banner
أخبار محلية
banner

الأعراس الاردنية.. من 7 ايام من الفرح سابقا ل ساعتين بالصالة

{clean_title}
جهينة نيوز -

عادات تتغير.. من البساطة الى المباهاة ومظاهر من البذخ

الأنباط - فرح موسى

يقول ابو هشام العربي(66) عاما انه كان عندما يقرر الوالد تزويج ولده، يأخذ جاهة كبيرة الى أهل العروس، حيث ينتدب أحد كبار السن او الوجهاء للتحدث باسم الجاهة، والذي يوضع أمامه فنجان من القهوة العربية (السادة)، وبعد طلب العروس، يرد عليه من ينتدبه والد العروس، (أو والد العروس نفسه)، فيقول للجاهة؛ قبلنا طلبكم، اشرب قهوتك يا شيخ، وجددوا القهوة، ويبدأ المأذون بكتابة عقد الزواج أمام الجميع.

الباحث في التراث تحسين التل قال لـ"الانباط" ان هذه العادة ما زالت موجودة لغاية الآن، لكن طرأ عليها تغيير بسيط، وهو أن الجاهة أصبحت احيانا شكلية، لأن عقد القران يتم قبل قدوم الجاهة، التي تحول دورها من الخطبة الى اشهارها وتناول الكنافة أو الحلويات مع المشروبات الباردة.

واضاف: كانت الأعراس في تلك الأيام لها نكهة خاصة، إذ يقوم الناس بعمل (تعليلة) قبل العرس بثلاثة أيام، والتعليلة: هي دعوة الأهل والأقارب الى السهر والغناء والدبكة تسمى "جوفية"، وتضم عددا كبيرا من الرجال، أو حبل مودع، وهي نوع من الدبكة للرجال تشارك فيها النساء، ويتم خلالها الحنة، (وضع الحناء على يد العريس)، ويقدمون المشروبات الساخنة، والحلويات للمدعوين، وبعضهم يذبحون الذبائح لإطعام الناس، وتسمى القرى أو (القرة).

الشاعر ومؤرخ التراث الحاج محمد كريزم يروي ان الافراح كانت تستمر سبعة ايام بلياليها وكانت دبكات النساء منفصلة عن الرجال فيما تسمى بالتعليلة.

وفي يوم العرس او قبله يقول احد الجيران او الأقارب: "حمام العريس عندي" ويتم في أجواء فيها اغان شعبية ومنها (السحجة والدبكة) تستمر مع زفة العريس من بيت المعزب إلى بيت العريس وبعد ذلك يقوم ابناء الحي والمعازيم بحمل العريس احيانا على الاكتاف او يزفنونه مشيا الى بيته مع غناء ورقص الشباب ورمي الحلو والسكاكر بطريقة جميلة، ثم تتجمع السيارات على شكل ما يسمى بالفاردة "موكب" وتذهب الى بيت العروس، حيث "يصمد" مع عروسه ويتم تلبيس العروس الذهب ثم يأخذ العريس عروسته ويرجع الى بيته حيث تغني النساء لبعض الوقت ثم ينصرفن الى بيوتهن، وبذلك ينتهي العرس.

وتقول فاطمة الخالد (70) عاما كان المدعون للأفراح يشاركون بكل محبة وإخلاص وكأنه فرح خاص بهم، ولكن اليوم أغلب المدعوين يذهبون الى تلك الأعراس بتثاقل أو كنوع من الواجب أو النفاق الاجتماعي.

وتضيف ان اقامة الافراح او المشاركة فيها تثقل على الناس مادياً واقتصادياً وزمنياً، لكثرة الدعوات وتضارب في الأوقات والمواعيد والأيام.

ويستذكر ابو خالد السارد (73) عاما اعراس زمان التي تغلب عليها البساطة، فيما أصبحت في هذه الايام فيها الكثير من المباهاة والفشخرة الاجتماعية، ترافقها في الكثير من الأحيان مظاهر من البذخ المفرط، مثل إحضار العروس بسيارات تملأ الدنيا زعيقاً مع إغلاق للطريق العام وإيقاف لحركة السير والمواصلات، وعمل للزفة في الشارع أو الطريق العام، والمدعون يغنون ويصفقون اذ يفتقرون أحيانا للذوق والالتزام بالقيم والأخلاق التي تدعو الى عدم ايذاء الناس.

وقال كان العرس يستمر سبعة أيام بلياليها، في منزل اهل العريس، ولم يكن استئجار قاعات الفنادق والصالات، وكان الجيران يتعاونون بفتح بيوتهم لاستقبال المدعوين لمساعدة اهل العريس في اكرام الضيوف، مشيرة الى انتشار إقامة الحفلات في الحدائق والمزارع.

