أذربيجان ويوم الصحافة الوطني
أذربيجان ويوم الصحافة الوطني
الأكاديمي مروان سوداح
الاحتفالات الحاشدة في أذربيجان، والتي انطلقت على نطاق وطني شامل في الـ22 من يوليو الحالي، بمناسبة الذكرى الـ147 للصحافة الأذربيجانية ويوم الصحافة الوطني لفتت انتباهي بشدة، تشتمل على فعاليات تستمر عدة أيام، تنظمها "وكالة تنمية الصحافة في مدينة شوشا" الأذربيجانية، تحت شعار: "نزعات عالمية وتحديات حديثة في الإعلام"، ويُشارك في الاحتفالات "منتدى الإعلام الدولي"، وثُلةٌ من ممثلي وسائل الإعلام الجماهيري، بجانب شخصيات بارزة مُنتدبة عن صحافة أذربيجان وخبراء وكوكبة من المسؤولين.
في رسالة التهنئة التي وجهها الرئيس إلهام علييف للصحفيين والشعب الأذربيجاني، أشار إلى أن "صحافة أذربيجان مَضَت في سبيل التنمية الواسعة استرشاداً بمبادئ أعلنتها جريدة (أكينجي)، التي بدأت تصدر باللغة الأذربيجانية عن المثقف المرموق والناشر وعالِم العلوم الطبيعية حسن بك الزردابي، في 22 يوليو عام 1875م. والمنشورات والمطبوعات العديدة التي صدرت في الحقبة التي تلت النصف الثاني من القرن التاسع عشر جاءت مرآة تاريخنا من جهة، وساهمت مساهمات مهمة في تثقيف الناس وتنويرهم، وتكوين الوعي الوطني، وتحقيق تمنيات الشعب التحررية وحماية قيمنا الأخلاقية والمُحَافَظَة عليها". وتطرق سيادته إلى أن الإصلاحات الديمقراطية المُحقَّقة في أذربيجان بقيادة الزعيم القومي حيدر علييف؛ الذي استعاد استقلال البلاد من جديد في أواخر القرن العشرين؛ قد أبرزت نقطة مفصلية جذرية في تنمية موارد الإعلام الوطنية، على غرار جميع المجالات الأخرى، ذلك أن صحافة أذربيجان سَرَّعَت من وتائر تطورها نتيجة لتدابير نظامية، حُقِقَت في مجالات ضمان حرية التعبير والمعلومات، وتشكيل قاعدة التشريع المتقدمة، وتعزيز استقلال أقلام التحرير.
الجميل اللافت في هذه الإحتفاءات، شمولها كل الشعب الأذربيجاني وأراضي أذربيجان، والمؤسسات الرسمية والشعبية والقطاع الخاص، وغيرها من الهيئات والجهات بمختلف تخصصاتها وأسمائها، أي أن الاحتفال يتعدى أصحاب المهنة ليصبح منذ عهد بعيد عيداً وطنياً شاملاً بامتياز، ويُلاحظ أنه وفي إطار "المنتدى الدولي للأعمال"، تُعقَد حلقات نقاشية ذات عناوين عديدة، منها على سبيل المِثال لا الحصر: "الانتقال إلى صحافة الإعلام الجديد: التقارب والفرص الجديدة"؛ و"أخلاقية الإعلام: تصرّف مهني للصحفيين في البيئة الرقمية"؛ و"أثر شوشا في صحافة أذربيجان"؛ و"آفاق التعاون الدولي لصحافة أذربيجان".
اللافت الآخر في الاحتفال، أن هذه هي المرة الأولى التي يَحتفل فيها صحفيو أذربيجان بعيدهم المهني في مدينة شوشا المحررة من الهيمنة الأرمينية على مدار الثلاثين عاماً استعمارية المنتهية. شوشا تُعتبر بحق "تاج" منطقة "قره باغ" الاقتصادية"، صاحبة المكانة الخاصة في تنمية الصحافة الوطنية، وهي عاصمة الثقافة الأذربيجانية، وهو ما يَعني بروزه حدثاً غير مسبوق في تاريخ صحافة أذربيجان التي تتميز بتقاليد غنية وعريقة.
شخصياً، أعتبر نفسي جزءاً من هذه الاحتفالية بعيد الصحافة الأذربيجانية، فأنا أذكر جيداً وسائل الإعلام في باكو، إذ زرت عدداً من مقراتها وعاينتها عن قُرب خلال الزيارة الرسمية السابقة لي إلى تلك الديار الجميلة. إضافة، إلى اهتمامي بها ومراسلتي لها أولاً منذ دراستي الإعدادية بالكلية البطريركية الوطنية، ومراسلتي النشطة لها بخاصة تلك التي كانت تنشر صوتاً وكلمةً باللغة العربية، وقد أغلقت أبوابها للأسف الشديد خلال عملية البيريسترويكا التدميرية، وأتطلع إلى عودتها وتوزيعها في العالم العربي من خلال مراكز ثقافية أذربيجانية تُفتَتَح في عمَّان والعواصم العربية. هناك في باكو التقيت الصحفيين الأذربيجانيين الكِبار، الذين من بينهم بخادير إيمانغولييف؛ الذي هو الأخ ورفيق الدرب والدراسة الجامعية في جامعة لومونوسف بموسكو. في أذربيجان عاينت الاصلاحات المُنجَزة والتي استهدفت قبل كل شيء، وكما قال الرئيس إلهام علييف: "تحسين قاعدة التشريع لفعاليات الإعلام وتعزيز أُسسه الاقتصادية، وتحسين الضمان الاجتماعي للصحفيين (وهذا مهم جداً)، وتحقيق سياسة الاتصالات للدولة بما يواكب متطلبات العصر، وتوسيع فضاء المرونة في مجال الصحافة، ورفع سوية المهنة، وإزالة الظواهر السلبية التي تقلق المجتمع الأذربيجاني، ورحابة العلاقات الدولية للإعلام المحلي، وإنشاء منصات مشتركة مع البلاد الصديقة ليتم التوصّل إلى تقدم ملحوظ في هذا المنحى.
لقد شهدت في باكو على عزم الصحفيين الأذربيجايين بمواصلة السير في سبيل استمرار تعبئة المجتمع الأذربيجاني وطنياً، ونشر الوعي الوطني والحقائق عن أذربيجان في مختلف الأوساط ذات الصِلة، مؤكدين مواقفهم الوطنية المبدئية التي تتناغم وتتسق مع مصالح دولة أذربيجان المستقلة والدول الشقيقة والصديقة لأذربيجان، ولتنوير الأُمم بالحقائق عن "أرض النار"، وفضح التخرصات والزيف الاستعماري الذي يجري تسويقه من أبواق متعددة اللغات مُباعة للشيطان، ولتأكيد وحماية شعار "الحقّ يَعلو وَلا يُعلَى عَليه".
*رئيس اللوبي الإعلامي الدولي "العربأذري".
.