الدروس المستفادة من بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022 في الأمن الرياضي
في هذه المقابلة، تناقش الدكتورة كاميلا سوارت، الأستاذ المشارك ومدير برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات بكلية العلوم والهندسة في جامعة حمد بن خليفة، أهمية الاستفادة من المكاسب المترتبة على تنظيم دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم في تعزيز الأمن الرياضي والنزاهة والإدارة الرشيدة، وتسلط الضوء على الجهود التي تبذلها الكلية لتدعيم مكانة البلاد باعتبارها من المراكز الرياضية الدولية الرئيسية عن طريق الشراكات القائمة على المعرفة ودورها الرائد في إطلاق أول كرسي لليونسكو على الإطلاق للحوكمة والمسؤولية الاجتماعية في الرياضة.
كيف ستضمن قطر تنظيم نسخة آمنة من بطولة كأس العالم لكرة القدم؟
كان على قطر، مثل الدول المضيفة السابقة، أن تأخذ في الاعتبار التهديدات والمخاطر واسعة النطاق، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان، عند التخطيط للبطولة. ومع ذلك، كان العبء أكبر، حيث تُعدُ النسخة المقبلة من بطولة كأس العالم لكرة القدم أول نسخة تُقام بعد انتشار جائحة كوفيد-19.
وفي فترة الاستعداد لاستضافة هذا الحدث الضخم، أثبتت قطر قدرتها على استضافة الفعاليات الرياضية الدولية الكبرى رغم تأجيل أو إلغاء العديد من الفعاليات الأخرى، حيث برهنت قطر على إمكانية استئناف المنافسات الدولية في لعبة كرة القدم بطريقة آمنة ومضمونة من خلال استضافتها لمباريات دوري أبطال آسيا 2020 وبطولة كأس العرب لكرة القدم. وتمكنت الدولة أيضًا من استقطاب فعاليات رياضية دولية أخرى مثل منافسات الجائزة الكبرى للفورميولا وان في عام 2020، مع توقيعها على عقد لاستضافة جولة من جولات هذه البطولة لمدة 10 سنوات بدايةً من عام 2023.
وعززت استضافة دولة قطر لهذه الفعاليات بنجاح مبهر من سجل قطر الحافل وساعدت في بناء الثقة، بين اللاعبين والمشجعين على حد سواء، بأن العودة الآمنة للجماهير إلى الملاعب ممكنة بشرط اتخاذ الإجراءات الصحيحة وتوضيحها واتباعها. وحتى الآن، تمكنت قطر من إظهار مرونتها في التعامل مع الأزمات وإدارة الكوارث، ومن الضروري اتباع نفس النهج القوي في النسخة المقبلة من بطولة كأس العالم لكرة القدم وجميع الفعاليات الرياضية المستقبلية.
ومن ناحية أخرى، لا تزال هناك مخاوف في بعض أنحاء العالم حول السلامة والأمن بسبب تصورات خاطئة عن التهديدات المتعلقة بالإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، رغم التسليم بأن دولة قطر واحدة من الدول الأكثر أمانًا في المنطقة. وسوف تساهم الاستضافة الناجحة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، من منظور السلامة والأمن، في قطع شوط طويل على طريق تبديد بعضٍ من هذه التصورات. وبالتالي، ستتمكن دولة قطر من تعزيز سمعتها ومكانتها العالمية. وما سيصبح مهمًا بعدها هو الاستفادة من المكاسب التي تحققت خلال فترة ما بعد استضافة منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم.
ما الدور الذي تؤديه الكلية لتعزيز الأمن الرياضي والنزاهة والإدارة الرشيدة؟
تلتزم الكلية بتوجيه جدول الأعمال لتعزيز المسؤولية الاجتماعية لقطاع الرياضة من خلال برامجنا وبالتعاون مع شركائنا. ومن خلال شبكاتنا، نشجع ممارسات الإدارة الرشيدة والمساءلة على جميع المستويات في مجال الرياضة ونستخدم الموارد والخبرات والمعرفة المشتركة للتأثير على السياسات والممارسات.
ويهدف دورنا الأساسي المتمثل في إنتاج المعرفة ونقلها عبر مساعٍ بحثية تطبيقية صارمة إلى استقاء الدروس المستفادة من أجل تعزيز ممارسات التخطيط والإدارة في قطاع الرياضة، على الأصعدة العالمية والإقليمية والمحلية في المستقبل.
كيف ستساعد مذكرة التفاهم التي وقعتها جامعة حمد بن خليفة مؤخرًا مع المركز الدولي للأمن الرياضي في تعزيز الدور الذي تؤديه كلية العلوم والهندسة بصفتها مركزًا للخبرة في هذا المجال؟
توفر الشراكات الاستراتيجية لجامعة حمد بن خليفة، مع المركز الدولي للأمن الرياضي وغيره من الهيئات الشريكة، فرصًا لكلية العلوم والهندسة تتيح للكلية إمكانية التعاون وتبادل الموارد والخبرات والمعرفة التي تساهم في حماية الرياضة على جميع المستويات، وهو جانب حيوي لحشد الجهود الجماعية. ومن خلال التعاون مع المركز، الذي تركز برامجه على قضايا السلامة والأمن والنزاهة التي تواجه الرياضة من بين مجالات أخرى، يمكن للكلية معالجة مجالات اهتمام الحكومات والاتحادات الرياضية والأطراف المعنية في قطاع الرياضة بشكل مشترك. ويشمل ذلك التهديدات المتعلقة بالصحة، والأمن السيبراني في الرياضة، والعمل على بناء قطاع رياضي وترفيهي أكثر مرونة على جميع المستويات.
