دور الاتصالات والتعاون والأمن السيبراني في تعزيز المستقبل الرقمي في الأردن
بقلم: إيثان وانغ، الرئيس التنفيذي لهواوي في الأردن
يتزايد اعتماد الشركات على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات خلال العصر الرقمي الحالي أكثر من أي وقت مضى من أجل تمكين التواصل بشكل أفضل ورفع كفاءة الأعمال والخدمات وسرعة اتخاذ القرارات واختزال الوقت والتكاليف. وتؤدي الاتصالات الثابتة والمتنقلة دوراً أساسياً في التحول بطريقة تنفيذ الأعمال الرقمية، ومن هنا تأتي أهمية تقنية الجيل الخامس كمعيار أساسي لضمان سرعة وجودة الاتصال ودعم مستقبل أعمال وخدمات مختلف القطاعات والصناعات..
تتمتع المملكة بنية تحتية راسخة وقدرات تقنية استثنائية ضمن مجالات عديدة أهمها المواهب التقنية الابتكارية ورواد الأعمال، مما يوفر الأسس المتينة لبناء الاقتصاد الرقمي. ويسهم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بـ 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، حيث تبلغ الإيرادات السنوية للقطاع أكثر من 2.3 مليار دولار. وكشفت الأبحاث عن أن هناك أكثر من 900 شركة متخصصة بتقنية المعلومات والاتصالات في الأردن توظف حوالي 22،000 شخص. وعلى الرغم من أن نسبة سكان الأردن لا تتجاوز 3% من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد أشارت الأبحاث إلى أن نسبة الأردنيون من رواد الأعمال في المجال التقني في المنطقة تصل إلى 27%. كما أشارت الأبحاث إلى أن 22% من سكان الأردن حققوا درجات علمية في تخصصات تقنية المعلومات وعلوم الكمبيوتر والهندسة، مع العلم بأن 50% منهم لا تتجاوز أعمارهم 24 عاماً.
هذه المؤهلات تضع المملكة في موقع جيد لتعزيز قدراتها التقنية بالاعتماد على المقومات والإمكانيات الموجودة، مع الارتقاء بها من خلال الاستفادة من الجيل القادم من التقنيات الحديثة بما يتماشى مع الخطط الحكومية ورؤية الأردن 2025. ويأتي في مقدمة هذه التقنيات شبكات الجيل الخامس التي أثبتت جدارتها عالمياً في مجال دفع عجلة التطور التقني بتشغيل الجيل القادم من الخدمات الرقمية، حيث يمكن لرواد الأعمال الأردنيين تنمية أعمالهم ودخول أسواق جديدة وتوسعة آفاق خدماتهم وجذب المواهب بفضل وسائل الاتصالات الحديثة. وبالنسبة لمشغلي الاتصالات خصوصاً، تسهم شبكات الجيل الخامس في فتح بوابات جديدة لتعزيز أعمالهم خارج النطاق التقليدي الذي يستهدف المستهلك فقط، ما يعطي زخماً أكبر لتمكين تجارب ثرية جديدة للعملاء ورفع الإيرادات، حيث تتيح شبكات الجيل الخامس الوصول إلى خدمات عالية التقنية والدقة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التقنيات المتطورة، من ضمنها اجتماعات ومكالمات الفيديو على الإنترنت والمدن الذكية والرعاية الصحية الذكية والتعليم عن بعد وخدمات النقل والصيرفة وغيرها الكثير.
يتزايد الاعتماد على التطبيقات الحديثة مثل "الميتا فيرس" في ظل تزايد حالات استخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتوفير الخدمات للشركات والمؤسسات الحكومية والمستهلكين. وتعتمد حلول التنقل الآلي مثل سيارات القيادة الذاتية والتاكسي الجوي ذاتي القيادة على الاتصال بشكل كامل. ولذلك، ينبغي علينا جميعاً بذل مزيد من الجهود لتحقيق طموحات الأردن الرقمية من خلال توفير أعلى مستويات الاتصال لتعزيز مكانة البلاد في عصر "ويب 3.0"، ودفع عجلة التطور التقني في البلاد لتلبية المتطلبات المستقبلية ونشر التقنيات الحديثة، والتي تتطلب تعزيز التعاون بين الحكومة وقطاع الاتصالات والشركات الخاصة.
