاتب على مبلغ معين مقابل النشر، أما إذا كان الكاتب جديد فيكون النشر عليه بـ البداية".

وحول أزمة دور النشر أجاب للأسف قطاع النشر يواجه مشكلة عدم توافر أرض معارض دولي في عمان والمحافظات وهذا دائما ما يشكل صعوبة في إيجاد أرض للمعرض، فتراجع هذا النشاط نوعا ما بسبب الأزمة الاقتصادية، ولكن يسعى الاتحاد لـ إعادة هذا النشاط بالتعاون مع عدد من الجهات.

وأضاف أنه من واجب الحكومة توفير أرض للمعارض، يتم تأجيرها سواء لقطاع الثقافة أو الصناعات الاخرى؛ لأنها تعتبر متنفس للجماهير ليس فقط مجرد صالة عرض لـ الإنتاجات، لافتاً أنه مشروع استثماري مهم للدولة.

ونوه "أبو فارس" إلى أن الكاتب من المفترض أن يسوق نفسه، ويكون مشهور على وسائل التواصل وهذا يسهل وصول انتاجه ومؤلفاته لـ أكبر قاعدة جماهيرية، وهناك الكثير من الكتاب الذين يملكون محتوى قيم وغني، ولكن يفتقر الى التسويق على منصات التواصل.

وأضاف أن قطاع النشر في الأردن يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة نتيجة الظروف التي تمر بها المنطقة وأزمة كورونا والربيع العربي قبلها، ونأمل كـ اتحاد على تشجيع الناشر في المشاركة في المعارض الخارجية والندوات، إضافة إلى أن الناشرين اصحاب رسالة ويهمهم الاستمرار في نشر الفكر والإبداع الأردني، وانهيار هذا القطاع يعني انهيار إنتاج الفكر الأردني، وعليه مواكبة التطورات وخاصة التطور الرقمي.

مدير النشر والتوزيع في دار عالم الثقافة "هشام خطاب" قال إن الكاتب والناشر بحاجة لمن يساعدهم، وأنهم في أزمة تسويق الكتاب والعزوف عنه، لذا نحن والكاتب حالنا واحد ولا نستطيع مساعدة بعضنا البعض، مطالباً بدعم أكثر من الحكومة عبر توفير أرضية تسويق للكتاب، والمعارض.

وتابع وصلنا لدرجة أن يأتي لنا الكاتب ويقول أنه يتنازل عن حقوقه مقابل فقط طباعة كتابه، ولكن نحن أيضاً يصعب علينا ذلك لأننا لا نملك أرضيات معارض للتسويق لهذا الكتاب ويصعب ترويجه، مشيرا إلى أن الاتحاد طالب عدة مرات بالتحرك وتصويب الأوضاع، دون جدوى.

وأضاف نحن لا نريد دعم مادي وإنما لوجيستي، وتوفير المكان فمثلاً أمانة عمان تملك العديد من الأماكن، ولكن استئجار هذا المكان أصبح يقتصر على البعض، مشيرا إلى أننا نحتاج إلى معرض يقام بشكل دوري في كل المحافظات أو في مكان معين ولكن بشكل دوري من كل عام، لبناء قاعدة لـ تسويق الكاتب والمؤلفات ومساعدة دور النشر والكتاب الأردني.

وقال خطاب أصبحنا نواجه أصحاب بسطات الكتب ومؤلفات مزورة وصفحات تقوم بتوفير نسخ غير اصلية بـ أسعار زهيدة، وهذه الظاهرة اعاقت عملنا كـ دور نشر، وإن أردنا تقديم شكوى على هؤلاء يصعب الأمر جدا فقد تكون المؤلفات من بلد مجاور، لذا من الصعب حصر الكتب المزورة وتقديم شكوى لأصحابها.

وتابع الناشرون الآن يحتفظون بـ "ستوكات" ونحتاج لخمس سنوات للتخلص منها، ومؤلفات ومجلدات كانت تقدر بثمن عال، نضطر لبيعها بـ مبلغ من المخجل قوله فقط للتخلص من كسادها في مستودعاتنا، الكتاب الآن لم يعد كـ السابق نحن في حالة كساد وعدم إقبال، والمشكلة الطامة أن معارض الكتاب يدمج بها منتجات أخرى ويتحول من معرض أدبي لـ "بازار" للمشغولات اليدوية و "الاكسسوارات".

وأضاف عملت في معارض المدارس فترة طويلة، وكنت أواجه مشكلة السلع التي تصر المدرسة والمعلمات على بيعها داخل معارض الكتاب وكأن الكتاب لا يباع دون "اكسسوار" أو "لعبة."

 

الكاتب جهاد الرنتيسي قال إن الكاتب الأردني مظلوم بفعل الجغرافيا، التي التهمت حضوره حواضر دمشق وبغداد من جهة، والقضية الفلسطينية من جهة أخرى، ويمكننا إضافة المركزية المصرية، وما زال الكاتب الأردني يبحث عن مشروعيته بين هذه البؤر رغم الاصوات الأدبية المميزة التي تظهر في الأردن بين الحين والاخر.

وحول أسباب غياب الكاتب الاردني عن الواجهة، بين الرنتيسي يعود ذلك الى عدة أسباب أبرزها؛ بداية تشكل الكيانات في المنطقة، واعني هنا اجتزاء هذه البقعة من الجغرافيا عن عمقها السورية وتمركز المطبعة في لبنان، والحياة المدنية الحقيقية في دمشق، والقضية في فلسطين، لكل من الأجزاء الثلاثة خصوصية تمنحه شيئاً من المحورية، وبقي الأردن متأرجحاً بين هذه المحاور، وأيضاً الحضور المبكر للدولة في مصر وامكانياتها الجغرافية والديموغرافية منحتها مركزيتها، وبقدر انسجامه مع طبيعة مجتمعه، ومشروع كيانه، بقي الكاتب الأردني عابراً للقطرية، يحمل هماً فلسطينياً وسورياً وعراقياً ومصرياً، وفي ذلك تعبير عن اصالة وانتماء.

