banner
كتّاب جهينة
banner

الهوة بين الحكومة والشعب ... بين القول والفعل !!!

جهينة نيوز -

الهوة بين الحكومة والشعب ... بين القول والفعل !!!

المهندس هاشم نايل المجالي

كلنا يعلم انه يوماً بعد يوم ومن حكومة الى حكومة تليها كانت تتسع الهوة بين سياسة الحكومات التي انقطعت عن الانتاج الفكري لحل ازماتها الا على حساب جيوب المواطنين ، وبين اجيال تعيش في عصر انفجار المعلومات والاغراق بمختلف المشارب الفكرية والفلسفية والمعلوماتية في ظل زيادة نسبة الفقر والبطالة .

فهذا الاتساع المعرفي ادى الى خلق اجيال تختلف مشاكلها وحاجياتها ومطالبها ومداركها عن الاجيال السابقة ، ويصعب بل يستحيل اقناعها بنفس الاساليب التي مورست قديماً على مجتمعاتنا المختلفة بعد ان فقدت قوة تأثير القوى المجتمعية من الشخصيات المؤثرة على كبح جماح الشباب عن التعبير عما يجول في فكرهم وصدورهم من معطيات تتلمس احتياجاتهم العملية والمعيشية والمستقبلية ووجدانهم الانساني في حقهم بوطنهم .

فلقد كان سابقاً استحواذ الحكومات على الاموال بفرض الضرائب والاساليب المختلفة تصرفاً مقبولاً ولكن مع الثورة التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها السلبي والايجابي في رسم الوعي المجتمعي تحولت المجتمعات من مجتمعات ساكنة الى مجتمعات تطالب بحقوقها وترفض كل ما يؤثر عليها سلبياً ، مما خلق هوة كبيرة بين الحكومات المتعاقبة وبين الشعب بعد ان عجز مجلس النواب الممثل للشعب عن تلبية مطالب الشعب او الدفاع عنهم وعن حقوقهم في تحقيق التنمية المستدامة لمناطقهم .

فاذا كانت هذه الحكومة تنشد في استراتيجيتها العملية الاصلاح والنهضة كما اعلن وصرح عن ذلك فهذا يعني انها ستعمل على ردم الهوة بين الفكر ( وما تم التخطيط له سابقاً من مشاريع تنموية واستراتيجيات مختلفة ) والواقع الذي ينتظره الجميع .

علماً بان هذه الهوة ستبقى موجودة وقائمة في جميع الازمنة لاستحالة وجود تطابق تام بين الفكرة والتخطيط لها وترجمتها على ارض الواقع فهناك الكثير من الوعود ولاستراتيجات لخطط تنموية ومدن جديدة ومشاريع كبرى وغيرها لكنها بقيت وعود ولم تترجم الى واقع عملي ، ولقد تراكمت مع الزمن واصبحت بحاجة لاعادة احياء وتعديل الامر الذي يجعل من يرغب بتنفيذ ولو جزء منه بحاجة الى تعاون مشترك وجهد كبير فليس هناك من يراقب هذه الهوة وبقيت تتسع تدريجياً لتفصل بين الحكومات المتعاقبة والشعب وهي كبيرة وبحاجة الى استراتيجية اتصال وتواصل وتشبيك وعمل ميداني وبالتالي يجب امتلاك رؤية لتتابع في سائر تحولاتها وتجلياتها ولتراقب آليات التنفيذ لتقليص هذه الهوة قدر الامكان ، ليكون هناك توافقاً مقبولاً لدى كلا الجانبين بعد ان فشلت المجالس النيابية في تقليص هذه الهوة ، لا بل ان بعضها زاد من مساحتها لتصبح المطالب اسقاط الحكومة اي ان الانعكاس السلبي لزيادة الهوة هو انعكاس تصادمي وتضارب في المصالح والمنافع انعكاسه الاول والأخير على الحكومات .

لذلك كان يجب باستمرار وجود جهات رقابية تتابع عن كثب آليات تقليص هذه الهوة بين الفكر المطروح من قبل الحكومات لتقديم مختلف انواع الخدمات والمشاريع التنموية وما بين تنفيذها على ارض الواقع وتوفير المخصصات المالية اللازمة لذلك ، وان يكون هناك حرية للرأي والتعبير والنقد لأداء الحكومة لبيان مواقع التقصير في تنفيذ الوعود ووجود اسس تفاعلية تواصلية لهذه العلاقة بوجود مراقبة ومتابعة من المعنيين لدى صاحب القرار في تقييم اداء الحكومة لتقليص مساحة الهوة بين الحكومة والشعب لتجنب اي خلل يحصل او انفصال عواكسه سلبية .