وانطلاقاً من حرص الحكومة الأردنية على تبني نهج البحث والاستكشاف والارتقاء بدوره على طريق تعزيز النظام الإيكولوجي الرقمي المزدهر، تنفذ العديد من المبادرات والبرامج مثل الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح والتي تهدف إلى تنمية الأعمال وتقنية المعلومات بالاعتماد على المصادر الخارجية من أجل تمكين الشركات الأردنية من الاستحواذ على جزء من الأعمال التي يتم الاستعانة بالمصادر الخارجية لتنفيذها على المستوى العالمي والتي تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
مع تسارع وتيرة الرقمنة والاعتماد على الانترنت والاتصالات، يبقى الأمن السيبراني من المقومات الأساسية التي ينبغي العناية بها على طريق تنمية الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث تتطلب شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية أنظمة الأمان التي تتمتع بالكفاءة والكفيلة بضمان التشغيل السلس وحماية الشبكات المحلية لا سيما في ظل ترابط شبكات الاتصالات على المستوى العالمي. ولذلك، يجب توفير التقنيات والحلول والتدريب اللازم للمواهب التقنية على ضمان الأمن الإلكتروني وتعزيز مهارات مواجهة التحديات السيبرانية. ولتحقيق هذه الأهداف، وقّعت شركة هواوي الأردن اتفاقية مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية لتأسيس أكاديمية الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والجيل الخامس داخل الجامعة. وستقوم الأكاديمية بتدريب 200 طالب على تقنيات الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس وتقنية المعلومات والاتصالات والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة سنوياً بالاعتماد على حلول الأجهزة والبرمجيات الحديثة التي توفرها هواوي.
وأطلقت هواوي مؤخراً الخدمات السحابية العامة في الأردن وبرنامج الشركات الناشئة لتوفير الخدمات السحابية الحديثة ومنصات الاتصال للشركات الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع أصحاب رؤوس الأموال، مما يتيح للشركات الأردنية الوصول إلى موفر الخدمات السحابية الأكبر نمواً على المستوى العالمي والذي يوفر خدماته في 65 منطقة توافر في 27 منطقة. وتتعاون هواوي كلاود مع أكثر من 3 ملايين مطور و28،000 شريك استشاري و9000 شريك تقني و19 مركز بيانات ووفرت أكثر من 250 خدمة سحابية وأكثر من 210 حلول و7400 منتج من منتجات منصة السحابة منذ إطلاقها قبل خمسة أعوام.
ساهمت هواوي في توفير شبكات الجيل الخامس فائقة السرعة في العديد من دول الشرق الأوسط، حيث وصل عدد مستخدمي الجيل الخامس في المنطقة إلى 11 مليون مستخدم بما في ذلك 1.3 مليون مستخدم منزلي. وتعاونت هواوي مع شركات الاتصالات على استكشاف خدمات الجيل الخامس لقطاعات حيوية مثل النفط والغاز والموانئ من أجل تحسين كفاءة الإنتاج والأمان والحد من التكاليف التشغيلية وتمكين مشغلي الاتصالات من دخول أسواق جديدة في المنطقة.
على مدار الأعوام السبعة عشر الماضية التي نفذت فيها هواوي أعمالها في الأردن، حقق قطاع الأعمال التقنية نمواً كبيراً بفضل البنية التحتية المتماسكة وقطاع الاتصالات المنفتح والسياسات التنظيمية والدعم الحكومي القوي وبيئة الأعمال الملائمة التي وفرتها الدولة. وتحرص هواوي على مواصلة المساهمة في تعزيز التطور التقني في الأردن وتنمية بيئة الأعمال المفتوحة والعادلة لجميع الشركات بالاعتماد على التقنيات الحديثة مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي التي تمتلك فيها خبرىة عالمية واسعة وتشهد تطوراً متسارعاً.
لتعزيز دور التكنولوجيا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يجب علينا توفير الاتصالات المتطورة الآمنة وتعزيز التعاون المنفتح والشراكة بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الحكومية والجهات التنظيمية والمؤسسات لبناء النظام الإيكولوجي الشامل والمتكامل الذي يخدم مستقبل الازدهار في المملكة، مع التركيز بشكل خاص على رعاية المواهب التقنية المحلية وتمكين الأردن من اغتنام الفرص التي يوفرها العصر الرقمي.