وعلى سبيل المثال، تتعاون جامعة حمد بن خليفة مع المركز الدولي للأمن الرياضي وشركاء آخرين، بما في ذلك معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث ومنظمة الصحة العالمية، لتطوير برنامج تعليمي وتدريبي متقدم يركز على معالجة الأوبئة وإدارة الكوارث في سياق الفعاليات الرياضية الكبرى.
حدثينا عن الشراكات الأخرى لكلية العلوم والهندسة
تعمل جامعة حمد بن خليفة على عدة جبهات لتعزيز دور قطر البارز بصفتها إحدى المراكز الرياضية الدولية الرئيسية. وفيما يتعلق ببرامجنا الأكاديمية، تقدم الكلية برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات، بالاشتراك مع جامعة ساوث كارولينا التي احتل برنامجها المرتبة الخامسة على الصعيد العالمي في تصنيف مؤسسة سبورت بيزنس إنترناشيونال لعام 2022. وهو أول برنامج للدراسات العليا في مجال الإدارة الرياضية بدولة قطر ومن بين البرامج القليلة المتخصصة في هذا المجال بالمنطقة.
وسوف تشترك جامعة حمد بن خليفة وجامعة قطر في استضافة مؤتمر الجمعية الدولية للإدارة الرياضية خلال شهر مارس 2023، وهي أول نسخة من هذا المؤتمر الدولي تُعقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وستوفر هذه الفعالية، التي تُقام تحت شعار "تكاتف العالم: وجهات نظر عالمية ومحلية حول الإدارة الرياضية"، منصةً مثاليةً لتطوير شراكات متبادلة المنفعة وإثراء البحث المحلي والقدرة على الابتكار.
وتتمتع جامعة حمد بن خليفة بعلاقات شراكة مع كيانات محلية مثل شبكة بي إن سبورتس الإخبارية ومؤسسة أسباير، ونأمل في تنفيذ مشروع مشترك مع 3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي، وتوسيع نطاق التعاون مع جامعة قطر والجمعية الدولية لمحو الأمية البدنية. ونحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على شراكات مع اللجنة الأولمبية القطرية ودوري نجوم قطر، وغيرها من المؤسسات في مجالات تشمل البحوث والتعليم والتدريب لتطوير قطاع رياضي يتمتع بالتنافسية والاستدامة.
كما نمتلك علاقات تعاون مع مؤسسات أخرى لا تنتمي للقطاع الرياضي، حيث تتيح الاتفاقية التي وقعتها الكلية مع شركة الخليج للمخازن، الشريك اللوجستي الرسمي لبطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022، فرصًا بحثيةً مشتركةً تهدف إلى بناء إرث لوجيستي وسلسلة إمدادات قوية للبلاد.
تأسس مؤخرًا كرسي جديد لليونسكو في الرياضة بجامعة سنترال لانكشاير. ما هو الدور الذي تؤديه كلية العلوم والهندسة لدعم هذا الكرسي الأكاديمي؟
يقوم أعضاء هيئة التدريس في كلية العلوم والهندسة بدورٍ فاعلٍ جدًا لتعزيز الشبكات الأكاديمية كثيفة المعرفة ذات التأثير العالمي. ويدل دعمنا لأول كرسي لليونسكو على الإطلاق في مجال الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية في الرياضة كانت منظمة اليونسكو قد أسسته في جامعة سنترال لانكشاير في قبرص خلال شهر يونيو 2022 على هذا الالتزام. وقد انضم الدكتور كريستوس أناجوستوبولوس، المؤسس والمدير والأستاذ المشارك لهذا الكرسي الأكاديمي، إلى جامعة حمد بن خليفة حيث بات يشغل منصب أستاذ مساعد في برنامج ماجستير العلوم في إدارة الأنشطة الرياضية والفعاليات. وتمتلك جامعة حمد بن خليفة فرصةً فريدةً للمساهمة في تحقيق أهداف هذا الكرسي لأنه يمارس مهام دوره من الكلية.
وأنا أدعم هذا الكرسي الأكاديمي بصفتي عضوًا معينًا في اللجنة العلمية، وهي الهيئة الاستشارية لهذا الكرسي الأكاديمي. كما أشارك في قيادة "ركيزة البحوث الاستراتيجية" بالتعاون مع الدكتور أناجوستوبولوس، الذي يعمل الآن في جامعة حمد بن خليفة. ومن خلال كرسي اليونسكو، يتمتع الأكاديميون في قطر بفرصة أداء دور مهم في المبادرات البحثية والتعليمية التي تؤثر على السياسات المتعلقة بالرياضة وممارساتها على الصعيد العالمي والمساهمة في الإدارة الرشيدة والمساءلة على جميع المستويات في مجال الرياضة.