يوم استقلال أذربيجان
بقلم السفير/ إيلدار سليموف
دخلت جمهورية أذربيجان التي تتمتع باستقلالها الثابت ونموها الشامل منذ صعود الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني حيدر علييف في عام 1993، والتي تعيش فترةً حالية هي الأكثر قدرةً في تاريخها العصري، مرحلةً استراتيجية جديدة ما بعد الحرب التحريرية تشمل أعوام 2022-2030، حيث تتسم بنوعية أخرى. بالطبع، تستلزم هذه المرحلة إعداد رؤية تنموية طويلة الأمد بهدف توفير النماء المستدام وتعزيز دعائم الاستقلال والسيادة.
لقد حدد سيادة الرئيس إلهام علييف الذي أعد البرامج المعيّنة والمشاريع الاجتماعية – الاقتصادية بناءً على قرارات متروية ومحسوبة لخروج أذربيجان من الأزمات العالمية مع خسائر أقل "الأولويات الوطنية بشأن النمو الاجتماعي – الاقتصادي: أذربيجان 2030" التي تُعدّ خارطة الطريق لهذه الفترة بالذات. تتضمن هذه الوثيقة الواقعيات الاقتصادية العالمية، بما فيها مستهدفات موضوعة نصب العين في مرحلة التطوير الجديدة. مع ذلك، كشفت التقديرات الحكومية للسنوات الثماني القادمة أن أذربيجان سوف تستطيع أن تضمن استدامة نموها وزيادة ملحوظة لحصة القطاعات غير النفطية في العملية التنموية.
لو عدنا بالقارئ الى بعض المؤشرات الاقتصادية والمالية فنرى أن اقتصادنا الوطني قد قطع شوطاً بعيداً خلال 18 عاماً الأخيرة، إذ أن حجم الناتج المحلي قد ارتفع ثلاثة أضعاف، وأن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي وصلت ل53 بليون دولار أمريكي، وأن اقتصادنا قد شهد الاستثمارات قدرها 280 بليون دولار أمريكي التي يناصفها النصيب الخارجي. اليوم تتفوق احتياطيات النقد الأجنبي على الدين الخارجي ب6 أضعاف ويعادل 13.5% من الناتج المحلي. وقد انحسرت نسبة الفقر والبطالة خلال الفترة المبيّنة أعلاه من حوالي 50% الى 6%. كما تتبوأ أذربيجان المرتبة الثامنة والعشرين من بين 190 دولة بحسب مجلة "ممارسة الأعمال" لدى البنك الدولي، وتأتي كذلك ضمن 10 دول الأكثر إصلاحاً، وتحظى بمكانة متقدمة بين 74 دولة نامية وفقاً لتقرير صدر عن منتدى دافوس الاقتصادي العالمي. كل هذه المؤشرات الناجحة تدلل على القدرة الاقتصادية التي تملكها بها دولتنا، وتبعث على التفاءل بما يترقبنا في المستقبل.
بالإضافة، استطاعت أذربيجان أن تخرج من تداعيات جائحة كورونا بخسائر أقل، وأن تدرأ تهديدات هذه التداعيات عن استقرارها الاقتصادي والاجتماعي، وأن تعتمد ميزانيتها العامة بما يتجاوب بالكامل مع مصالح شعبها. وخلاصة القول تنحصر في أن جمهوريتنا لم تتأثر كثيراً بمآلات هذه الكارثة العالمية، مما يفسح مجالاً لتنفيذ الأهداف التنموية الاستراتيجية والاستجابة للتحديات القائمة.
مما لا شك فيه أن كل ذلك تحقق جرّاء الخطوات المدروسة والإصلاحات المنفذة خلال السنوات الأخيرة. والعوامل التي أدت إلى هذه النجاحات هي عبارة عن الأعمال التي قام بها الرئيس إلهام علييف والتي من شأنها تنويع الاقتصاد الوطني، تحسين بيئة الاستثمار والأعمال، دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة وتطويرها المُطّرد، تقوية النزاهة الاقتصادية.
لقد دشّن تحرير الأراضي التاريخية الأذربيجانية من الاحتلال في نوفمبر عام 2021 صفحة جديدة تكيل للاقتصاد الأذربيجاني بوعود هائلة. فقد ابتدأت عملية إعادة الإعمار والتأهيل في أراضينا المحررة على غرار ما كان في مطلع التسعينيات من القرن المنصرم، وتجرى على قدم وساق بمشاركة فاعلة من القطاعين العام والخاص والشركات الأجنبية المعروفة عالمياً التي تعمل في شتى المجالات انطلاقاً من البنى التحتية والطاقة البديلة وصولاً الى الذكاء الاصطناعي. الى اليوم، تم تعبيد أكثر من 700 كم من الطرق والأنفاق بخلاف تشغيل مطار فضولي الدولي الذي اكتمل بناءه خلال 8 أشهر فقط، وتتحق المشاريع الضخمة المتمثلة بمد سكك حديدية وخطوط لنقل الغاز والكهرباء والماء لتنفيذ المشاريع الزراعية أيضا وبإنشاء التجمعات السكنية على شاكلة المدن والقرى الذكية بهدف توفير بيئة مواتية لعودة آمنة للنازحين والمشردين الأذربيجانيين الى أراضيهم الأم وذلك الى جانب المشاريع الخاصة بإعادة إصلاح مواقعنا التاريخية والثقافية والدينية التي لحق بها دمارٍ شامل، علماً بأن الحكومة قد خصصت ما يشارف 1.5 بليون دولار أمريكي للمرحلة الأولى من العملية العمرانية في الأراضي المحررة. لم نذكر هنا شبكة المواصلات والنقل الإقليمية التي تتصدر فيها أذربيجان بوصفها حلقة الوصل بين الشمال والجنوب، وبين الغرب والشرق، الأمر الذي يبسط أخيراً السلام والأمن والاستقرار والنمو في منطقة جنوب القوقاز الذي طال انتظاره ويقوي أسسه.
وتؤكد كل هذه الأعمال وما ترتب منه من الانطباعات أن إعادة بناء واندماج أراضينا المحررة طبقاً لرؤية موحدة سوف تتسبب بزيادة القدرات الاقتصادية الكامنة لبلادنا اتساعاً.
بالتأكيد أن النجاحات التي تحرزها أذربيجان اليوم تجيء إلا تماشياً مع تحقيق رؤية اقتصادية موحدة مدروسة التي وضعها الرئيس إلهام علييف، حيث قال " أنه لا ثمة وعد يبقى غير متحقق خلال 18 عاماً الأخيرة. وتجلّي الواقعيات السائدة اليوم أن الاستراتيجية التنموية لأعوام 2022-2030 التي أعدت الحكومة سوف تسجل مزيداً من النجاحات الكبرى في منطقتي قره باغ وزانجازور الشرقية الاقتصاديتين أيضا.
في الختام، ينبغي الإشارة الى أن السياسة الداخلية والخارجية المستقلة التي وضعها القائد العظيم حيدر علييف، والتي يواصلها اليوم الرئيس إلهام علييف تسمح لنا بأن نقول بكل حزم وجزم أن استقلال دولة أذربيجان لن يزول أبداً وسوف يرفرف علمها خفّاقاً شامخاً في عَنان السماء.