فالاصلاح هو اذن ردم او تقليص الهوة بين الرؤية الاستباقية للنهضة بفكر وتخطيط استراتيجي والواقع الذي يرسم آليات وموعد وخطط التنفيذ وآلياته بوجود حرية النقد والتقييم التي يجب ان لا تتردد الحكومة في استقبال هذه المطالب والمقترحات والملاحظات والخيارات ، فقد تكون سياسة الحكومة خاطئة وبالتالي النقد السليم والتحليل السليم يعيد تقييم الاداء بشكل اكثر ملائمة بمنظار موضوعي بكل نزاهة اولاً بأول فالنهج الصحيح يردم اكبر مساحة من هذه الهوة ويقلل من التنافر بين الطرفين .

ويتم رصد حركة الواقع العملي وحتى لا تتراكم الاخطاء وتتحول الى ازمات يتنصل منها الكثير من المسؤولين عند اتساعها او يلجأون الى القوة فالمطالب تتصاعد بالاصلاح في كافة المجالات واصبحت تتحول الى حراكات وبيانات معلنين يأسهم من سياسة الحكومات في تنفيذ هذه الاصلاحات ومطالبين برحيل الحكومة التي لا تتجاوب مع هذه المطالب بالاصلاح خاصة ان بعض المسؤولين في الحكومات يتعاملون بأسلوب صدامي خشن بالردود عليها .

وكثير من الحكومات بالدول المتحضرة تستعين بالمفكرين كلٌ حسب اختصاصه ، وبمراكز الدراسات من مختلف الانواع والتخصصات ، ليقدموا رؤيتهم حول التطوير الفكري والواقعي وحول كافة سبل العلاقة التشاركية بين الحكومة والشعب من خلال قراءات بأوجه متعددة وممكنة وآليات تنفيذ ميسرة وعادلة ونتائج عملية مرضية تتمخض عن تلك التشاركية .

ولتكون المقترحات اقرب للواقع واكثر فاعلية وجدوى واكثر صياغة كذلك فان هذه التشاركية تلغي العداوة مثلاً بين الحكومة والنقابات المهنية من خلال تقارب وجهات النظر في كافة المجالات هندسية وقانونية وصحية وتعليمية وعمالية وغيرها ، لخلق واقع جديد يسعى إلية المجتمع وردم هذه الهوة يعني بزوغ فجر جديد من آليات العمل الحضاري مبني على اسس فكرية لواقع لا يعزله مجلس او مجالس خلقت ازمات وزادت من سعة الهوة بين الحكومة والشعب .

فلم يعد الشعب يريد من يمثله اما الحكومة فهو يريد ان يتواصل مباشرة عبر قنواته النقابية والحزبية والمنظمات الاهلية الشعبية ، فإذا كان دولة الرئيس يسعى لفتح مثل هذه القنوات كما اعلنها في مؤتمره الصحفي فعليه ان يؤسس لوحده خاصة في رئاسة الوزراء تتخصص في بناء هذه الشراكات وفق اسس وقنوات متينة تؤسس لبناء رؤى لنوعية هذه المشاريع والقوانين والتشريعات الاقرب لاحتياجات المجتمع .

فتقليص الهوة بين الحكومة والشعب خاصة الشباب ، سيعزز من شبكات الامن الاجتماعي ومساعدتهم على صعود السلم الاقتصادي لغايات العمل والعطاء والانتاج لما هو متوفر ، لتجنب التأثيرات السلبية للبطالة وعدم المساواة واختفاء الوظائف في ظل بيئة متغيرة ومتأثرة بالعديد من العوامل التي تظهر على المنطقة مما يستدعي التفكير بشكل مختلف بشأن النمو الشامل للجميع مع الاصلاح المؤسساتي مما نعتبره عقداً اجتماعياً جديداً لهذه الحكومة ، فالكل يستبشر خيراً بالشفافية والانفتاح والتشاركية لردم هذه الهوة والغاء من يمر عليها من شخصيات تنفعت من وجودها .

 

hashemmajali_56@yahoo.com  

تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير