banner
كتّاب جهينة
banner

د.انور الخفش يكتب : من واشنطن ، هندسة السياسة الأمريكيّة والخوف من حالة الكُمون

جهينة نيوز -
في هذه الإطلالة الفكريّة والنقديّة اليوم ، ستكون بمثابة مبادرة إستعراض أسبوعياً ، أهم ما صدر عن مراكز الأبحاث والدراسات في أمريكا وسياسات الخارجية الأمريكية ، والتي لها تأثير مباشر على الأردن والإقليم ، الأنظار ما بعد زيارة الرئيس جو بايدن ، إلى منطقة الشرق الأوسط ، في الفترة 13-17 تموز/ يوليو 2022، شملت إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والمملكة العربية السعودية. والإعلان عن المجموعة الإقتصادية الجديدة التي تضم كلاً من الولايات المتحدة والهند والإمارات وإسرائيل والتي تعتبر حدثاً هاماً يُحضِّر الى نُشوء قوة إقتصادية جديدة في المنطقة لها ما بعدها ، بينما إنشغل الداخل الأمريكي في أزمة الرئاسة ، وتدهور الحالة الصحية ، التشكيك في إستقرار الحالة الفكرية والذهنية للرئيس الأميركي جو بايدن وتَبِعاتها على المستوى العام في الداخل والعالمي ، أصبحت مادة إعلامية ثابتة ومصدر قلق دائم للمؤسسات الحاكمة الأميركية وأثرها وإنعكاسه على مخطّطاتها الإستراتيجية خاصة في ظل حالة التوتر الأمني والسياسي بين روسيا والصين من جهة ، والغرب من  بوابة الحرب الأوكرانية المرشحة للتوسع واستمرارها لمدة أطول من جهة أخرى. مما يستدعي أهميه بروز دور القيادات العسكرية والأمنية  في صُنع القرار السياسي ، ليتقدَّم دورها خلافاً لما هو مرسوم  بمسؤوليتها أمام الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة. في السياسة النتيجة هي الأهم ، كَوْن هذه  المعادلة لا تكمُن في تعريفها الثنائي للقرار، ( العسكر، أو السياسيون) ، بل إستطاع العسكريون التحكُّم بطبيعة المعلومات المُراد تعميمها وممارسة سيطرة في الظل حسب الظرف الزماني والمكاني على آليات صنع القرار السياسي، في السلطتين التنفيذية والتشريعية بدعم القوى السياسية كافة . 
يتزايد البحث في جدوى إكمال الرئيس ولايته الأولى إعلامياً ، ويتعاظم والخوف من حالة الكُمون خلف الأبواب المغلقة ، بعد ما صدر خارج التقاليد والعُرف حول تصريح طبيب البيت الأبيض في ولاية الرئيس أوباما، روني جاكسون، الذي إنتقد الحالة الذهنية للرئيس جو بايدن، قائلاً: "كلنا يدرك أن بايدن لا يصلُح لمنصب الرئيس. قدراته العقلية تجاوزت حدود المعقول"،  كلامه هذا استدعى من الرئيس الأسبق أوباما توجيه توبيخ شديد اللهجة إلى طبيبه الخاص السابق، معرباً عن "خيبة أمله" من إنتقاده أهلية الرئيس بايدن علناً (شبكة "سي أن أن"، 13 تموز/يوليو 2022). فهل يتنازل بايدن  إلى نائب الرئيس كاميلا هاريس ، بشرط موافقة الكونجريس على ذلك  أو التصويت حول قرار الذهاب الى الإنتخابات الرئاسية المبكرة مما يخلط الأوراق السياسية الداخلية والدولية نحو إعادة رسم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية .

