بعد أن بات تحديا كبيرا ٠٠ خبراء يطالبون الحكومة بتغيير استراتيجية التعامل مع الأمن الغذائي والمائي
سبأ السكر
قال الخبير الاقتصادي حسام عايش، إن الغذاء والامن الغذائي اصبح في اعلى سلم للاولويات لدى الحكومات والشعوب في دول العالم؛ بالنظر إلى التجارب السيئة التي مر بها العالم سواء اثناء الازمة المالية العالمية 2008، أو خلال جائحة كورونا أو حتى بعد التعافي منها ، وصولا الى الحرب الروسية الأكورانية، مبينًا أن جميعها تنبئ بـ الحاجة لاعطاء الأمن الغذائي الاولوية القصوى..
وتابع، أن الأردن يستورد نحو خمسة مليارات دولار من حاجاتها الغذائية من الخارج؛ كالغذاء مباشرةً أو كالمدخلات في انتاج وتصنيع الغذاء، ذلك يمثل نسبة مهمة من إجمالي المستوردات والناتج المحلي الإجمالي، والذي يعني أن هناك ارتباطًا واضحًا بين السوق الداخلي والأسواق العالمية، الامر الذي يؤدي من بين أمور أخرى إلى العناية بمفهوم الأمن على المستوى الغذائي، فيما يتعلق بـ سلاسل التوريد الاستدامة وامكانية الحصول، وارتفاع الكلف والاسعار..
وأضاف، أن بعض الدول احيانًا، قد تقنن أو توقف، أو ترفع اسعار الغذاء، موضحًا أن اسعار الطاقة المرتفعة في الأيام الحالية تؤدي إلى ارتفاع الكلف، ذلك مرتبطًا بارتفاع كلف الشحن ، وكلف اضافية، غير أن الهدر المستمر الذي يقدر بـ ثلث الغذاء الذي يشتريه أو يستهلكه الأفراد ، في حين أنه مكلف لجهة الحصول عليه واستيراده وتخزينه، والتعامل معهُ بشكل صحي، خاصًة أن الغذاء مرتبط بـ سلع اساسية كالقمح، والزيوت، السكر، الارز، والالبان بالإضافة لـحاجات اخرى؛ والذي يعاني منها العالم العربي والأردن.
وأشار إلى أن فجوة الغذاء العربية تقدر نحو 35 مليار دولار، والانتاج الزراعي العربي نحو 165 مليار دولار بشكل عام، مبينًا أن العجز في الميزان التجاري الزراعي العربي يقدر نحو 65 مليار دولار، يتم تصدير نحو 35 مليار دولار، في حين يتم استيراد نحو 90-95 مليار دولار، في العالم العربي، والذي يشير إلى وجود عجزًا في الميزان التجاري الزراعي، والسلعي أو خدمي أو صناعي والاستهلاك، مؤكدًا على أن الامن الغذائي الوطني والعربي جزءً من المنظومة العربية التي تحتاج الى سلم اولويات جديد بالعودة للاستثمار في القطاع الحقيقي؛ كالزراعة والصناعة والامن الغذائي والدواء والتكنولوجيا، موضحًا أنها تحتاج الى وسائل وادوات، وسياسات واستراتيجيات جديدة، والبدأ في العمل فورا دون الانتظار.
وبين أن مجمل الانتاج الوطني من القمح بشكل خاص، يكفي بالحد الاقصى بين اسبوع الى عشرة ايام أو أسبوعين، وبالتالي فأن البلاد محكومة في الاستيراد من الخارج، الا أنه في بعض الاحيان لا يكون الاستيراد متوافقا مع امكانيات المملكة، نتيجة ارتفاع الاسعار، ووجود مشكلات وغيرها، في حين قدرة المملكة التخزينية قد لا تسمح لها بالحصول على ما يكفي لسداد اي انقطاعات لمدة تفوق سنة وسنتين. مضيفًا في جميع الاحوال فأن المخزون أو الاكتفاء الذاتي في العالم العربي، من ضمنها الأردن من بعض السلع الغذائية منخفضًا، كالسكر يقدر نحو 45%، والحبوب 30%، والقمح 42%، والزيوت %51%.
وبين أن القطاع الزراعي ما زال يحظى باقل اعتبار فيما يتعلق بالتسهيلات والائتمان المقدم لهذا القطاع، ولا زال الائتمان المقدم نحو 470 مليون دينار ، من اجمالي تسهيلات تقدر حوالي تقريبا 32 مليار دينار، في حين أن القطاع ما زال التعامل معه بشكل بدائيا في بعض الحالات، أو أن العاملين فيه لا يملكون الضمانات الكافية للحصول على الائتمان، داعيًا أن يكون جزء من الديون والمنح والمساعدات التي نحصل عليها أن تُوجه للقطاع الزراعي، ولدعم المزارعين، بالإضافة إلى اقامة وحدات صناعية كبيرة يتشارك فيها اعداد كثر من المزارعين لتحقيق عائد ضخم من النشاط زراعي، سواء على مستوى المادة السلعة الزراعية او الكلف التي يتحملها القطاع الزراعي.
