د. انور الخفش يكتب :الأثر المترتّب على الإخلال بدور مراقب عام الشركات على الإستثمار
د.أنور الخفّش
نفتح اليوم ملف من المسؤول عن مشكلة الشركات المتعثّرة وحلها ؟ السؤال الموضوعي و الأهم من يحمي صغار المساهمين وهم الشريحة الواسعة من الطبقة الوسطى في المجتمع ؟
يتم تشكيل لجان التحقيق والتدقيق بأمر من الجهات الحكومية في قضايا مخالفات مالية وإدارية من بعض أعضاء مجلس الإدارة أو أطراف ذات علاقة ، يعتبر الأمر حدث جوهري ولم يتم الإفصاح عنه وفق القانون ، في بعض الحالات وعن نتائجه من قبل مراقبة الشركات وهيئة الأوراق المالية ، كما أن هناك حالات تعثر شركات كبيرة وعديدة وتوقفت عن العمل وتعاني الفشل المالي والعجز في مواجهة الإلتزامات قصيرة الأجل ، بموجب القانون يقتضي التصفية الإجبارية أو تصويب أوضاعها ، ألا يعتبر تمرير إطفاء الخسائر دون التحقق من المتسبب ومحاسبته ، ألا يعتبر تستّر على المرتكب ؟ طالما لم يتم مسائلة أعضاء مجلس الإداره عن المسؤولية التقصيرية جراء الخسائر المتراكمة وسوء الإدارة ومخالفة القوانين . سنداً لقانون الشركات فإن رئيس وأعضاء مجلس الإدارة مسؤولون بالتضامن والتكافل عن تعويض الشركة أو المساهمين أو الغير عن الضرر الذي نشأ عن سوء إدارتهم للشركة أو مخالفتهم أحكام قانون الشركات والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه .
إن السؤال المقلق لدى غالبية صغار المساهمين هو التقصير في حماية حقوقهم ومصالحهم وفق قانون الشركات وقانون هيئة الأوراق المالية من قبل الجهات الرقابية ، عند تحويل ملفات بعض الشركات المساهمة العامة عند المدّعي العام لدى هيئة مكافحة الفساد ، السؤال الذي يطرح نفسه في ذهن المواطن البسيط الذي ليس لديه الخبرة والمعرفة بالتعامل مع هذه الأمور ، عن كيفية حماية استثماراتهم ، وما هو المطلوب من الجهات الرقابية الحكومية في تقديم إجابة تطمئن هذه الشريحة الكبرى في المجتمع الأردني ومن المستثمرين الأجانب ؟
موضوع الحديث عن حماية المساهمين أخذ شوطاً كبيراً في الكثير من الأدبيات الباحثة في علم الشركات وقوانين الشركات ، وسبق لي أن خضت هذه التجربة عملياً بصفتي خبير لدى المحاكم و مراقبه الشركات ، وهي الدائرة التي أقول عنها دائماً أنها صاحبة الولاية العامة للرقابة على الشركات المساهمة العامة ولحماية حقوق المساهمين ، هي عملية تراكمية الشأن وتكاملية الاختصاص ، حماية حقوق المساهمين هي من أهم مبادئ حوكمة الشركات و انطلقت المبادرات بعد صدور تقرير كادبوري في بريطانيا والذي عمل على تحديد وتوصيف المراحل التي تمر بها الشركة ويقع الظلم على صغار المستثمرين.