كما حذّر ، كيسنجر في مقابلة أجريت يوم الثلاثاء الماضي مع وكالة بلومبرغ حيث إنتقد سياسة بايدن والإدارات السابقة فيما يخُص وجهة النظر حول الصين ومن المهم بالطبع منع الهيمنة الصينية ، وقدَّم النُصح أن هذا ليس من الممكن تحقيقه من خلال المواجهات التي لا نهاية لها وأن العلاقات العدائية المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين تُخاطر بحدوث كارثة عالمية  والأفضل الذهاب الى خيارات نيكسون (الدبلوماسية المرنة) .
أهم ما ورد في الإحاطة الصحفية للإدارة الأمريكية من قبل السيد نيد برايس بتاريخ  20 تموز 2022 حول خشية أمريكا على وحدة الغرب في مواجهة روسيا ؟ حيث ظهرت على السطح  الإنقسامات في السياسة الإيطالية ، ربما تكون إيطاليا واحدة من أكثر الإقتصادات تعرضاً لمشاكل الغاز في روسيا ، بعد المجر. القلق يزداد جراء النفوذ التي إستخدمها الكرملين ستؤدي إلى كسر هذا التحالف ، بينما أوضح  وجهة النظر الأمريكية ، هذا التحالف  كونه منطقة جغرافية واحدة ، لقد أثبت مرونته ، وقوته مراراً وتكراراً . بينما كانت هناك عشرات الدول التي إجتمعت لمحاسبة روسيا ، حيث كانت هناك شُكوك حول جدوى المجتمع الدولي للوقوف معاً لدعم شركائنا الأوكرانيين. منذ ذلك الحين سمعنا نفس الشيء. ولكن بإستمرار منذ ذلك الحين في كل فرصة - سواء كان ذلك في قمة الناتو ، أو في G7 ، أو في G20 في تكراراتها المختلفة في الأسابيع الأخيرة - لقد رأينا المجتمع الدولي يظل قوياً وقوياً في دعمه لأوكرانيا ، قوية في جهودنا لمحاسبة الرئيس بوتين.
فيما يخص أذربيجان أو المملكة العربية السعودية ، يعقدون صفقات مع الدول الغربية في مجال الطاقة دون ذكر حقوق الإنسان. حسنًا ، هذا لا يبدو من مكونات إستقلال الطاقة على المدى الطويل. إن الولايات المتحدة  في كل تفاعل مع قادة العالم ، تضع حقوق الإنسان في قلب جدول أعمالها ، عندما سافر الرئيس إلى الشرق الأوسط و تبحث دائماً على جدول المناقشات على نطاق أوسع عندما يسافر الرئيس حول العالم.
لدى السؤال عن سوريا ، وما قاله الرئيس التركي ، إن القوات الأمريكية في شرق نهر الفرات يجب أن تنسحب فوراً من المنطقة ، وأن العملية العسكرية عبر الحدود باتت وشيكة. في حين عام 2019 ، توصَّل الأمريكيون والأتراك إلى إتفاق يقضي بأن تتحرك وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا مسافة 30 كيلومتراً جنوب الحدود ، هذا لم يحدث في السنوات الثلاث الماضية . لقد تم إيضاح الموقف الأمريكي في حال قام الجيش التركي بشن هجوماً آخر ، فهل ستدعم أمريكا  حليفها في الناتو ، مع تزايد القلق العميق بشأن النشاط العسكري المتزايد المحتمل في شمال سوريا ، ولا سيما الآثار التي قد تترتب على السكان المدنيين؟ تُواصِل الإدارة الأمريكية مواصلة جهودها للحفاظ على خطوط وقف إطلاق النار الحالية ، لتعزيز الإستقرار في سوريا نحو حل سياسي لهذا الصراع . تتوقع أمريكا أن تَفي تركيا بالإلتزام الذي قطعته على نفسها ، كون أي هجوم جديد من شأنه أن يقوّض الإستقرار الإقليمي ويعرِّض للخطر القوات الأمريكية ويعيق حملات التحالف ضد داعش. كما أنه سيقوِّض فُرص العملية السياسية الأوسع التي تدعمها الولايات المتحدة، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. 
حول قمة طهران التي ضمّت روسيا وتركيا وإيران بشأن سوريا ؟ الإهتمام الأمريكي ، حول حقيقة أن الرئيس بوتين إضطر إلى السفر إلى إيران ، بهدف كسر العُزلة التي تعيشها روسيا. المخاوف من أن يضطر الرئيس بوتين إلى الوقوع في أحضان إيران ، التي تخضع للعقوبات ، وهي واحدة من أكثر البلدان عُزلة في العالم ، في ظلّ الصعوبات التي تجد موسكو نفسها فيها حالياً. كما أن الرئيس بوتين مهتم بشراء الطائرات بدون طيار من إيران ، إن هذا الأمر بالنسبة لأمريكا علامة واضحة على أن الإجراءات والعقوبات ضد روسيا تعمل بفعالية وخاصة ضوابط التصدير إلى روسيا من المواد الخام التي ستحتاجها لقاعدتها الصناعيّة الدفاعيّة والتكنولوجيّة. إن سياسية الحرمان بشكل منهجي من المدخلات التي قد يحتاجون إليها . وفيما يتعلق الأمر بما دار بين الرئيس بوتين والمرشد الأعلى ، بعبارات لا لُبس فيها، يؤيد بشكل أساسي غزو الرئيس بوتين لأوكرانيا. وكان الأمر لافتاً بشكل خاص لأن إيران حاولت طوال هذا الوقت أن تحافظ على خطوط الحياد ، كونها أساساً كانت تُعارِض الحرب. من الواضح الآن أن إيران إنتقلت من الحياد لينتهي بها الأمر بدعم الرئيس بوتين في حربه ضد أوكرانيا والشعب الأوكراني. أما وجهة النظر الروسية فهي بالإتجاه الأخر.
تابعو جهينة نيوز على google news