واضاف انه لم يعد خيار إقامة حفلات الأعراس في المنازل ملائماً عند الغالبية العظمى، لضيق الشقق السكنية، وعدم رغبة الكثيرين باستهلاك منازلهم في ظل توفر الخدمة الجيدة في القاعات بسبب الحياة العصرية التي نعيشها وتوسع العلاقات الاجتماعية بين الناس اذ لم يعد الاحتفال يقتصر على العائلات، بل امتد ليشمل الأصدقاء بتصنيفاتهم إضافة للجيران وزملاء العمل.

وتعزو سميرة ابراهيم(50) عاما عدم بساطة أعراس هذه الأيام إلى حب الظهور والاستعراض وتطبع الجيل الجديد بأطباع الغرب وتقليدها، بحيث أصبحت الأعراس العربية تشبه الغربية، مشيرة الى أعراس زمان عندما كانت عبارة عن حفلة منزلية بسيطة، وكوشة يجلس عليها العريس والعروس، تسبقها السهرات التي تقام في الهواء أمام بيت العريس ليفرح المشاركون بالدبكة على انغام المجوز او اليرغول او الشبابة، والطبلة عند النساء.

وبينت ان نمط الحياة الحديثة فرض نفسه على العائلات الأردنية، فأحدث فرقا كبيرا بين أعراس الأمس واليوم، مستذكرة اغنية النساء الجماعية حين تخرج العروس من بيت اهلها: "من وادي لوادي وحنّا مشينا/ ومن بنات الأجوادِ حنّا خذينا/ ومن ديرة لديرة حنّا مشينا/ والبنت الأميرة حنّا خذينا"، والتي تتبعها زغرودة من رفيقات العروس، والمشاركات، فيما في هذه الايام يشعلن الرقص على الأنغام الغربية والزغاريد الاصطناعية من السماعات.

واضافت في الزمن الذي وصفته بالجميل كان والد العريس أو أحد أقاربه يقضي أسبوعا كاملا فوق صهوة جواده ليدعو الناس لحضور عرس ابنه، فيما تغيرت هذه العادة التي كانت تزيد من الارتباط الاجتماعي، وحلت محلها الدعوات الورقية المزخرفة ووسائل التواصل لا يقبل بعضهم الدعوة من خلالها.

وزادت ان جهاز العروس والمهر كاناغير مكلفين، وكانت خيّاطة الحي تخيط قطعا معدودة من ملابس النوم والبيت للعروس، مشيرة الى نسيان الناس جمال ليلة حناء العروس والعريس، وحمام العريس وزفته والسهرات التي تسبق ليلة العرس.

وقال عبدالله بني سالم( 44 )عاما ان الاعراس حاليا اختلفت عما كانت عليه قديما فقد كان سابقا العرس مقسما على عدة مراحل تبدأ من قبل يوم الدخلة اذ يكون هناك حفلة او سهرة للعريس يكون الحدث المميز بها هو حناء العريس وفي الطرف المقابل تكون هناك حفلة وداع للعروس يذهب في تلك الحفلة نساء اهل العريس الي بيت العروس ويقمن ايضا بتحنية العروس وفي صبيحة اليوم الثاني او يوم الدخلة يكون هناك حمام العريس حيث يتلقى دعوة من احد الجيران ويقوم بلبس البدلة على اصوات الاهازيج والاغاني الشعبية يقوم بها جمع من ابناء الحي.

واعتبر ان اعراس هذه الايام أسهل حيث يقوم العريس بحجز صالة "قاعة" لساعتين يعزم بها اهله ومعرفه واهل العروس ومعارفهم ويتم هناك الدبكة والغناء وبعد ذلك يأخذ عروسته ويرجع بها الى بيت الزوجية.

واشار الى اختفاء ظاهرة النقوط في كثير من الاعراس والتي تعد من السلوكيات الايجابية في المجتمع الاردني، اذ تساعد العريس في سداد الالتزامات التي تنبثق عن تكلفة الاعراس في وقتنا الحاضر

واوضح ان اعراس اليوم افضل واختلف كليا مع من يقول انها مكلفة اكث فلو قارنا حجم التعب والارهاق وايام التعطل لمن يريد حضور العرس وكمية الانشغال في المعازيم وامتلاء البيوت بالضيوف مع تكلفة التعليلة وحجز الصمدة للعروس لمدة يومين واجرة الحافلات التي ستذهب الى بيت العروس قبل العرس للحنة ويوم العرس لإحضار العروس مع اعراس اليوم التي اختصرت كل هذا بساعتين في الصالة.

تابعو جهينة نيوز على google news