مشكلة دليل الحوكمة المعمول به في الأردن أنه دليل إرشادي ليس ملزم ، هذه المشكلة فالكثير من أعضاء مجلس الإدارة يتهرب من الإفصاح عن الأمور والأحداث الجوهرية ، كذلك هناك خلل في إدارة مراقبة الشركات المساهمة بالذات ، عندما يتم تشكيل لجان تدقيق ولجان تحقيق بأمر من الجهات الحكومية ، هذا يعتبر حدث جوهري للأسف لا يتم الإفصاح عنه وعن نتائجه في بورصة عمان ، لماذا نلوم صغار المساهمين فهم مغيّبون عن أحداث جوهرية ، وهذا إهمال وتقصير من الموظفين في دائرة مراقبة الشركات وهيئة الأوراق المالية ، المسؤولية تشاركية ، الضرورة تقتضي العمل على آلية ، وهناك دليل آخر أيضاً أصدره البنك المركزي للشركات التي تتعاطى أعمال البنوك وهذا ليس إجبارياً ولكن لم يجرؤ أي بنك من البنوك المسجلة تحت شركة مساهمة عامة على الإخلال به أو الخروج عن قواعده ناتجة عن الصرامة و الإنضباطية المؤسسية في ما يخص رقابة الامتثال للقوانين من قبل البنك المركزي .
أرغب أن أستذكر معكم ، ما ورد في اجتماع جلالة الملك مع مجلس أمناء مركز الملك عبد الله الثاني للتميز يوم 09/03/2013 ، حيث أقتبس (هدفنا الأساس خدمة المواطن وهذا يتطلب التطوير المستمر لكفاءة ونوعية الخدمات المقدمة له وعلى الجميع أن يعلم أن موظف القطاع العام موجود لهذه الغاية) ، إن واجبات ومسؤوليات دائرة مراقبة الشركات توجب على وزير الصناعة والتجارة أن يضمن حسن تطبيق أحكام قانون أحكام الشركات والأنظمة الصادرة بموجبه ، سواء في مرحلة تأسيس الشركة أو أثناء إدارتها ، كما على المراقب معالجة الأسباب التي تحول دون قيام منظمة المؤسسات الرقابية بالمهام والواجبات الموكلة إليه بموجب أحكام قانون الشركات وخاصة الشركات الخاسرة ، أين أداء مراقب عام الشركات من كل هذا؟ إحالة الشركة إلى المحاكم حماية لأموال المساهمين ، لماذا لا يلزم مراقب الشركات مجلس الإدارة بالامتثال للقوانين ، وهو قرار تخلي عن المسؤولية أو تخلي عن الدور المؤسسي ، السؤال ما العمل عندما يهمل واجباته متطوعاً ، هل يستوجب الاستدراك نحو الأقدام على تطوير استحداث منظومة عمل قانونية ملزمة لموظفي الهيئات الرقابية ومفوضوا الحكومة ، كما تبني برنامج مراقبة الامتثال ومراعاة حسن تطبيق القوانين ، ويشمل القانون بند مستقل خاص بقواعد السلوك المهني للمجلس وأعضاء مجلس الإدارة والموظفين، ودليل حوكمة ملزم ، وكذلك تقنين العقوبات والجزاءات وغرامات جراء الإهمال والتقصير لعدم القيام بواجباتهم الوظيفية.
نستطيع القول أن الإصلاح الإداري هو البوابة العريضة والحقيقية لطريق التنمية المنشود، وأن الإصلاحات الجريئة والشاملة وحدها ستحقق مكاسب كبيرة منتجة ومفيدة ، من الواضح بمكان أهمية تكامل سياسات الإصلاح الإداري كمدخل إجباري لتحقيق الإصلاح الإقتصادي ومن ثم تطوير سياسات الإستثمار ، متى نستطيع ترجمة رؤية جلالة الملك إلى واقع؟ ونقول الإقتصاد الأردني يوفر بيئة إستثمارية آمنة ومستقرة ؟ نعم نستطيع دون أصحاب الأقلام المرتجفة ، بعيداً عن شخصنة المصالح ، نعم الشجرة تعرف من ثمارها . معالجة هذا الموضوع دون أي مجاملة هو من يستوطن الإستثمار ، يحفز الإستثمار ويجلب الإستثمار الخارجي ، هو يجلب استثمارات دائمة ، ويكون الأردن من المناطق الجاذبة للإستثمار، سواء كان من أوروبا أو الدول العربية أو المواطنين الأردنيين أنفسهم بحده الأدنى يوقف هجرة الرساميل والاستثمارات الى الخارج بحثاً عن أوعية استثمارية آمنة ومربحة.