وطالب أن تكون هناك حماية قانونية للنشاط الزراعي، لإيجاد قطاع زراعي قادرا على توفير احتياجاتنا بشكل مطلوب، وأن ترتفع انتاجية الزراعية بشكل اكبر مما هو حتى الان، واستثمار الإمكانيات المتاحة في مجال الاسمدة، التي ينظر اليها بانها احدى الاسباب المعوقة للنشاط الزراعي والامن الغذائي في العالم، متابعًا أن المملكة تمتلك فائضا تصدره للخارج، كما أنه ايراد من صادراتها يأتي من قطاع الاسمدة والبوتاس والفوسفات وهذه يعني "حالة فريدة” تسمح للمملكة باستثما بوجود هذه الاسمدة او المكونات التي يمكنها ان تحسن في الانتاجية الزراعية
ودعا عايش الحكومة لـ تغيير الاستراتيجيات والأدوات لحل مشاكل الأمن الغذائي، وأن تقوم وزارة الزراعة بتزكية جديدة كـوزارة الامن الغذائي والزراعي في أعلى سلم اولويات الانفاق والمخصصات لكي تقوم بدورها، والقيام في تغيير مضمون النفقات الاستثمارية والرأسمالية التي تقرها الحكومة، في حين يفترض أن تتحول مباشرة إلى الزراعة والأمن الغذائي، مبينًا أن على الحكومة الأهتمام وان نهتم بالأمن المائي قبل الأمن الغذائي، لا سيما أن المملكة واحدة من افقر دول العالم في الامن المائي، في حين أن الفقر المائي المدقع في حصة الفرد التي تصل إلى 500 متر 3 سنويًا، بينما يعني في المملكة يتم الحديث عن حصة الفرد اقل من 100 متر3 سنويًا، في حين أن معدل الخط الفقر المائي البالغ 1000 متر 3 للفرد عالميا، وأن هذا المعدل دونه الكثير من المساحة الشاسعة بينه وبين حصة الفرد في البلاد.
وأشار إلى الاهتمام بتقنيات المياه، لتكون أكثر تطورًا وتقدمًا في تصنيع الادوات، بالإضافة لإبتكار الوسائل التي تسمح في تطوير التعامل مع المياه وتحسين استخداماتها؛ وهو الأمر الهام للامن الغذائي، كما أن دعم السلع الغذائية يحتاج إلى دراسة وقراءة ما هي السلع الغذائية التي نحتاج الى دعمها، معتقدًا أن السلع الغذائية يجب ان تكون ضمن مستويات بمعنى المستوى الاول مثلا باستطاعت الأفراد محدودون الدخل الحصول عليه وهذا يحتاج الى تمييز مستوى ضريبة المبيعات والعرض في السوق حيث يكون متاحا لهذه الفئات، ثم المستوى الثاني ليكون عليه الضريبة اعلى من المستوى الاول لكنها تبقى ضمن الحدود التي يمكن لـ محدودي الدخل في الفئات الطبقة الوسطى أن تحصل عليه، والمستوى الثالث تكون مستوى ضريبة المبيعات عليها اعلى من ضريبتين المستويين الاولين، لكنها تكون ضمن امكانيات الأفراد للحصول عليه.
وبين أن بعض الدول تُفضل استيراد المواد الغذائية وسلع زراعية كثيفة استهلاك المياه، من أن تقوم بالزراعة وإنتاج المواد الغذائية، إي يعني استيراد المياه افتراضيًا ضمن استيرادها لها، موضحًا أنه يجب الاعتماد على زراعة تعتمد على تكنولوجيا مائية متطورة جدا، لتستهلك اقل ما يمكن من المياه وتساهم بتمويل السوق المحلي من المنتجات، والتصدير للخارج، حيث يمكن للحكومة أن تعدل في ميزان الصادرات الذي يعتمد نحو 90% في السلع المصدرة على منتجات القطاع الصناعي؛ لان يكون القطاع الزراعي والقطاع الصناعات الغذائية مساهما اكبر حتى تصدير ما يسمح بتعديل كافة الميزان التجاري، ويقلل من العجز فيه ويُخفض او يوقف ان امكن في مرحلة لاحقة انفاق ما بين 4-5 مليار دولار على مستوردات الغذائية.
