banner
عربي دولي
banner

"البالونات الحارقة".. سلاح غزة الجديد 

{clean_title}
جهينة نيوز -

تقرير اخباري

غلاف غزة – د ب ا

تسببت البالونات الحارقة، التي يطلقها متظاهرون في قطاع غزة، منذ أسابيع، في إحراق حقول زراعية إسرائيلية. ولم تنجح لحد الآن وسائل دفاع إسرائيلية متطورة في التصدي لهذا السلاح الجديد.

يقول المزارع جيشاي كوهين، وهو يشير إلى بقعة أرضية سوداء اللون بالمنطقة الجبلية المحيطة بكيبوتس بئيري في جنوب إسرائيل: "لقد احترقت القطعة الأرضية هنا بالكامل، لكن استجابتنا كانت سريعة ولم ينتشر الحريق". ويرعى كوهين أبقاره عادة في هذه المنطقة. وحتى بين الأراضي الأخرى القريبة يمكن العثور على أجزاء محترقة من الأراضي الزراعية، والحدائق الطبيعية. ويقول كوهين: "سنبذل قصارى جهدنا للحيلولة دون حدوث المزيد من الضرر"، ثم ينطلق بالجرار، محاولاً إخماد النيران المشتعلة في الأرض.

بئيري، هي منطقة ريفية هادئة، تطل عليها أشعة الشمس الدافئة في منتصف النهار. وعلى بعد بضعة كيلومترات فقط من بئيري يوجد السياج الحدودي المزود بأحدث الأجهزة الأمنية، والذي  يعزل ما يقرب من مليوني نسمة من سكان قطاع غزة عن العالم الخارجي. لا يساعد الجدار العازل سكان بئيري كثيراً في حمايتهم من ما تصفه وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ"إرهاب الطائرات الوقية". لأن التهديد الفلسطيني الجديد يتم إطلاقه في الهواء وهو عبارة عن  بالونات الهيليوم الملونة والطائرات الورقية المصنوعة يدوياً، والتي تتصل بها مواد حارقة.

تنقل الرياح البالونات والطائرات الورقية الحارقة إلى الجانب الإسرائيلي وتشب النيران في الحقول والغابات الصغيرة، وعن ذلك يقول رامي قولد، وهو مواطن مقيم منذ سنوات في بئيري وصانع للدراجات الجبلية: "الحريق يبدأ عادة في وقت مبكر من بعد الظهر، عندما تتحول الرياح في اتجاهنا، وعندها يجب أن نعمل على إخماده حتى المساء". وكل يوم يكون رامي قولد جنباً إلى جنب مع المزارع كوهين وفرقة الإطفاء المحلية على أهبة الاستعداد لإطفاء الحرائق أو البحث عن بالونات وطائرات ورقية حارقة لم تنفجر بعد. ووفقا للسلطات المحلية فقد ألحقت أضرار بليغة بالأراضي الزراعية والغابات والمحميات الطبيعية. ما دفع بعض المزارعين إلى جمع محصولهم في وقت أبكر عن العادة، في حين توعدت الحكومة الإسرائيلية بالتعويض.

الصواريخ ضد الطائرات الورقية الحارقة

يعيش سكان بئيري مع التهديد المستمر لحركة حماس الإسلامية المتشددة، التي تسيطر على قطاع غزة. في الماضي كان هناك الكثير من التواصل مع غزة، عندما كان العديد من العمال الفلسطينيين يأتون إلى بئيري، كما يقول كوهين، الذي لا يزال يبيع أبقاره إلى غزة. اليوم تنفق إسرائيل حوالي مليار يورو على بناء جدار تحت الأرض، الغرض منه منع مقاتلي حماس من التغلغل داخل مناطق الاستيطان الإسرائيلية من خلال الأنفاق المحفورة بشكل غير قانوني. كما تم تطوير نظام دفاع صاروخي حديث، من أجل الحماية من صواريخ غزة.

