صناعيون يدعون لدعم منتجاتهم عبر تخفيض تكاليف الإنتاج
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن تكاليف الطاقة والنقل والمياه وأجور الشحن، كلها مرتفعة، ما يستدعي إيجاد بدائل محفزة للشركات الصناعية وتقديم الدعم للمنتج الوطني لجعله أكثر تنافسية، من خلال مشاريع وطنية، في قطاعات الطاقة والنقل وغيرها، بهدف تخفيض تكاليف استخدامها في الصناعات المحلية.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد أكد خلال لقائه الأسبوع الماضي مجموعة من ممثلي القطاع الصناعي، أهمية العمل بتشاركية من أجل تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي المتعلقة بتطوير القطاع الصناعي، والتي ترتكز على توفير المزيد من فرص العمل وفتح أسواق جديدة للتصدير.
وأشار جلالته إلى ضرورة التكاملية داخل القطاع وتحسين التعاون بين الشركات الكبرى والصغرى للوصول لأهداف الرؤية الاقتصادية، فضلا عن اتخاذ جملة من الإجراءات التي ستسهم في تسهيل بيئة الأعمال.
وأكدت رؤية التحديث الاقتصادي، أنه حتى يصبح الأردن موقــع جذب دولي، سيتعين على المملكة الارتقاء بنحو كبيــر فــي عوامــل التمكيــن الأساســية فــي مجالات عدة، مثل ســهولة ممارســة الأعمـال، والبنيـة التحتيـة، وتنافسـية كلـف التشـغيل، وتوافـر مهـارات محـددة إلى جانـب مسـتويات عاليـة مـن الإنتاجية والقـدرة عـلى الابتكار والإبداع فـي عدد مـن القطاعـات الواعـدة المحفـزة للنمو، مثـل الصناعـة والتعدين والسـياحة والصناعـات الإبداعية.
وتحدث ممثل قطاع الصناعات العلاجية واللوازم الطبية في غرفة صناعة الأردن الدكتور فادي الأطرش، عن أسباب ارتفاع تكاليف الإنتاج والتصنيع من مدخلات إنتاج ومواد أولية ومواد تغليف وتعبئة وطاقة وغيرها، منها تداعيات وتبعات جائحة كورونا، وعدم الانضباط والخلل في سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار النفط عالميا، والتضخم العالمي، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح الأطرش أن الدواء سلعة تخضع لأسس تسعير واضحة، فبالرغم من ارتفاع تكاليف الإنتاج عالمياً، بقيت أسعاره ثابتة، مما يشكل تحدياً حقيقياً أمام الشركات الصناعية العاملة في القطاع، مشيراً إلى ضرورة تخفيض تكاليف الطاقة التي تشكل 5 و 10 بالمئة من تكاليف إنتاج الأدوية للحفاظ على ديمومة عمل المصانع.
ولفت إلى أن معظم الشركات بدأت بتطبيق وإيجاد حلول بديلة كالطاقة المتجددة، وتخفيض فاتورة الطاقة من خلال "التدقيق الطاقي"، مبيناً أن غرفة صناعة الأردن ومن خلال قسم وحدة الطاقة والاستدامة البيئية؛ تقدم للصناعيين الكثير من البرامج والحلول المدعومة لمساعدتهم على تخفيض فاتورة وتكاليف الطاقة.
وأكد الأطرش أن مدخلات الإنتاج والمواد الفعالة ومواد التغليف، تشكل قرابة 50 بالمئة من تكاليف الإنتاج، ما يستدعي إيجاد موردين جدد يقدمون نفس مستوى الخدمة والجودة بأسعار أقل ومنافسة، من خلال توفير نظام حوافز مجدٍ، تقدمه الحكومة كبديل محفز للشركات الصناعية العاملة بالقطاع وتقديم الدعم للمنتج الوطني لجعله أكثر تنافسية.
من جهته، قال ممثل قطاع الصناعات الحرفية فواز الشكعة إن تكاليف الإنتاج من طاقة وعمالة ونقل وغيرها، مرتفعة جداً على القطاع الصناعي بالمملكة، وتشكل نسبة كبيرة من تكاليف الإنتاج الصناعي، مما يعيق تنافسيته وقيمته المضافة.
وأشار إلى أن بيانات المسح الصناعي الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، تظهر أن نسبة الاستهلاك الوسيط، أي تكاليف الإنتاج، تتراوح ما بين 50 و 70 بالمئة من إجمالي الإنتاج القائم للقطاع الصناعي، وتتوزع ضمن محاور عدة أبرزها تكاليف الكهرباء والمياه والوقود والمحروقات والنقل، لافتاً إلى اختلاف النسبة باختلاف القطاعات الفرعية للصناعة، فمنها المكثف للعمالة، ومنها المكثف للطاقة، ومنها ما يعتمد على مدخلات إنتاج ومواد أولية من خارج الأردن.