وعلق أنه لا مانع أن تكون ضريبة المبيعات نحو 20-25% على بعض السلع الغذائية الاستثنائية التي يشتريها عدد محدود من الأفراد، متسائلاً بـ لماذا تتساوى ضريبة المبيعات على كل السلع والمنتجات التي يشتريها اصحاب الدخول العالية، ومحدودي الدخل العاملين بالمياومة أو الذين تنخفض معدلات دخولهم بحيث كل ما يتم أخذهُ يذهب لاحتياجات الاساسية للانسان.
وبين أن الدعم النقدي المباشر وغير المباشر؛ هي ادوات للتخلي عن المسؤوليات، داعيًا بأنه آن الاوان للتفكير بشكل استراتيجي حقيقي، والعمل على تطوير صناعة الغذاء والحصول عليه بصورة مختلفة، معتقدًا بأن الفرد الان ليس بحاجة الدعم النقدي؛ بسبب ما يتم اعطاؤه للأفراد من نقد ينفق على غير ما تقول الحكومة انه سبب لدعم الناس، بالإضافة لإتاحة الفرصة للأفراد الحصول على احتياجاتهم بأقل كلفة وضريبة، وبادوات واليات جديدة تمكنهم من الحصول على الغذاء.
أكد الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة، بدوره، أن الأمن الغذائي تحدي يُواجه الأردن ؛ بسبب استيراد جزء كبير منها من الخارج والذي يعتمد على الأسعار العالمية في تسعيرها، مبينًا أنه في ظل مشاكل سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار عالميًا، ساهم ذلك في ارتفاع اسعار المواد الغذائية، وارتفاع نسب التضخم بشكل واضح خلال الفترة السابقة، إضافة لمشكلة توفير بعض من هذه المواد.
وبين أن هناك تذبذبات في أسعار المواد الغذائية، ووجود ارتفاع ملحوظ في التضخم المستورد في ظل ارتفاع تكاليف الشحن، والمشاكل التي تعاني منها سلاسل التوريد الناجمة عن جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأكورانية ؛ التي ساهمت كثيرًا في ارتفاع الاسعاربشكل واضح، وعدم وجود استقرار لاستيراد هذه المواد، لافتاً أن جزء من الأسواق أغلقت خط التصدير بعض المواد الغذائية التي انقطعت عن البلاد في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية ، الأمر الذي جعل الحكومة تساهم في تخفيض ضريبة المبيعات لبعض المواد الغذائية المحددة.
وتابع، شهد المواطن تحديات في توفير السلع والمواد الغذائية في ظل الارتفاع الملحوظ لها، ضمن المستوى المعيشي المنخفض والدخل القليل، وتأثيرها بشكل واضح على الأفراد، مبينًا أنه أصبح هناك اولويات لدى الفرد باستخدام بعض السلع البديلة بأقل الأسعار؛ لعدم القدرة على الحصول عليها، بالإضافة إلى أن بعض السلع تم الاستغناء عنها..
وأوضح أن جزء كبير من الأراضي لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل، في حين أن له أولوية في قطاع الزراعي، وبالإضافة لأهميته لثبات الأمن الغذائي؛ ذلك لعدم وجود إنتاج محلي كافي خاصةً الزراعية، والذي يعمل على رفع أسعار المواد الغذائية، غير التحديات الأخرى المرتبطة بكلف التمويل التي ساهمت بعدم قدرة الأفراد في الاستثمار، إضافةً لدعم القطاع الزراعين والقروض، وتراجع التكنولوجيا الزراعية، لاسيما أن العاملين في القطاع الزراعي يحتاجون لوقت طويل لتقبل فكرة ادخال التكنولوجيا الحديثة في عملهم.
ودعا المخامرة مؤسسة الإقراض الزراعي أن تبني سياسة ونهج مختلف، وبإضافة القروض المدعومة من مؤسسات دولية للحكومة بتقديم كلفة بسيطة للمزارع أو المؤسسات الزراعية النفاذ والاستثمار في القطاع الزراعي، مبينًا أن الحكومة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، وبارتفاع عجز الموازنة لن تستطيع تقديم الدعم النقدي ورفع رواتب الموظفين بشكل واضح؛ ذلك بتشكيلها كلفة كبيرة عليها، مؤكدًا أن الدعم المباشر لن يتحقق في ظل المشاكل التي تعاني منها الموازنة الحكومة.
من الجدير ذكره أن صندوق النقد العربي أطلق دراسة حول "الأمن الغذائي العربي التداعيات الاقتصادية ودور السياسات الكلية " تهدف إلى التعرف على أثر مجموعة من متغيرات الاقتصاد الكلي على مؤشر إنتاج الغذاء باستخدام منهجية السلاسل الزمنية المقطعية لمجموعة من الدول العربية.