والآن لمواجهة الطائرات الورقية الحارقة، استخدم الجيش في البداية صواريخ لالتقاطها من السماء قبل أن تلحق أضرارًا بالأراضي. لكن بالرغم من ذلك لم يجد الجيش الذي يملك أسلحة متطورة، إجابة حقيقية على هذه الأجسام الطائرة.

أطلق الفلسطينيون أولى الطائرات الورقية الحارقة بداية المظاهرات الحاشدة  لمسيرة العودة في غزة نهاية شهر آذار/ مارس. وقد تظاهر عشرات الآلاف من الفلسطينيين على طول الجدار العازل الإسرائيلي خلال الأسابيع القليلة الماضية وذلك للفت الانتباه إلى الوضع الصعب في قطاع غزة، بسبب الحصار من الجانبين الإسرائيلي والمصري على القطاع منذ أكثر من عشر سنوات. وتتهم إسرائيل حركة حماس الإسلامية المتشددة باستغلال المظاهرات لأغراض إرهابية. وقد قتل قناصة إسرائيليون 128 متظاهراً بالرصاص، وجرحوا الآلاف، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية. أما على الصعيد الدولي، فقد تم توجيه انتقادات شديدة للجيش الإسرائيلي إثر سقوط العديد من القتلى والجرحى خلال المظاهرات.

الدعوة إلى قمع "إرهاب الطائرات الورقية الحارقة"

مع كل طائرة ورقية جديدة، ترتفع الأصوات المطالبة بالقمع الصارم لما يسمى بـ "إرهاب الطائرات الورقية الحارقة". واقترح غلاد إردان، وزير الأمن العام خلال جولة قام بها في الجنوب، ضرورة العودة إلى سياسة القتل المستهدف. كما صدر بيان عن الجيش يوم الأحد  يذكر فيه بأنه "سوف يرد بصرامة متزايدة مع الأعمال الإرهابية". وفي الأيام الأخيرة، أطلق الجيش مرارًا وتكرارًا طلقات تحذيرية بالقرب من الأشخاص الذين أرادو إطلاق الطائرات الورقية الحارقة. وفي الوقت نفسه  تعرضت مواقع حماس العسكرية للهجوم أيضاً، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة ضغط على المسؤولين في قطاع غزة من أجل الحد من إطلاق الطائرات الورقية الحارقة باتجاه إسرائيل. لكن بالرغم من ذلك عاد الوضع مرة أخرى للتصعيد ليلة الثلاثاء. ووفقا للجيش الإسرائيلي، فقد أطلق الفلسطينيون المسلحون هذه المرة 45 صاروخاً من غزة على الأراضي الإسرائيلية. ورداً على ذلك استهدف الجيش ما لا يقل عن 25 موقعاً في قطاع غزة.

ويرى حاييم جيلين، عضو في حزب "يش عتيد" بالكنسيت، والذي يعيش في بئيري، أنه ينبغي أخذ خطر الطائرات الورقية الحارقة على محمل الجد. ويحذر من خطرها بالقول: "الآن لدينا الطائرات الورقية الحارقة، ثم بالونات الهليوم التي تبدو مثل لعب الأطفال، لكنها ليست كذلك".

ويؤكد جيلين على أنه من أجل تجنب المزيد من التصعيد أو حتى الدخول في حرب جديدة، يجب على إسرائيل تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة. ويشدد على ضرورة الاعتماد على البناء الاقتصادي وخلق فرص عمل في صناعة النسيج والبناء داخل قطاع غزة.

لكن بالنظر إلى المناخ السياسي الحالي في إسرائيل، فإن مثل هذه المبادرات تبدو مستبعدة جدا. وتوحي الأوضاع على أن منطقة بئيري، على موعد مع صيف طويل غير مستقر. "المهم هو أن الجميع آمنون هنا. الأشجار المحترقة لا يمكن انقاذها ، ولكن الحقول ستتعافى مع أول هطول للأمطار في الخريف"، كما يقول رامي قولد، مشيراً إلى الأعشاب الخضراء وسط الحقل المحترق والأسود اللون.

تابعو جهينة نيوز على google news
 
Email : info [at] johinanews.com
 
تصميم و تطوير