وأضاف أن "الأعوام الماضية شهدت ارتفاعات متتالية في تكاليف الإنتاج الصناعي، من طاقة، وأجور الشحن ما بعد جائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وتوابع جائحة كورونا، مما أثر على الأسعار المحلية"، مؤكداً ضرورة العمل على محاور عدة، زمنية وقطاعية، للتخفيف من أعباء ارتفاع هذه التكاليف على القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها القطاع الصناعي.
واقترح الشكعة تزويد المدن الصناعية بالغاز، مشيراً إلى أن التحوّل لاستخدام الغاز الطبيعي، يمكن أن يوفر نحو 60 بالمئة من كفاءة الاحتراق بالمقارنة مع السولار وبنحو 27 بالمئة بالمقارنة مع الوقود الثقيل، بحسب الدراسات، مما يخفض تكاليف الإنتاج الصناعي ويزيد تنافسية المنتج الأردني في السوق المحلية والأسواق الخارجية.
وأكد ضرورة تخفيض تكاليف قطاع النقل كهدف استراتيجي، من خلال ترجمة مشاريع وطنية كبرى على أرض الواقع مثل سكة الحديد الوطنية، والميناء البري، بما يخفف من تكلفة النقل ويرفع تنافسية المنتج الأردني في الوصول إلى الأسواق العالمية، بأقل التكاليف وبأسرع وقتٍ ممكن.
ودعا إلى ضرورة توفير صناعات نوعية للمواد الأولية والمواد الخام وتوطينها في المملكة "فالكثير منها يستورد، وبالتالي فإن توفر مصانع محلية لإنتاج المواد الأولية اللازمة للصناعات، سيسهم في تخفيض التكاليف لهذه الصناعات".
وأشار الشكعة إلى أن العديد من التجارب السابقة لعدد من الصناعات الأولية لم تنجح في الاستمرار والعمل لأسباب عدة، أبرزها كون الطاقة بأشكالها والمياه تعتبر ركيزة أساسية في صناعة المواد الأولية، في حين أن تكاليف الطاقة والمياه في الأردن تحد من إنشاء أي صناعة تعتمد عليها في عملياتها الإنتاجية.
وأوضحت المديرة التنفيذية ورئيسة مجلس إدارة شركة رسومات لصناعة الشوكولاتة، لينا هنديلة، أن من أهم مسببات ارتفاع تكاليف الإنتاج، هو ارتفاع أسعار المواد الأولية، مقترحة أن تتعاون الشركات الصغيرة التي تعمل في مجالات متشابهة، في استيراد موادها الأولية معاً، مما يعطيها فرصة أكبر لتتفاوض في الأسعار في بلاد المنشأ، كلما ازدادت كميات المواد المطلوبة.
ودعت هنديلة البنك المركزي، لمنح المصانع والشركات، قروضاً بفوائد قليلة، بما يسهم في تقليل تكاليف الإنتاج والتصنيع، بالإضافة إلى تعاون الحكومة مع القطاع الصناعي عبر الإعفاءات الضريبية بمختلف أنواعها، بما يمنع ارتفاع التكاليف وبالتالي كبح جماح التضخم.
وأكدت أن التعاون ما بين القطاعين العام والخاص والبنك المركزي، يجب أن يكون لمصلحة الوطن والمستهلك والمنتج على حد سواء، بما يرفع من القوة الشرائية ويحرك العجلة الاقتصادية.
وأشار المدير التنفيذي في دهانات جوتن، شادي عنبتاوي، إلى أن التكاليف المباشرة للتصنيع، يمكن تخفيضها من خلال استخدام آلات جديدة، بما يقلل الهدر في العمليات الإنتاجية.
وقال عنبتاوي إن اعتماد نظم إدارة إنتاج متطورة، يقلل الهدر في الإنتاج، مما يقلل بدوره من تكاليف الإنتاج، لافتاً إلى أهمية التخطيط والعمالة الماهرة المدربة في تخفيض أي تكاليف إنتاجية.
وبيّن المدير التجاري في شركة وادي الأردن للصناعات الغذائية البيروتي، أحمد السعودي، أن تكاليف الإنتاج تتركز في الطاقة وأجور الشحن، مشيراً إلى أهمية أن تتوجه الحكومة لدعم الصناعة من خلال تخفيض تكاليف الطاقة الكهربائية وأسعار المحروقات.
وأكد السعودي أن تخفيض هذه التكاليف، سينعكس بنحو إيجابي وملاحظ على تكاليف الإنتاج ككل، معتبراً أن لجوء المصانع للتكنولوجيا الحديثة وأنظمة توليد الطاقة المتجددة، يساعد بنحو كبير في توفير بتكاليف الطاقة.
-- (بترا)