وفي المقابل كانت هناك حياة ثقافية ناشطة في سوريا والعراق بفعل المشروع القومي ووفرت الحالة الفلسطينية رافعة ما، ما اريد الوصول اليه ان اسباب غياب الكاتب الاردني عن المشهد ابعد وأعمق من دور لوزارة الثقافة او موازناتها، يضاف الى ذلك غياب المشروع الثقافي عن ذهنية ادارة الدولة.

وتابع أن وجود الكاتب الأردني على الرف لا يعني رداءة إنتاجه، بل هي نتاج هذا المسار، فمثلا كان "غالب هلسا" كـ مفكر محل حفاوة في المشهد الثقافي العربي وما زال غائباً في بلده، ولا تقل نتاجات "الياس فركوح" عن غيرها من نتاجات الأشقاء العرب، وكذلك الحال بالنسبة لـ "جمال ناجي"، وغيرهم، الرداءة في اماكن اخرى.

وقال الرنتيسي ان سقف الحريات في الأردن ما زال منخفضاً، ولذلك أثر على التفكير والخيال والعملية الابداعية، تسويق الكاتب الاردني يلعب دورا اقل، يضاف الى ذلك قلة التشجيع المادي، ولا نستطيع إغفال الأمراض الموجودة في الوسط الثقافي الأردني وأعني هنا الشللية، والمصالح.

وأضاف بصورة عامة ان غياب الاهتمام بنتاجات الكتاب المحليين ليست ظاهرة محلية اردنية، وإنما تجدها في مختلف البلاد العربية بنسب متفاوتة، فقد بات للكتابات المترجمة حضوراً اوسع، نتيجة لـ تراجع الاهتمام بـ المنتج المحلي، ربما لعجزه عن معالجة القضايا المحلية، أو نتيجة الانبهار بالآخر، وتلعب العولمة دورا في ذلك.

وعن دور النشر قال الرنتيسي، الناشر هو الناشر اينما كان، ولا يختلف الأردني عن اللبناني والمصري في تعامله مع الكاتب، والأزمة التي يواجهها الناشر والكاتب معاً تكمن في تراجع القراءة بسبب التردي المستمر في الاوضاع الاقتصادية وتراجع اولويات القراءة.

وعن دور وزارة الثقافة والناشر أجاب، ما الذي ننتظره من وزارة تعمل بموازنة محدودة، وذهنية عاجزة عن التفاعل مع التطورات، سواء كانت متعلقة بالنشر أو تشجيع القراءة، والناشر بطبيعته تاجر يبحث عن الربح، والكتاب سلعة تعاني من قلة الرواج، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على طرفي المعادلة، واعني الكاتب والناشر، أما على المستوى الرسمي هناك حاجة لضخ دماء جديدة في وزارة الثقافة، وتوسيع حضورها من خلال زيادة موازنتها، والعمل على اخراج دور النشر من الذهنية "الدكاكينية" ، والبحث عن آليات مختلفة لترويج النتاجات المحلية في الخارج والسعي الى ترجمتها للغات اخرى.

وأضاف يفترض أن يكون التسويق مهمة الناشر، وأعني امتلاكه شبكة علاقات مع وسائل الاعلام، ونشاطه على وسائل التواصل، وتواصله مع اصحاب الرأي في المنتوج الإبداعي، وتكوينه سمعة بين القراء، فـ إن لتحول الكاتب الى مروج لنتاجاته نتائج سلبية، اقلها انشغاله عن عملية الابداع، واخطرها مغازلة المتلقي على حساب المنتج.

وفي لقاء مع كاتبة مبتدئة فضلت عدم ذكر اسمها لـ أخذ صورة كاملة عن حال الكتاب، قالت كنت بحاجة لإيجاد دار نشر تساعدني لا سيما أنني كاتبة جديدة واسمي غير معروف، وكنت مترددة ألا يلاقي كتابي رواجاً بين القراء فحرصت البحث على دار تساعدني ولكن المفاجأة أن أول دار نشر طلبت مني مبلغ يقدر بـ 1500 دينار فقط لطباعة الكتاب ،وتابعت أما الثانية اتفقت معي في حال كان تقييم الكتاب فوق 70 بالمئة سيتم نشره مجانا، بشرط ألا تكون لي أرباح في الطبعة الاولى، ولكن لم ألقى رواجاً للكتاب، ولم تساعدني الدار في التسويق على العكس، الفضل كان لزملائي في الجامعة، إضافة لمواجهتي مشكلة المقارنة بين الكاتب الجديد و المعروف، فـ لم استطع حجز مكان جيد في معرض الكتاب، وأُعطيت زاوية مخفية بعيداً عن العين كون الأولوية للكاتب المعروف، وأحضرت نسخ من كتابي بيدي ووضعتهم في المعرض رغم أن الدار وعدتني بنشره في المعرض.

وأكملت حين اتفقت مع دار النشر كان خطأي أني لم اقرأ البنود جيدا فـ تم توقيعي على العقد، وقيل لي أن الطبعة الأولى ستكون 100 نسخة وتفاجئت بعدها بأن الطبعة الأولى ستكون 1500 نسخة، وهذا رقم كبير جداً على كاتب جديد في هذا المجال.

تابعو جهينة نيوز على google news